أفادت مصادر محلية في محافظة حجة اليمنية الحدودية بوجود تحركات حثيثة للميليشيات الحوثية في بعض المديريات الشمالية للمحافظة ذات التضاريس الجبلية، خصوصاً في مديرية كشر التي استُعصيت سيطرة الجماعة عليها بالقوة منذ انقلابها على الحكومة الشرعية في 2014.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية بدأت منذ مدة محاولة استدراج بعض زعماء القبائل في المديرية ومناطق «حجور الشام» بشكل عام من خلال توزيع الأموال والسيارات ومنح المناصب، في محاولة منها لإخضاعهم واستقطاب المجندين في مناطقهم إلى صفوفها. وكشفت المصادر في صنعاء أن رئيس مجلس انقلاب الجماعة الحوثية مهدي المشاط، استدعى أمس الزعيم القبلي البارز في مديرية كشر، الشيخ محمد صالح الزعكري، في سياق مساعي الجماعة لإخضاع المديرية وتمكين الجماعة منها، بعد أن استعصت عليها لسنوات.
وطلب المشاط من الزعكري - بحسب المصادر - حشد المئات من أبناء حجور الشام ومديرية كشر إلى جبهات القتال لإسناد صفوف الجماعة المتهاوية، مقابل وعود بدفع أموال ضخمة وتوطيد السلطات القبلية للزعماء الموالين للجماعة. وكان عدد من كبار الزعماء في مديرية كشر، وهم ينتمون إلى مختلف التيارات الحزبية اليمنية، قد رفض كل مساعي الجماعة الحوثية لإخضاع المديرية لمشرفي الجماعة أو اختراقها بثقافتهم الطائفية الإيرانية.
وفي السياق نفسه، وجه العميد الركن محمد الحجوري قائد محور حرض وقائد لواء القوات الخاصة، نداء إلى كل زعماء المديرية وقبائل حجور ومحافظة حجة يدعوهم إلى مواجهة الجماعة الحوثية وعدم السماح لها بالتغلغل في مناطقهم أو تحويلها إلى أماكن لحشد المقاتلين.
وطلب الحجوري في رسالته التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» من أبناء مناطق كشر وحجور ومشايخها القبليين «تسجيل مواقف مشرفة» ضد الميليشيات الحوثية، وعدم الانجرار إلى مساعي الجماعة من أجل شق صفوفهم، مؤكداً لهم أن «الحوثي الآن لم يعد يمتلك شيئاً وإنما يريد أن يدمر كل شيء قبل أن يذهب هو وأذنابه إلى مزبلة التاريخ»، بحسب تعبيره.
وتابع الحجوري مخاطباً أبناء منطقته: «عليكم أن تدركوا أن عبد الملك الحوثي ومحمد علي الحوثي ومن معهم يعدون أنفسهم للهروب من اليمن وسيتركونكم تتصارعون فيما بينكم وضد بعضكم... وأنا أناشدكم بحق الأخوة أن تحافظوا على بعضكم وألا تبيعوا أنفسكم إلى هذه الميليشيات الانقلابية الإيرانية».
وحذر العميد الحجوري مشايخ المنطقة من «التمادي مع الحوثي ومن التقصير في الوقوف في وجهه»، لأن الميليشيات ستقوم، على حد قوله، بإهانتهم شيخاً بعد شيخ، كما ستفجر منازلهم كما هو صنيعها مع غيرهم في محافظات ومديريات كثيرة.
واستشهد الحجوري بالدمار الذي لحق بمديريات ميدي وحرض وحيران بعد أن دخلها الحوثي، وفي النهاية تركتها ميليشياته وفرت تحت وقع ضربات الجيش اليمني.
وتعد مناطق قبائل حجور عامة، ومناطق قبائل مديرية كشر في حجة بشكل خاص، من المناطق التي فشلت الميليشيات الحوثية في التغلغل فيها ابتداء من 2011 عندما بدأت الجماعة في التوسع من صعدة باتجاه حجة، وحاولت التقدم من منطقة عاهم باتجاه مديرية كشر، حيث تكبدت كثيراً من الخسائر وأرغمت على التراجع.
وذكّر العميد الحجوري وهو الذي يقود حالياً وحدات الجيش اليمني في محور حرض شمال محافظة حجة، بخطر الوجود الحوثي في أوساطهم، وخاطبهم بقوله: «الحوثي يريد أن يستخدمكم أداة من أجل أن يقتل أحدكم الآخر... فهو يعرف ويستحضر بحقد وانتقام ما صنعتموه به في عاهم... وكذلك دوركم المساند للشرعية في الحروب الست ضد التمرد الحوثي، حيث كان أبناء حجور هم السابقين لمؤازرة الشرعية والجيش الوطني».
وطمأن القائد في الجيش اليمني قبائل حجة وكشر وحجور بأن اندحار الحوثيين سيكون قريباً، وقال إن «التحالف ومعه الشرعية يكنون لكم بالغ الاحترام والتقدير يا أبناء حجور وكشر لمواقفكم التاريخية، وأطمئنكم بصدق بأن مكانتكم محفوظة ما دمتم وقفتم إلى جانب الدولة والشرعية والتحالف (...) بعيداً عن التسميات السياسية والعسكرية... فأنتم تقفون إلى جانب أهلكم وأبنائكم... إلى جانب إخوانكم العرب الذين أرادت إيران أن تدنس بلادهم من أرضنا اليمنية العربية الطاهرة».
ودائماً ما تحاول الميليشيات الحوثية وزعيمها اختراق القبائل اليمنية، عبر استقطاب بعض زعماء القبائل، تمهيداً لإذكاء الصراع بين المكونات القبلية، وذلك بأن تتدخل الميليشيات للسيطرة على مناطقهم وإخضاعهم لثقافة الجماعة الطائفية بالترغيب والترهيب.
ويرجح المراقبون أن الجماعة الحوثية تحاول أن تجد لها موطأ قدم في مديرية كشر وحجور عامة، بسبب طبيعتها الجبلية وتضاريسها، قبيل هزيمتها المتوقعة في مديريات الساحل الشمالي الغربي، حيث مناطق حرض وحيران ومستبأ وبكيل المير وخيران وعبس.
وكانت القوات الحكومية التابعة للمنطقة العسكرية الخامسة، ومعها لواء القوات الخاصة بقيادة العميد الحجوري، تمكنت من تحرير ميدي وأغلب مناطق حرض وحيران وتقدمت إلى أطراف مديريتي مستبأ وعبس، وقطعت الإمدادات الحوثية في منطقة مثلث عاهم، حيث تقاطع الطرق الاستراتيجي المؤدي إلى الحديدة وحجة وعمران.
في غضون ذلك، أفادت المصادر الرسمية اليمنية أمس، بأن نائب الرئيس الفريق علي محسن الأحمر «أجرى اتصالين هاتفيين بقائد المنطقة العسكرية الخامسة اللواء الركن يحيى صلاح، وبقائد اللواء الأول قوات خاصة العميد محمد الحجوري للاطلاع على المستجدات الميدانية وتصعيد الميليشيات المتزامن مع المشاورات الجارية».
وذكرت وكالة «سبأ» أن الفريق الأحمر «أشاد بتضحيات الجيش وقوات التحالف في سبيل استعادة الدولة وإحلال السلام وإنهاء معاناة اليمنيين»، ولفت إلى المشاورات الجارية في السويد وحرص الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي على تحقيق السلام الدائم المبني على المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي 2216.
وأوضحت الوكالة الرسمية أن «قائد المنطقة الخامسة وقائد اللواء الأول قوات خاصة قدما عدداً من القضايا المرتبطة بالمنطقة، وقدما تقريراً عن تصعيد ميليشيات الحوثي وتكثيف هجماتها واعتداءاتها بالطائرات المسيرة والصواريخ واستمرار زراعة الألغام، بما في ذلك الألغام البحرية».
تحركات حوثية في محافظة حجة لإخضاع مديرية كشر
تحركات حوثية في محافظة حجة لإخضاع مديرية كشر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة