الخارجية المصرية تستهجن تصريحات مسؤولة أممية بشأن سياسات القاهرة

قالت إنها أغفلت الجهود الحكومية في تطوير العشوائيات

TT

الخارجية المصرية تستهجن تصريحات مسؤولة أممية بشأن سياسات القاهرة

أعربت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها أمس عن استهجانها وإدانتها الشديدة لما تضمنه البيان الصحافي الصادر عن المقررة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان المعنية بالحق في السكن اللائق من وقائع مزيفة ومختلقة وادعاءات واهية لا أساس لها على الإطلاق حول سياسات الدولة في مجال الإسكان.
وقالت الخارجية إن «مصر دعت المقررة الخاصة لزيارتها خلال الفترة من 24 سبتمبر (أيلول) إلى 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وذلك في إطار الانفتاح الذي تبديه للتعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، وللتعرف على الخبرات الدولية في التعامل مع التحديات التي تواجهها الدول لتوفير السكن اللائق. غير أنها فوجئت بسعي المقررة الخاصة لاختلاق الأكاذيب والافتراءات منذ اللحظة الأولى لوصولها للقاهرة وافتعال الأزمات في اللقاءات المختلفة، رغم أنه تم توفير جميع السبل الممكنة لها للقيام بعملها، مما أثار شكوكاً حول وجود نيات مبيتة لديها تتسم بالسلبية والاستهداف المتعمد تجاه مصر».
وأضاف البيان أنه «قد تأكدت تلك الشكوك بجلاء عقب تواصل المقررة المذكورة مع قناة (الجزيرة)، المعروفة بدعمها الفاضح للتنظيمات الإرهابية، بعد إصدارها للبيان الأخير مباشرة، في دليل على أنها مغرضة ومسيسة، وبما يكشف عما لديها من مآرب أخرى، تتخذ من حقوق الإنسان والحريات الأساسية غطاءً وساتراً لها، خاصة مع تعمدها عدم الإشارة لأي جوانب إيجابية تتعلق بسياسات الإسكان في مصر، وعدم توفير أي بيانات عن ادعاءاتها، وهو ما لا يرتقي لأدنى معايير المهنية الوظيفية».
وتابع بيان الخارجية المصرية: «لقد آثرت المقررة الخاصة إخفاء بل وطمس إنجازات الحكومة غير المسبوقة في توفير السكن اللائق للمواطنين، وما اتخذته الحكومة من قرارات تقدمية وجريئة لإحداث نقلة نوعية في سياسات الإسكان لضمان المعيشة الكريمة والسكن اللائق والآمن للجميع دون تمييز، التي كانت محل تقدير وإشادة كثير من المنظمات الدولية ذات الصلة».
وأوضح البيان: «رغم ما اطلعت عليه المقررة الخاصة في لقاءاتها وزياراتها المختلفة من تطبيقات عملية لتلك السياسات، فإن بيانها آثر طمس الحقيقة الساطعة ووصم الحكومة المصرية وشعبها العظيم بادعاءات ظلامية تنبع من مخططاتها المسبقة لاستهداف مصر. فلقد أغفلت المقررة الخاصة ما شهدته من خطة الحكومة لإنشاء نحو 600 ألف وحدة للإسكان الاجتماعي، تم الانتهاء من 300 ألف وحدة بالفعل في زمن قياسي، وجار الانتهاء من 300 ألف آخرين، لتلبيـــة احتياجــات محدودي الدخل، وفقاً لأعلى معايير الجودة، مع تخصيص 5 في المائة من تلك المشروعات لمتحدي الإعاقة، فضلاً عن الجهد الكبير لتطوير الإسكان المتوسط والمتميز، في إطار رؤية استراتيجية طويلة الأجل لتوسيع الرقعة السكنية وخفض الكثافات السكانية. هذا بالإضافة إلى تطوير نحو 46 منطقة عشوائية غير آمنة داخل القاهرة وخارجها حفاظاً على أرواح قاطنيها، مع الحرص الشديد على مراعاة حقوق المواطنين سواء بتوفير سكن مؤقت لهم لحين الانتهاء من تطوير المنطقة المستهدفة، أو بتقديم التعويض المادي العادل، أو باقتراح بدائل أخرى مثل الانتقال إلى إحدى المدن الجديدة، بما يتفق مع القوانين المحلية والتزامات مصر الدولية».
وأفاد بيان الخارجية المصرية، بأن «تصرفات المقررة الخاصة خلال زيارتها لمصر، وما أعقبها من بيان يفتقد إلى أدنى درجات المصداقية، وهو ما يثير علامات استفهام كثيرة حول مدى استقلاليتها ويدعو لاتخاذ إجراءات رادعة من مجلس حقوق الإنسان ضد من يحاولون المتاجرة بمناصبهم. كما أن التهديد الذي تضمنه بيانها بوقف تعامل المقررين الخاصين مع مصر مرفوض شكلاً وموضوعاً ويُعد تجاوزاً لولايتها، وهو الأمر الذي لن تتهاون الحكومة المصرية في متابعته من كثب وصولاً لتحمل المقررة المذكورة المسؤولية الكاملة عن تلك التصرفات المنحرفة وجسامة تداعياتها، أخذاً في الاعتبار أن منصبا دوليا كهذا يفترض بالضرورة تحلي صاحبه بصفات النزاهة والمهنية والاستقلالية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم