التضخم يتراجع في مصر «أكثر من المتوقع»

النتائج تدعم اتجاه «المركزي» لخفض الفائدة

تراجع معدل التضخم في مصر بأكثر من المتوقع الشهر الماضي (أ.ب)
تراجع معدل التضخم في مصر بأكثر من المتوقع الشهر الماضي (أ.ب)
TT

التضخم يتراجع في مصر «أكثر من المتوقع»

تراجع معدل التضخم في مصر بأكثر من المتوقع الشهر الماضي (أ.ب)
تراجع معدل التضخم في مصر بأكثر من المتوقع الشهر الماضي (أ.ب)

قال البنك المركزي المصري أمس إن معدل التضخم الأساسي تراجع إلى 7.94 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من مستوى 8.86 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول).
ولا يتضمن التضخم الأساسي سلعا مثل الفاكهة والخضراوات بسبب التقلبات الحادة في أسعارها. وفي وقت سابق أمس، قال الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء إن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين بالمدن تراجع إلى 15.7 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر، من 17.7 في المائة في أكتوبر.
وكان التضخم قفز بعد أن حررت مصر سعر صرف عملتها في مطلع نوفمبر عام 2016 ليبلغ مستوى قياسيا مرتفعا في يوليو (تموز) 2017 بفعل تخفيضات دعم الطاقة، لكنه انحسر تدريجيا منذ ذلك الحين.
ويشكو المصريون، الذين يعيش الملايين منهم تحت خط الفقر، من صعوبات في تلبية الحاجات الأساسية بعد قفزات متتالية في أسعار الوقود والدواء والمواصلات.
وأعلن جهاز الإحصاء تراجع معدل التضخم خلال شهر نوفمبر الماضي بنحو 0.7 في المائة مقارنة بشهر أكتوبر السابق عليه، ليبلغ 309.1 نقطة، مقابل 311.2 نقطة، ليسجل ثاني انخفاض له خلال عام 2018 حيث تراجع في يناير (كانون الثاني) الماضي بنحو 0.2 في المائة.
وأرجع الإحصاء تراجع معدل التضخم الشهري في نوفمبر إلى انخفاض أسعار الطعام والشراب بنحو 1.4 في المائة مقارنة بالشهر السابق عليه، ليبلغ 359.8 نقطة، في حين ارتفعت بنحو 19 في المائة مقارنة بشهر نوفمبر 2017. ولفت إلى أن معدل التضخم في الفترة من يناير إلى نوفمبر 2018 ارتفع بنحو 14.5 في المائة مقارنة بالفترة المناظرة من العام الماضي. وأشار إلى انخفاض معدل التضخم خلال الشهر الماضي في الحضر بنحو 0.8 في المائة مقارنة بالشهر السابق عليه ليبلغ 299.1 نقطة، في حين بلغ معدل التضخم على أساس سنوي خلال نوفمبر الماضي 15.7 في المائة مقارنة بالشهر المناظر من 2017، وفي الريف تراجع معدل التضخم في الشهر الماضي بنحو 0.6 في المائة مقارنة بشهر أكتوبر السابق عليه ليبلغ 321 نقطة، وسجل معدل التضخم السنوي 15.5 في المائة مقارنة بشهر نوفمبر 2017.
وقالت رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في بنك الاستثمار المصري «فاروس»: «لم نتوقع الهبوط بهذا الشكل... الهبوط إيجابي على أي حال وعاد بنا من جديد لمستهدف البنك المركزي للتضخم ما بين 10 إلى 16 في المائة بنهاية هذا العام».
وتشهد أسعار الخضراوات والفاكهة في مصر زيادات متواصلة خلال الفترة الأخيرة، وهو ما دفع وزارة الداخلية المصرية لطرح بعض السلع الغذائية للمواطنين بأسعار أقل من سعر السوق في محاولة لتخفيف المعاناة عن كاهلهم.
وفي الوقت الذي تُظهر فيه البيانات الحكومية تراجعا في مستويات التضخم على أساس سنوي خلال نوفمبر، وانكماشا في الأسعار على أساس شهري، تقول هبة محمد وهي أم لأربعة أطفال وتقطن في شمال شرقي القاهرة: «الخلافات الزوجية اشتعلت بحدة بسبب عدم كفاية دخل زوجي الذي يبلغ 1500 جنيه (أقل من 85 دولارا) وعدم قدرته على توفير مصروفات البيت الضرورية بسبب ارتفاع أسعار كل شيء... لا يمكننا أن نلاحق الغلاء في الأكل والدواء والدروس والمواصلات»، بحسب رويترز.
وفي الآونة الأخيرة، رفعت الحكومة أسعار المواد البترولية وتذاكر مترو الأنفاق والمياه والكهرباء وعدد من الخدمات المقدمة للمواطنين. وقال ألين سانديب، رئيس البحوث في «نعيم للوساطة في الأوراق المالية»، إن «النتائج أفضل كثيرا من المتوقع، ويشعر صناع السياسات بارتياح كبير لأن معدل التضخم في المدن عاد إلى النطاق المستهدف للبنك المركزي».‭‭‭ ‬‬‬
وتقول فاطمة رفعت من محافظة كفر الشيخ شمال مصر: «الأسعار والتجار أصبحوا يتلاعبون بنا... أصبحنا نعيش في هم وغم بسبب مصروفات الطعام».
وكانت «كابيتال إيكونوميكس» توقعت في مذكرة حديثة تراجع التضخم في مصر خلال نوفمبر 2018 إلى 16 في المائة، مشيرة إلى أنه من المتوقع استمرار تراجع التضخم خلال الفترة المقبلة مما يدعم البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة لتصل إلى 11.25 في المائة بنهاية 2019.
واضطر البنك المركزي المصري لرفع معدل الفائدة عقب تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016 نحو 3 مرات بنسبة 7 في المائة، المرة الأولى في بعد التعويم مباشرة بنسبة 3 في المائة، ثم 2 في المائة في مايو (أيار) 2017، وأخيرا 2 في المائة في يوليو (تموز) 2017، ثم اتجه في فبراير (شباط) ومارس الماضيين إلى خفض الفائدة بنحو 1 في المائة لكل.
وفي منتصف نوفمبر الماضي، قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصـري الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند مستوى 16.75 و17.75 في المائة على الترتيب.
وتوقع صندوق النقد الدولي تراجع معدل التضخم في مصر إلى 13.9 في المائة خلال العام الجاري، ثم 12.9 في المائة في 2019.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.