«الكوميسا»: الناتج المحلي الأفريقي سيصل إلى 29 تريليون دولار بحلول 2050

المنظمة تستهدف التكامل الاقتصادي الرقمي

«الكوميسا»: الناتج المحلي الأفريقي سيصل إلى 29 تريليون دولار بحلول 2050
TT

«الكوميسا»: الناتج المحلي الأفريقي سيصل إلى 29 تريليون دولار بحلول 2050

«الكوميسا»: الناتج المحلي الأفريقي سيصل إلى 29 تريليون دولار بحلول 2050

توقعت تشيلشي مبوندو، السكرتيرة العامة لتجمع السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا)، أن يرتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي لاقتصادات الدول الأفريقية، من تريليوني دولار حالياً إلى نحو 29 تريليون دولار، بحلول عام 2050، وهو ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي الحالي للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية مجتمعين؛ مشيرة إلى أن تجمع دول «الكوميسا» الذي يضم 21 دولة أفريقية، يعد أكبر التجمعات الاقتصادية في القارة السمراء؛ حيث يبلغ تعداد سكانه 550 مليون نسمة، فيما يبلغ إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لدول التجمع 768 مليار دولار.
وقالت مبوندو، في تصريحات لمجلة «أفريكان بيزنس»، بمناسبة استضافة مدينة شرم الشيخ المصرية «منتدى أفريقيا 2018»، إن هذه النظرة المتفائلة للقارة الأفريقية تدعمها التطورات المهمة في ملف التكامل الاقتصادي الإقليمي، الذي ظلت على رأسه السوق المشتركة لشرق أفريقيا والجنوب الأفريقي (الكوميسا) منذ فترة طويلة.
وأضافت أن منطقة «الكوميسا» تشكل نحو ثلث أفريقيا في المجالات الجغرافية والاقتصادية والديموغرافية، وقد لعبت دوراً مهماً في تعريف المستوى القاري والبرامج الإقليمية الأخرى؛ خاصة في مجالات تيسير التجارة وتحرير الحواجز غير الجمركية. وأشارت إلى أن الاستراتيجية الرئيسية لـ«الكوميسا» يمكن تلخيصها في تحقيق الازدهار الاقتصادي من خلال التكامل الإقليمي، وهو بدوره يأتي من خلال خلق وحدة اقتصادية وتجارية كبيرة، يمكنها التغلب على الحواجز التي تواجهها الدول بمفردها، وإنشاء مجتمع اقتصادي إقليمي متكامل، قادر على المنافسة دولياً، وعلى خلق ازدهار اقتصادي ومستويات معيشة مرتفعة لشعبه، بجانب استقرار سياسي واجتماعي.
وأضافت مبوندو أن تجمع دول «الكوميسا» يعد أهم بناء داخل الاتحاد الأفريقي والجماعة الاقتصادية الأفريقية، ويعمل في الوقت نفسه على الاندماج مع بقية التجمعات الأفريقية الأخرى الثمانية؛ مؤكدة أن أجندة «الكوميسا» هي جزء لا يتجزأ من أجندة سياسة التكامل القاري في مجال التجارة والاستثمار، وأهدافها تتماشى مع مبادرات البلدان الأفريقية، مثل منطقة التجارة الحرة الثلاثية (TFTA)، ومنطقة التجارة الحرة الأفريقية القارية (AFCFTA). كما شددت على أن «منتدى أفريقيا 2018» يوفر فرصة للالتقاء سوياً لمواجهة تحديات التنمية داخل دول التجمع، من أجل تحقيق السلام والازدهار، بالإضافة إلى تحويل المنطقة إلى منطقة استثمار تنافسي دولي، مما يسمح بحرية حركة رأس المال والعمالة والسلع والخدمات، عبر حدود الدول الأعضاء في «الكوميسا»، وتسهيل النمو المستدام للاستثمارات المحلية والأجنبية الخاصة.
وأوضحت أن مهمة «الكوميسا» تتمثل في تحقيق تقدم اقتصادي واجتماعي مستدام في الدول الأعضاء، من خلال زيادة التعاون والتكامل في جميع المجالات التنموية؛ خاصة في التجارة والجمارك والشؤون النقدية، والنقل والاتصالات والمعلومات، والتكنولوجيا والصناعة والطاقة، والجندر والزراعة والبيئة، والموارد الطبيعية.
وأكدت السكرتيرة العامة لـ«الكوميسا» أن هدف المنظمة أيضاً يشمل التغلب على القيود المفروضة على التجارة الإقليمية، وإزالة الحواجز غير الجمركية والقيود الأخرى، وتطوير البنية التحتية، والتعجيل في تنويع الاقتصادات.
ولفتت إلى أن الرسوم الجمركية بين 15 دولة من بين الـ21 دولة الأعضاء في دول التجمع معفاة، قائلة إنه «إنجاز كبير نسعى للاستمرار فيه، مع الإيمان بأهمية الدور الذي تلعبه تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، والتي تمثل فرصة للقفز في التجارة وتسهيل المرور العابر للبضائع بين الدول الأعضاء».
وقالت مبوندو إن «الكوميسا» تستهدف حالياً التكامل الاقتصادي الرقمي، مع التطور التكنولوجي الحاصل على مستوى العالم، خاصة في أدوات تيسير التجارة، ما سيسهم في زيادة حجم التجارة البينية بين الدول الأعضاء بأكثر من 12 مليار دولار سنوياً، فضلاً عن تقليل الوقت والتكاليف وزيادة الكفاءة، وصولاً إلى تحقيق الهدف الأكبر نحو إنشاء مجتمع اقتصادي إقليمي متكامل على المستوى الدولي، في شرق وجنوب أفريقيا.
يُذكَر أن تجمع السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا، تأسس عام 1993، ويقع مقره بمدينة لوساكا الزامبية، ويضم حاليا 21 دولة، هي: بورندي، وجزر القمر، والكونغو، وجيبوتي، وإريتريا، وإسواتيني، وإثيوبيا، وكينيا، ومدغشقر، وملاوي، وموريشيوس، ورواندا، وسيشل، والصومال، والسودان، وتونس، وأوغندا، وزامبيا، وزيمبابوي، وزامبيا، ومصر.
وتستضيف مدينة شرم الشيخ يومي 8 و9 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، فعاليات النسخة الثالثة من منتدى أفريقيا، تحت عنوان «أفريقيا 2018» بمشاركة أكثر من 3 آلاف شخصية، بينهم نحو 10 زعماء وقادة ورؤساء أفارقة. ويعقد المنتدى الذي تنظمه وزارة الاستثمار تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
من جهة أخرى، أكدت الوكالة الإقليمية للاستثمار، التابعة لتجمع «الكوميسا»، أن الشركات المصرية تعد من أكثر الشركات نشاطاً في القارة الأفريقية بشكل عام، وفي دول «الكوميسا» على وجه التحديد؛ حيث تستثمر نحو 4.4 مليار دولار في قطاعات مختلفة، ما بين صناعية وزراعية وتعدين وأدوية وأغذية ونقل ومقاولات وتكنولوجيا المعلومات، بحسب «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية الرسمية.
ورصد تقرير «من مصر إلى الكوميسا» الذي أعدته الوكالة بالتعاون مع مؤسسة «فايننشيال تايمز»، أكبر 10 شركات مصرية تعمل في دول التجمع، والذي أظهر أن شركة «السويدي إلكتريك» هي أكبر شركة مصرية تستثمر في دول «الكوميسا»، باستثمارات قدرها 1.8 مليار دولار، موزعة على 6 مشروعات. تلتها «فارما أوفرسيز» باستثمارات 1.05 مليار دولار، من خلال مشروعين.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.