«هواوي» تتعاون مع الطلبات البريطانية في المعلومات الأمنية بعد توقيف مديرتها

أدى نبأ القبض على المسؤولة التنفيذية الصينية منغ وان تشو المديرة المالية لشركة «هواوي» الصينية العملاقة للتكنولوجيا لاضطراب أسواق الأسهم العالمية، خشية أن يؤدي ذلك إلى تصعيد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة بعد هدنة اتفق عليها الرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الأميركي دونالد ترمب في الأرجنتين يوم السبت الماضي.
أعلنت شركة صناعة معدات الاتصالات الصينية «هواوي تكنولوجيز» موافقتها على مطالب مسؤولي الأمن البريطانيين لمعالجة المخاوف البريطانية من احتمال استغلال الصين لمعدات وبرامج «هواوي» المستخدمة في شبكات الاتصالات في بريطانيا بطرق غير قانونية، وذلك حتى تتجنب «هواوي» قراراً بريطانياً بمنع استخدام منتجات الشركة الصينية في الجيل الخامس لشبكات الاتصالات في بريطانيا.
وبحسب صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، وافقت الشركة الصينية على سلسلة من المطالب التقنية البريطانية التي ستغير طريقة عملها في السوق البريطانية، وذلك خلال اجتماع بين مسؤولي الشركة وكبار مسؤولي المركز الوطني للأمن المعلوماتي في بريطانيا.
وقال مسؤولان أميركيان الخميس إن ترمب لم يكن يعلم بالنبأ مسبقا. ولا تزال التفاصيل قليلة في القضية التي تنظرها المحكمة العليا في مقاطعة كولومبيا البريطانية. وامتنعت وزارة العدل الكندية عن ذكر تفاصيل بشأن القضية وحصلت منغ على قرار بحظر النشر، وهو ما قيد قدرة وسائل الإعلام على تغطية الأدلة أو الوثائق المقدمة في المحكمة.
من ناحيتها، أشارت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إلى أن «هواوي» أرسلت بيانا إلى عملائها وشركائها في أنحاء العالم تؤكد فيه التزامها بجميع القوانين والقواعد المنظمة لقطاع الاتصالات في أي دولة، ورغبتها في المحافظة على علاقاتها التجارية معهم من دون تغيير. وأضافت الشركة الصينية أنها تشعر بأن «حكومة الولايات المتحدة تستخدم مثل هذه الوسائل غير المعقولة لممارسة الضغط على كيان اقتصادي. هذه وسائل ضد الاقتصاد الحر والمنافسة العادلة».
وأكدت «هواوي» القبض على منغ، وقالت يوم الأربعاء إن «الشركة ليس لديها سوى القليل جدا من المعلومات بشأن الاتهامات وليس لديها علم بأي مخالفة ارتكبتها منغ». وامتنع متحدث باسم الشركة عن التعقيب الخميس، وقال إن البيان الصادر يوم الأربعاء ما زال ساريا.
وطالبت الخارجية الصينية كلا من كندا والولايات المتحدة بتوضيح سبب مطالبتها للسلطات الكندية بتوقيف «منغ»، التي تشغل أيضاً منصب نائب رئيس مجلس إدارة «هواوي»، فضلا عن كونها ابنة مؤسس الشركة «رين تشينجفي»، والتي تم توقيفها قبل أيام خلال وجودها بمطار في فانكوفر.
تجدر الإشارة إلى أنه قد يتم تسليم «مينغ» للولايات المتحدة، حيث يحقق الادعاء في نيويورك فيما إذا كانت «هواوي» تنتهك العقوبات الأميركية ضد إيران، وفقا لما أوردته صحيفة «وول ستريت جورنال».
وتواجه «هواوي»، التي يقدر عدد موظفيها في كندا بنحو ألف شخص، تدقيقا شديدا في الكثير من البلدان الغربية بشأن صلتها بالحكومة الصينية. ويرجع ذلك إلى مخاوف من أن تكون بكين تستغلها في التجسس. وذكرت رويترز في أبريل (نيسان) أن الولايات المتحدة تبحث أيضا منذ عام 2016 على الأقل فيما إن كانت هواوي انتهكت العقوبات الأميركية على إيران. ومثلت منغ (46 عاما) أمام محكمة في فانكوفر أمس الجمعة لنظر إطلاق سراحها بكفالة بينما تنتظر احتمال ترحيلها إلى الولايات المتحدة.
دانت وسائل الإعلام الصينية الرسمية الجمعة توقيف المسؤولة رفيعة المستوى، معتبرة أن التحرك يأتي في إطار «نهج دنيء» للحد من طموحات بكين التكنولوجية. وأثار توقيفها غضب الحكومة الصينية، وسط قلق من انعكاساته المحتملة على الهدنة في الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. وقالت افتتاحية في صحيفة «غلوبال تايمز» إن «على الحكومة الصينية التفكير جديا في توجه الولايات المتحدة لانتهاك الإجراءات القانونية لكبح مشاريع التكنولوجيا الصينية المتقدمة». وأضافت: «من الواضح أن واشنطن تتبع نهجا دنيئا لأنها غير قادرة على وقف تقدم (أجهزة) هواوي 5 جي في السوق». وحذرت صحيفة «تشاينا دايلي» من أن «التحكم بتوسع هواوي مضر بالعلاقات الصينية الأميركية». وأشارت «تشاينا دايلي» إلى أن «أمرا واحدا ثابتا ولا شك في صحته وهو أن الولايات المتحدة تحاول القيام بكل ما يمكن للحد من توسع هواوي عالميا لأن الشركة ببساطة هي التي تقود شركات التكنولوجيا الصينية التنافسية». ورغم أن قطاع التكنولوجيا الصيني لا يزال يعتمد على صادرات أميركية معينة على غرار الرقاقات الدقيقة، تسعى بكين للحصول على دور قيادي في قطاع التكنولوجيا عالميا لتتفوّق على الولايات المتحدة وذلك في إطار خطة أطلقت عليها «صنع في الصين 2025».
وتعد «هواوي» بين أكبر مقدمي خدمات ومعدات الاتصالات في العالم. وتستخدم عدة شركات اتصالات في العالم، بعضها في أوروبا وأفريقيا، منتجاتها. لكن هناك قيودا مشددة على أنشطتها التجارية في الولايات المتحدة جراء القلق من تأثيرها على المنافسين الأميركيين ومن إمكانية فتح هواتفها الجوالة ومعداتها المستخدمة بشكل واسع في دول أخرى قنوات تجسس لبكين. واتخذت أستراليا ونيوزيلندا وبريطانيا إجراءات مماثلة هذا العام عبر رفض بعض خدمات الشركة بناء على مخاوف أمنية.
وفي وقت سابق هذا العام، انهارت شركة تكنولوجيا صينية أخرى «زي تي إي» تقريبا بعدما حظرت واشنطن على الشركات الأميركية بيعها المعدات الحساسة وبرامج الكومبيوتر لمدة سبع سنوات، رغم أنه تم رفع الحظر بعد موافقة الشركة على دفع غرامة بقيمة مليار دولار.