«حركة اعتراضية» داخل «الكتائب» والخلاف بين النائبين الجميل يشتد

TT

«حركة اعتراضية» داخل «الكتائب» والخلاف بين النائبين الجميل يشتد

لم يتخطَّ حزب «الكتائب اللبنانية» الذي يرأسه النائب سامي الجميل، تداعيات الانتخابات النيابية الأخيرة التي قلصت كتلته من 5 إلى 3 نواب، إذ بدأت الخلافات الحزبية تطفو إلى السطح مع تقديم 3 أعضاء من المكتب السياسي استقالاتهم وخروج النائب نديم الجميل، نجل رئيس الجمهورية الراحل بشير الجميل، لينتقد علناً ولأول مرة أداء القيادة الحزبية.
ووجّه نديم الجميل قبل أيام نداء إلى من سماهم «رموز الكتائب والغيارى على الحزب من الرفاق المناضلين والمسؤولين الحاليين والسابقين» من أجل المبادرة لـ«إنقاذ الكتائب من الانهيار بعد الصدمات والنكسات المتتالية التي تعرض لها الحزب وبعد القرارات التي اتخذتها القيادة في جو من التسرع والتهور، والتي بدأت تُعرض وحدة الحزب لاهتزازات قد لا نتحمل نتائجها». وشهدت الاجتماعات الأخيرة للمكتب السياسي، بحسب مصدر كتائبي مطلع، سجالات حادة بين الأعضاء والنائبين الجميل مع دعوة نديم الجميل لتشكيل لجنة إنقاذ للحزب برئاسة رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل (والد سامي الجميل)، ورفض الأخير الأمر جملة وتفصيلاً لاعتباره أن ذلك سيبدو بمثابة سحب للثقة منه.
وقرر رئيس الحزب تقريب موعد المؤتمر العام الحزبي الذي كان من المرتقب عقده الصيف المقبل، وتحديد شهر فبراير (شباط) المقبل موعداً نهائياً له، في محاولة لاحتواء الاعتراضات المتنامية في صفوف الحزبيين.
وقال مصدر كتائبي معارض إنه كان من الأجدى الانكباب على حل الخلافات والسعي للتوصل إلى تفاهمات حول الملفات والنقاط موضع الجدل والسجال كي يكون المؤتمر بمثابة احتفال بالاتفاق، لكن في حال استمرت الأمور على ما هي عليه، فلا شك أننا نتجه إلى مزيد من الشرخ.
وفي مسعى لاحتواء الأزمة المستجدة، عممت القيادة الكتائبية على القياديين والنواب ضرورة عدم الإدلاء بتصاريح بخصوص ما يحصل من خلافات حزبية. وأصدر مجلس الإعلام في «الكتائب» مؤخراً بياناً أكد فيه أن جزءاً كبيراً من المعلومات التي يتم تداولها والمتعلقة بالحزب «إما غير صحيحة وإما محرّفة، بهدف تشويه صورة الكتائب».
وانصرف رئيس الحزب النائب سامي الجميل مؤخراً للترويج لطرح تشكيل حكومة من الاختصاصيين لحل الأزمة الحكومية المستمرة منذ 7 أشهر. والتقى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مؤخراً لإقناعه بوجهة نظره، علماً بأن الجميل كان قد أعلن في وقت سابق أنه قد عُرضت على «الكتائب» المشاركة في الحكومة، لكنه رفض لاعتباره أن «الدخول في النظام الحالي والتماشي معه يعني تأجيل المشكلة».
ويشير الجميل الذي تسلم رئاسة الحزب من والده عام 2015 إلى أن هدفه «خلق تغيير بنيوي في لبنان، يبدأ بالعقلية وطريقة التفكير وصولاً إلى النظام والأداء اليومي في الحياة السياسية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.