ميانمار تغلق مخيمات الروهينغا وتكرس فصل المسلمين

نازحون من الروهينغا في مخيم بولاية راخين (رويترز)
نازحون من الروهينغا في مخيم بولاية راخين (رويترز)
TT

ميانمار تغلق مخيمات الروهينغا وتكرس فصل المسلمين

نازحون من الروهينغا في مخيم بولاية راخين (رويترز)
نازحون من الروهينغا في مخيم بولاية راخين (رويترز)

في الوقت الذي تركزت فيه أنظار العالم على الجهود الفاشلة للبدء في إعادة مئات الآلاف من اللاجئين الروهينغا من بنغلادش إلى ميانمار الشهر الماضي، لا يزال مئات المسلمين في ميانمار يركبون زوارق سعيا للهرب من البلاد.
وسلطت محاولات الهرب الضوء على 128 ألفا من الروهينغا وغيرهم من النازحين الذين ما زالوا يعيشون في مخيمات مزدحمة بولاية راخين الغربية في ميانمار، بعد ست سنوات من إحراق بيوتهم.
وتفيد حكومة أونغ سان سو تشي التي تتعرض لضغوط دولية لتسوية محنتهم، أنها تعمل الآن على إغلاق المخيمات باعتبار أن ذلك سيسهم في تحقيق التنمية والاستفادة من تشغيل سكان المخيمات.
غير أن «رويترز» حاورت أكثر من عشرة من سكان خمسة مخيمات، واتضح من هذه المقابلات، ومن وثائق للأمم المتحدة، أن هذه الخطوة تعني ببساطة بناء المزيد من البيوت الدائمة في مناطق مجاورة للمخيمات، لا السماح للاجئين بالعودة للمناطق التي فروا منهم دون تغيير يذكر في وضعهم.
ويؤكد سكان المخيمات والعاملون فيها، أن من انتقلوا إلى أماكن الإقامة الجديدة ما زالوا يخضعون للقيود المشددة على تحركاتهم مثلما كان الحال في السابق.
وتحول شبكة من نقاط التفتيش الحكومية وتهديدات من السكان البوذيين دون انتقال الروهينغا بحرية في ولاية راخين.
وتقول المصادر إن المسلمين أصبحوا بذلك معزولين عن مصادر الرزق، وأغلب الخدمات معتمدين على الهبات الإنسانية.
وأفاد كياو آي، أحد القيادات في مخيم اسمه نيدين بوسط ولاية راخين: «نعم انتقلنا إلى بيوت جديدة... لكننا لن نتمكن قط من الوقوف على أقدامنا لأننا لا نستطيع الذهاب إلى أي مكان».
وحاورت «رويترز» المسلمين النازحين في راخين هاتفيا، إذ أن الصحافيين ممنوعون من الوصول إلى المخيمات دون مرافقة السلطات.
وأفاد وين ميات آي، وزير الرعاية الاجتماعية والإغاثة وإعادة التوطين في ميانمار، أن الحكومة تعمل مع الأمم المتحدة لوضع استراتيجية وطنية لإغلاق المخيمات.
وأوضح في رد مكتوب على استفسارات من «رويترز» أنه لا توجد قيود قانونية على تحركات النازحين في راخين ما داموا يقبلون بطاقة وطنية لتحقيق الشخصية تتيح لهم الحصول على الرعاية الصحية والخدمات التعليمية المتاحة لغيرهم.
ويفيد العاملون في مجال المساعدات والسكان المسلمون، أنه لا تزال هناك قيود مشددة على من يقبلون بطاقة الهوية التي يرفضها أغلب الروهينغا، لأنهم يقولون إنها تعاملهم معاملة الأجانب الذين يتعين عليهم إثبات جنسيتهم.
وحذر نوت أوستبي كبير مسؤولي الأمم المتحدة في مذكرة خاصة بتاريخ 24 سبتمبر (أيلول) الماضي، من أن «خطة الحكومة لإغلاق المخيمات تجازف بتكريس الفصل من جديد في الوقت الذي تحرم فيه النازحين داخل البلاد من كثير من حقوقهم الإنسانية الأساسية».
وامتنع مكتب أوستبي عن التعليق على المذكرة، لكنه أشار إلى أن الأمم المتحدة دعيت للتعقيب على خطط الحكومة لإغلاق المخيمات وأنها تستعد لتقديم ردها.
وأضاف أن هذا الرد سيشمل توصيات بمنح كل النازحين حرية الحركة، وإشراكهم في التخطيط لإعادة توطينهم والسماح بعودتهم إلى بيوتهم أو أي مكان آخر يختارونه.
- مهرب بحري
تقول قيادات الروهينغا إن تحسين الظروف لمن لا يزالون في راخين من العوامل الأساسية في إقناع مئات الآلاف في مخيمات اللاجئين في بنغلادش بالعودة.
وأحجم اللاجئون عن المشاركة في خطة لإعادتهم كان من المفترض أن تبدأ في منتصف الشهر الماضي، وأكدوا أن الظروف غير مواتية للعودة.
في الوقت نفسه، أبحرت ثلاثة زوارق على الأقل يقل كل منها عشرات الرجال والنساء والأطفال من راخين متجهة إلى ماليزيا منذ أن خفت حدة الأمطار الموسمية اتباعا لمهرب بحري استخدمه الروهينغا منذ سنوات هربا مما يؤكدون أنه اضطهاد في ميانمار.
وشرح خين موانغ، أحد النشطاء من شباب الروهينغا في بنغلادش قائلا: «إذا كانوا قد اختاروا الذهاب بحرا فهذا دليل واضح على الأوضاع في مخيمات النازحين في الداخل».
وأضاف أنه على اتصال بأفراد «يعيشون مثل السجناء» في المخيمات بوسط راخين.
وتابع: «إذا كانت تلك هي أوضاعهم المعيشية، فكيف يمكن لنا أن نوافق على العودة؟».
وأشار الوزير وين ميات آي، إلى أن ميانمار تعمل على تحسين معيشة النازحين في الداخل ومن يحتمل عودتهم من الخارج.
- «استثمار في الفصل»
يقع أحد المخيمات الثمانية عشر الباقية في راخين خارج بلدة ميبون بوسط الولاية، والتي شهدت أعمال عنف طائفية في 2012.
وكانت الطائفة المسلمة التي يبلغ قوامها 3000 فرد قد تعرضت للطرد، وتم حصرها في مخيم يعرف باسم توانجباو في شريط ضيق بين المدينة التي لا يعيش فيها الآن سوى البوذيين، وبين خليج البنغال، فيما كان يفترض أن يكون ترتيبا مؤقتا.
وهذا العام، بنت السلطات 200 بيت جديد في حقول للأرز بجوار المخيم رغم مخاوف من تعرض المنطقة للسيول.
وقد أغرقت المياه هذه البيوت في أوائل يونيو (حزيران).
وفي سبتمبر، بنت الحكومة مبنيين جديدين من المقرر أن يصبحا مدرستين للمسلمين فقط.
وأفادت مذكرة لم تنشر من قبل بتاريخ 30 سبتمبر، وزعها مسؤولو الأمم المتحدة عن مخاوف العاملين في مجال المساعدات في المخيمات: «هذه علامة على أن حكومة ولاية راخين تستثمر في الفصل الدائم لا في تعزيز التكامل».
ويحمل بعض الروهينغا في ميبون جنسية ميانمار، بينما قبل آخرون البطاقات الوطنية. ويقولون إنهم لا يستطيعون زيارة المدينة حيث التوتر الطائفي شديد منذ أعمال العنف التي وقعت في 2012.
وفي بعض الأحيان، منع البوذيون في راخين وصول المساعدات الإنسانية للمخيم.
- «سياسة فصل عنصري»
كشفت مذكرة داخلية أعدتها وكالة الأمم المتحدة للاجئين في أواخر سبتمبر، أنه رغم مساعي هيئات المساعدات الإنسانية لإقناع ميانمار بتغيير مسارها فإن «السيناريو الوحيد الذي يتكشف أمام أعيننا هو تنفيذ سياسة للفصل العنصري تقوم على الفصل الدائم لجميع المسلمين، وأغلبهم من الروهينغا، في وسط راخين».
وتقدر الأمم المتحدة أن كلفة المساعدات الإنسانية في ولاية راخين ستبلغ نحو 145 مليون دولار العام المقبل.
وأعلن سكان سابقون في نيدين على مسافة نحو 100 كيلومتر شمالي توانجباو، أن وضعهم لم يطرأ عليه تحسن منذ أعلنت وسائل الإعلام الرسمية عن إغلاق المخيم في أغسطس (آب).
وأضافوا أنهم عجزوا عن العودة إلى مدينة كياوكتاو التي كان الكثير منهم يعيشون ويعملون فيها قبل أحداث العنف في 2012.
ويعيش المسلمون الآن بجوار حقول أرز لا تخصهم. ويقول الصيادون من الروهينغا إن ما يصطادونه من أسماك لا يكاد يفي بتكاليف استئجار المعدات لأنهم لا يملكونها.
ولعدم توفر مياه الشرب النظيفة، أصيب الأطفال بأمراض جلدية من جراء الاغتسال في مياه الصرف الزراعي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».