أكبر ميناء في تونس يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية

«رادس» يؤمن 80 في المائة من التوريد والتصدير

أكبر ميناء في تونس يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية
TT

أكبر ميناء في تونس يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية

أكبر ميناء في تونس يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية

تعددت في الفترة الأخيرة شكاوى أصحاب المؤسسات الاقتصادية في تونس من الأوضاع في ميناء رادس التجاري، أكبر الموانئ التونسية، والذي تمر منه نحو 80 في المائة من واردات تونس ومن صادراتها.
وقد حذر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة الأعراف التونسية) أكثر من مرة من هذه الأوضاع وتداعياتها على المؤسسات وعلى اقتصاد البلاد بصفة عامة. وقال نبغة سالم، رئيس جامعة النقل التابعة لمنظمة الأعراف التونسية، إن «التعطيل الذي يشهده العمل في ميناء رادس قد كلف الاقتصاد التونسي في السنوات الثلاث الأخيرة خسارة بـ650 مليون دينار تونسي (نحو 400 مليون دولار أميركي) بسبب المشاكل الاجتماعية والبطء الكبير في عمليات الشحن والتفريغ للحاويات، والوقت الكبير الذي تقضيه البواخر عرض البحر قبل الرسو في الميناء، وهو ما يزيد في كلفة الشحن والنقل بالنسبة للمؤسسة». وقال سالم إن «بعض الحاويات مرت عليها سنوات وهي في الميناء، وتعرضت محتوياتها للتلف، وأصبحت تمثل خطرا صحيا وبيئيا بسبب طول مدة حجزها»، داعيا إلى «النظر بجدية في وضعية الميناء وإيجاد الحلول المناسبة حتى لا تزداد الأوضاع تعقيدا».
ويعود هذا الوضع في جزء منه حسب منظمة الأعراف إلى التحركات الاجتماعية والمطالب النقابية، وهو ما دفع كلا من الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية في تونس) ومنظمة الأعراف إلى الإعلان في أعقاب اجتماع مشترك عقد منتصف شهر يوليو (تموز) إلى «تكوين لجنة مشتركة للنظر في الأوضاع في ميناء رادس خاصة المتعلقة منها بالمسائل النقابية والاجتماعية ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها».
وكان ميناء رادس شهد في يوليو 2013 إضرابا لخمسة أيام، دعت إليه نقابة العمال بالشركة التونسية للشحن والترصيف (وهي شركة عمومية تؤمن أهم الخدمات بالموانئ التونسية)، وطالب المضربون حينها بإقالة الرئيس المدير العام الذي اضطر للاستقالة. وقد كلف هذا الإضراب الاقتصاد التونسي حسب منظمة الأعراف خسارة بنحو 100 مليون دينار تونسي (نحو 65 مليون دولار أميركي).
وكان مهدي جمعة رئيس الحكومة قد قام يوم 21 مايو (أيار) الماضي بزيارة مفاجئة إلى ميناء رادس، وبدا من خلال شريط فيديو نشر على الموقع الرسمي للحكومة التونسية على الـ«فيسبوك» غير راض عن طريقة العمل بالميناء. وقال مهدي جمعة مخاطبا المسؤولين داخل الميناء «زرت في حياتي قرابة الـ1000 مستودع، ولم أشاهد ما عشته اليوم داخل هذا المستودع رغم أنه يزخر بالكفاءات العلمية».
كما أعلنت رئاسة الحكومة عقب هذه الزيارة «تشكيل خلية أزمة للنظر في المشاكل اللوجيستية وتيسير حركية الميناء». كما عين مهدي جمعة بعد هذه الزيارة رئيسا مديرا عاما جديدا للشركة التونسية للشحن والترصيف.
أما وزارة النقل التونسية فقد أعلنت الأسبوع الماضي عقب اجتماع ضم مختلف الأطراف المتدخلة في الميناء أنها اتخذت إجراءات تقضي «بتنفيذ خطة للقضاء على الرشوة خلال العمليات المينائية لتكون هذه العمليات أكثر شفافية»، وكذلك «تنقيح نظام العمل بالموانئ والقانون الأساسي لأعوان العاملين الشركة التونسية للشحن والترصيف»، وفق بلاغ للوزارة. وتعاني تونس من تفاقم تهريب السلع إلى أسواقها وتنامي ظاهرة الاقتصاد الموازي، مما أضر باقتصادها المنظم. وتؤكد مصادر من منظمة الأعراف التونسية أن نسبة من السلع المهربة تدخل البلاد عن طريق ميناء رادس، وتطالب بتشديد المراقبة في الميناء.
ومن مظاهر البطء في عمل الميناء حسب وكيل عبور يتعامل مع الميناء تحدثت إليه «الشرق الأوسط» أن «نسبة تفريغ الحاويات في الميناء هي اليوم في حدود الـ7 حاويات في الساعة الواحدة، مقابل 18 حاوية كمعدل في موانئ البحر الأبيض المتوسط»، مضيفا بقوله إن «هذه النسبة كانت قد تدحرجت في شهر يونيو (حزيران) إلى حاويتين فقط في الساعة بسبب الاضطرابات الاجتماعية وحالة الاكتظاظ التي يعرفها الميناء، وسوء استخدام التجهيزات رغم أن بعضها جديد»، حسب قوله. وقد تسبب هذا البطء في إطالة أمد بقاء العديد من البواخر في عرض السواحل التونسية قبالة الميناء بانتظار دورها لترسو على أرصفته وهو ما يكبد المؤسسات التونسية خسائر جسيمة بسبب ارتفاع كلفة النقل والخدمات المينائية سواء في عمليات التوريد أو التصدير.
وتجدر الإشارة إلى أن ميناء رادس يقع في الضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية، ويحمل اسم مدينة رادس التي تعد نحو 50 ألف ساكن، وقد تقدمت مؤسسات خاصة تعمل في مجال النقل والخدمات اللوجيستية إلى الحكومات المتعاقبة في السنوات الأخيرة بمقترحات للقيام باستثمارات قصد توسعة الميناء وإقامة منطقة لوجيستية جديدة، وهي مقترحات قوبلت من المنظمات العمالية بالرفض لأنها رأت فيها توجها لخصخصة الميناء.



تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)
يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)
TT

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)
يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد، حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته التي سجّلها قبل أكثر من عامين.

وأعلنت وزارة العمل الأميركية، الخميس، أن مؤشر أسعار المنتجين، الذي يتتبع التضخم قبل أن يصل إلى المستهلكين، ارتفع بنسبة 0.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) مقارنة بأكتوبر (تشرين الأول)، مقارنة بـ0.3 في المائة الشهر السابق. وعلى أساس سنوي، ارتفعت أسعار الجملة بنسبة 3 في المائة في نوفمبر، وهي أكبر زيادة سنوية منذ فبراير (شباط) 2023، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وساعدت أسعار المواد الغذائية المرتفعة في دفع التضخم بالجملة إلى الارتفاع في نوفمبر، وهو ما كان أعلى مما توقعه خبراء الاقتصاد، وباستثناء أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت أسعار المنتجات الأساسية بنسبة 0.2 في المائة عن أكتوبر، و3.4 في المائة عن نوفمبر 2023.

ويأتي تقرير أسعار الجملة بعد يوم من إعلان الحكومة أن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 2.7 في المائة في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، ارتفاعاً من زيادة سنوية بنسبة 2.6 في المائة في أكتوبر.

وأظهرت الزيادة، التي جاءت مدفوعة بارتفاع أسعار السيارات المستعملة، وكذلك تكلفة غرف الفنادق والبقالة، أن التضخم المرتفع لم يتم ترويضه بالكامل بعد.

وعلى الرغم من تراجع التضخم من أعلى مستوى له في 4 عقود عند 9.1 في المائة في يونيو (حزيران) 2022، فإنه لا يزال أعلى من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة.

ورغم الارتفاع المعتدل في التضخم الشهر الماضي، يستعد بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة القياسية الأسبوع المقبل للمرة الثالثة على التوالي. ورفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيس قصير الأجل 11 مرة في عامي 2022 و2023، إلى أعلى مستوى له في عقدين من الزمن، وذلك في محاولة للحد من التضخم الذي نشأ عن التعافي القوي غير المتوقع للاقتصاد بعد ركود «كوفيد-19». ومع التراجع المستمر في التضخم، بدأ البنك المركزي في سبتمبر (أيلول) الماضي عكس تلك الزيادة.

وقد يقدم مؤشر أسعار المنتجين، الذي صدر يوم الخميس، لمحة مبكرة عن الاتجاه الذي قد يسلكه التضخم الاستهلاكي. ويراقب الخبراء الاقتصاديون هذا النمو، لأنه يتضمن بعض المكونات، خصوصاً الرعاية الصحية والخدمات المالية، التي تسهم في مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو المقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي.