البراميل المتفجرة.. سلاح القتل العشوائي

«هيومان رايتس ووتش»: النظام السوري يستهدف بها حلب بمعدل خمس ضربات يوميا

سوريان يحملان أحد البراميل المتفجرة في موقع قصفته قوات النظام السوري بها في حلب أمس (رويترز)
سوريان يحملان أحد البراميل المتفجرة في موقع قصفته قوات النظام السوري بها في حلب أمس (رويترز)
TT

البراميل المتفجرة.. سلاح القتل العشوائي

سوريان يحملان أحد البراميل المتفجرة في موقع قصفته قوات النظام السوري بها في حلب أمس (رويترز)
سوريان يحملان أحد البراميل المتفجرة في موقع قصفته قوات النظام السوري بها في حلب أمس (رويترز)

تتصدر «البراميل المتفجرة» واجهة الأسلحة التي يستخدمها النظام السوري بشكل ممنهج لقصف التجمعات السكنية الواقعة في مناطق نفوذ المعارضة السورية، متعمدا إيقاع عدد أكبر من الخسائر في صفوف المدنيين. وإذا كان استخدام النظام للسلاح الكيميائي العام الماضي قد أثار ردود فعل دولية متشددة وصلت إلى حد التلويح بضربة عسكرية على سوريا، فإن التنديد الدولي باستخدام البراميل المتفجرة لا يرقى بعد إلى حد الضرر الذي يسببه، وأرواح المدنيين التي يحصدها. ورغم مطالبة مجلس الأمن الدولي، بموجب قراره رقم 2139 الصادر في 22 فبراير (شباط) الماضي: «جميع الأطراف بالكف فـورا عــن جميع الهجمات التي تشنها ضد المدنيين، فضلا عن الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان، بما في ذلك عمليات القصف المدفعي والقصف الجوي، كاستخدام البراميل المتفجرة»، فإن أيا من المعنيين باستخدام أسلحة مشابهة لم يمتثل. أكثر منذ ذلك، وثقت منظمات حقوقية دولية تصاعدا في استخدام النظام للبراميل المتفجرة منذ صدور القرار الدولي في شهر فبراير الماضي.
وفي سياق متصل، أعلنت منظمة «هيومان رايتس ووتش» المدافعة عن حقوق الإنسان، أمس، أنها وثقت منذ صدور القرار حتى الـ14 من الشهر الحالي «أكثر من 650 ضربة كبيرة (بالبراميل المتفجرة) على أحياء في حلب واقعة تحت سيطرة مجموعات مسلحة معارضة للحكومة، أي بمعدل خمس ضربات في اليوم الواحد».
وقالت إن هذا الرقم يشكل «ضعف عدد المواقع المستهدفة في فترة زمنية مماثلة تقريبا قبل صدور القرار الدولي»، على خلفية توثيقها في الأيام الـ113 التي سبقت قرار مجلس الأمن استهداف 380 موقعا على الأقل بالبراميل المتفجرة في حلب.
وأكدت المنظمة، في تقرير نشرته، أمس، قبل ساعات من انعقاد مجلس الأمن لتقييم قراره بهذا الصدد أن «الحكومة السورية تمطر براميل متفجرة على المدنيين متحدية قرارا صدر بالإجماع عن مجلس الأمن الدولي»، وشدد على أنها «واصلت، لا بل زادت، وتيرة القصف على حلب منذ صدور القرار».
وتشكل مدينة حلب، التي تخضع أحياء منها لسيطرة المعارضة، مسرحا دائما، في الأشهر الأخيرة، للقصف النظامي بالبراميل المتفجرة. وكان أكثر الاعتداءات دموية أخيرا استهدف حي السكري في 16 يونيو (حزيران) الماضي، وتسبب بمقتل 50 مدنيا، بينما قتل 20 آخرون في قصف لحي الشعار في التاسع من الشهر الحالي. ونقلت منظمة «هيومان رايتس ووتش» عن مركز محلي لتوثيق الانتهاكات إحصاءه مقتل 1655 مدنيا في حلب نتيجة الغارات الجوية في الفترة الممتدة من 22 فبراير إلى 22 من الشهر الحالي. وكان النظام السوري بدأ في شهر أغسطس (آب) 2012 باستخدام البراميل المتفجرة للمرة الأولى، مستهدفا مناطق في جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية، وتحديدا في منطقة سلمى، ليعيد استخدامها بشكل لافت في مناطق أخرى، تحديدا في درعا، وسط سوريا، وداريا بريف دمشق، وبشكل مكثف في مدينة حلب.
وتعد البراميل المتفجرة، وهي تقليد لسلاح سوفياتي التصميم، صناعة محلية بدائية ينتجها النظام السوري في عدد من قواعده العسكرية. ويقول ناشطون وقياديون في المعارضة إن مطار حماه العسكري يشكل حاليا أحد أبرز مراكز تصنيع البراميل المتفجرة، التي يرميها سلاح الجو النظامي على أحياء حلب تحديدا، علما بأنه اعتمد في وقت سابق على تصنيعها في مركز الدراسات والبحوث العلمية في مدينة مصياف.
وتقود كتائب في المعارضة السورية منذ أيام حملة عسكرية مكنتها من التقدم إلى مسافة عدة كيلومترات من مطار حماه العسكري، الذي تقلع منه المروحيات محملة بالبراميل المتفجرة لقصف أحياء حلب. وارتبط استخدام النظام لهذا السلاح في قرى سلمى بابتكار تصنيعه في قواعد عسكرية في اللاذقية، قبل نحو عامين.
وفي حين كان قياديون في «الجيش الحر»، عدّوا، عند بدء استخدام البراميل المتفجرة، أن لجوء النظام إليها ناتج عن كلفة تصنيعها الرخيصة، في ظل نفاد الذخيرة لدى قواته العسكرية، يفسر خبراء عسكريون اعتماد هذه الاستراتيجية النظامية على أنها ترجمة لمبدأ «الأرض المحروقة»، نظرا للدمار الناتج عن استخدامها، الذي يصل إلى دائرة يبلغ قطرها نحو 300 متر. ويصطدم سعي المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات وإدانة النظام السوري لاستخدامه أسلحة تستهدف المدنيين بشكل خاص بعرقلة كل من الصين وروسيا، حليفتي نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مجلس الأمن.
وفي هذا الصدد، دعت مديرة منظمة «هيومان رايتس ووتش» للشرق الأوسط، سارة ليا ويتسون، كلا من روسيا والصين، إلى «السماح للمجلس بأن يبدي التصميم نفسه الذي قاد إلى الإجماع على مسألة إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، من أجل وقف هذه الاعتداءات القاتلة على المدنيين».في إشارة إلى قرار أصدره مجلس الأمن بالإجماع، منتصف الشهر الحالي، يتيح دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى المحتاجين إليها داخل سوريا، حتى لو لم تحظ بموافقة سابقة من دمشق.
من جهة أخرى، نددت «هيومان رايتس ووتش» بمشاركة «مجموعات مسلحة غير حكومية باعتداءات لا تميز بين مدنيين وغيرهم، بما فيها السيارات المفخخة والقذائف الصاروخية في مناطق يسيطر عليها النظام». وشددت مديرة المنظمة في منطقة الشرق الأوسط على أن «البراميل المتفجرة والسيارات المفخخة وإطلاق القذائف الصاروخية من دون تمييز تقتل آلاف السوريين، أكثر بكثير من عدد الذين فقدوا حياتهم في اعتداءات بالسلاح الكيميائي»، في إشارة إلى هجوم في ريف دمشق العام الماضي حصد أكثر من ألف قتيل.
وتساءلت: «ما الذي يجب أن يحصل بعد لدفع روسيا والصين إلى السماح لمجلس الأمن بتنفيذ كلامه واتخاذ خطوات عملية لوضع حد لهذه الاعتداءات غير القانونية؟».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).