دي ميستورا: الوضع في سوريا تغير على الأرض وسياسياً

وزير الخارجية الأردني يدعو إلى «دور عربي» في حل الأزمة

وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي والمبعوث الاممي ستيفان دي ميستورا في عمان امس (رويترز)
وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي والمبعوث الاممي ستيفان دي ميستورا في عمان امس (رويترز)
TT

دي ميستورا: الوضع في سوريا تغير على الأرض وسياسياً

وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي والمبعوث الاممي ستيفان دي ميستورا في عمان امس (رويترز)
وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي والمبعوث الاممي ستيفان دي ميستورا في عمان امس (رويترز)

قال الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا عقب محادثات مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في عمّان أمس إن هناك «صفحة ستطوى بسبب تغير الوضع على الأرض» في سوريا.
وأضاف للصحافيين: «من الواضح أن هناك صفحة ستطوى ليس بسبب رحيلي، في ديسمبر (كانون الأول) الحالي لأسباب شخصية، لكن بسبب تغير الوضع على الأرض وعلى الصعيد السياسي».
وأوضح دي ميستورا: «من أجل تحقيق ما نطمح إليه جميعاً وهو الاستقرار في سوريا، فهناك حاجة إلى بداية موثوقة لعملية سياسية ذات مصداقية، لذا ستكون أكثر اللحظات حساسية في 20 من الشهر الحالي عندما أقدم على الأرجح تقريري الأخير لمجلس الأمن».
وتابع: «ما زلنا نعمل كل يوم للتأكد من إمكانية الإعلان عن شيء يتعلق بلجنة الدستور. إذا لم يكن الأمر كذلك، فسيكون علينا أن نستخلص بعض استنتاجاتنا».
وقد تولى دي ميستورا منذ عام 2016 رعاية 9 جولات من المحادثات غير المباشرة بين دمشق والمعارضة من دون إحراز أي تقدّم يذكر لتسوية النزاع الذي تسبب منذ اندلاعه في 2011 بمقتل أكثر من 360 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية وبنزوح ولجوء أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وسعى خلال الأشهر الأخيرة إلى تشكيل لجنة دستورية تضم 150 شخصا بهدف صياغة دستور جديد.
وكان دي ميستورا أبلغ الشهر الماضي مجلس الأمن بأنّه قرّر التخلي عن منصبه نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، وبأنّه سيعمل خلال المدّة المتبقّية لتذليل العقبات التي تعترض تشكيل اللجنة الدستورية.
ولكن مصادر في الأمم المتحدة تقول إنه باق في منصبه حتى 20 من الشهر الحالي على أقل تقدير.
من جهته، قال الصفدي: «ثمة غياب غير مقبول للدور العربي في جهود حل الأزمة. نرى اجتماعات متعددة ودولاً كثيرة منخرطة في جهود هذا الحل، وهناك غياب لهذا الدور العربي». ودعا إلى «الحل من منطلقات واقعية وعبر مقاربات جديدة تأخذ بعين الاعتبار الحقائق على الأرض».
وأضاف: «لا بد من دور عربي إيجابي يساعد في التوصل إلى حل سياسي يقبله السوريون من أجل إنهاء هذه الكارثة التي أدت إلى دمار كبير وكوارث كثيرة لا تزال سوريا الشقيقة والمنطقة والعالم يتعامل مع تبعاتها».
وكانت جامعة الدول العربية علقت عضوية الحكومة السورية في عام 2011 وبقي مقعدها شاغرا في كل الاجتماعات العربية.
وأكد الصفدي: «موقف الأردن الثابت أنه لا بد من التوصل لحل سياسي لهذه الأزمة (...) يجب أن تنتهي الحرب وأن تستعيد سوريا عافيتها».
إلى ذلك، بحث رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض عبد الرحمن مصطفى مع مبعوثي الدول الاسكندنافية آخر المستجدات في الملف السوري. وقال بيان لـ«الائتلاف» إن مصطفى «أكد على ضرورة البدء بأعمال اللجنة الدستورية تحت مظلة الأمم المتحدة بالتوازي مع باقي السلال الأخرى التي نصت عليها مفاوضات جنيف. المجتمع الدولي تقع على عاتقه مسؤولية منع النظام وحلفائه من عرقلة العملية السياسية وإيصالها إلى طريق مسدود».
وعبّر عن أمله في أن تكون هناك زيادة في الزخم الدولي حول سوريا، بهدف تمهيد الطريق للعملية السياسية الشاملة وتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بها. وطالب مبعوثي الدول بـ«زيادة الضغط على نظام الأسد لتنفيذ الاستحقاقات السياسية وفق بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2254».
وذكَّر بـ«الخروق اليومية التي يقوم بها النظام لاتفاق إدلب بدعم من حلفائه والتي قد تؤدي إلى وقوع كارثة إنسانية حقيقية ينتج عنها موجة جديدة من النزوح إلى تركيا ودول أخرى».
واعتبر أن «الائتلاف الوطني حريص على تثبيت اتفاق إدلب واستدامته»، داعياً المجتمع الدولي إلى المساهمة في تطوير اتفاق إدلب ودعم الجهود التركية للوصول إلى وقف إطلاق نار شامل في البلاد.
وطالب بـ«دعم الحكومة السورية المؤقتة ومؤسساتها بهدف تمكينها من إعادة الاستقرار في المناطق المحررة، وتأمين حاجات النازحين والمهجرين قسرياً». كما تطرق رئيس الائتلاف لأوضاع مدينة منبج، وعبّر عن أمله في أن يتطور الأمر ليشمل شرق الفرات بكامله.
وحول تعيين المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا، غير بيدرسون، أعرب مصطفى «عن أمله أن تكون خلال توليه عملية سياسية حقيقية تقود إلى إيقاف معاناة الشعب السوري وتحقيق تطلعاته في الحرية والكرامة»، كما دعا المبعوثين إلى عدم اكتفاء حكوماتهم بمراقبة إجرام وعدوان النظام، إضافة إلى دعم آليات المساءلة عن جميع جرائم الحرب، بما في ذلك استخدام السلاح الكيماوي والتهجير القسري.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».