اتهامات داخلية لنتنياهو بركوب موجة حرب الأنفاق للتستر على فضائح الفساد

انتقاد الحكومة لتسريبها أسراراً عسكرية بالتزامن مع مطالبة تل أبيب الجيش اللبناني بتدمير أنفاق «حزب الله»

دورية لليونيفيل قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (يونيفيل)
دورية لليونيفيل قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (يونيفيل)
TT

اتهامات داخلية لنتنياهو بركوب موجة حرب الأنفاق للتستر على فضائح الفساد

دورية لليونيفيل قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (يونيفيل)
دورية لليونيفيل قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (يونيفيل)

في وقت يتجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الانتقادات والتحذيرات والاتهامات بأنه يركب موجة حرب أنفاق «حزب الله» لغرض التستر على لوائح اتهامات الفساد ضده، خرج عدد من الجنرالات السابقين والخبراء العسكريين في هجوم شديد اللهجة عليه بلغ حد اتهامه بـ«تسريب أسرار عسكرية والمساس بأمن إسرائيل». وعلى صعيد العمل الميداني، واصلت قوات سلاح الهندسة الإسرائيلية عملية «درب الشمال» للبحث عن أنفاق وتدميرها، وطالب الجيش الإسرائيلي الجيش اللبناني بالمبادرة بالتعاون مع قوات «يونيفيل»، بتدمير الأنفاق وبذلك ينزع فتيل الحرب ويوفر على لبنان عناءها.
وجاء المطلب الإسرائيلي، وفقا لتسريبات قدمتها مصادر أمنية في تل أبيب أمس الجمعة، خلال اللقاء الذي عقد في رأس الناقورة بين ممثلين من الجيشين اللبناني والإسرائيلي في مقر قوات المراقبة الدولية (اليونيفيل) أول من أمس.
وعاد قائد الجبهة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، يوئيل ستريك، على تكرارها خلال لقائه مع قائد قوات «يونيفيل» الجنرال الإيطالي ستيفانو دل كول، خلال جولة على الحدود حيث يعتقد الجيش الإسرائيلي أنه توجد فيها ثلاثة أنفاق هجومية على الأقل حفرها حزب الله، وأطلعه على النفق الذي تم اكتشافه في كفار كيلا.
وسلم ستريك قائد قوات يونيفيل خريطة لقرية رامية اللبنانية وفيها إشارات إلى بيوت يعتقد الجيش الإسرائيلي أنها حُفرت منها أنفاق هجومية تمتد إلى الجانب الإسرائيلي من الحدود، وطالبه بأن «يتيقن يونيفيل من تحييد الأنفاق» في الجانب اللبناني من الحدود، مهددا بأن «من يدخل إلى الحيز الموجود تحت الأرض سيشكل خطرا على حياته». وتابع أن مسؤولية حفر الأنفاق تقع على حكومة لبنان.
وقال ستريك إن هناك عشرات الأنفاق القائمة داخل الأراضي اللبنانية، وقد يتجه الجيش الإسرائيلي إلى تدميرها حتى لا تستخدم ضده. وأكد أنه يعتبرها «أنفاقا هجومية وعدوانية تنطوي على خرق السيادة الإسرائيلية من جانب حزب الله، للمس بمواطنين إسرائيليين، وهذا إثبات آخر على انتهاكات خطيرة من جانب حزب الله الذي يتجاهل بشكل فظ قرارات الأمم المتحدة وفي مقدمتها القرار 1701». وهنا طرح مطلبه من «يونيفيل» أن يسعى هو والجيش اللبناني إلى هدم الأنفاق في الجانب اللبناني «حتى لا يقدم الجيش الإسرائيلي على القيام بهذه المهمة».
من جهته، واصل نتنياهو تصريحاته حول الأنفاق و«حزب الله»، بطريقة تستفز قيادة جيشه ومخابراته. وقال ليل أول من أمس، إن ترسانة الصواريخ الدقيقة التي بحوزة حزب الله تشمل بضع عشرات من الصواريخ، وأن هذا العدد القليل سببه عمليات عسكرية نفذتها إسرائيل. وبحسب نتنياهو، الذي كان يتحدث في مراسم سنوية جرت في ديوان الرئيس الإسرائيلي، لمنح أوسمة لعناصر جهاز الموساد، فإنه «بموجب خطة حزب الله، كان ينبغي أن يكون مسلحا بآلاف الصواريخ الدقيقة. لكن حاليا لديهم عشرات معدودة من هذه الصواريخ. والسبب أن لدى إسرائيل قوى قادرة على العمل، بعضهم جالس في هذه الغرفة. وهذا دمج قوات الموساد والجيش الإسرائيلي وكل منظومتنا الأمنية». وكما اعتاد قادة الجيش الإسرائيلي، المحظور عليهم توجيه انتقاد للقيادة السياسية، فقد تركوا جنرالات سابقين يتحدثون باسمهم. فخرج رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش سابقا، عاموس يدلين، الذي يرأس معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، ليهاجم نتنياهو، ويقول إن تصريحاته حول وجود عدة عشرات فقط من الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله، هو خطأ كبير. وقال يدلين لإذاعة «103 إف إم» الإسرائيلية أمس الجمعة: «سمعنا أمس رئيس الحكومة ووزير الأمن يتحدث عن أرقام دقيقة نسبيا حول الصواريخ. وهذا خطأ كبير، لأنه يساعد جدا حزب الله أن يدرك من أين نعرف ما نعرفه. وإذا كان لدينا تفوق معين على حزب الله اليوم، ولم يكن موجودا في العام 2006. فهو مصادر استخبارية جيدة جدا. ويحظر مساعدة حزب الله على كشفها». وشدد يدلين على أن «نتنياهو ألحق ضررا باستخباراتنا. وهذا ضرر يحظر أن يحدث. ويتعين على رئيس الحكومة أن يتحدث عن هذه الأمور في هيئات مغلقة، وليس بإعلان للجمهور ولا ينطوي على أي فائدة».
وقد انضم إلى يدلين عدد آخر من القادة تكلموا بنفس الروح وراحوا يقارنون بينه وبين قادة ورؤساء حكومات آخرين كانوا يعملون ولا يتكلمون.
وقال يدلين، في السياق، إن أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، «مرتدع جدا» لأن حزب الله يمتنع عن إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل منذ انتهاء حرب لبنان الثانية، في العام 2006. لكن يدلين أشار إلى أنه «يوجد خط ما سيلزمه بالرد. وأعتقد أن هجمات في منطقة بيروت ستكون خطا أحمر. ونحن لا نعرف ماذا يدور في رأس نصر الله، وبإمكاننا أن نقدر ذلك وحسب. وعندما كنت رئيسا لشعبة الاستخبارات كنت حذرا ومتواضعا جدا في تقديراتي حول ما سيقرر أشخاص في المستقبل».
وتطرق يدلين إلى عملية «درع شمالي» التي ينفذها الجيش الإسرائيلي حاليا عند الحدود مع لبنان، وقال إنه «إذا أغلقنا النفق كله، بضخ الإسمنت من جانبنا ولم يُقتل أحد، فإنه لم يحدث شيء. لكن إذا دخلنا بدبابات إلى نقطة معينة في جانبهم وجرى تبادل إطلاق نار، فإن هذه قصة أخرى، ولذلك فإن الخطوط هنا ناعمة للغاية وليست مطلقة بالتأكيد. وهذه أمور ستلحق ضررا بإمكانية أن نكون أقوى وننتصر في الحرب القادمة».
وأضاف أن الردع متبادل بين إسرائيل وحزب الله وتوازن الرعب يمكن أن يستمر طالما لا يخرقه أحد الجانبين. وقال يدلين عن ذلك إن «هذا تقييم دقيق للغاية. ويوجد هنا ردع متبادل وأعتقد أنه لا ينبغي أن نأسف لأننا لا نشن حربا. فالحرب هي الخيار الأخير. وحزب الله ليس تهديدا وجوديا على إسرائيل، وإنما تهديد استراتيجي، ليس واضحا لمصلحة من يلعب الوقت. فقوتنا تتعاظم أيضا، وقدرتنا الاستخبارية أصبحت أفضل، والمضادات الصاروخية هي منظومة مهنية وحيدة في العالم، ولدينا سلاح جو ممتاز وإذا كُتبت علينا الحرب فإننا مستعدون لها. وأن نبادر الآن إلى حرب مع حزب الله ليست في مصلحة دولة إسرائيل». واعتبر يدلين أن عملية «درع شمالي» هي عملية مهمة «لكن لا ينبغي تضخيمها أكثر مما هي فعلا. والأنفاق ليست كرت الأص بالنسبة لحزب الله، والأص (في أوراق اللعب) بالنسبة له هو قوة نيرانه. وحتى أن الأنفاق ليست كرت الملك أو الملكة، ربما الأمير. وجيد جدا أننا وجدنا الأنفاق وعملنا ضدها. لكن عندما نعمل يحدث ضرر معين لأن العدو يدرك أنه مخترق. والآن يجب أن نبذل كل الجهود كي لا يعرف من أين هو مخترق».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.