بغداد تعلن عطلة رسمية في ذكرى الانتصار على «داعش»

رئيس الوزراء عادل عبد المهدي
رئيس الوزراء عادل عبد المهدي
TT

بغداد تعلن عطلة رسمية في ذكرى الانتصار على «داعش»

رئيس الوزراء عادل عبد المهدي
رئيس الوزراء عادل عبد المهدي

تمر الأسبوع المقبل الذكرى الأولى لإعلان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بيان الانتصار الأخير على تنظيم داعش بعد نحو 3 سنوات من القتال الشرس ضد التنظيم الذي احتل أجزاء واسعة من 4 محافظات عراقية (نينوى، ديالى، الأنبار، صلاح الدين) أو ما يقارب مساحة ثلث الأراضي العراقية بعد يونيو (حزيران) 2014، قبل أن تتمكن القوات الحكومية من كسب الحرب ضد التنظيم وإعلان الانتصار العسكري عليه في 9 ديسمبر (كانون الأول) عام 2017.
ونظراً للأهمية التي يوليها العراقيون بشكل عام والحكومة العراقية بشكل خاص لهذا اليوم قررت حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أمس، تعطيل الدوام الرسمي يوم الاثنين المقبل الذي يصادف اليوم التالي لإعلان بيان النصر على تنظيم داعش. وبالتزامن مع الذكرى الأولى للانتصار العراقي على «داعش» نشرت الأمم المتحدة مساء أول من أمس، التقرير الأول لفريق التحقيق الأممي بشأن جرائم «داعش» في العراق.
كانت الحكومة العراقية طلبت في 9 أغسطس (آب) عام 2017 مساعدة المجتمع الدولي للحصول على المساعدة في جهودها الرامية إلى مساءلة عناصر «داعش» على ما ارتكبوه من جرائم ضد الإنسانية في العراق، وقامت الأمم المتحدة بالاستجابة إلى الطلب العراقي عبر إصدار القرار رقم 2379 والتصويت عليه بالإجماع في مجلس الأمن عام 2017.
واستمع مجلس الأمن الدولي، أول من أمس، إلى إحاطة من كريم أسعد أحمد خان رئيس فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة. وبحسب بيان صادر عن المنظمة، فإن خان «استعرض الرؤية الاستراتيجية الأولية للفريق، والتقدم المحرز لتحقيقها، والأولويات الرئيسية فيما يقوم الفريق بعمله التحضيري في العراق قبل بدء أنشطة التحقيق في وقت مبكر من العام المقبل».
وبدأ خان إحاطته بتحية ذكرى الناجين الذين عانوا كثيراً على يد «داعش»، والإشادة بشجاعة وتضحيات الشعب العراقي في جهوده لهزيمة «داعش» وتحقيق العدالة للضحايا، مشيراً إلى أن «طرد (داعش) من معاقله، كشف عن نطاق وحجم جرائمه. وأظهرت شهادات الشهود انتهاكات لا يمكن تصورها، آلاف من بينهم نساء وأطفال أصبحوا ضحايا وشهوداً على جرائم (داعش)».
وشدد التقرير الذي أصدرته المنظمة الأممية بشأن فريق التحقيق على «ضرورة أن يعمل الفريق باعتباره آلية مساءلة مستقلة ومحايدة وذات مصداقية قادرة على أداء مهمتها وفق أعلى المعايير الممكنة» كما أكد «الحاجة لضمان أن ينفذ الفريق عمله بالتعاون مع الحكومة العراقية، مع الاحترام الكامل لسيادتها الوطنية».
بدوره، اعتبر عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية فاضل الغراوي أن «فريق التحقيق الأممي أعطى أول رسالة واعتراف أممي كامل بجميع الجرائم التي حدثت في العراق على يد (داعش)، كما أنه يعطيها الوصف الخاص باعتبارها جرائم دولية». وأكد الغراوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «جميع الأدلة التي ستتوصل إليها لجنة التحقيق الدولية ستحفظ في العراق وستصان سيادة البلد ويكون القضاء العراقي هو المختص في متابعة ومحاكمة الأشخاص الذين تثبت إدانتهم».
وأشار الغراوي إلى أهمية ما سيصدر من نتائج التحقيق الأممي «لجهة أنها تساهم في ضمان حقوق الضحايا في حال تم الركون إلى نتائجها وهناك إمكانية حصول الضحايا على تعويضات دولية في المستقبل». من جهته، يرى الناشط الأيزيدي خلدون النيساني أن «أي جهد دولي في العراق لملاحقة جرائم (داعش) مرحب به، لكن الأسئلة تبقى قائمة بشأن جدية العراق في الالتزام بالقوانين والتحقيقات الدولية».
ويقول النيساني لـ«الشرق الأوسط»: «يجب على القضاء العراقي ومؤسساته القيام بدورها الحقيقي في تقديم المجرمين إلى العدالة، لأنه الأعلم بما حدث ويحدث في العراق، لذلك هو أكثر قدرة من أي فريق أممي يأتي للتحقيق داخل العراق».
من جهة أخرى، كشف المدير العام لشؤون الأيزيديين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة إقليم كردستان، خيري بوزاني، عن العثور حتى الآن على 71 مقبرة جماعية وتفجير 68 مرقداً دينياً بعد الهجوم الإرهابي لـ«داعش» على سنجار في 2014.
وقال بوزاني، في تصريح صحافية، أول من أمس، أن «2745 طفلاً أصبحوا أيتاماً، منهم 407 من جهة الأم، و1759 من جهة الأب، و359 طفلاً من جهة الأب والأم»، مشيراً إلى أن «220 من الآباء والأمهات ما زالوا بقبضة (داعش)».
وأوضح، أنه في «الإبادة الجماعية لقضاء سنجار تم اختطاف واعتقال 6417 شخصاً من الجنسين، منهم 3548 أنثى، و2869 ذكراً، وتم تحرير حتى الآن 3 آلاف و334 شخصاً من قبضة (داعش)، وهم 1159 امرأة و337 رجلاً و962 طفلة و876 طفلاً».



دور «السلطة الفلسطينية» يُعقّد اتفاق إدارة معبر «رفح»

معبر رفح في الجانب الفلسطيني قبل احتلال إسرائيل له (هيئة المعابر في غزة)
معبر رفح في الجانب الفلسطيني قبل احتلال إسرائيل له (هيئة المعابر في غزة)
TT

دور «السلطة الفلسطينية» يُعقّد اتفاق إدارة معبر «رفح»

معبر رفح في الجانب الفلسطيني قبل احتلال إسرائيل له (هيئة المعابر في غزة)
معبر رفح في الجانب الفلسطيني قبل احتلال إسرائيل له (هيئة المعابر في غزة)

بدا أن الاتفاق على إدارة معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة من الجانب الفلسطيني حجر عثرة كبير اليوم، بعدما أكدت إسرائيل تمسكها بالسيطرة الأمنية على إدارته، في وقت تحدثت مصادر مصرية وفلسطينية بأن «توافقاً جرى على دور السلطة الفلسطينية في إدارة المعبر».

وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، أن الاتفاق بشأن عودة معبر رفح الفلسطيني للعمل تم منذ أيام في القاهرة بحضور ممثلين عن مصر وفلسطين وإسرائيل، ويقضي بعودة موظفي هيئة المعابر الفلسطينية والأمن العام الفلسطيني إلى المعبر طبقاً لاتفاق 2005 مع وجود المراقبين الدوليين.

واحتلت إسرائيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح في مايو (أيار) الماضي بعدما قصفته ودمَّرت أجزاء منه، وطالبت بأن يكون لها ممثلون دائمون بالمعبر، وهو ما رفضت مصر التعاطي معه.

مجدلاني أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «أول من أمس كان هناك اجتماع لممثلي الاتحاد الأوروبي مع حسين الشيخ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من أجل وضع الترتيبات اللوجيستية لفتح المعبر وعودة المراقبين الأوروبيين له».

وفي 15 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2005، وقّعت السلطة الفلسطينية، بصفتها طرفاً أول، وإسرائيل بصفتها طرفاً ثانياً، اتفاقاً عُرف باسم «اتفاق المعابر»، جرى من خلاله وضع الشروط والضوابط والمعايير التي تنظم حركة المرور من الأراضي الفلسطينية وإليها من خلال هذه المعابر، واتُفق خلاله على أن يكون هناك طرف ثالث هو الاتحاد الأوروبي.

ويتضمن الاتفاق أن تخطر السلطة الفلسطينية إسرائيل بمن يمرون من خلال المعابر لمنع أي أشخاص مشتبه بهم من العبور وأن يضمن الاتحاد الأوروبي تنفيذ ذلك، وأيضاً يتم عقد اجتماعات دورية بين الجمارك الفلسطينية والإسرائيلية بحضور الجمارك المصرية، كلما أمكن، لبحث المستجدات فيما يخص المعابر.

انسحاب إسرائيلي

وشدد مجدلاني على أنه وفق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة أخيراً «فسينسحب الجنود الإسرائيليون من المعبر، أما بالنسبة لخروج الجرحى ومرافقيهم فطبقاً لاتفاق وقف إطلاق النار فيجب عرض الأسماء على الجانب الإسرائيلي من أجل الموافقة عليها».

آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح مايو الماضي (رويترز)

ونوه إلى أنه في أغسطس (آب) الماضي تلقت السلطة الفلسطينية عرضاً للعودة إلى المعبر، لكنه كان عرضاً ينتقص من دورها وسيطرتها على المعبر؛ فلذلك رفضته. وقال مجدلاني إن «المعبر سيعود للعمل لخروج الجرحى ومرافقيهم بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، التي تتضمن تبادل الأسرى والرهائن».

رسائل نتنياهو للداخل

ورغم التأكيدات المصرية والفلسطينية على وجود دور للسلطة في تشغيل المعبر، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بياناً رد فيه على تقرير نشرته «الشرق الأوسط»، الثلاثاء، نقلاً عن مصادر مصرية قالت إن «اتفاق عودة معبر رفح يضمن أن تعود السلطة الفلسطينية للسيطرة عليه». ورأى مكتب نتنياهو أن السلطة الفلسطينية «تحاول خلق صورة زائفة مفادها أنها تسيطر على المعبر»، على حد زعمه.

وزيرا «الصحة» و«التضامن» المصريان أمام معبر رفح من الجانب المصري (الصحة المصرية)

وفي حين أن بيان مكتب نتنياهو قال إنه لا صحة لوجود دور للسلطة في المعبر؛ فإنه عاد وأقر بأن «التدخل العملي الوحيد للسلطة الفلسطينية هو ختمها على جوازات السفر، الذي وفقاً للترتيب الدولي القائم، هو الطريقة الوحيدة التي يمكن بها لسكان غزة مغادرة القطاع من أجل الدخول أو الاستقبال في دول أخرى، وأن هذا الإجراء صحيح بالنسبة للمرحلة الأولى من الإطار وسيتم تقييمه في المستقبل».

وتابع مكتب نتنياهو: «بموجب الاتفاق، تتمركز قوات الجيش الإسرائيلي حول المعبر، ولا يوجد ممر دون إشراف ورقابة وموافقة مسبقة من الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك)».

وأشار إلى أن «الإدارة الفنية داخل المعبر تتم من قبل سكان غزة غير المنتمين إلى (حماس)، بعد فحص جهاز الأمن العام، الذين يديرون الخدمات المدنية في القطاع، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، منذ بداية الحرب. ويشرف على عملهم قوة المساعدة الحدودية الأوروبية».

وعدّ مجدلاني أن «نتنياهو لديه مصلحة في إرسال رسائل للقوى الداخلية في إسرائيل، وخاصة للمتطرفين الذين يرفضون اتفاق وقف إطلاق النار وما يتضمنه».

عودة للأصل

ولفت الخبير العسكري المصري العميد محمود محيي الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الاتفاق الذي تم يقضي بعودة الشيء لأصله، أي عودة السلطة الفلسطينية لممارسة الدور القنصلي الكامل على معبر رفح وفق اتفاق 2005».

وأوضح أن «ما تقوله إسرائيل يشبه فرض السيطرة بالعضلات وهذا أمر بعيد تماماً عن الاتفاق الذي تم، فهي التي قالت إنها لن تنسحب من محور فيلادلفيا، ولكن مصر رفضت ذلك وستنسحب إسرائيل في النهاية».

واحتلت القوات الإسرائيلية حدود غزة مع مصر بما فيها محور فيلادلفيا، بعد الاستيلاء عليه في مايو، بزعم أن مصر «لم تقم بما يكفي لمنع وصول السلاح عبر الأنفاق بطول هذه الحدود لقطاع غزة» وهو ما نفته القاهرة.

وكانت إسرائيل انسحبت من حدود مصر مع غزة ومنها محور فيلادلفيا بموجب اتفاقية لإدارة المعابر والحدود بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 2005.

أسقف تفاوضية

الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر عمرو الشوبكي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليست كل البيانات الرسمية ولا التصريحات الإعلامية تعبر عن الواقع، وأحياناً تكون بغرض دعائي لتوصيل رسائل معينة خصوصا للرأي العام الداخلي».

وأضاف: «في أثناء عمليات التفاوض المرهقة كثيراً ما تلجأ الأطراف لوضع أسقف تفاوضية عالية، بينما على الأرض يظل الوصول إلى الحلول الوسط ممكناً».

رفض لوجود جنود إسرائيليين

من جانبه، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيسي الموساد والشاباك في اجتماعهما مع مدير المخابرات المصرية، الاثنين، عرضا فكرة استمرار جنود إسرائيل بالمعبر في ظل عمل السلطة الفلسطينية، لكن هذا الاقتراح قوبل بالرفض خاصة أن السلطة الفلسطينية رفضته من قبل، ومصر لا تقبل سياسة الأمر الواقع»، حسب تعبيره.

وتزامن ذلك مع تصريحات أدلى به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، خلال احتفال بـ«عيد الشرطة»، قال فيها إن «مصر ستدفع بمنتهى القوة في اتجاه تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل سعياً لحقن دماء الأشقاء الفلسطينيين وإعادة الخدمات إلى قطاع غزة ليصبح قابلاً للحياة ومنع أي محاولات للتهجير، لأن هذا الأمر ترفضه مصر بشكل قاطع، حفاظاً على وجود القضية الفلسطينية ذاتها».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)

فيما تواصلت في رابع أيام الهدنة جهود إدخال شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر رفح المصري مروراً بالعوجة وكرم أبو سالم، حيث دخلت أمس وفق إحصاء رسمي 300 شاحنة تحمل 25 منها الوقود، ليرتفع إجمالي الشاحنات التي دخلت لغزة من الجانب المصري حتى الآن إلى 1290 شاحنة منذ بدء تنفيذ وقف إطلاق النار، فضلاً عن الشاحنات التي تدخل بمعرفة الأمم المتحدة من معابر أخرى.