السيستاني يحذر من العنف السياسي كوسيلة لتصفية الخصوم

غداة اغتيال قيادي في «سرايا السلام» التابعة للتيار الصدري

عنصر من الشرطة العراقية في أحد شوارع بغداد أثناء سباق ماراتون الاطفال (أ.ب.ف)
عنصر من الشرطة العراقية في أحد شوارع بغداد أثناء سباق ماراتون الاطفال (أ.ب.ف)
TT

السيستاني يحذر من العنف السياسي كوسيلة لتصفية الخصوم

عنصر من الشرطة العراقية في أحد شوارع بغداد أثناء سباق ماراتون الاطفال (أ.ب.ف)
عنصر من الشرطة العراقية في أحد شوارع بغداد أثناء سباق ماراتون الاطفال (أ.ب.ف)

فيما يستأنف البرلمان العراقي اليوم جلساته الاعتيادية دون وجود مؤشرات على عرض المتبقين من وزراء في حكومة عادل عبد المهدي للتصويت، حذر المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني من العنف السياسي كوسيلة لتصفية الخصوم.
وقال عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجعية العليا في النجف خلال خطبة الجمعة أمس في كربلاء إن «هناك الكثير من أنواع العنف ومنها السياسي لتحقيق أهداف سياسية كقتل الخصوم وتهديدهم والطعن في سيرتهم بأساليب شتى». وأضاف الكربلائي أن «هناك ظواهر مجتمعية تهدد المجتمع وبعضها مذموم وأخرى ممدوحة»، لافتا إلى أن «بعض السلوكيات المذمومة قد تكون حالة فردية لا تشكل خطراً على السلم المجتمعي ولكن الخطورة الاجتماعية والأخلاقية التي تهدد استقرار المجتمع هي أن تتحول هذه السلوكيات إلى ظاهرة اجتماعية أي يمارسها عدد كبير من أفراد المجتمع بحيث تشكل هذه الممارسة خطراً على المنظومة الاجتماعية». ولفت ممثل المرجعية العليا إلى «العنف الذي أخذ يهدد الاستقرار المجتمعي والنفسي، ومنه العنف العشائري ونلاحظ أخذ منطق العنف والتقاتل والاعتداء على الآخرين وإصدار الأحكام التي ما أنزل الله بها من سلطان مخالفة لأعراف العشائر الأصلية».
وتأتي تحذيرات المرجعية في ظل أزمة سياسية بلغت مرحلة من الخطورة بحيث تنذر بمخاطر خروجها من قبة البرلمان إلى الشارع سواء على مستوى المظاهرات والاحتجاجات في البصرة مع احتمال انتقالها إلى محافظات أخرى أو اللجوء إلى لغة السلاح بين الفصائل المسلحة التي تمثل أطرافا في العملية السياسية لم تتوصل إلى اتفاق بشأن تمرير وزيري الداخلية والدفاع.
وبينما يعلن عدد من الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تلقيهم تهديدات بالتصفية فضلا عن تحذيرات لسياسيين من احتمال خروج الأمور عن نطاق السيطرة نتيجة الأزمة السياسية فقد اغتال مسلحون مجهولون مساء أول من أمس القيادي البارز في «سرايا السلام» التابعة للتيار الصدري، حسين الحجامي. وطبقا لوكالات أنباء محلية فإن الحجامي قتل بهجوم مسلح نفذه مسلحون في منطقة الشعلة شمال غربي العاصمة العراقية بغداد استخدموا فيه أسلحة كاتمة للصوت. وفي هذا السياق أكد القيادي البارز في التيار الصدري ورئيس لجنة الأمن والدفاع السابق في البرلمان العراقي حاكم الزاملي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن اغتيال الحجامي «هو بالتأكيد جزء من العنف السياسي والصراع الذي بات التحذير من عواقبه أمرا ضروريا إذا ما أردنا الحفاظ على السلم والأمن المجتمعي». وأضاف الزاملي أن «هناك جهات مسلحة تحاول فرض وجودها من خلال إضعاف الجهات البارزة التي تقف قبالتها عبر استهداف قياداتها وعناصرها»، لافتا إلى أن «هدف هذه الجهات من وراء ذلك إعطاء صورة لجمهورها بتنامي قوتها ووجودها في مقابل إضعاف الآخرين».
من جهته، أكد رجل الدين الشيعي حيدر الغرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حول تحذيرات المرجعية بشأن العنف السياسي وتداعياته أن «المناصب كانت عبر السنوات الماضية يتم تقاسمها بين الجميع عبر المصالح الخاصة للأحزاب والمكونات بطريقة طبيعية وهي المحاصصة العرقية والطائفية في حين أن الذي حصل مؤخرا وخصوصا بعد الانتخابات الأخيرة هو حصول تقاطع واضح في المصالح بين الكتل السياسية والجهات الحزبية بحيث بدأت ترتفع نزعات جديدة تقوم على قاعدة إما أنا أو الآخر». وأشار إلى أن «هناك استهدافا واضحا للسيد مقتدى الصدر ومشروعه الذي تؤيده المرجعية الدينية بوصفه مشروعا وطنيا يرفض المحاصصة بكل أشكالها بينما يحاول الآخرون العودة إليها وبقوة عبر فرض شخصيات معينة لمناصب محددة مثلما يجري الآن على مستوى وزارة الداخلية ومحاولات فرض فالح الفياض».
وأوضح أن «أطرافا في حزب الدعوة لا تزال تحاول وضع العصا في العجلة إلى الحد الذي يبدو أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي مجبر على تمرير الفياض رغم رفضه من قبل كتلة سياسية كبيرة لديها رؤيتها وبخاصة السيد الصدر الذي يمثل رؤية وطنية باتت تتصادم بشكل قوي مع الأجندات الخارجية وهو أمر لم يعد يروق لبعض الجهات والأطراف التي تمثل تلك الأجندة الخارجية سواء على مستوى الداخلية أو الدفاع». وأشار الغرابي إلى أن «وزير الداخلية السابق قاسم الأعرجي قاد الوزارة بنجاح والجميع شهد بذلك وبالتالي فإن السؤال الذي بات يفرض نفسه لماذا نعزل وزيرا ناجحا بينما نبحث عن الوزير الناجح مثلما تقول الأطراف التي تتباكى على الملف الأمني».
وبشأن تحذيرات المرجعية من العنف السياسي كوسيلة لتصفية الخصوم أوضح الغرابي أن «المرجعية لديها معطيات ومؤشرات بذلك وبالتالي فإن تحذيراتها لم تأت من فراغ لكن المشكلة أن الطبقة السياسية التي تدعي الالتزام بما تقوله المرجعية لا تأخذ نصائحها بعين الاعتبار بل تنظر إلى مصالحها الحزبية والفئوية فقط».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».