شبح الانكماش لا يزال يطارد منطقة اليورو مع استمرار انخفاض التضخم

نزل لأقل مستوى في ما يقارب خمس سنوات في يوليو

شبح الانكماش لا يزال يطارد منطقة اليورو مع استمرار انخفاض التضخم
TT

شبح الانكماش لا يزال يطارد منطقة اليورو مع استمرار انخفاض التضخم

شبح الانكماش لا يزال يطارد منطقة اليورو مع استمرار انخفاض التضخم

يبعث التباطؤ الجديد للتضخم في منطقة اليورو المخاوف من انزلاق المنطقة في حلقة مشؤومة من انخفاض الأسعار ويضغط من جديد على البنك المركزي الأوروبي لمعالجة هذه المشكلة التي تعوق الانتعاش الاقتصادي.
وبحسب المكتب الأوروبي للإحصاءات (يوروستات)، فإن التضخم تباطأ إلى 0.4 في المائة في (يوليو) الماضي وفق الوتيرة السنوية، بعدما بلغ 0.5 في المائة في الشهر السابق، وهو يتجه بذلك نحو أدنى مستوى له في غضون ما يقارب خمسة أعوام منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2009 عندما سجل -0.1 في المائة.
وشكل انخفاض أسعار الطاقة العامل الرئيس في ذلك؛ حيث تراجعت بنسبة واحد في المائة، كما تراجعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات الكحولية والتبغ هي الأخرى بنسبة 0.3 في المائة، لكن أسعار السلع الصناعية باستثناء الطاقة ثبتت عند مستواها (0.0 في المائة)، وحدها الخدمات سجلت ارتفاعا في أسعارها (+1.3 في المائة، مستقرة مقارنة بيونيو/ حزيران)، كما جاء في التفاصيل التي أوردها المكتب الأوروبي للإحصاءات.
ولا تشكل هذه الأرقام أي مفاجأة، علما أن مستوى التضخم بلغ في ألمانيا أعلى مستوى له منذ أكثر من أربعة أعوام في (يوليو)، مع 0.8 في المائة، وفي إسبانيا، عادت أسعار الاستهلاك إلى النسبة السلبية، أي -0.3 في المائة.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، رأى جوناثان لوينز، من مؤسسة كابيتال إيكونوميكس، أنه «يتعين على البنك المركزي الأوروبي القيام بالمزيد لمواجهة خطر الانكماش» الذي يعني انخفاضا عاما للأسعار والرواتب، الأمر الذي يؤثر سلبا على مجمل الوضع الاقتصادي.
وقد يكون لمثل هذا السيناريو تأثير مثبط على مشتريات المستهلكين والشركات الذين يفضلون إرجاءها على أمل تراجع الأسعار ودفع ثمن أقل في وقت لاحق.
ويكمن هدف البنك المركزي الأوروبي بالتحديد في العمل على تثبيت الأسعار وإبقاء التضخم دون نسبة اثنين في المائة، إلا أن هذه النسبة توجد منذ أشهر في مستوى ضعيف تحت عتبة الواحد في المائة التي تعدها المؤسسة النقدية الأوروبية منطقة الخطر.
وأمام هذا التهديد، اتخذ البنك المركزي الأوروبي إجراءات في يونيو لتحفيز النمو والتضخم في آن واحد، وقد خفض معدل فائدته الرئيسة إلى 0.15 في المائة، وأعلن سلة إجراءات استثنائية لتشجيع المصارف على منح المزيد من القروض.
ولهذا السبب، سيختار المحافظة على الأمر الواقع الأسبوع المقبل أثناء اجتماعه الشهري، كما اعتبر الكثير من المحللين، فقال سيدريك ثيلييه، من مؤسسة ناتيكسيس، إن البنك المركزي الأوروبي «سينتظر ليرى إن كانت سلة (إجراءات) يونيو ستفعل فعلها، ولن يتحرك قبل نهاية السنة»، وأشارت كليمانت دو لوتشيا من بنك «بي إن بي باريبا» إلى أن تداعيات برنامج القروض على المدى الطويل، الذي سيسمح للمصارف بتمويل ذاتها بشروط تشجيعية، ستخضع لمراقبة خاصة.
وعد بيتر فاندن هوت من مؤسسة «آي إن جي» أن «النبأ السار هو أن الضعف الأخير في سعر صرف اليورو يترك هامشا صغيرا للبنك المركزي الأوروبي لاتخاذ إجراءات مرونة نقدية جديدة» مثل خفض معدلات فوائده.
وبلغ سعر صرف اليورو أمس، أدنى مستوياته منذ نوفمبر (تشرين الثاني)؛ مما يمثل نبأ سارا للصادرات في منطقة اليورو وبالتالي للنمو.
وستنشر الأرقام الرسمية للنمو في الفصل الثاني في 14 أغسطس (آب)، وقد تشهد على تباطؤ النشاط، في إشارة إلى نهوض اقتصادي خجول للغاية.
وفي فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بما يقدم إنفاق المستهلكين الفرنسيين بعض الدعم للاقتصاد في الربع الثاني بعدما لم يسجل الاقتصاد أي نمو في الربع الأول، لكن قطاعي الصناعة والإسكان سيجعلان الزيادة تقتصر فيما يبدو على أعلى بقليل من الصفر.
وأظهرت بيانات لمكتب الإحصاءات الرسمي (أي إن إس أي أي)أمس الخميس ارتفاع إنفاق المستهلكين 9.‏0 في المائة في يونيو من مايو (أيار) ليتجاوز التوقعات بكثير ويدعم نموا نسبته واحد في المائة خلال الربع الثاني مقارنة مع الربع السابق، وكان إنفاق المستهلكين على السلع، الذي يشكل نحو نصف الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي الذي يمثل بدوره أكثر من نصف الناتج الاقتصادي الفرنسي، قد انكمش بواقع 2.‏1 في المائة في الربع الأول عندما بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي صفرا.
وترجع الزيادة في الربع الثاني إلى حد بعيد إلى زيادة الإنفاق على التدفئة بسبب الطقس الأسوأ من المعتاد في أبريل (نيسان) ومايو حيث زاد الإنفاق على الطاقة 5.‏3 في المائة خلال الربع، كما زاد الإنفاق على السلع الاستهلاكية نسبتها 5.‏2 في المائة وسجل الاقتصاد زيادات أصغر في الإنفاق على الغذاء والسيارات.
وقال دومينيك باربيت الخبير الاقتصادي لدى «بي إن بي باريبا»، إن «البيانات قوية للغاية، نمو الإنفاق الاستهلاكي في الربع الثاني بنسبة واحد في المائة سيكون محركا قويا لنمو الناتج المحلي الإجمالي.. لكن الوجه الآخر للعملة هو أن المكونات الأخرى للناتج المحلي الإجمالي سيكون لها تأثير سلبي»، وأضاف أنه يتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.‏0 في المائة في الربع الثاني، وهو ما يتفق مع تقديرات بنك فرنسا المركزي، وقال إن «الإنفاق الاستهلاكي وحده سيدعم النمو بواقع 3.‏0 في المائة لكن الإسكان وضعف الصادرات واستثمارات الشركات ستؤثر بالسلب».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.