انتقادات يمنية لـ «تدليل» الأمم المتحدة وفد الجماعة الحوثية

TT

انتقادات يمنية لـ «تدليل» الأمم المتحدة وفد الجماعة الحوثية

على الرغم من تعهد الحكومة اليمنية الشرعية أنها مستعدة لدعم جهود الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث من أجل إحلال السلام في البلاد والتعاطي بإيجابية مع المقترحات التي يطرحها في مشاورات السويد المقرر أن تبدأ اليوم بين وفد الجماعة والوفد الحكومي، فإن طريقة تعامل غريفيث في استرضاء قادة الميليشيات لإحضارهم إلى المشاورات قد أثار كثيرا من الانتقادات في الأوساط اليمنية.
وفي حين عد كثير من الناشطين اليمنيين أن الجماعة الحوثية استطاعت فرض شروطها للذهاب إلى السويد دون أن تحقق الحكومة الشرعية أي مكسب في مقابل ذلك، اعتبر سفير اليمن في لندن ياسين سعيد نعمان أن قيام المبعوث الأممي بتدليل ومراضاة ومرافقة وفد الميليشيات الحوثية إلى السويد لن يفيد السلام في شيء وأنه بالعكس من ذلك سيعرض السلام للانتكاسة.
وكانت الجماعة الحوثية اشترطت نقل 50 من جرحاها مع 50 مرافقا لهم من صنعاء إلى مسقط قبل الموافقة على حضور مشاورات السويد، إلى جانب أنها فرضت على المبعوث الأممي الكيفية التي ينتقل بها وفدها المفاوض إلى السويد، ما جعل غريفيث يرافق الوفد الحوثي بنفسه من صنعاء على متن طائرة كويتية وبرفقة السفير الكويتي لدى اليمن.
وقال السفير اليمني في لندن ياسين سعيد نعمان في منشور على «فيسبوك» في معرض انتقاده لهذا التدليل الأممي: «هذا السلوك يبعث في هذه الجماعة اعتقاداً خاطئاً بأنها لم ترتكب جريمة بحق اليمن والشعب اليمني، ويضفي على تغطيتها لهذه الجريمة قدراً من الدخان الإضافي المضلل، ويجعلها تتخندق وراء الوهم بمشروعية الفساد الدموي والسياسي الذي أغرقت فيه اليمن».
وأضاف نعمان: «كما أن ذلك يبرر كل الحجج الواهية التي أطلقها الحوثيون لإفشالهم لجنيف (سبتمبر (أيلول)» واصفا هذا السلوك الأممي بـ«الميوعة» التي قال إنها «قد تعيد بناء الأزمة على نحو خاطئ، وسيكون لذلك آثار سلبية على العملية السلمية بمجملها، لأن هذه الميليشيات لا تبحث عن السلام، وإنما عما يبرر جريمتها فقط، لتواصل مشوارها على الطريق نفسه».
وكان عدد من الناشطين اليمنيين وجهوا انتقادات للشرعية اليمنية لجهة موافقتها على حضور المشاورات دون مقابل، وقال بعضهم في تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي إنهم كانوا يأملون في أن تشترط الحكومة الشرعية على الأقل إطلاق الجماعة الحوثية لعدد من الأسرى بمن فيهم كبار القيادات، مثل وزير الدفاع السابق والقيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان.
إلى ذلك، عبر كثير من المراقبين عن خيبة أملهم في الأسماء الحوثية المشاركة في وفد الجماعة، معتبرين أن اختيار الجماعة لهذه الأسماء، وإن زعمت أنها تمثل جميع حلفائها في الوفد، فإن الحقيقة أن أغلب المفاوضين لا يستطيعون البت في قضية من قضايا المشاورات باستثناء المتحدث باسم الجماعة ورئيس وفدها محمد عبد السلام.
وفيما لا يتوقع كثير من المراقبين أن تفضي هذه المشاورات إلى أي اختراق حقيقي على صعيد التوصل إلى السلام، اعتبروا أن الإنجاز الوحيد الذي يمكن أن يتحدث عنه غريفيث لاحقا هو قدرته على إحضار وفد الجماعة إلى المشاورات، لا سيما أن الملفات المتعلقة ببناء الثقة لا تزال محفوفة بكثير من التعقيدات.
ويرجح أغلب المراقبين للشأن اليمني أن الجماعة الحوثية تستغل هذه المساعي الأممية ليس من أجل التوصل إلى سلام حقيقي ولكن من أجل إماطة أمد الحرب والحصول على فرصة لالتقاط أنفاسها وإعادة ترتيب أوضاع ميليشياتها في الجبهات بعد أن ضاق عليها الخناق في الأسابيع الماضية، وبخاصة في جبهتي الساحل الغربي وصعدة.
ومن المفترض أن تناقش المشاورات في السويد - بحسب تصريحات أممية سابقة - ملفات الأسرى والمعتقلين والمخفيين والتوافق على آلية تفصيلية لإطلاق سراح نحو 3500 شخص من الطرفين، إلى جانب ما يتعلق برفع العراقيل والقيود عن وصول المساعدات، وفتح مطار صنعاء ورواتب الموظفين وتحييد البنك المركزي، فضلا عن موضوع التهدئة في الحديدة والاتفاق على تسوية بشأن مينائها.
وكان غريفيث صرح في وقت سابق بأنه يأمل في أن يتمكن من عقد جولة أخرى من المشاورات في يناير (كانون الثاني) المقبل، مؤكدا أنه يفضل أن تعقد في إحدى دول المنطقة، إذ يسعى خلالها إلى الدخول في تفاصيل الإطار العام للحل الذي يقترحه على صعيد الملفات السياسية والأمنية.
وتصر الجماعة الحوثية عادة على تجنب الحديث عن تسليم سلاحها الثقيل والانسحاب من المدن والمؤسسات الحكومية، بخلاف ما نص عليه قرار مجلس الأمن 2216، في الوقت الذي تتمسك الحكومة الشرعية بتنفيذ القرار باعتباره إحدى مرجعيات الحل الثلاث إلى جانب كل من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
ويعتقد كثير من المراقبين أن الجماعة الحوثية لا يمكن أن توافق على أي حل للسلام ما لم يكن يمنحها الهيمنة على القرار السياسي والأمني والعسكري لليمن ويحافظ على مكاسبها الانقلابية التي حققتها منذ 2014 بدعم من إيران.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.