توقعات بزيادة حجم الاستثمار الأجنبي في السعودية بنسبة 20 في المائة

تقديرات بوصولها إلى 18.6 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة

صورة جوية لميناء جدة («الشرق الأوسط»)
صورة جوية لميناء جدة («الشرق الأوسط»)
TT

توقعات بزيادة حجم الاستثمار الأجنبي في السعودية بنسبة 20 في المائة

صورة جوية لميناء جدة («الشرق الأوسط»)
صورة جوية لميناء جدة («الشرق الأوسط»)

قدَّر مختصون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، حجم الاستثمار الأجنبي في السعودية بأكثر من 70 مليار ريال (18.6 مليار دولار)، متوقعين زيادة نموه خلال خمسة أعوام مقبلة إلى 20 في المائة.
وفي الوقت الذي شدد فيه البعض على ضرورة، سن تشريعات جديدة تتوافق مع المعايير الدولية لخلق اتزان في السوق الاستثمارية بالسعودية، أكد البعض الآخر على عدم حاجة البلاد لمثل هذه الخطوة.
وذهب أصحاب الرأي الأخير إلى أن الحاجة الأهم تكمن في ضبط تطبيق القانون والشفافية وتجنيب القوانين والأنظمة من الانحرافات التي تحدث في الفساد العالمي وارتداداته على السوق، مشددين بأهمية التركيز على الاستثمارات ذات القيمة المضافة.
وأكد عبد الرحيم نقي، الأمين العام لاتحاد الغرف الخليجية لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية تعتبر من أنشط دول المنطقة من حيث استقطاب الاستثمار وتهيئة البيئة الاستثمارية.
ولفت إلى أن المؤشر العالمي لاستقطاب الاستثمارات، كان في صالح السعودية وذلك بأنها حققت نتائج متقدمة جدا في هذا الصدد، معزيا ذلك لجدوى السياسات التي تتبعها المملكة في مختلف تشريعات القطاعات وتعديل البنية والبيئة الاستثمارية فيها.
ونوه بأن السعودية منذ عام 2008 مع بداية الأزمة المالية العالمية، اتخذت توجهات كثيرة نحو الاستثمار في داخل البلاد، خاصة في ما يتعلق بإكمال البنية التحية، بغية جعل الحركة الاقتصادية في حالة نمو مستمرة. ولمح إلى أن الاستثمار في السعودية مفتوح، مبينا أن الكثير من المجالات مثل مجالات الطاقة والمناجم والتعدين، لم يدخل فيها الاستثمار بشكل جيد بعد، وبالتالي تنظر المملكة لجذب الاستثمارات ذات القيمة الإضافية للسوق والمواطن في البلاد.
ويرى الأمين العام لاتحاد الغرف الخليجية، أن السعودية في غني عن الحاجة إلى سن تشريعات جديدة خاصة بالاستثمار، مبينا أن منظومة قوانين، إذا طبقت بشكل جيد وفق معايير تتسم بدرجة عالية من الشفافية، مع الالتزام بالمعايير الدولية لتطبيق القوانين، تغني المملكة عن سن قوانين جديدة لتقنين الاستثمار.
وزاد: «القانون هو الذي ينظم الاستثمار في أي بقعة من العالم، سواء قانون شركات تجارية أو قانون الدخل، وبالتالي فإن العملية الأهم، هي كيفية ضبط تطبيق القانون والشفافية وتجنيب القوانين والأنظمة من الانحرافات التي تحدث في الفساد العالمي وارتداداته على السوق».
وقال نقي: «لذلك لا أنادي بقوانين للاستثمار، طالما أن هناك بيئة استثمارية صالحة، حيث فقط تكون الحاجة لتطبيق القوانين المنظمة»، مشيرا إلى أن الهيئة العامة للاستثمار (ساقيا)، طورت نفسها دون أن تكون هناك حاجة لسن أنظمة وقوانين جديدة.
ويعتقد الأمين العام لاتحاد الغرف الخليجية، أن الحاجة ماسة لتفعيل الآليات المتبعة في جلب الاستثمار، وقال: «إذا كان المعني أن القوانين تمنح تسهيلات، فإن العالم الآن ليس في طور التسهيلات إنما بصدد اتخاذ إجراءات يتعلق بتطبيق القوانين والأنظمة».
وأكد أنه ليس على السعودية، إثقال كاهلها بإيجاد قوانين استثمارية، ضاربا مثلا بدول مثل بريطانيا ليس لديها دستور مكتوب، ومع ذلك فإن الديمقراطية سائرة فيها ولا تحتاج إلا فقط للتطبيق.
وشدد الأمين العام لاتحاد الغرف الخليجية، أهمية التركيز على التطبيق في نوعية الإنتاجية والترخيص والتواصل بين الشبكة السعودية وتطبيقها للإجراءات والقوانين الدولية، مع أهمية تعزيز الشفافية وحوكمة الشركات، وحماية الاستثمار للاستثمار من الانحرافات التي تحدث، مشيرا إلى أنه في حالة حدوثها، فإن القضاء وإجراءات التحكيم بشفافية ورقابة كفيلة بمعالجتها.
ونوه نقي بأهمية أن تولي السعودية جانب الاستثمار الداخلي، الأهمية أكثر من الخارجي، لأن الأموال الموجودة داخل المملكة برأيه ضخمة، فقط تحتاج لقنوات الاستثمار لتدخل فيه.
ودعا إلى فتح المجال لمشاركة القطاع الخاص وتوسيع مشاركته في الطاقة والبترول والكهرباء وغيرها من المجالات، داعيا إلى جعل القوانين مرنة، حتى تسمح لدخول القطاع الخاص وتمويلها.
وقال الدكتور سالم باعجاجة، خبير اقتصادي لـ«الشرق الأوسط»: «إن الهيئة العامة للاستثمار، تحاول جاهدة لتسهيل الإجراءات التي من شأنها، جذب أكبر عدد من الاستثمارات الأجنبية للسعودية، مع جهودها في تسهيل انسيابية الشركات والمؤسسات العاملة في مختلف النشاطات للدخول في سوق المملكة».
ونوه بأن من شأن ذلك دفع السوق الاستثمارية نحو مزيد من التنمية، سواء من الناحية التجارية أو الصناعية، أو حتى الناحية السياحية، خاصة الأنشطة التي تحتاج إليها البلاد أكثر من غيرها، على حد تعبيره.
ووفق باعجاجة، فإن السوق السعودية تحتاج إلى كوادر بشرية مدربة فنيا، مبينا أن ذلك أحد توجهات الهيئة العامة للاستثمار لتغذية السوق بالكفاءات التي من شأنها زيادة وتيرة العمل الاستثماري بأفضل ما يكون عليه، حتى تستطيع أن تصحح بيئة ومناخ الاستثمار في المملكة.
وقال: «وافق مجلس الوزراء قبيل إجازة عيد الفطر المبارك، على دخول المؤسسات الأجنبية للاستثمار لسوق المال وليس لأفراد، حتى يكون الاستثمار مؤسساتي، لتضييق البون الشاسع بين المستثمرين الأفراد والمؤسسات والشركات في سوق الاستثمار، وبالتالي الوصول لاتزان بين طرفي السوق».
ولفت إلى أن القطاع المصرفي في حالة إصدار الصكوك وتنويع أسواق الدين يلعب دورا ملحوظا لتنشيط العمليات الاستثمارية المتوازنة، من خلال عملية توسيع دائرة التمويل لدى المستثمرين، سواء أكانوا محليين أو أجانب.
وشدد باعجاجة على ضرورة إسهام هذه المؤسسات المصرفية في إصدار الصكوك، باعتبار أنها تفسح الطريق أمام المستثمرين الأجانب لشرائها، وبالتالي ضخ متصاعد للاستثمار في داخل السعودية عن طريق هذه الصكوك، طالما تمنحهم عائدا مجزيا، مقابل دفع الاستثمار نحو المزيد من النمو.
وزاد أن من شأن ذلك، المساهمة في تنشيط أسواق الأسهم واستراتيجية التداول ويجعل مستقبل العملية الاستثمارية في السوق السعودية جيدا، ذلك لأنها تحسّن من مناخ الاستثمار في المملكة، فضلا عن جذبها للمستثمرين الأجانب، وخاصة أن أسعار الأسهم تعد معقولة وبمعدلات متوسطة ليست مرتفعة، مما يعني حصولهم على ربحية عالية.
وقال باعجاجة: «الآن هيئة سوق المال تضع الضوابط واللوائح لمنع دخول السيولة الساخنة في السوق المال السعودية»، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة زيادة كبيرة في نمو الاستثمارات الأجنبية في المملكة. وقال: «تعد الاستثمارات الأجنبية السعودية كبيرة، إذ تقدر بـ70 مليار ريال قابلة للنمو في ظل المشاريع الضخمة في البنية التحتية خاصة في المدن الكبيرة كالرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث تحتاج مشاريع البنية فيها إلى المزيد من الشركات للعمل في هذا المجال».
من جهته، أكد الدكتور عبد الرحمن باعشن، رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية، أن هناك حاجة لسن تشريعات جديدة تتوافق مع المعايير الدولية لخلق اتزان في السوق الاستثمارية بالسعودية، متوقعا في نفس الوقت زيادة نموه خلال خمسة أعوام مقبلة إلى 20 في المائة.
ولفت إلى المسافة بين الاستثمار الفردي والذي يستحوذ على 95 في المائة من تداولات سوق المال، في حين تستحوذ المؤسسات والشركات على فقط نسبة خمسة في المائة من حصة سوق التداول، ما يعني الحاجة الماسة لخلق حالة اتزان بين أطراف السوق المختلفة.
وشدد باعشن، على أن هناك حاجة حقيقية لسن أو تطبيق أطر تشريعية تسمح بالاستثمارات الأجنبية المباشرة على غرار ما هو معمول به في الصين وتايوان على سبيل المثال، وخاصة أن السعودية تملك أكبر أسواق المال بالمنطقة العربية، على حد تعبيره.



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.