الجامعة العربية تدعو إلى موقف دولي حازم في مواجهة الاستيطان

طالبت الأمم المتحدة بإعلان قائمة الشركات المتعاونة مع إسرائيل

TT

الجامعة العربية تدعو إلى موقف دولي حازم في مواجهة الاستيطان

دعت جامعة الدول العربية لاتخاذ موقف دولي حازم للتصدي لـ«مخططات التهويد والاستيطان الإسرائيلي، ومواجهة التمادي الإسرائيلي في الاستهتار بإرادة المجتمع الدولي»، وطالبت الأمم المتحدة بـ«الإعلان عن قائمة الشركات المتعاونة مع الاستيطان الإسرائيلي بالأراضي العربية المحتلة».
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها السفير سعيد أبو علي، الأمين العام المساعد للجامعة العربية لقطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة أمس، أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الـ92 لضباط اتصال المكاتب الإقليمية للمقاطعة العربية لإسرائيل، بمشاركة وفود من الدول العربية وممثلين عن منظمة التعاون الإسلامي، والذي عقد بمقر الأمانة العامة للجامعة بالقاهرة.
وأكد السفير أبو علي أهمية الاجتماع الذي يؤدي دوراً محورياً كشكل من أشكال المقاومة السلمية للاحتلال الإسرائيلي. وقال إنه يعقد في ظل التطورات التي تشهدها القضية الفلسطينية، سواء مع استمرار انسداد آفاق السلام، أو استمرار الاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف الأرض والإنسان الفلسطيني، والقمع المتواصل لمسيرات العودة السلميّة في قطاع غزة المحاصر والذي ذهب ضحيته حتى الآن أكثر من 170 شهيدا وأكثر من 9 آلاف جريح، بالإضافة لما تتعرض له القدس من تهويد بعد نقل السفارة الأميركيّة إليها.
وأضاف أبو علي أن مكاتب المقاطعة الإقليمية وضباطها يواصلون نشاطهم ودورهم المعهود في القيام بالمسؤوليات والمهام الموكلة إليهم بحرص وعناية وخاصة في نطاق متابعة قرارات الدورة السابقة والمستجدات ذات الصلة بمبادئ وأحكام المقاطعة وآليات العمل المحددة في الوقت نفسه الذي تتطور فيه حركة المقاطعة الدولية ويتسع نشاطها دعما للمقاطعة العربية.
وتابع: «اتخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عدة إجراءات لمحاربة حركة المقاطعة الدولية (BDS) في محاولة لمضايقة ناشطيها في كل أنحاء العالم ووقف نشاطهم واتهامهم بمعاداة السامية، وكان آخرها قيام وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، بإنشاء شركة دولية باسم (مقلاع سليمان) بهدف الترويج للرواية الإسرائيلية في الخارج، ومواجهة النشاط الدولي لحركة المقاطعة الدولية».
وأضاف أبو علي أنه رغم كل هذه المعوقات فإن حركة مقاطعة إسرائيل تواصل صعودها وانتشارها. ووجه التحية للمواقف الشعبية والرسمية الدولية التي تدعو لمقاطعة المؤسسات والشركات الداعمة للاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة وخاصة تصويت مجلس الشيوخ الآيرلندي، لصالح مشروع قانون يعاقب كل من يستورد أو يساعد على استيراد أو يبيع بضائع أو يقدم خدمات للمستوطنات الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ونوه كذلك بإعلان «مجلس الاشتراكيّة الدوليّة» والذي يضم 140 حزبا اشتراكياً حول العالم، عن تأييده مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات عليها، بالإضافة إلى إعلان مجموعة من المدن الكبرى في إسبانيا خلال شهر يونيو (حزيران) 2018 عن دعمها القوي لحقوق الشعب الفلسطيني، وإدانة القرار الأميركي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة.
كما أشار إلى أن الكثير من المجالس المحلية الإيطالية الكبرى تطالب الحكومة الإيطالية والاتحاد الأوروبي بوقف أو تعليق التجارة العسكرية مع إسرائيل، دعماً للحقوق الفلسطينية واستجابة لنداء حركة المقاطعة الدولية.
ويناقش الاجتماع على مدى ثلاثة أيام عددا من الموضوعات المتعلقة بمبادئ وأحكام المقاطعة العربية المقررة من خلال تطبيق الحظر وإدراج شركات على لائحة المقاطعة وإنذار أو رفع شركات أخرى من لائحة الحظر لاستجابتها لأحكام المقاطعة.
كما يتابع الاجتماع أعمال مكاتب المقاطعة الإقليمية بالدول العربية وتعزيز التنسيق والتعاون والتبادل فيما بينها، بالإضافة لمناقشة بند خاص بحركة المقاطعة الدولية لإسرائيل (BDS) من خلال رصد أنشطتها وإنجازاتها.
من جانبه، قال السفير أنور عبد الهادي، مدير الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية في دمشق: هناك خروقات كثيرة للقرارات العربية لهذه المقاطعة، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني يشعر بألم عندما يرى تطبيعا عربيا مع إسرائيل.
وأضاف أن مبادرة السلام العربية تقول إنه يجب على إسرائيل أن تنسحب من الأراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، وبعد ذلك يتم التطبيع، ولكن للأسف تزايدت عمليات التطبيع بشكل مباشر أو غير مباشر بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب نقل السفارة الأميركية للقدس وإيقاف كل الدعم لفلسطين.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.