تركيا لـ «حصر» عدد السوريين

TT

تركيا لـ «حصر» عدد السوريين

تسعى الحكومة التركية إلى الإحاطة بجميع المعلومات عن السوريين المنتشرين في أنحاء البلاد وإجراء عملية حصر دقيق لهم.
وطلب وزير الداخلية التركي سليمان صويلو من مديريات الهجرة في مختلف الولايات توفير معلومات كاملة عن السوريين الموجودين فيها وتعريفهم في المقابل على الولايات التي يعيشون فيها.
وقال صويلو، في لقاء مع مديريات الهجرة بولايات تركيا الإحدى والثمانين: «يجب عليكم معرفة السوريين بالاسم، ومن حق السوريين أيضا معرفة الولايات التركية التي يعيشون فيها».
وأضاف أن «النجاح التركي في عمليتي (درع الفرات) و(غصن الزيتون) سمح بعودة 285 ألف سوري إلى بلداتهم في الشمال السوري. الناس يعودون إلى بلدانهم في حال وجدوا أن الظروف ملائمة للعودة والاستقرار، رغم أنه يوجد كثير من المعلومات عن تلوث في تلك المناطق».
وأوضح الوزير التركي أنه من حق اللاجئين الوصول لمصادر المعلومات حول المناطق التي جاءوا منها، وتوفير المعلومات لهم عن فرصهم في العودة إلى هناك، مشيراً إلى أن «تركيا أحرزت تقدما كبيرا في هذا المجال، فهي لم تكن بهذا الوضع من قبل، ولم تكن حتى من ضمن أكثر 5 دول في موضوع استقبال اللاجئين قبل عام 2010، وهذا النجاح في موضوع اللاجئين سببه الإدارة الجيدة للملف من قبل تركيا، والتي تدفعها دائماً للتفكير فيما ستفعله لاحقاً».
وذكر صويلو أنه «لا يكفي أن ندخل هؤلاء البشر (في إشارة للاجئين) من الحدود إلى الداخل وتأمين احتياجاتهم اليومية»، مضيفا: «نحن اليوم في المرحلة الثانية من المسألة، لهذا السبب تجمعون هذه البيانات، فهذه العملية مطلب للناس ومنفعة لبلادنا أيضا». وبلغ عدد السوريين في تركيا 3.5 مليون نسمة، بحسب إحصائية رسمية أجريت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ منهم 559 ألفاً في إسطنبول، و460 ألفاً و64 شخصاً في شانلي أورفا، و440 ألفاً و89 شخصاً في هطاي، و413 ألفاً و538 شخصاً في غازي عنتاب. ومنحت السلطات التركية الجنسية لعشرات الآلاف من السوريين داخل أراضيها، وبدأت منذ 4 أغسطس (آب) 2017، توزيع قوائم تضمنت أسماء المرشحين للحصول على الجنسية.
وقال عضو البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية الحاكم عن ولاية أنطاليا، أطاي أولصو، إن بلاده منحت جنسيتها لنحو 55 ألف سوري فقط؛ منهم نحو 10 آلاف حصلوا عليها بسبب أن أحد الوالدين تركي الجنسية، أو عن طريق الزواج من مواطنين أتراك. ونفى ما تردد في بعض وسائل الإعلام عن تجنيس 3.5 مليون سوري، مؤكدا أنها أخبار غير صحيحة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم