واشنطن ضد فرض عقوبات على لبنان ومع تشديدها على «حزب الله»

TT

واشنطن ضد فرض عقوبات على لبنان ومع تشديدها على «حزب الله»

رفضت الإدارة الأميركية طلباً إسرائيلياً لفرض عقوبات على الدولة اللبنانية بعد اكتشاف الأنفاق التي أقامها «حزب الله» في الجنوب وتمتد من القرى اللبنانية إلى الجهة الإسرائيلية من الحدود. ووافقت على البحث في فرض مزيد من العقوبات على «حزب الله» بسببها.
وقالت مصادر أميركية في تل أبيب، أمس (الأربعاء): إن الطلب الإسرائيلي طرح في قنوات عدة، أهمها خلال اللقاء المفاجئ الذي عقده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بروكسل في مطلع الأسبوع الماضي. وقال نتنياهو: إن هذه الأنفاق تشكل خرقاً لقرار مجلس الأمن 1701، وتعدياً على الحدود الإسرائيلية، ولا يجوز ألا تعاقب عليه الدولة اللبنانية.
وادعى أن هناك حاجة ماسة إلى فرض عقوبات تمنع «حزب الله» من جرّ لبنان إلى حرب أخرى مع إسرائيل. وهدد بأن حرباً كهذه لا يمكن أن تمر من دون إحداث دمار كبير للبنى التحتية اللبنانية. ولهذا؛ ينبغي أن تفرض عقوبات تجبر المسؤولين اللبنانيين على تغيير سياستهم من «حزب الله».
لكن بومبيو رفض فرض عقوبة على الدولة اللبنانية، مؤكداً أن الإدارة الأميركية، بقيادتها السياسية والعسكرية، تقيم علاقات جيدة مع القيادتين السياسية والعسكرية اللبنانية ولا تريد المساس بها. وهي تثق بأن هذه العلاقات ستثمر بشكل أفضل من العقوبات. لكنه وافق على تشديد العقوبات المفروضة أصلاً على «حزب الله»، خصوصاً في المجال الاقتصادي. وقال الوزير الأميركي: إن العقوبات المفروضة حالياً على الحزب تغرقه في أزمة مالية غير بسيطة ويمكن جعلها أقسى.
ومع أن نتنياهو يرحب بالمزيد من الضغوط على «حزب الله»، إلا أنه خرج خائب الأمل بعد لقائه مع بومبيو. إذ إنه يحاول أن يساوي بين الحكومة اللبنانية وبين «حزب الله»، ويتهم الرئيس ميشال عون، ورئيس الحكومة سعد الحريري وقائد الجيش العماد جوزيف عون بأنهم يديرون سياسة تساعد «حزب الله» وتهدد بضرب لبنان كله في حال نشوب حرب. لكن هذه السياسة لم تلقَ قبولاً في الغرب حتى الآن. وهذا يزعج نتنياهو.
ويحاول نتنياهو ممارسة الضغوط أيضاً على قوات «اليونيفيل» الدولية، ويطالبها بأن تلعب دوراً أكثر تشدداً لمنع «حزب الله» من ارتكاب اعتداءات ضد إسرائيل. وقد انتهز لقاءه مع وزير الداخلية الإيطالي، المتشدد اليميني ماتيو سالفيني، صباح أمس في القدس، لينتقد قائد «اليونيفيل» الإيطالي الجنسية الجنرال ستيفانو دل كول، مدعياً أنه متساهل مع «حزب الله».
ونظم نتنياهو جولة لسالفيني في الأنفاق التي تم اكتشافها، وقال له إنه يعتبرها «عملاً عدوانياً سافراً ضد إسرائيل، وضد الأعراف الدولية».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.