بلغ التوتر والصراع السياسي بين حزب النداء وحركة النهضة مداه الأقصى، إثر اقتراح المنجي الحرباوي، القيادي في حزب النداء، تحويل مداخيل «صندوق الكرامة» لفائدة العائلات المعوزة، بدل تقديمه تعويضات لفائدة ضحايا الانتهاكات السياسية خلال الفترة الممتدة من عام 1955 حتى 2013، ومعظمهم من مناضلي النهضة. ويلتقي حزب النداء مع قيادات الجبهة الشعبية اليسارية، التي يتزعمها حمة الهمامي، في انتقاد قبول مؤيدي حركة النهضة لتعويضات مالية عن سنوات نضالهم، إذ أشار المنجي الرحوي، القيادي في الجبهة، إلى أن «من دافعوا عن منهج أو قضية، من غير المعقول أن يطلبوا تعويضات عن هذا النضال».
واستنكرت أطراف سياسية أخرى، على غرار «حزب التيار الديمقراطي»، غياب التعويض لضحايا الاستبداد السياسي، وقالت القيادية في حزب التيار سامية عبو إن من يدفع في هذا الاتجاه يريد «إشعال البلاد»، على حد قولها. وأشارت إلى وجود كثير من الآليات والإجراءات التي يمكن من خلالها تقديم المساعدات لفائدة العائلات الفقيرة.
وشهدت لجنة المالية في البرلمان التونسي تراشقاً بالتهم بين الطرفين، ويرى مراقبون أن حزب النداء يحاول إضعاف حركة النهضة، من خلال اتهامها باستغلال نضالها السياسي للحصول على تعويضات مالية، في حين أن النضال السياسي لا يجازى عليه، بينما تسعى حركة النهضة إلى إرضاء قاعدتها الانتخابية الغاضبة تجاه التوافق السياسي للحزب مع رموز النظام السابق، والعمل على استفادة ضحايا الاستبداد من تعويضات مالية عن زمن الديكتاتورية والسجون والمنافي.
وتشمل مساعدات صندوق الكرامة نحو 10 آلاف ضحية من ضحايا الاستبداد خلال حكم الرئيسين التونسيين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي. وجل الضحايا من المساجين السياسيين، ومعظمهم من حركة النهضة، وهو ما يعني استفادة منتسبي النهضة من أكبر قدر ممكن من التعويضات، إلى جانب عدد محدود من مناضلي الأحزاب اليسارية. ويتولى الصندوق المساهمة في جبر الضرر، والتكفل بالتعويض لضحايا الاستبداد، ضمن مسار العدالة الانتقالية الذي تشرف عليه هيئة الحقيقة والكرامة، التي تترأسها الحقوقية سهام بن سدرين.
وبشأن موقف حركة النهضة من هذا المقترح، قال علي العريض، الأمين العام لحركة النهضة، إن ما اقترحه حزب النداء يعتبر استهدافاً مباشراً لفئة كبيرة دمرت حياتها على امتداد 60 سنة.
وفي السياق ذاته، أكدت يمينة الزغلامي، القيادية في حركة النهضة، أن اقتراح عدم تمويل صندوق الكرامة، وقتياً، وتحويل اعتماداته المالية إلى العائلات الفقيرة، هدفه الإرباك السياسي فحسب.
وفي المقابل، أكد سفيان طوبال، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب النداء، أن الحزب ليس له ثقة في من سيصدر قوائم المناضلين، ومن سيقدم التعويضات، في إشارة إلى «هيئة الحقيقة والكرامة» المنتهية صلاحياتها منذ شهر مايو (أيار) الماضي، وانتقد حركة النهضة بقوله: «هناك من ناضل للوصول إلى السلطة، وليس من أجل الشعب التونسي»، على حد تعبيره. وكان هذا الصندوق قد خلف جدلاً سياسياً حاداً بين التيارات اليسارية والأحزاب الإسلامية، وعلى رأسها حركة النهضة، منذ اقتراحه قبل أربع سنوات. ففي حين تقول النهضة إن من حق الضحايا، من مختلف الاتجاهات السياسية والآيديولوجية، الحصول على تعويضات عن سنوات الظلم والاستبداد، اعتبرت الأحزاب اليسارية أن النهضة تبحث عن مقابل لسنوات نضالها السياسي، وصرحت قياداتها بأن من ناضل لا ينتظر مكافأة مالية عن نضاله، مهما كانت قسوة تلك النضالات.
على صعيد آخر، أكد سفيان السليطي، المتحدث باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، أن النيابة العامة التونسية أذنت منذ 2 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بفتح تحقيق قضائي حول «الجهاز السري» المزعوم لحركة النهضة، وذلك بعد الاتهامات التي قدمتها هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، اللذين تعرضا للاغتيال سنة 2013. وكانت هذه الهيئة قد أعلنت خلال مؤتمر صحافي عن وجود ما سمته «الغرفة السوداء» بوزارة الداخلية التونسية، وقالت إنها تتضمن وثائق مسروقة من ملف قضائي، عثر عليها بحوزة المتهم مصطفى خضر (منتمٍ إلى حركة النهضة)، وأكدت بالمناسبة ذاتها وجود «جهاز أمني سري» لحركة النهضة يقف وراء عمليتي اغتيال بلعيد والبراهمي، وهو ما نفته قيادات النهضة بشدة.
تونس: انتقادات لقبول مؤيدي «النهضة» تعويضات مالية
تونس: انتقادات لقبول مؤيدي «النهضة» تعويضات مالية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة