أميركا تحرص على إعطاء أفضلية لشركاتها

أثناء إبرام اتفاقياتها التجارية مع الدول

أميركا تحرص على إعطاء أفضلية لشركاتها
TT

أميركا تحرص على إعطاء أفضلية لشركاتها

أميركا تحرص على إعطاء أفضلية لشركاتها

عندما أصدرت السلطات الفيتنامية هذا العام قواعد جديدة لتنظيم استخدام شبكة الإنترنت في البلاد، شعر مجتمع صناعة التكنولوجيا في الولايات المتحدة ببعض القلق.
وتضيق تلك الضوابط الخناق على الخطاب السياسي، كما تطالب الشركات، مثل «فيس بوك» و«غوغل»، بضخ استثمارات في البنية الحاسوبية المحلية، وتخزين البيانات والمعلومات على شركات الإنترنت الفيتنامية، كما أنها من الممكن أن تجبر مصنعي الرقائق الإلكترونية على نزع مميزات التشفير القياسية من المعالجات التي تنتجها.
وبينما تقترب الولايات المتحدة و11 دولة أخرى من توقيع اتفاقية تجارية جديدة، أصبحت تلك النوعية من المعايير المحلية المقيدة، التي تصدرها كل دولة على حدة، هي سبب المعركة الرئيس في الجدال الذي من الممكن أن يعيد صياغة مستقبل عدد من الصناعات التي تلعب دورا حيويا في نمو الاقتصاد الأميركي.
ومثل الكثير من الاتفاقيات التجارية السابقة، تحظى اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادي بنصيبها من القضايا الخلافية التي ثارت في الماضي، من بين تلك القضايا الخلافية هل سيؤثر الدعم الذي يجري توفيره لمنتجي السكر الأميركيين على منتجي السكر في البلاد الأخرى، وما إذا كانت السوق اليابانية ستفتح أبوابها على مصراعيها لشراء السيارات أجنبية الصنع.
غير أن المعارك الأكبر سوف تشتعل، وهذا هو المبرر وراء وضع إدارة الرئيس أوباما لتلك القضايا على قائمة أولوياتها فيما يخص اتفاقية المحيط الهادي، حول عدة قضايا مثل وضع الضوابط الخاصة بشبكة الإنترنت والتجارة الإلكترونية، والضوابط الخاصة ببراءات الاختراع وبيع منتجات التكنولوجيا الحيوية، وكذلك مراقبة أنشطة الخدمات اللوجستية وأنشطة الاستشارات وإدارة الطاقة والصناعات الخدمية الأخرى التي تحتفظ فيها الولايات المتحدة بميزة تنافسية كبيرة.
وربما تبدو فيتنام دولة صغيرة، بيد أنه خلال المعارك التي ستثور حول مستقبل الاقتصاد العالمي، تشكل جهود تلك الدولة الصغيرة لفرض الضوابط على شبكة الإنترنت رمزا لمفترق طرق يؤدي أحد فروعه إلى مزيد من القيود وبيئة أعمال أكثر تكلفة، بينما يوفر فرعه الآخر مزيدا من الحرية لنمو التجارة العالمية.
وتأمل الحكومة الأميركية ومجتمع الصناعة إنه إذا جرى توقيع اتفاقية تجارية مع الاثنتى عشرة دولة، التي تضمها تلك الاتفاقية، من بينها فيتنام واليابان، بالإضافة إلى شركاء أميركا التجاريين الأساسيين مثل كندا والمكسيك، فضلا عن الدول الصغيرة ذات النفوذ الاقتصادي الكبير مثل سنغافورة، فإن تلك الاتفاقية سيكون لها تأثير واسع، كما وستضع الضوابط التي ستحكم التجارة في منطقة آسيا والمحيط الهادي التي تنمو اقتصادياتها بسرعة كبيرة.
ويرى مايكل وين، باحث في مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار، ضرورة وضع قواعد عالمية للتجارة والاستثمار في الكثير من الصناعات التكنولوجية الناشئة والصناعات الأخرى، والقاعدة الأساسية هنا هي وضع سياسات أكثر اعتمادا على الولايات المتحدة، بدلا من تلك الموجودة في دول مثل الصين التي تحاول إجبار الشركات على الاستثمار محليا أو نقل التكنولوجيا إلى شركاء محليين. ولذا فإن الأمر يتعلق بالرغبة في رفع بقية العالم إلى مستوى الولايات المتحدة.
ويرى المعارضون وجها آخر لهذا النقاش، وهو أن تراجع القيود المحلية يعني تقلص السيطرة المحلية. وخلال بعض جولات المفاوضات التي بلغت 20 جولة، تعرضت الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادي إلى انتقادات كونها غير ديمقراطية إلى حد بعيد، وتؤسس لما يمكن أن يصبح تشريعات داخلية هامة عبر مفاوضات دبلوماسية لا عبر عملية تشريعية مفتوحة. ربما يخدم ذلك الولايات المتحدة بشكل جيد فيما يتعلق بزيادة الوظائف البحثية في الشركات الدوائية أو توسيع نطاق وادي السليكون، لكنها، بحسب المعارضين، قد ترفع أسعار الدواء في الدول الأخرى وتؤدي إلى تراجع الاستثمارات التكنولوجية المحلية.
وتوجه انتقادات مماثلة بشأن اتفاقية منفصلة بين الولايات المتحدة وأوروبا تسعى إلى توحيد التشريعات الصحية والأمنية والتشريعات الأخرى بين الاقتصادين. ويبدي المنتقدون قلقا من أن تجعل المعاهدة من أضعف مجموعة من القواعد معيارا لكل شيء.
ويعتقد أن المفاوضات بشأن الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادي تقترب من الاكتمال. غير أن هناك توقعات بنشوب معركة قانونية حول السياسة التجارية للولايات المتحدة بداية العام المقبل، عندما سيطلب من الكونغرس منح الرئيس أوباما نفس سلطة المسار السريع التي سمحت للرؤساء السابقين بالتفاوض بشأن الاتفاقات التجارية وتلقى تصويتا إما بالموافقة أو الرفض في الكونغرس.
وتؤكد بعض الشخصيات البارزة في ذلك النزاع، ومن بينهم النائب الأميركي ساندر ليفن، أن المناقشة المقبلة ستكون قوية ومفصلة قدر الإمكان لتهدئة المخاوف من ألا يحظى الكونغرس بسلطة تعديل اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادي في حال تم تبني مسار سريع.
لن يكون هناك افتقار للصناعات الرائدة التي ستدعم مثل هذه الموافقة. حيث تتوقع شركات الخدمات اللوجستية والخدمات الأخرى إمكانات هائلة بالنسبة للولايات المتحدة في حال تم رفع القيود الحكومية عن الأسواق في آسيا وهو ما سيسمح لهم بتسيير عمليات الشحن وتجارة التجزئة والإدارة والأنظمة الأخرى. وتأمل شركات التكنولوجيا الحيوية في أن تمد الاتفاقية إلى الدول الأخرى 12 عاما من الحماية التي يملكونها الآن بموجب القانون الأميركي حول معلومات البحث المستخدم في تطوير منتجات دوائية بيولوجية.
ويقول مارك غرايزون، المتحدث باسم شركة الأبحاث الدوائية والصناعات الأميركية: «تقوم الدول الآن بعمليات التطوير وإصدار تشريعاتها الخاصة، لحماية براءات الاختراع التي ستقدم إلى مركبات التكنولوجيا الحيوية والأبحاث اللازمة لإثبات فعاليتها. وهذا تفكير متقدم، فالبيولوجيا هي حيث توجد القيم والأبحاث».
وربما تواجه الإدارة بعض التحديات غير المألوفة، ففي جلسة الاستماع العامة حول الاتفاقية مع أوروبا الأسبوع الماضي، أكدت النائبة عن ولاية ماين، شارون تريت، أن المعاهدة المقترحة مع أوروبا واتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادي ربما تتعارض مع الانقسام الدستوري للسلطة في الولايات المتحدة بين الولاية والحكومة المركزية. وأعربت عن قلقها، على سبيل المثال، من أن الولايات ربما ينتهي بها الحال إلى سلطات أقل في وضع جودة المياه المحلية أو قواعد استخدام المبيدات خشية انتهاك المعاهدة وخضوعها للقوانين التي تتيح للمستثمرين مقاضاة الولايات عبر نظام قضائي دولي منفصل بدلا من المحاكم المحلية.
* خدمة «واشنطن بوست»



الشركات البريطانية تخفض التوظيف بأكبر وتيرة منذ الجائحة بسبب الضرائب

حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
TT

الشركات البريطانية تخفض التوظيف بأكبر وتيرة منذ الجائحة بسبب الضرائب

حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)

خفضت الشركات البريطانية أعداد موظفيها بأكبر وتيرة منذ جائحة «كوفيد - 19»، وسجلت أدنى مستوى من الثقة منذ فترات الإغلاق، وفقاً لنتائج مسحين ألقيا باللوم بشكل رئيس على الزيادات الضريبية التي فرضتها الحكومة الجديدة.

وأظهرت البيانات الصادرة عن مؤشر مديري المشتريات العالمي الأولي لشهر ديسمبر (كانون الأول)، إلى جانب استطلاع ربع سنوي أجرته هيئة التصنيع «ميك يو كيه»، مزيداً من الإشارات على تباطؤ الاقتصاد المرتبط بموازنة وزيرة المالية، راشيل ريفز، التي أُعلنت في 30 أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

وبالإضافة إلى الامتناع عن استبدال الموظفين الذين غادروا، قامت بعض الشركات بتقليص ساعات العمل، واستكمال عمليات إعادة الهيكلة المخطط لها مسبقاً. وباستثناء الوباء، يعد هذا أكبر انخفاض في التوظيف منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009.

ورغم تراجع التوظيف، ارتفع مقياس مؤشر مديري المشتريات للأسعار التي تفرضها الشركات، مما قد يثير قلق لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، التي تراقب تأثير زيادات مساهمات الضمان الاجتماعي على أرباب العمل. وعقب نشر البيانات، شهد الجنيه الإسترليني زيادة مؤقتة، حيث ركز المستثمرون على الضغوط السعرية التي وردت في التقرير.

وقال توماس بوغ، الخبير الاقتصادي في شركة المحاسبة «آر إس إم يو كيه»: «تواجه لجنة السياسة النقدية الآن معادلة صعبة بين النمو البطيء وارتفاع التضخم، مما سيضطرها إلى خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي العام المقبل». وأضاف: «من غير المرجح أن يقدم بنك إنجلترا هدية عيد الميلاد المبكرة هذا الأسبوع»، في إشارة إلى قرار البنك بشأن أسعار الفائدة لشهر ديسمبر، الذي يُتوقع أن يبقي تكاليف الاقتراض ثابتة.

واستقر مؤشر مديري المشتريات الرئيس عند 50.5 متجاوزاً بقليل مستوى الـ50 الذي يشير إلى الاستقرار، لكنه جاء أقل من توقعات الخبراء التي كانت تشير إلى ارتفاعه إلى 50.7.

وفيما يتعلق بالقطاعات، انخفض نشاط التصنيع إلى أدنى مستوى له في 11 شهراً، رغم تحسن قطاع الخدمات. ومع ذلك، تراجعت معدلات التوظيف في كلا القطاعين بأكبر قدر منذ يناير (كانون الثاني) 2021، وفي المقابل، شهدت الأسعار التي تفرضها الشركات أكبر زيادة خلال تسعة أشهر، مدفوعة بارتفاع تكاليف المدخلات، بما في ذلك الأجور.

وقال كريس ويليامسون، كبير الخبراء الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركتس إنتليجنس»: «لقد فقد الاقتصاد الزخم الذي شهده في وقت سابق من العام، حيث استجابت الشركات والأسر بشكل سلبي لسياسات حكومة حزب (العمال) المتشائمة».

من جانب آخر، أظهرت مسوحات «ميك يو كيه» انخفاضاً أشد في الثقة بين الشركات المصنعة منذ بداية الجائحة، حيث قال فاهين خان، كبير خبراء الاقتصاد في «ميك يو كيه»: «بعد مواجهة الارتفاع المستمر في التكاليف طوال العام، يواجه المصنعون الآن أزمة حقيقية في التكاليف».

بالإضافة إلى زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (32 مليار دولار) في مساهمات الضمان الاجتماعي التي فرضها أصحاب العمل وفقاً لموازنة ريفز، من المقرر أن يرتفع الحد الأدنى للأجور في بريطانيا بحلول أبريل (نيسان) بنسبة 7 في المائة.

وأظهرت استطلاعات حديثة أيضاً انخفاضاً في نيات التوظيف من قبل أصحاب العمل، في حين أظهرت البيانات الرسمية الأسبوع الماضي انكماش الاقتصاد البريطاني في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ عام 2020.