ناشطون يتهمون الانقلابيين بالتصعيد في مناوشات بالحديدة رغم دعوات التهدئة

القيادات العسكرية بتعز تواصل زياراتها الميدانية لعدد من الجبهات

TT

ناشطون يتهمون الانقلابيين بالتصعيد في مناوشات بالحديدة رغم دعوات التهدئة

اتهم ناشطون في مدينة الحديدة الميليشيات الحوثية بالتصعيد في مناوشات تجري في بعض أجزاء المحافظة، رغم التهدئة غير المعلنة السارية منذ تحرير المدينة ووقوف القوات اليمنية على بعد كيلومترات عن أسوار ميناء الحديدة الاستراتيجي، متهمين الحوثيين بتحويل مدرسة في الحديدة إلى معتقل، وأخرى إلى ثكنة.
في هذه الأثناء، أعلنت قوات الجيش الوطني تحرير مواقع جديدة في جبهة الملاحيظ، شمال غربي محافظة صعدة، معقل الانقلابيين، بعد معارك عنيفة ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية، وبعد 24 ساعة من تأكيد قائد محور صعدة العميد عبيد الأثلة، أن «قوات النخبة المشكلة من اللواء 102 ولواء العاصفة واللواء 63 مشاة تمكنت من تحرير مركز مديرية باقم وقطع خطوط إمداد الميليشيات في المناطق الممتدة من المجمع الحكومي حتى عمق مديرية باقم»، طبقاً لما ذكره موقع الجيش الوطني «سبتمبر. نت». ونقل موقع الجيش عن قائد اللواء الثالث عاصفة العميد محمد العجابي، أن «قوات الجيش تمكنت من تحرير تباب القناصين، والتبة الحمراء، وصولاً إلى الطريق العام الرابط بين حرض والملاحيظ»، وأن «المعارك أسفرت عن مصرع وإصابة عدد من عناصر الميليشيات، فيما استعادت قوات الجيش كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة المتنوعة، بالإضافة إلى أجهزة اتصالات تابعة للميليشيات».
وقال قائد اللواء الثالث عاصفة إن «مقاتلات تحالف دعم الشرعية، استهدفت مخازن أسلحة نوعية تابعة للميليشيات تشمل صواريخ حرارية، مما أدى إلى تدميرها بشكل كامل».
تزامن ذلك مع استمرار المعارك في مختلف جبهات القتال في اليمن، أشدها جبهة الحديدة الساحلية، غرباً، والبيضاء، وسط اليمن، والضالع، جنوباً، وسط تقدم قوات الجيش الوطني المسنود من قبل تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية.
وتواصل ميليشيات الحوثي الانقلابية قصفها على الأحياء السكنية بمدينة الحديدة والقرى السكنية المأهولة، جنوب المدينة.
وقصفت ميليشيات الانقلاب بقذائف الهاون منازل المدنيين في قرية النخيل بمحافظة الحديدة، وذلك في إطار اعتداءاتها وانتهاكاتها بحق المدنيين العُزل في المحافظة وتشريدهم من منازلهم وقراهم.
وبحسب المركز الإعلامي لألوية «المقاومة» بجبهة الساحل الغربي، من الجيش الوطني، فإن «ميليشيات الحوثي تواصل عملياتها الإجرامية وانتهاكاتها الإنسانية بقصف وتدمير منازل المواطنين في قرية النخيلة بمحافظة الحديدة. واستهدفت المنازل بقذائف الهاون وبشكل عشوائي حيث تم تدمير بعض المنازل بشكل كلي وألحقت أضراراً بالغة بالمنازل الأخرى».
ونقل المركز عن سكان من قرية النخيل تحدثوا عن «قيام ميليشيات الحوثي بالقصف العشوائي على المنازل وتدمير كثير من المنازل وتشريد أهلها».
وأشاروا إلى أن «القصف تسبب بمقتل سكان مدنيين من النساء والأطفال والمُسنّين سقطوا ضحايا جراء القصف الهمجي الذي تشنه ميليشيات الحوثي على الأحياء السكنية المكتظة بالسكان في الساحل الغربي».
ناشطون حقوقيون، من أبناء الحديدة، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وقالوا إن «ما تقوم به ميليشيات الحوثي الانقلابية من خلال التصعيد من جرائمها ضد أهالي سكان الحديدة المسالمين، في إقليم تهامة، ما هو إلا تحدّ سافر لدعوة المجتمع الدولي والدعوات للتهدئة».
وقالوا إن «ميليشيات الانقلاب تواصل ارتكابها الانتهاكات، بشكل يومي، وآخرها قصف قرى النخيل، جنوب الحديدة، مستخدمة بذلك الأسلحة الثقيلة في قصفها العشوائي والهستيري في قتل الأبرياء العُزل وتدمير منازلهم في القرى المأهولة بالسكان، وتدمير مزارعهم التي يقتاتون منها، لتتسبب بذلك في خسائر كبيرة في أوساط الأهالي ناهيك بالتسبب في موجة نزوح كبيرة».
وأوضح الناشطون أن «فجر الأربعاء، شنّت مدفعية ميليشيات الحوثي قصفها الثقيل على عدد من الأحياء السكنية جنوب غربي مطار الحديدة وشمال شارع الخمسين ومنطقة سبعة يوليو وكيلو سبعة، وسقطت بعض القذائف الحوثية على منازل المواطنين، حيث لم تسجل عدد الخسائر البشرية، إضافة إلى سقوط قذيفة حوثية في حوش مستوصف سبعة يوليو الطبي دون تسجيل أي إصابات بشرية»، مشيرين إلى «استمرار الانقلابيين بتحويل منزل المواطنين النازحين إلى ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة، وكذلك تحويل مديرية السلام في مدينة الحديدة إلى معتقل، ومدرسة لثانوية البنات حولتها إلى ثكنة عسكرية».
إلى ذلك، تواصل القيادات العسكرية في محور تعز زياراتها الميدانية لعدد من المعسكرات والجبهات القتالية، وكذا النقاط الأمنية، بقيادة وكيل المحافظة لشؤون الدفاع والأمن اللواء الركن عبد الكريم الصبري، ورئيس أركان المحور، قائد اللواء 170 د. جوي العميد عبد العزيز المجيدي، وقيادة الألوية والوحدات العسكرية 35 مدرع، 22 ميكا، 17 مشاة، الرابع مشاه جبلي، الشرطة العسكرية وعدد من الضباط.
وذكر مكتب إعلام محافظة تعز، أن القيادات العسكرية زارت معسكر الأصابح التابع للواء الرابع مشاه جبلي، وموقع بيحان التابع للواء 35 مدرع، وعدداً من المواقع والنقاط في مدينة التربة، جنوب المحافظة.
وقال أركان حرب المحور العميد عبد العزيز المجيدي إن «هذه الإجراءات والتدابير المتخذة تأتي تنفيذاً لقرارات القادة بعدن»، وإنه «تم اعتماد معسكر الأصابح مركزاً تدريبياً لقيادة محور تعز العسكري، من أجل الإعداد النوعي والتدريب القتالي للجنود، وبناء قدراتهم القتالية والتخصصية».
ومن جانبه، دعا اللواء الركن عبد الكريم الصبري، خلال زيارته، أبناء تعز جميعاً، سلطة محلية وجيشاً وأحزاباً سياسية وشخصيات، إلى «إدراك أهمية قضية تعز وضرورة توحيد الصف وإسناد المؤسستين العسكرية والأمنية كواجب وطني»، وإلى «الالتفاف حول الجيش الوطني والأمن». وقال: «نحن في منتصف الطريق، ومن العيب أن نترك الأهداف التي قدم من أجلها الشهداء دماءهم المتمثلة في التحرير وإنهاء الانقلاب وبسط الأمن والاستقرار وبناء المؤسسات وتوفير الخدمات، ونتفرغ إلى صغائر الأمور ومشاريع وخلافات صغيرة تقزم تعز وتهدر تضحياتنا». وأضاف: «الجيش والأمن الذي خرج من رحم تعز المقاومة، وما زال في جبهات القتال، هما قوة تعز وشرفها، وكل ألوية الجيش هم درعنا ومكسبنا من ملحمة النضال المشرفة».
كما دعت القيادات العسكرية السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي ودول التحالف العربي إلى «مزيد من الدعم لتعز من أجل التحرير والأمن وإعادة بناء المؤسسات حتى تتمكن من تقديم الخدمات والحاجات الضرورية، كون المدينة تعيش حالة حرب وحصار لمدة تزيد على أربع سنوات».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.