تبدأ اليوم في مراكش أعمال المؤتمر الحكومي الدولي حول الهجرة، وهو المؤتمر الذي سيعتمد الميثاق العالمي للهجرة، الذي ينتظر منه أن يكون خريطة طريق جماعية لتقديم استجابة مشتركة للتحدي العالمي الذي تطرحه الهجرة، وجعل هذه الظاهرة العالمية عاملاً للازدهار والابتكار والتنمية المستدامة للجميع.
ويشارك في المؤتمر أكثر من 100 دولة يمثّلها رؤساء دول وحكومات، مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الحكومة الإسبانية بيدور شانشيز، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بينما ستغيب الولايات المتحدة ودول أخرى عن مؤتمر مراكش، من بينها: إيطاليا، والنمسا، وبلغاريا، والمجر، وبولونيا، والتشيك، وسلوفاكيا، واستونيا، وليتوانيا، وسويسرا، وأستراليا، وإسرائيل، والدومينكان.
وجرى أمس في مراكش تسليم الموقع الذي سيحتضن أشغال المؤتمر، الموجود بمنطقة باب إغلي بمراكش، للأمم المتحدة. وأقيم بالمناسبة حفل حضره الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة في نيويورك السفير عمر هلال، والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للهجرات الدولية لويز أربور، ومسؤولون أمميون ومغاربة ومنتخبون محليون وشخصيات مدنية وعسكرية وممثلو وسائل إعلام وطنية ودولية.
وقال السفير هلال: «إنها لحظة تاريخية لمراكش وللأمم المتحدة؛ لسببين، الأول هو أنها المرة الأولى التي ينعقد فيها مؤتمر أممي دولي لمناقشة قضية الهجرة، فيما يتجلى السبب الأخر في أن وثيقة مراكش تعد أول وثيقة في تاريخ الأمم المتحدة التي سوف تعنى بحقوق المهاجرين والدفاع عنهم». واستطرد قائلاً: إن «مراكش المدينة العتيقة والتاريخية ومدينة الحضارات وحفاوة الاستقبال والتعايش السلمي، ستعطي اسمها لهذه الوثيقة (الميثاق العالمي للهجرة)». وأضاف: إنها ستكون لحظة تاريخية ليس فقط للمدينة الحمراء، وإنما للمغرب بأكمله للمساهمة في الدفاع عن قضية المهاجرين، وإبراز الدور الطلائعي الذي يلعبه تحت قيادة الملك محمد السادس في كل القضايا الدولية، وبخاصة منها قضية حقوق الإنسان وحقوق المهاجرين سواء أفريقياً أو دولياً.
من جهتها، أعربت لويز أربور عن سعادتها الكبيرة بـ«المشاركة في هذا الحفل الذي يتوج عملاً جباراً من أجل إعداد هذا الموقع الجميل لاحتضان حدث دولي مهم جداً». وتقدمت في هذا الصدد بالشكر للمغرب الذي عبّر عن استعداده لاحتضان أشغال المؤتمر الدولي الحكومي حول الهجرة، الذي يعالج قضية «تسائلنا جميعاً في العالم».
وأعربت المسؤولة الأممية عن امتنانها «للمغرب، وبخاصة لكل أولئك الذين قاموا بعمل مبهر من أجل إعداد هذا الموقع»، الذي سبق أن زارته ثلاث مرات قبل الانتهاء من أشغاله، مشيدة في السياق ذاته بجودة وجمالية تصميم الموقع وإنجازه في الآجال المحددة وفق المعايير التي حددتها الأمم المتحدة.
كما عبّرت عن تمنياتها بالنجاح الكامل لأشغال هذا المؤتمر، الذي سيتوّج باعتماد الميثاق العالمي لهجرة آمنة ومنتظمة ومنظمة.
ويدعو الميثاق العالمي، الذي يعتبر تتويجاً لإعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين بتاريخ 19 ديسمبر (كانون الأول) 2016 والمعتمد بإجماع من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى الاستفادة من الميزات التي تقدمها الهجرة، مع مراعاة المخاطر والصعوبات التي تنتجها بالنسبة للأشخاص ومجتمعات البلدان الأصلية وبلدان المرور والبلدان الوجهة النهائية.
وانطلاقا من مبدأ أنه ليس هناك أي بلد قادر على رفع تحديات الهجرة وحده، أو الاستفادة من الفرص التي تقدمها نظرا للطابع العابر للحدود الوطنية لهذه الظاهرة العالمية، يشجع هذا الميثاق على تعاون دولي في هذا المجال لتسهيل هجرات آمنة ومنظمة ومنتظمة، مع الحد من الآثار السلبية للهجرة غير النظامية.
كما يدعو الميثاق، الذي يستند على مبادئ توجيهية شاملة ومترابطة من قبيل التنمية المستدامة وحقوق الإنسان، والأخذ بعين الاعتبار إشكالية النساء والرجال، ومراعاة حاجيات الأطفال، الدول الموقعة، من خلال 23 هدفاً، إلى ضمان ولوج المهاجرين إلى الخدمات الأساسية، وتشجيع ممارسات التوظيف المنصف والأخلاقي وضمان الظروف التي تكفل العمل اللائق، وضمان حيازة جميع المهاجرين للوثائق التي تثبت هويتهم القانونية؛ وذلك لتوفير خدمات ناجعة تتعلق بالهجرة وضمان أمن عمومي أفضل.
ويرى متابعون لظاهرة الهجرة، أنه إذا كان الميثاق يشجّع على الاندماج المالي للمهاجرين، فإنه لا يدعو إلى استقرارهم الدائم في المجتمعات التي تستقبلهم، بما أنه ينص على مكافحة العوامل السلبية وتقليص الدوافع والعوامل الهيكلية التي تضطر الأشخاص إلى مغادرة بلدهم الأصلي، وذلك بخلق ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية تمكّن الأشخاص من العيش في بلدهم الأصلي بكل سلم وفي ظروف مواتية.
ويقترح الميثاق، كذلك، على الدول الموقعة التعاون، الاحترام التام لمبادئ حقوق الإنسان، من أجل تسهيل عودة المهاجرين واستقرارهم، بكل أمن، وفي احترام لكرامتهم، في بلدانهم الأصلية بصفة مستدامة، مع الحرص على خلق الظروف المواتية لضمان أمنهم الشخصي، وتمكينهم الاقتصادي، وضمان التماسك الاجتماعي داخل المجتمعات.
من جهة أخرى، يهدف الميثاق العالمي للهجرة، إلى تعزيز قاعدة البيانات حول الهجرة الدولية، من خلال تحسين عملية جمع وتحليل ونشر بيانات دقيقة وموثوقة وقابلة للمقارنة، من أجل توجيه بلورة السياسات المتسقة بالهجرة لتكون قائمة على دراية تامة بالوقائع، وتقديم في أقرب وقت ممكن معلومات دقيقة حول كل مراحل الهجرة.
وسيمكن تحسين المعلومة وتعزيز التحليل المشترك المتعلق بالكوارث الطبيعية والآثار السلبة للتغيرات المناخية والتدهور البيئي، الدول الموقعة من التوفر على صورة أوضح لتدفقات الهجرة، للتمكن من تحسين الترقب وقابلية التنبؤ بهذه التدفقات.
وبهدف تتبع إنجازات الدول الموقعة على المستوى المحلي والوطني والإقليمي، ستقوم الأمم المتحدة بإرساء نظام تتبع، ولا سيما من خلال مؤتمر دراسة الهجرات الدولية الذي سيقام كل أربع سنوات ابتداء من 2022، الذي سيشكل الهيكل الحكومي الرئيسي الذي سيمكن الدول الموقعة من المناقشة والاطلاع على إنجازات كل واحد منهما.
وعلى الرغم من أن الميثاق يحمل عدداً من القرارات لتنظيم تدفقات الهجرة العابرة للحدود، لتكون أقل فوضوية وأقل إشكالية للحكومات، فإنه يشكل إطاراً قانونياً غير إلزامي، يؤكد على الحق السيادي للدول في تحديد سياسات هجرة وطنية، وعلى حقهم في تدبير الهجرات الخاضعة لولياتها، في احترام للقانون الدولي.
انطلاق أعمال المؤتمر الدولي حول الهجرة بمراكش
بمشاركة أكثر من مائة دولة وغياب بلدان أوروبية والولايات المتحدة
انطلاق أعمال المؤتمر الدولي حول الهجرة بمراكش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة