المبعوث الأميركي يبلغ أنقرة بأن التعاون مع أكراد سوريا «مؤقت وتكتيكي»

أكد أنه سينقل القلق التركي بشأن شمال سوريا إلى واشنطن

TT

المبعوث الأميركي يبلغ أنقرة بأن التعاون مع أكراد سوريا «مؤقت وتكتيكي»

قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري إن بلاده ستتخذ بعض الخطوات حتى نهاية العام الحالي لضمان معايير متعلقة بخريطة الطريق في منبج خلال أقرب وقت ممكن. ولفت إلى أن التعاون بين واشنطن و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» التي تضم مقاتلين أكراداً، «مؤقت وتكتيكي».
وأضاف جيفري أن الولايات المتحدة «تجري تدقيقا أمنيا من خلال وفائها بالتزامها حول مغادرة عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وذراعه العسكرية (وحدات حماية الشعب) الكردية، الموجودين في منبج، وعدم وجودهم ضمن المجالس المحلية والموظفين العسكريين المحليين في منبج».
وتابع جيفري في تصريحات أعقبت الاجتماع الثالث لـ«لجنة العمل التركية - الأميركية» الذي اختتم في أنقرة ليل الجمعة - السبت: «حتى نهاية العام، سنتخذ بعض الخطوات أيضا للتأكد من أننا نضمن المعايير في أقرب وقت ممكن. بعض من الخطوات ستكتمل بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي».
وعدّ جيفري أن التعاون بشأن منبج أصبح «نموذجا لإحلال السلام في كل سوريا»، قائلا: «من غير الممكن إيجاد حل نهائي في سوريا من دون تعاون وثيق بين الولايات المتحدة وتركيا». ولفت إلى أن اللجنة المشتركة تناولت كل المسائل المتعلقة بسوريا؛ بدءاً من شرق نهر الفرات، وصولا لمحافظة إدلب (شمال غربي سوريا)، موضحا أنه سيجري تناول المناطق الأخرى، التي يمكن تطبيق نموذج منبج عليها، خلال مرحلة التخطيط المشترك، التي انطلقت، والتي تتضمن دعم تركيا في إدلب أيضا.
ووقع وزيرا خارجية الولايات المتحدة وتركيا على اتفاق خريطة الطريق في منبج بواشنطن في 4 يونيو (حزيران) الماضي، الذي نص على سحب «وحدات حماية الشعب» الكردية من المدينة إلى شرق الفرات، والإشراف المشترك على تحقيق الأمن والاستقرار فيها لحين تشكيل مجلس محلي لإدارتها، في مدى زمني 90 يوما، لكن تنفيذ الاتفاق تأخر عن المخطط له، وحملت أنقرة واشنطن المسؤولية عن ذلك.
وفي مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدأت قوات تركية وأميركية تسيير دوريات مشتركة في محيط منبج، لكن عناصر «الوحدات» الكردية لا تزال بداخلها.
وعدّ جيفري أن دعم واشنطن المقاتلين الأكراد «تكتيكي ومؤقت»، مؤكدا ضرورة التعاون الوثيق مع تركيا للوصول إلى حل نهائي في سوريا، فيما يعد رسالة طمأنة لأنقرة التي طالبت واشنطن مرارا بوقف تعاونها مع الميليشيات الكردية في سوريا. وقال: «دائما نؤكد أن عملنا مع (قوات سوريا الديمقراطية) ضد (داعش) مؤقت، وتكتيكي».
وتعتزم واشنطن إقامة نقاط مراقبة على الحدود السورية الشمالية (مع تركيا) شرق الفرات، وأوضح جيفري أن الهدف من هذه النقاط هو ضمان أمن تلك المنطقة بما فيها أمن تركيا. وقال: «هدف نقاط المراقبة هو الحث على التخلي عن إطلاق نيران التحرش، ولن تنشر لغرض القتال، بل هي نقاط مراقبة».
كان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أبلغ جيفري خلال لقائه معه أول من أمس في أنقرة بضرورة تخلي الولايات المتحدة عن إقامة نقاط مراقبة في سوريا بعد أن قال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، الشهر الماضي، إن الولايات المتحدة تقيم «مواقع مراقبة» على طول أجزاء من الحدود بين تركيا وسوريا للمساعدة في إبقاء التركيز منصبا على هزيمة تنظيم «داعش» في سوريا.
وعبرت تركيا عن استيائها من تلك الخطط، التي زادت غضب أنقرة من دعم الولايات المتحدة «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية وهي شريك أساسي لواشنطن في الحرب على «داعش». وقال أكار إن نقاط المراقبة الأميركية ستزيد تعقيد الوضع المعقد أصلا في المنطقة.
ولفت جيفري إلى وجود اشتباكات عنيفة مع «داعش» في منطقة هجين، التابعة لمحافظة دير الزور السورية. وأعرب عن قلقه من تصاعد قوة «داعش»، مجددا في الشرق السوري، وقال إنه سينقل إلى واشنطن قلق وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، حيال الخطر الذي يهدد بلاده من شمال شرقي سوريا.
وفي شأن آخر، نفى جيفري توجيهه أي انتقادات لمسار آستانة، قائلا: «مسار آستانة يعمل. ولا توجد لنا أي مشكلات معه». وانتقد عدم إحراز أي تقدم في السنوات الثلاث الماضية، حيال تطبيق القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم «2254».
ودعا جيفري خليفةَ المبعوث الأممي السابق إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، غِير بيدرسون، إلى تحديد الجهة المسؤولة عن تأخير تطبيق قرار مجلس الأمن، محملا المسؤولية للنظام السوري.
وكانت أنقرة انتقدت تصريحات نقلت عن جيفري انتقد فيها «مسار آستانة» داعيا إلى وقفه، وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن هذه المطالبة «ولدت ميتة».
وكان جيفري بحث مع المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، أول من أمس، توسيع التعاون بين البلدين في منبج، شمال سوريا، ليشمل مناطق شرق نهر الفرات.
كما بحث الجانبان توسيع اتفاق خريطة الطريق في منبج، وتطبيقها على مناطق شرق نهر الفرات. وأثنى الجانبان على قمة رباعية احتضنتها إسطنبول، جمعت قادة كل من روسيا وألمانيا وتركيا وفرنسا، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأكدا ضرورة تكثيف عقد اجتماعات مشابهة حول سوريا، وتهيئة الأرضية اللازمة لحل دائم في البلاد.
وأكد كالين وجيفري ضرورة عدم السماح بوجود أي تنظيم إرهابي قرب حدود تركيا.
وكان بيان صدر عن اجتماع «اللجنة التركية - الأميركية» أكد ضمان تحقيق تقدم ملموس وسريع في تنفيذ خريطة الطريق في منبج بحلول نهاية 2018 والتعاون في مكافحة الإرهاب ومنع أي تهديد لتركيا من داخل سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.