دعوة لفتح تحقيق حول فساد في هيئة الانتخابات التونسية

الحكومة تنفي ادعاءات رياحي أن الشاهد خطط للانقلاب على السبسي

TT

دعوة لفتح تحقيق حول فساد في هيئة الانتخابات التونسية

دعا طارق الفتيتي، النائب في البرلمان التونسي عن حزب «الاتحاد الوطني الحر» المندمج حديثاً مع حزب «النداء»، إلى فتح تحقيق قضائي ضد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتهمة الفساد. وقال أمام البرلمان التونسي في جلسة خصصت للنظر في ميزانية الهيئة للسنة المقبلة: إن الرئيس المستقيل محمد التليلي المنصري دخل في دوامة خلافات حادة مع أعضاء هيئة الانتخابات البالغ عددهم تسعة، إثر رفضه التوقيع على إذن بإتمام صفقة مالية بقيمة أربعة ملايين دينار تونسي (نحو 1.3 مليون دولار) كان أحد أعضاء الهيئة من أبرز المستفيدين منها باعتبار أن الصفقة تعود إلى إحدى شركات الاتصال التي كان عضو الهيئة يعمل بها.
ودارت نقاشات حادة تحت قبة البرلمان التونسي حول ميزانية هيئة الانتخابات، في ظل غياب أعضاء الهيئة الثمانية الذين رفضوا الجلوس جنباً إلى جنب مع رئيس هيئة الانتخابات المستقيل؛ ما يشير إلى تواصل الأزمة الداخلية بين أعضاء الهيئة وصعوبة التوصل إلى حل لتجاوز الأزمة.
واعتبر الفتيتي أن الأسباب التي أدت إلى استقالة شفيق صرصار ومن بعده محمد التليلي منصري من رئاسة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لا تزال مجهولة وغامضة، والحال أن صرصار أكد تعرضه لضغوط لم يوضح طبيعتها ومصدرها، كما أن منصري أكد وجود شبهة فساد في الهيئة، ودعاه إلى التراجع عن الاستقالة والتوجه إلى القضاء التونسي لكشف كل الحقائق والاطلاع على خفايا تضارب المصالح في إحدى الهيئات الدستورية المؤتمنة على المسار السياسي التونسي بعد ثورة 2011.
يذكر أن معز بوراوي، الخبير التونسي في الشأن الانتخابي، اقترح الاتفاق بين الأحزاب السياسية على اختيار رئيس مؤقت لهيئة الانتخابات؛ حتى تكون له الصلاحيات الكاملة لإصدار روزنامة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وانتقد بوراوي تأخر البرلمان التونسي في انتخاب رئيس جديد لهيئة الانتخابات، وفسّر هذا التعطيل بوجود «حسابات سياسية ضيقة ومصالح سياسية تدفع نحو تعطيل الانتخابات» نتيجة عدم جاهزيتها التنظيمية لهذا الحدث السياسي المهم وخشيتها من الهزيمة مجدداً في الانتخابات مثلما حصل لها في الانتخابات البلدية التي أجريت خلال مايو (أيار) الماضي.

الشاهد
من جهة أخرى، قال إياد الدهماني، المتحدث باسم الحكومة التونسية: إن تهمة محاولة انقلاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد على رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي التي روّج لها سليم الرياحي، الأمين العام لحزب «النداء»، «لم يأخذها أي طرف بجدية». ونفى في تصريح إذاعي وجود جريمة اسمها «انقلاب»، وقال: إن هذا يدخل في إطار الضجيج السياسي قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة خلال السنة المقبلة. واعتبر الدهماني أن «التوتر السياسي الحاصل حالياً في تونس ليس داخل مؤسسات الدولة»، بل هو «توتر داخل الأحزاب السياسية ويلقي بظلاله أحياناً على الأداء الحكومي».
وإثر إثارة محاولة الانقلاب هذه، رفض رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، اتهامه بمحاولة الانقلاب على الرئيس السبسي، وقال أمام أعضاء البرلمان: إن «الحكومات المنبثقة عن شرعية برلمانية واضحة لا تسعى إلى الانقلابات». وتساءل مستنكراً: «هل هناك حكومة لديها صلاحيات واسعة في الدستور تفكر في القيام بانقلاب؟» واعتبر أن «هذه مهزلة».
واتهم الشاهد أطرافاً لم يسمّها بأنها تسعى إلى «النفخ في رماد الضجيج السياسي، وتحاول العودة بالبلاد إلى مربع الاحتقان والتحريض»، واعتبر أن هذه الأطراف «ما زالت غير مقتنعة بنهاية الأزمة السياسية، وتراهن على المزيد من تعفن الوضع السياسي، وتعطيل مسار التداول الديمقراطي».
وكان سليم الرياحي، الأمين العام الجديد لحزب «نداء تونس»، قدم لدى المحكمة الابتدائية العسكرية في العاصمة شكوى ضد رئيس الحكومة وعدد من معاونيه ومجموعة من السياسيين وطرف أمني بتهمة «التخطيط لانقلاب والشروع في تنفيذه».
واتهم الرياحي، في تصريحاتٍ، الشاهد، والمحامي لزهر العكرمي، والمدير السابق للديوان الرئاسي سليم العزابي، والمدير العام للأمن الرئاسي العميد رؤوف مرادع، بالتخطيط للانقلاب على رئيس الجمهورية. وأضاف: إن «الشكاوى اليوم بيد القضاء، وسأكون على ذمة القضاء التونسي باعتباري مشتكياً وشاهداً في هذه القضية لتقديم جميع المعطيات التي بحوزتي بخصوص موضوع الانقلاب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.