وفد من «فتح» اجتمع مع ليبرمان قبل أسبوعين من استقالته

طالبه بوقف الاقتحامات ورفع الحصار عن قطاع غزة

TT

وفد من «فتح» اجتمع مع ليبرمان قبل أسبوعين من استقالته

قال مسؤول فلسطيني إن السلطة الفلسطينية أبلغت إسرائيل نيتها تعديل الاتفاقات الموقعة بين الجانبين وما زالت تنتظر الرد على ذلك. وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» حسين الشيخ أنه التقى إلى جانب رئيس المخابرات العامة ماجد فرج، الشهر الماضي، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان قبل أن يستقيل من منصبه، ونقلا له الموقف الفلسطيني إلى جانب عدة طلبات.
وقال الشيخ في بيان: «اللقاء مع ليبرمان تم بناء على طلبه وجرى خلال اللقاء حوار ساخن حيث نقلنا موقفنا بشكل واضح ويتمثل ببدء تطبيق قرارات المجلس المركزي الداعية إلى تحديد العلاقة مع سلطة الاحتلال في ظل عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة، وأننا قررنا إعادة النظر بهذه الاتفاقيات. وتم تناول كل التجاوزات والاختراقات الإسرائيلية للاتفاقيات الموقعة، التي لم تعد قائمة أمام الإجراءات الإسرائيلية على الأرض، سواء في القدس أم الاستيطان، ومصادرة الأراضي واقتحامات المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وموضوع الخان الأحمر. ورفضنا قرار الإخلاء والاعتقالات وهدم البيوت».
وأضاف: «كذلك طلبنا رفع كل أشكال الحصار على قطاع غزة، وأمام كل ذلك فإن القيادة الفلسطينية تنتظر الرد النهائي من الحكومة الإسرائيلية على إعادة النظر بالاتفاقيات الموقعة في مساراتها المتعددة».
وتابع: «أكدنا أن خيار إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 4 حزيران 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها، هو الخيار الاستراتيجي الذي يُرسي دعائم السلام والاستقرار في المنطقة. والشعب الفلسطيني يبحث عن الخلاص من الاحتلال ولا يبحث عن تجميل صورة الاحتلال بحلول اقتصادية أو غيرها».
وأردف الشيخ: «نرفض أي حل ينتقص من حقوقنا أو يجزئ وطننا وعلى رأسها صفقة القرن، وأكدنا أن لا دولة في غزة ولا دولة من دون غزة. ورفضنا رؤيته رفضاً قاطعاً، المرتكزة على حلول انتقالية تكرس الاحتلال للأبد على أرضنا. وقلنا إن مرحلة الحلول الانتقالية قد انتهت وإننا نبحث عن حل وحيد يكفل إنهاء الاحتلال على أرضنا وقيام دولتنا المستقلة. ولم يصلنا الرد؛ لأن ليبرمان استقال من منصبه».
وكان ليبرمان قد استقال منتصف الشهر الماضي بعد هدنة مع «حماس» أنهت جولة من القتال مع قطاع غزة استمرت يومين، واتهم الحكومة الإسرائيلية بالاستسلام «للإرهاب».
واضطر الشيخ لتوضيح ظروف اللقاء بعد أن كشفت هيئة البث الإسرائيلي عن لقاء جمع بين أفيغدور ليبرمان ومسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية. وقالت الهيئة إن اللقاء عقد قبل أسبوعين من استقالة ليبرمان وحضره عن الجانب الفلسطيني ماجد فرج مدير جهاز المخابرات الفلسطينية، وحسين الشيخ وزير الشؤون المدنية، وكان إلى جانب ليبرمان، منسق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية، كميل أبو ركن.
وقال مصدر فلسطيني، بحسب هيئة البث الإسرائيلية، إن الاجتماع عقد بطلب من ليبرمان الذي أبدى استعداده للتعاون مع السلطة في المدن الفلسطينية، مضيفا: «اللقاء تناول التنسيق الأمني واحتمال التخفيف من القيود المفروضة على الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية بالضفة الغربية».
ونقلت الهيئة في تقريرها عن المصدر الرسمي قوله، إن «ليبرمان أبلغ المسؤولين الفلسطينيين البارزين في الاجتماع أنه ليس متطرفاً، وأنه لا يشبه نتنياهو، ولا يتفق معه بشأن كل شيء، وأوضح أنه مستعد للتحدث معهم حول التعاون الاقتصادي والأمني في المنطقة المصنفة (أ) في الضفة الغربية، والخاضعة للسيطرة الأمنية والإدارية للسلطة الفلسطينية».
وطلب الوفد الفلسطيني الرسمي من ليبرمان، أن يتوقف الجيش الإسرائيلي عن دخول المناطق (أ) في الضفة الغربية، كما طلبوا السماح للفلسطينيين بتطوير المناطق المصنفة (ج) الخاضعة للسيطرة الأمنية والإدارية لإسرائيل، والسماح بالاستثمارات فيها. وطلب الوفد أيضاً مناقشة الاتفاقيات الاقتصادية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية».
وأكد المصدر الفلسطيني لهيئة البث الإسرائيلية أن «ليبرمان وعدهم بأنه سيعود بإجابات جيدة على الطلبات، في غضون أسبوعين، ثم استقال فجأة ولم يحدث ذلك».
ويبدو أن الفلسطينيين طرحوا ذلك على ليبرمان تجنباً لتنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني من طرف واحد، وهو ما سيعني نوعاً من المواجهة المفتوحة مع إسرائيل.
ويدور نقاش بين الفلسطينيين حول وقف الاتصالات الأمنية وتبادل المعلومات مع إسرائيل وتعديل اتفاق باريس الاقتصادي، نحو التخلص من التبعية لإسرائيل وتسجيل وتسوية الأراضي وإقامة سجل سكاني ومدني مستقل عن إسرائيل.
كما تناقش اللجنة علاقة السلطة بالولايات المتحدة بما قد يشمل إنهاء الاتفاقات الأمنية ومواصلة الانضمام إلى الوكالات والمؤسسات والهيئات الدولية، والعلاقة مع «حماس» بما يشمل وقف تمويل القطاع واتخاذ قرارات بشأن المجلس التشريعي المعطل الذي تسيطر عليه الحركة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.