رئيس سابق للحكومة المغربية يدعو إلى مصالحة مع الجزائر

«الاتحاد الاشتراكي» يطلق مبادرة لتوثيق المقاومة المشتركة للاستعمار بين البلدين

TT

رئيس سابق للحكومة المغربية يدعو إلى مصالحة مع الجزائر

دعا عبد الرحمن اليوسفي، الوزير الأول المغربي السابق وأحد رموز المقاومة المغربية والجزائرية خلال فترة الاستعمار والأمين العام السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي المغربي، الجزائر والمغرب إلى المصالحة، عادّاً أن الوقت قد حان لطي صفحة الخلافات.
واختار اليوسفي مدينة وجدة الحدودية (شرق) لتنظيم مهرجان كبير، حضره ممثلون عن مختلف الأحزاب والنقابات والهيئات الحقوقية والثقافية المغربية، مساء أول من أمس، ليوجه دعوته.
ونوه اليوسفي، وهو رئيس سابق للحكومة المغربية، بمبادرة الملك محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى «المسيرة الخضراء»، التي مدّ فيها يده للجزائر من أجل حوار سياسي مباشر، قصد تجاوز الخلافات، واقتراحه إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار، والتشاور بين البلدين. وقال اليوسفي إن المقترح والمبادرة اللذين أعلن عنهما العاهل المغربي يشكلان «باباً لتحقيق انتصارنا الجماعي؛ جزائريين ومغاربة، على المستوى ذاته من القيمة والمسؤولية، على كل المعوقات التي تعطل حق شعوبنا في النماء والتكامل والتعاون، وحقها في أن تكون فضاء للأمن والابتكار، والمساهمة الإيجابية بشكل مشترك ضمن أفق للتجاوز بقارتنا الأفريقية، وبكامل غرب عالمنا العربي وغرب المتوسط».
وأضاف اليوسفي أنه تلقى بغبطة عالية وبارتياح كبير ما جاء في خطاب الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الـ43 لـ«المسيرة الخضراء»، خصوصا دعوة العاهل المغربي إلى «خلق كل الشروط الإيجابية لتحقيق مصالحة تاريخية مع أشقائنا الجزائريين، واقتراحه تكوين لجنة مشتركة لخلق آلية سياسية للحوار، بروح بناءة متوافق عليها بين قيادة البلدين، وأن تكون كل الملفات مطروحة للتداول من دون أي طابوهات، وأن بلدينا وقادتهما ليسا في حاجة لأي وساطة كي يمتلكوا شجاعة ابتكار حلول لكل المشكلات العالقة بينهما».
وأعرب اليوسفي عن أمله في أن تكون هذه المبادرة «جواب أمل مطمئناً أمام القلق الذي يسكن نخب البلدين من مستقبل المنطقة المجهول»، مشيرا إلى أن اختياره مدينة وجدة لتوجيه ندائه نابع من الدور التاريخي الذي لعبته هذه المدينة بصفتها «قلعة النضال الوطني المشترك لحركات التحرير في المغرب والجزائر، وقلعة النضال التحرري في أفريقيا». وأضاف اليوسفي موضحا: «نلتقي مجددا في وجدة على درب النضال الوطني والمغاربي، من أجل الدفاع عن حق شعوبنا في التكامل، والتعاون والأمن المشترك».
من جانبه، أعلن إدريس لشكر، الأمين العام الحالي لـ«حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، في كلمة خلال المهرجان عن إطلاق الحزب مبادرة لتوثيق المقاومة الوطنية المشتركة المغربية والجزائرية إبان الاستعمار، وذلك من خلال جمع الوثائق والأشرطة والمقالات المتوفرة، وتسجيل الشهادات الحية لمن تبقى من رجال المقاومة من البلدين.
بدوره، استعرض القيادي الاتحادي عبد الواحد الراضي جوانب من التاريخ المشترك بين الشعبين، الموسوم بأواصر الأخوة والتضامن والتعاون، مؤكدا أن الوقوف عند هذه المحطات يتوخى زرع بذور التفاؤل والأمل، لا سيما لدى الأجيال الصاعدة، في مستقبل العلاقات الثنائية والعلاقات المغاربية.
من جهته، تحدث عباس بودرقة، أحد رفاق اليوسفي المقربين خلال مساره السياسي، عن فترة العصر الذهبي للعلاقات المغربية - الجزائرية خلال مرحلة الكفاح المسلح للشعب الجزائري، التي كانت مدينة وجدة خلالها تعد عاصمة النضال الجزائري.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.