إسرائيل ستنقل الدفعة الثانية من أموال قطر لـ«حماس»

«فتح» ترى في ذلك مخالفة لقوانين مكافحة التهريب وتعزيزاً لـ«الانقلاب»

موظفون في غزة ينتظرون تلقي بعض رواتبهم بعد وصول أموال قطرية الشهر الماضي (أ.ب)
موظفون في غزة ينتظرون تلقي بعض رواتبهم بعد وصول أموال قطرية الشهر الماضي (أ.ب)
TT

إسرائيل ستنقل الدفعة الثانية من أموال قطر لـ«حماس»

موظفون في غزة ينتظرون تلقي بعض رواتبهم بعد وصول أموال قطرية الشهر الماضي (أ.ب)
موظفون في غزة ينتظرون تلقي بعض رواتبهم بعد وصول أموال قطرية الشهر الماضي (أ.ب)

قالت مصادر إسرائيلية أمس، بأن حركة «حماس» ستتسلم خلال هذا الأسبوع الدفعة الثانية من الأموال القطرية المخصصة لدفع رواتب موظفي الحركة في قطاع غزة وقدرها 15 مليون دولار.
وجاء القرار الإسرائيلي بعد مشاورات بشأن دفع الأموال من عدمه وكيفية ذلك في ظل التصعيد الكبير الشهر الماضي الذي تبع تحويل مبلغ مماثل.
وقالت تقارير سابقة بأن «حماس» هددت بتصعيد شعبي ضمن مسيرات العودة إذا لم تلتزم إسرائيل بتحويل هذه الأموال. وتستعد الحركة نهاية الأسبوع بالاحتفال بالذكرى الـ31 للانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987. وكذلك بذكرى انطلاقتها. وتساءلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن كانت الخطوة التي تتم بموافقة إسرائيل ستمر بخير، بالنظر إلى المرة الأخيرة التي تم فيها نقل 15 مليون دولار لحركة «حماس».
وقالت الصحيفة إن «المرة الأخيرة التي نقلت فيها حقائب دولارات لحماس انتهت بتصعيد خطير بين إسرائيل والحركة، تمثل بإطلاق نحو 500 صاروخ من القطاع نحو إسرائيل، وقصف مبانٍ عالية في غزة، واستقالة وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، ما أدى إلى زلزال سياسي في إسرائيل ما زال يهدد استقرار حكومة نتنياهو.
وكان يدور جدل في إسرائيل حول إرسال الأموال مرة ثانية لـ«حماس» وكيفية إدخالها. وما زال غير واضح كيف سيتم نقل الدفعة الثانية من الأموال إلى غزة.
وقالت مصادر إسرائيلية بأن «صور إدخال الحقائب المحملة بالأموال القطرية، عن طريق معبر إيرز بالمرة السابقة، أثار موجة من الانتقادات للحكومة الإسرائيلية».
وقالت مصادر أمنية إسرائيلية بأنه ليس من الواضح حتى الآن كيف سيتم إدخال الدفعة الثانية. ويفترض أن تمنع إسرائيل تصوير الحقائب كما جرى في المرة الأولى.
وكتبت «يديعوت» أن جزءا كبيرا من الأموال التي ستدخل غزة في الأيام القريبة ستوزع على نحو 30 ألف موظف يعملون لدى «حماس». وسيذهب جزء إلى عائلات المصابين والقتلى في نشاطات «مسيرة العودة الكبرى».
ونقلت قطر الشهر الماضي 15 مليون في حقائب حملها الدبلوماسي القطري محمد العمادي ما أثار جدلا واسعا وقاسيا في إسرائيل وغضبا كبيرا في رام الله التي اتهمت قطر بدعم خطط لانفصال قطاع غزة عبر تقديم الدعم المالي لحركة «حماس».
وتمثل الـ15 مليون دولار الأولى والثانية المتوقعة الدفعة الأولى من أصل 90 مليون دولار رصدتها قطر لدفع أموال موظفي حركة «حماس». ووافقت إسرائيل على أن تدفع قطر أموالاً لـ«حماس» على أن تخضع الأسماء لرقابة أمنية.
ووصلت الأموال الشهر الماضي، ووزعت في ظل حالة من الهدوء في القطاع ومع تراجع ملحوظ في زخم مسيرات العودة على الحدود التي انطلقت في 30 مارس (آذار) الماضي، وخلفت 220 قتيلا فلسطينيا.
وكبحت «حماس» جماح متظاهرين ومنعتهم من الوصول إلى الحدود كما أوقفت عمليات إطلاق البالونات والطائرات الحارقة باتجاه إسرائيل ضمن اتفاق هدوء يقابله السماح بإدخال الأموال والوقود القطري إلى القطاع، هو الاتفاق الذي عدته حركة «فتح» بأنه مقايضة الدم بالمال.
ورغم تعهدات «حماس» اللاحقة بلجم المظاهرات عند السياج وتخفيف حدتها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وطمأنة المجلس المصغر الإسرائيلي بأن الأموال التي تنقل إلى «حماس» تخضع لرقابة، وتصل إلى جهات وافقت إسرائيل على نقل الأموال إليها، قال وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان، إن لا ضمانات بالا تنقل الأموال لنشاطات عسكرية لحركة «حماس».
وهاجمت حركة «فتح» أمس «حماس» قائلة على لسان رئيس مكتبها الإعلامي منير الجاغوب، إن حركة «حماس» تنتظر الدفعة الثانية من الأموال القطرية المهربة عبر مطار اللد (بن غوريون) «لتوزيعها على قياداتها وعناصرها، بما يتعارض مع القانونين الفلسطينية التي تكافح التهريب». وأضاف الجاغوب أن «هذه الأموال تدعم الانقسام وترسخ سلطة الانقلاب، بدلاً من إنجاز المصالحة الوطنية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».