«حزب الله» يستفيد من أحداث الجبل لإعادة الاصطفافات الدرزية

النائب حلو: جنبلاط اتخذ تدابير لتحصين المنطقة أمنياً واجتماعياً

TT

«حزب الله» يستفيد من أحداث الجبل لإعادة الاصطفافات الدرزية

أعادت أحداث الجبل وما جرى في بلدة «الجاهلية» الأسبوع الماضي، عقارب الساعة إلى الوراء على صعيد الاصطفافات السياسية والانقسامات بين القيادات الدرزية، ما يذكر بمرحلة ما بعد العام 2005.
ويلفت أحد وزراء اللقاء الديمقراطي الذي يرأسه النائب تيمور جنبلاط، إلى أن حزب الله أراد تجميع دروز «8 آذار» بعدما فرقتهم الانتخابات النيابية وذهب كل في طريقه كما فعل على صعيد سنة «8 آذار» والمطالبة بتوزير أحدهم. وهذا يقود إلى تحصين وضعه الداخلي من خلال إعادة لملمة حلفائه. ويقصد بذلك عودة التواصل بين كل من رئيس حزب التوحيد وئام وهاب ورئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان، حليفي حزب الله المتخاصمين، على خلفية ما حصل، وكل ذلك برعاية ودعم من الحزب.
ويضيف الوزير الذي تحفظ عن نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، بقوله: «بصراحة متناهية دخل الحزب إلى البيت السني عبر البعض، وها هو اليوم يسعى لدخول الجبل من بوابة الحلفاء والسعي لتوجيه رسالة إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، من خلال المظاهرة الكبيرة التي جابت الجبل، والتي بحسب معلوماتنا تضم سرايا المقاومة. ولكننا فوّتنا فرصة حصول أحداث أمنية واشتباك كاد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، من خلال دعوتنا ليأخذ الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية دورهم».
ويؤكد الوزير «أن حزب الله يسعى من خلال هذه العراضات التي يقوم بها حلفاؤه إلى الإمساك بالورقة اللبنانية بدعم إيراني على خلفية العقوبات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأميركية بحق طهران وحزب الله، بعدما خسرت إيران الورقة السورية التي أمسكت بها موسكو ميدانياً وسياسيا وإدارياً، إضافة إلى خسارة العراق وفلسطين». ويرى أن «إيران ومن خلال حزب الله تقوم بمناورة سياسية أمنية على الأرض اللبنانية محاولة جعل هذا البلد منصة، ومنطلقاً لتبادل الرسائل عبر حلفاء طهران وتحديداً حزب الله». ويرجّح الوزير أن تتفاعل الأحداث التي حصلت في الجبل وحراك الشارع في بعض المناطق في بيروت وطرابلس وسواهم، في ظل هذه الأجواء المضطربة ومحاولة السيطرة على القضاء كما حصل في الجبل وحماية حزب الله لحلفائه تحت عنوان كبير لن نترك حلفاءنا، وأياً كانت الارتكابات السياسية والأمنية وغيرها.
من جهته، يقول عضو اللقاء الديمقراطي النائب هنري حلو لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماع اللقاء الديمقراطي الأخير الذي حضره رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، كان بهدف اتخاذ سلسلة خطوات وتدابير من شأنهما تحصين الجبل أمنياً واجتماعياً ومعيشياً بعد التطورات الأخيرة، من منطلق حرص وليد جنبلاط ورئيس اللقاء تيمور جنبلاط على حماية الجبل من خلال الجيش اللبناني وسائر الأجهزة الأمنية حفاظاً على وحدته وأمنه واستقراره. وأكد أن «هذه الخطوات أقدم عليها رئيس الحزب الاشتراكي منذ اللحظة الأولى التي حصلت فيها الأحداث في بلدة الجاهلية، لأنه يؤمن بأن العودة إلى الوراء غير مسموح بها أياً كانت الأحداث، لا سيما في هذه المرحلة المفصلية التي يجتازها لبنان والمنطقة، والتي تتطلب وعياً وحساً بالمسؤولية لمواجهة ومجابهة هذه التطورات عبر حماية السلم الأهلي وتحصين الأمن من القوى الشرعية دون سواها».
وعن مخاوف جنبلاط من سعي البعض لتحجيمه والدخول إلى منطقته، كما حصل مؤخراً، يؤكد النائب حلو أنه ليس باستطاعة أحد تحجيم وليد جنبلاط، فهو زعيم درزي ووطني، وللمختارة تاريخها ودورها العربي والوطني، «ونحن كلقاء ديمقراطي قرأنا الرسائل التي حاول البعض إيصالها إلى المختارة، فكان الرد من وليد جنبلاط نفسه، بأن المختارة خط أحمر، فرئيس الحزب الاشتراكي ورئيس اللقاء الديمقراطي، يعتبران أن العمل السياسي معطى ديمقراطي لسائر القوى والتيارات السياسية، ولكن الأمن يبقى للجميع». مشددا على أن التباينات السياسية هي أيضاً ضمن الحياة السياسية اللبنانية تاريخياً، «إنما أن تفتعل أحداث في الجبل على خلفيات داخلية وإقليمية فذلك غير مسموح به، ونحن في اللقاء الديمقراطي أكدنا في اجتماعنا على مسلمات وثوابت أساسية تكمن في حماية الجبل من خلال الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية كافة».
ويتابع بقوله إننه تم التأكيد أيضا على أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية في هذه الظروف بالذات من أجل الانكباب على معالجة هموم وقضايا الناس، لا سيما الملفات الاجتماعية والمعيشية التي تعنى بشؤون المواطنين، «بحيث ننكب على دراسة هذه الملفات وسيكون لنا تواصل مع جميع القوى السياسية لعرض رؤيتنا لهذه الملفات، إذ نعتبر ما وصل إليه البلد من ترد على صعيد الأوضاع الاقتصادية والمالية من الأولويات»، لأن أمن الناس الغذائي والاجتماعي والمعيشي هو من صلب عمل اللقاء الديمقراطي، إضافة أيضاً إلى حماية الجبل والبلد أمنياً، أمام ما يحدث في المنطقة من تطورات وتحولات تستوجب من جميع القوى السياسية على اختلاف انتماءاتها ومهما كانت خلافاتها أن تعمل على إبعاد تداعيات هذه الحروب وانعكاساتها عن الساحة اللبنانية لتنفيذ أجندات الغير سياسيا في الداخل اللبناني كما كان يحصل في محطات سابقة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.