كيف تغيرت ثقافة السفر؟

يُجمِع كثيرون على أن السفر دواء للروح وراحة للجسد، كما هو هروب من أعباء الحياة اليومية. لا يهم إن كانت الأماكن التي نهرب إليه بعيدة أم قريبة، المهم هو الخروج من حال الروتين. وشتان بين السفر في الماضي وما هو عليه الآن. في الماضي، كان للتسوُّق الدور الأهم في هذه الرحلات، خصوصاً في عالمنا العربي.
كانوا يتباهون لدى عودتهم بما أحضروه معهم من مشتريات قد تكون على شكل أزياء أو تحف فنية وغيرها، بيد أننا نشهد اليوم حالات جديدة لمفهوم السفر تركز على التجارب التي تترسخ في الوجدان والذاكرة، بعضها على شكل مغامرات وبعضها الآخر استجمام يعافي الروح والجسد في منتجعات صحية. يعيد البعض السبب إلى أن السياحة لم تعد حكراً على فئات ميسورة من الناس، بعد أن توسَّعت لتشمل الطبقات الاجتماعية الأخرى، بفضل التطور التكنولوجي وتسهيلات قطاعات السفر والتأمين والخدمات التي تُقدم للعملاء عروضاً قيمة تساعدهم على اختيار وجهات سفرهم بما يتناسب وإمكاناتهم المادية.
وفي دراسة تناولت آلاف المسافرين حول العالم، تحدثوا فيها عن تجاربهم خلال رحلاتهم وما هي الأمور المتميزة التي يرغبون في القيام بها، نرى تغيراً إيجابياً في سلوكيات وأهداف السياح. فقد ظهر في الاستبيان الذي شمل أكثر من 10 آلاف شخص من حول العالم أن هناك توجهاً عالمياً لتفضيل تجارب السفر المعنوية المبنية على الاطلاع ومعرفة ثقافات الدول المستهدفة عن السياحة الهادفة إلى التبضع والشراء.
ولا ينطبق الأمر على السياح من الدول الأجنبية فقط، بل أيضاً على مَن هم من عالمنا العربي، لنرى أن السعوديين، مثلاً، يهتمون بشكل كبير بقضاء الوقت والاستمتاع بالتجارب المشتركة مع الأصدقاء وأفراد العائلة على أساس أنها تثري الحياة. وهناك توجه واضح يُبين أن نحو 38 في المائة منهم يستمتعون برحلات الاستجمام واستعادة النشاط والعافية، بينما أكثر الفعاليات رواجاً هي التي تتخللها أنشطة ثقافية أو مهرجانات فنية. ومع تغير ظروف الحياة وتزايد أعبائها، ورغم أن كثيرين منهم يضطرون للسياحة المنفردة، فإنهم يفضلونها على البقاء مكانهم. لا يختلف أي منهم حول أن السفر مع الأصدقاء أو العائلة يعطي الرحلة نكهة ألذ، لكن إذا لم تكن الظروف مواتية، فإنهم يفضلون القيام برحلة فردية على الانتظار، خصوصاً أن بعض الرحلات المنظمة تتيح فرصة التعرف على أشخاص جدد، لهم الأهواء والأهداف نفسها.