السودان: مقترح تعديلات دستورية تمكّن البشير من الحكم مدى الحياة

294 نائباً و33 حزباً قدموا مذكرة لتعديل مادتين في الدستور

TT

السودان: مقترح تعديلات دستورية تمكّن البشير من الحكم مدى الحياة

سلم نواب سودانيون رئيس البرلمان مذكرة تطالب بإجراء تعديلات دستورية تمكن الرئيس عمر البشير و«غيره من رؤساء البلاد»، من الاستمرار في الحكم لفترات مفتوحة، وتمنحه سلطة عزل حكام الولايات المنتخبين من جمهور الولاية المعنية.
وقال النائب عبد الله مسار لدى تسليم المذكرة، إن 294 نائباً ممثلين لـ33 حزباً سياسيا داخل «الهيئة التشريعية القومية»، سلموا مذكرة لرئيس البرلمان تطالب بتعديل المادتين 57 - 178 من الدستور السوداني، تتعلقان بدورات رئاسة الجمهورية، وسلطة الرئيس في عزل الولاة.
وتطالب المذكرة بتعديل المادة 57 من الدستور الحالي لتقرأ: «يحق للرئيس الترشح لدورة رئاسية وأكثر»، بعدما كانت محددة بدورتين رئاسيتين مدة كل واحدة منهما 5 سنوات، بما يجعل من إعادة ترشيح الرئيس الحالي «عمر البشير» المعلن عنه لدورة ثالثة خرقاً للدستور. وتنتهي بحلول عام 2020 آخر دورات الرئيس الحالي للسودان، بعد أن استنفذ دوراته الرئاسية المحددة دستوراً بفترتين رئاسيتين مدة كل منهما 5 سنوات، بانتخابه في 2010، وإعادة انتخابه في 2015.
كما تطالب المذكرة، بتعديل المادة 178 من الدستور المتعلقة باختيار ولاة «حكام» الولايات، لتمنح الرئيس سلطة عزل الحاكم، على الرغم من أن قانون الانتخابات الذي أجازه البرلمان الشهر الماضي، ونص على انتخابهم مباشرة، بعد أن كان القانون السابق يمنح الرئيس سلطة تعيين حكام الولايات.
وقال مسار إن مطالبتهم بتعديل الدستور لتمكين الرئيس من الحكم لأي عدد من الدورات، تكمن أسبابها في الصعوبات التي تواجه السودان، ما يجعل من استمرار الرئيس قضية ملحة، وتابع: «السودان دولة فيها كثير من المشكلات، لذلك تحتاج لاستمرار رئيس الجمهورية وتحتاج لخبراته المتراكمة، لذلك رأينا تعديل الدستور لإتاحة فرصة لاستقرار البلاد».
وبشأن تمكين الرئيس من سلطة عزل الولاة المنتخبين، قال مسار إن الوالي كان يعين من قبل الرئيس، ثم عدلنا القانون لينتخب من الشعب، ومع ذلك يجب أن يخضع لسلطة رئيس الجمهورية، وتابع: «كان الوالي يعين تعييناً ثم جعلناه منتخباً، ويجب أن تكون هناك جهة لمحاسبته»، وأضاف: «تفويض الرئيس شامل مأخوذ من كل الشعب، بينما تفويض الوالي محدود بإقليم، لذلك يجب أن يخضع لرئيس الجمهورية، وبالتالي يجب إعداد التشريعات التي تعطي الرئيس هذه الصلاحية».
من جانبه، تعهد رئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر عقب تسلمه المذكرة، بالالتزام بما أطلق عليه «ما يمليه الدستور واللوائح في تقديم المذكرة للهيئة التشريعية، وبأن يكون للدولة نظام ومؤسسات، والتي يعد تثبيتها جزءا مما دعا له النواب الموقعون على المذكرة».
وقال عمر: «تسلمت مذكرة ممثلي 33 حزباً، مسنودة بتوقيعات 294 نائباً، وجميعكم تقولون بلسان واحد، إنكم ترغبون في تعديل بندين من دستور السودان، البند الأول عدد المرات التي يمكن أن يترشح لها رئيس الجمهورية، والثاني ما ينبغي أن يعطى من سلطات دستورية لرئيس الجمهورية، بالولايات، أي الوالي المنتخب من قبل جمهور الولاية».
وتابع: «لهذين البندين تأثير واضح على صورة الحكم بالسودان، لذلك لا بد من تعديل الدستور، إذا أردتم أن يقوم النظام السياسي السوداني بهذه الكيفية التي ترونها في المذكرة والتعديلات»، وتابع: «التعديلات المطلوبة تستند إلى حيثيات تستدعي أن تجد أذناً صاغية وتدبر من كل أعضاء الهيئة التشريعية».
وقال عمر: «أقول لكم إنكم اتخذتم الطريق الإجرائي الصحيح، وأؤكد أني سألتزم بكل ما يمليه الدستور والقانون واللوائح لنصل لقرار الصحيح، وسأتخذ الإجراءات اللازمة لتدخل الهيئة التشريعية في الوقت المناسب لتتخذ القرارات اللازمة».
فيما قال النائب إسحاق بشير جماع، عن كتلة نواب المستقبل، إن الهدف من المطالبة بالتعديلات هو ضمانة الاستقرار في البلاد، واستلهام للتجربة التاريخية السودانية، وأضاف: «لن نخضع لصور مكررة من تجارب الآخرين، نريد أن نخطو بالتجربة السودانية برضاء السودانيين».
فيما قال النائب علي حسين دوسة (حزب تحرير السودان القومي)، إن تحديد دورات الرئاسة مأخوذ من دساتير بلدان أخرى، وإن تاريخ السودان وتجربته لا يتسقان مع تحديد فترة رئاسة الجمهورية، وتابع: «إذا قرأنا النص مع تاريخنا وتجربة بعض الأمم الكبيرة، أو استلهمنا التاريخ الإسلامي، فلن نجد هناك تحديد لفترة حكم الرئيس، وسنقاتل على تثبيت هذا النص في الدستور القادم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.