انطلاق بينالي شرم الشيخ الدولي بمشاركة 50 فناناً من العالم

التقطوا خيوطهم الأولى من فضاء المدينة

يقوم الفنانون المشاركون في بينالي شرم الشيخ  بالرسم في السوق القديمة وخليج نعمة والوديان المتاخمة للمدينة
يقوم الفنانون المشاركون في بينالي شرم الشيخ بالرسم في السوق القديمة وخليج نعمة والوديان المتاخمة للمدينة
TT

انطلاق بينالي شرم الشيخ الدولي بمشاركة 50 فناناً من العالم

يقوم الفنانون المشاركون في بينالي شرم الشيخ  بالرسم في السوق القديمة وخليج نعمة والوديان المتاخمة للمدينة
يقوم الفنانون المشاركون في بينالي شرم الشيخ بالرسم في السوق القديمة وخليج نعمة والوديان المتاخمة للمدينة

افتتح 50 فناناً من مصر وإيطاليا وإنجلترا فعاليات الدورة الثالثة لبينالي شرم الشيخ الدولي للفنون، التي ترفع شعار «شرم الشيخ مدينة السلام». ووسط أحد المنتجعات السياحية، الذي يستضيف البينالي منذ دورته الأولى وأحد الداعمين له، بدأ الفنانون صباح أول من أمس ملامسة الخيوط الأولى لحوار فني متنوع سوف يستمر بينهم على مدى أيام البينالي الثامنة.
تنوعت ملامسة الفنانين لهذه الحوارية الفنية بصرياً ونفسياً وجمالياً، فما إن تسلموا أدواتهم من إدارة البينالي حتى بدأوا ينصبون حواملهم ويتوزعون بساحة السوق التجارية بالمنتجع، في حالة من التلصص الفني المغوي على من الأسرع في الاستجابة الفورية للرسم على المسطح الأبيض؛ حيث يعتمد إيقاع الرسم على الفن السريع المباشر «الارتجالي».
وهناك بالفعل فنانون بدأوا في التقاط تكويناتهم وخطوطهم من فضاء شرم الشيخ الشاسع، الذي يغمر اللوحات بحالة من النور استثنائية قلما تتوفر في فضاءات طبيعية أخرى. هناك من حلّق بفرشاته في السماء مقتنصاً تراسلات الغيوم كحالة بصرية متلاحقة، تتكثف في الأعلى فيما تخف تدريجياً في أسفل اللوحة حيث يقبع وجه فتاة نضرة تكسر حياد الفراغ في اللوحة وتلمه وكأنها تختصره في ملامحها وفي رقتها. لقد أراد الفنان أن يعبر عن عناق البشر بالطبيعة.
وركز الفنانون المصريون على تيمات من التراث الشعبي النوبي على وجه الخصوص، وهناك من اشتغل على التجريد كمعادل بصري لما يدور داخل الذات الإنسانية، ومن بينهم اتخذ الفنان إبراهيم الطنبولي منحًى فنياً مختلفاً اعتمد على إشاعة النور بين علاقات تجريدية متشابكة تنهض على قوة الانفعال والارتجال في تكوين الشكل الفني، فاستطاع أن يقدم في لوحة من الحجم الكبير نسبياً عالماً ثرياً تتداخل فيه الأمكنة والأزمنة وتتعدد مستويات الرؤية من أسفل إلى أعلى اللوحة، وأيضاً من زواياها المختلفة.
هذه الاستجابات السريعة تؤكد قدرة معظم الفنانين في هذا البينالي على الدمج بين ذواتهم وعوالمهم الفنية، ما يجعل البينالي حالة فنية مفتوحة على خطواته في دوراته الأولى وهذه الدورة والدورات المقبلة.
وفي المساء، دشن محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة افتتاح البينالي رسمياً، مؤكداً في حواره مع الفنانين الضيوف، أوروبيين ومصريين أثناء تجوله في المعرض الذي أقيم على هامش الاحتفال، دعمه المستمر لهذا البينالي، وحل أي مشكلات أو معوقات تعترضه، وأنه يطمح إلى اتساع فضاء البينالي ليشمل كثيراً من فناني العالم. ووجّه بهذه المناسبة رسالة إلى الفنانين يحضّهم فيها على دعوة أصدقائهم الفنانين للمشاركة في البينالي في دوراته القادمة.
وقدّم الفنان جمال مليكة (قوميسور البينالي) ومؤسسه الشكر للفنانين المشاركين في هذا الدورة، متمنياً لهم أوقاتاً خصبة مع الفن.
يشار إلى أن البينالي يخرج في أماكن مفتوح داخل مدينة شرم الشيخ وخارجها حيث يقوم الفنانون بالرسم في السوق القديمة وخليج نعمة والوديان المتاخمة للمدينة، وقد اقترح المحافظ أن يخصصوا يوماً للرسم في مدينة سانت كاترين.
يذكر أن جائزة البينالي الكبرى تذهب لفنان واحد عن أعماله التي قدمها أثناء مشاركته، وهي جائزة رمزية تتمثل في درع مدينة شرم الشيخ، بالإضافة إلى دعوة من المنتجع (أحد رعاة البينالي) للإقامة لمدة 10 أيام مجاناً بصحبة رفيق، ويتحمل المنتجع تذاكر السفر. ويمنح البينالي جوائز تكريمية لبعض الفنانين. ويستضيف البينالي على هامش فعاليته عدداً من أطفال المدارس المصرية الذين لديهم موهبة فن الرسم حتى يحتكوا بالفنانين ويستفيدوا من خبراتهم.



السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

يحتفل الأمازيغ حول العالم وخاصة في المغرب العربي بعيد رأس السنة الأمازيغية في 12 أو 13 من يناير (كانون الثاني)، التي توافق عام 2975 بالتقويم الأمازيغي. ويطلق على العيد اسم «يناير»، وتحمل الاحتفالات به معاني متوارثة للتأكيد على التمسك بالأرض والاعتزاز بخيراتها.

وتتميز الاحتفالات بطقوس وتقاليد متنوعة توارثها شعب الأمازيغ لأجيال عديدة، في أجواء عائلية ومليئة بالفعاليات الثقافية والفنية.

وينتشر الاحتفال ﺑ«يناير» بشكل خاص في دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا والنيجر ومالي وسيوة بمصر.

أمازيغ يحتفلون بالعام الجديد من التقويم الأمازيغي في الرباط بالمغرب 13 يناير 2023 (رويترز)

جذور الاحتفال

يعود تاريخ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى العصور القديمة، وهو متجذر في الحكايات الشعبية والأساطير في شمال أفريقيا، ويمثل الرابطة بين الأمازيغ والأرض التي يعيشون عليها، فضلاً عن ثروة الأرض وكرمها. ومن ثمّ فإن يناير هو احتفال بالطبيعة والحياة الزراعية والبعث والوفرة.

ويرتبط الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة بأصل تقويمي نشأ قبل التاريخ، يعكس تنظيم الحياة وفق دورات الفصول.

وفي الآونة الأخيرة، اكتسب الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أهمية إضافية كوسيلة للحفاظ على الهوية الثقافية الأمازيغية حية.

ومصطلح «يناير» هو أيضاً الاسم الذي يُطلق على الشهر الأول من التقويم الأمازيغي.

خلال احتفال لأمازيغ جزائريين برأس السنة الأمازيغية الجديدة «يناير» في ولاية تيزي وزو شرق العاصمة الجزائر (رويترز)

متى رأس السنة الأمازيغية؟

إن المساء الذي يسبق يناير (رأس السنة الأمازيغية) هو مناسبة تعرف باسم «باب السَنَة» عند القبائل في الجزائر أو «عيد سوغاس» عند الجماعات الأمازيغية في المغرب. ويصادف هذا الحدث يوم 12 يناير ويمثل بداية الاحتفالات في الجزائر، كما تبدأ جماعات أمازيغية في المغرب وأماكن أخرى احتفالاتها في 13 يناير.

يبدأ التقويم الزراعي للأمازيغ في 13 يناير وهو مستوحى من التقويم اليولياني الذي كان مهيمناً في شمال أفريقيا خلال أيام الحكم الروماني.

يمثل يناير أيضاً بداية فترة مدتها 20 يوماً تُعرف باسم «الليالي السود»، التي تمثل واحدة من أبرد أوقات السنة.

أمازيغ جزائريون يحتفلون بعيد رأس السنة الأمازيغية 2975 في قرية الساحل جنوب تيزي وزو شرقي العاصمة الجزائر 12 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ما التقويم الأمازيغي؟

بدأ التقويم الأمازيغي في اتخاذ شكل رسمي في الستينات عندما قررت الأكاديمية البربرية، وهي جمعية ثقافية أمازيغية مقرها باريس، البدء في حساب السنوات الأمازيغية من عام 950 قبل الميلاد. تم اختيار التاريخ ليتوافق مع صعود الفرعون شيشنق الأول إلى عرش مصر.

وشيشنق كان أمازيغياً، وهو أحد أبرز الشخصيات الأمازيغية في تاريخ شمال أفريقيا القديم. بالنسبة للأمازيغ، يرمز هذا التاريخ إلى القوة والسلطة.

رجال أمازيغ يرتدون ملابس تقليدية يقدمون الطعام خلال احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

كيف تستعد لرأس السنة الأمازيغية؟

تتركز احتفالات يناير على التجمعات العائلية والاستمتاع بالموسيقى المبهجة. تستعد معظم العائلات لهذا اليوم من خلال إعداد وليمة من الأطعمة التقليدية مع قيام الأمهات بتحضير الترتيبات الخاصة بالوجبة.

كما أصبح من المعتاد ارتداء الملابس التقليدية الأمازيغية والمجوهرات خصيصاً لهذه المناسبة.

وتماشياً مع معاني العيد المرتبطة بالتجديد والثروة والحياة، أصبح يناير مناسبة لأحداث مهمة لدى السكان مثل حفلات الزفاف والختان وقص شعر الطفل لأول مرة.

يحتفل الأمازيغ في جميع أنحاء منطقة المغرب العربي وكذلك أجزاء من مصر بعيد «يناير» أو رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

ما الذي ترمز إليه الاحتفالات؟

يتعلق الاحتفال بيوم يناير بالعيش في وئام مع الطبيعة على الرغم من قدرتها على خلق ظروف تهدد الحياة، مثل الأمطار الغزيرة والبرد والتهديد الدائم بالمجاعة. وفي مواجهة هذه المصاعب، كان الأمازيغ القدماء يقدسون الطبيعة.

تغيرت المعتقدات الدينية مع وصول اليهودية والمسيحية والإسلام لاحقاً إلى شمال أفريقيا، لكن الاحتفال ظل قائماً.

تقول الأسطورة إن من يحتفل بيوم يناير سيقضي بقية العام دون أن يقلق بشأن المجاعة أو الفقر.

نساء يحضّرن طعاماً تقليدياً لعيد رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

يتم التعبير عن وفرة الثروة من خلال طهي الكسكس مع سبعة خضراوات وسبعة توابل مختلفة.

في الماضي، كان على كل فرد من أفراد الأسرة أن يأكل دجاجة بمفرده للتأكد من شبعه في يوم يناير. وترمز البطن الممتلئة في يناير إلى الامتلاء والرخاء لمدة عام كامل.

ومن التقاليد أيضاً أن تأخذ النساء بعض الفتات وتتركه بالخارج للحشرات والطيور، وهي لفتة رمزية للتأكد من عدم جوع أي كائن حي في العيد.