أنقرة تقلل من «خطورة المشكلات» مع موسكو في إدلب

انتقدت المطالب الأميركية بإنهاء مسار «آستانة»

TT

أنقرة تقلل من «خطورة المشكلات» مع موسكو في إدلب

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه ليس لدى تركيا وروسيا «مشكلة خطيرة» فيما يتعلق بمحافظة إدلب السورية وتنفيذ اتفاق سوتشي الموقع بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأضاف إردوغان أن تركيا وروسيا تحاولان إنشاء منطقة منزوعة السلاح مستدامة في إدلب، وإن تركيا ألقت بثقلها من خلال قواتها الأمنية وجنودها هناك.
ولفت الرئيس التركي، في تصريحات لصحافيين رافقوه خلال جولته في أميركا اللاتينية نشرتها وسائل الإعلام التركية أمس، إلى أن عدم خروج عناصر «جبهة تحرير الشام (النصرة سابقا)» من إدلب أثار نوعا من «عدم الارتياح» لدى موسكو، قائلا إن «الأجهزة ذات الصلة في البلدين على اتصال دائم».
وكان إردوغان اقترح خلال لقائه مع بوتين بالأرجنتين في 1 ديسمبر (كانون الأول) الحالي عقد قمة أخرى لمناقشة الوضع في إدلب، على غرار قمة إسطنبول الرباعية (التركية - الروسية - الألمانية - الفرنسية) التي عقدت أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأعلنت موسكو التوصل إلى اتفاق مع الجانبين التركي والألماني، لعقد قمة ثانية لمناقشة آخر التطورات الميدانية والسياسية في سوريا. وقال مستشار السياسات الخارجية في الرئاسة الروسية يوري أوشاكوف، أول من أمس، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفق مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على عقد القمة في أقرب وقت ممكن. ولفت إلى أن مسألة انضمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للقمة الثانية لم تحسم إلى الآن.
كانت القمة الرباعية الأولى حول الأزمة السورية، عقدت في 27 أكتوبر الماضي بمدينة إسطنبول التركية بمشاركة إردوغان وبوتين وميركل وماكرون، وتناولوا خلالها مستجدات الأوضاع السياسية والميدانية في سوريا، وشددوا في البيان الختامي على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة والإسراع بتشكيل اللجنة الدستورية قبل نهاية العام الحالي.
في سياق متصل؛ أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جميس جيفري، سيزور تركيا ضمن جولة في الشرق الأوسط، في الفترة ما بين 5 و14 ديسمبر الحالي، لبحث الملف السوري، وأن مستشار الوزارة جويل رايبورن سيرافق جيفري.
ولفت البيان إلى أن جيفري سيلتقي القادة الأتراك ويبحث معهم آخر التطورات في سوريا، وسيشكل مع المسؤولين في تركيا «مجموعة العمل رفيعة المستوى بشأن سوريا».
ومن المنتظر أن يبحث جيفري في الأردن مسألة مواصلة الضغط بأعلى مستوى على النظام السوري، ويدرس مع المسؤولين الأردنيين الخطوات تجاه الحل السياسي الذي ينص عليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2254».
وقالت الولايات المتحدة، على لسان مبعوثها الخاص إلى سوريا، الاثنين الماضي، إنها تتوقع أن تقوم روسيا بجهود لعقد اللجنة الدستورية السورية حتى 14 ديسمبر الحالي.
وقال جيفري، في تصريحات الاثنين الماضي: «ننتظر تقرير دي ميستورا في 14 ديسمبر، أمام مجلس الأمن الدولي. ستكون هذه هي اللحظة الحاسمة عندما نرى ما إذا كانت العملية السياسية في سوريا تحت رعاية الأمم المتحدة تتقدم أم لا، مع إمكانية مساعدة الدول الضامنة المشاركة في عملية الضغط على دمشق». وأضاف: «منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب السورية باقية، وهذه حقيقة إيجابية». وتابع: «بالنسبة لإدلب؛ أولا، ما زلنا نعتقد أنه من الجيد وجود منطقة خفض تصعيد هناك. ونحن نعتقد أنها (منطقة خفض التصعيد) تحترم. وكل مناقشاتنا؛ ليس فقط مع الأتراك، ولكن أيضا مع الروس، تثبت أنها كذلك».
في سياق متصل، ورداً على دعوة جيفري لإنهاء «مسار آستانة»، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أمس إنه «تصريح جانبه التوفيق، ولا أعتقد أنه يعبر عن رأي جيفري الشخصي».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.