التحالف الدولي يقتل قيادياً «داعشياً» أعدم رهائن غربيين

«أبو العمرين» ضالع بذبح الأميركي كاسيغ في سوريا

الأميركي بيتر كاسيغ الذي اعتنق الإسلام وغير اسمه إلى عبد الرحمن قبل إعدامه على يد قيادي داعشي (أ.ب)
الأميركي بيتر كاسيغ الذي اعتنق الإسلام وغير اسمه إلى عبد الرحمن قبل إعدامه على يد قيادي داعشي (أ.ب)
TT

التحالف الدولي يقتل قيادياً «داعشياً» أعدم رهائن غربيين

الأميركي بيتر كاسيغ الذي اعتنق الإسلام وغير اسمه إلى عبد الرحمن قبل إعدامه على يد قيادي داعشي (أ.ب)
الأميركي بيتر كاسيغ الذي اعتنق الإسلام وغير اسمه إلى عبد الرحمن قبل إعدامه على يد قيادي داعشي (أ.ب)

قال المبعوث الأميركي للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم «داعش» بقيادة واشنطن، إن طائرات حربية للتحالف شنت ضربات، أول من أمس، أسفرت عن مقتل قيادي في التنظيم بسوريا مسؤول عن إعدام رهائن من بينهم أميركي. وكتب المبعوث بريت ماكغورك تغريدة في ساعة متأخرة ليلة أول من أمس قال فيها: «نفذت القوات الجوية للتحالف ضربات دقيقة في وقت سابق اليوم على عدد من قادة (داعش) بجنوب شرقي سوريا. ومن بين المستهدفين أبو العمرين». وقال ماكغورك إن «أبو العمرين» مسؤول عن قتل عدد من الأسرى، من بينهم الأميركي بيتر كاسيغ العامل في مجال الإغاثة الذي خطفه التنظيم المتشدد في سوريا وقطع رأسه عام 2014.
وأفادت وسائل الإعلام الرسمية السورية ليلة أمس بأن الولايات المتحدة أطلقت صواريخ على مواقع للحكومة السورية في الصحراء بشرق سوريا. وخسر تنظيم «داعش» معظم أراضي الدولة التي أعلنها في العراق وسوريا؛ بما في ذلك مدينتا الموصل والرقة العام الماضي. ويدعم التحالف بقيادة الولايات المتحدة عددا من الجماعات المسلحة الكردية والعربية في هجوم على آخر منطقة تحت سيطرة التنظيم المتشدد في شرق سوريا قرب الحدود مع العراق. وقال الجيش السوري الشهر الماضي إنه استكمل عملية خاصة به في جيب لتنظيم داعش بالجنوب. وقال الكولونيل شون رايان المتحدث باسم التحالف إن الضربات التي شنتها الطائرات في صحراء البادية بشرق سوريا أسفرت عن قتل أعضاء آخرين كثيرين في «داعش». وأضاف أن أبو العمرين «أبدى مؤشرات على أنه يمثل تهديدا وشيكا لقوات التحالف».
وقال الكولونيل شون رايان في رسالة إلكترونية لوكالة الصحافة الفرنسية: «نفّذت قوات التحالف ضربات دقيقة ضد عنصر بارز من تنظيم داعش. أبو العمرين ضالع في قتل كاسيغ الذي خطف في سوريا في 2013 وبث التنظيم الجهادي شريط فيديو يصوّر إعدامه في نوفمبر (تشرين الثاني) تشرين الثاني 2014».
واستهدفت الضربات ذاتها، وفق رايان، عناصر آخرين من التنظيم المتشدد إلى جانب «أبو العمرين» الذي كان «مرتبطاً ومشاركاً بشكل مباشر في إعدام كثير من السجناء» لدى التنظيم. وأكّد المتحدّث أنّ «غارات التحالف تواصل شلّ قيادة التنظيم وسيطرته على أرض المعركة بينما نقضي على الشخصيات البارزة في صفوفهم».
وكان التنظيم المتطرّف نشر في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 شريط فيديو ظهر فيه رجل ملثّم يرتدي ملابس سوداء وهو يدل على رأس رجل ملقى عند قدميه، ويقول باللغة الإنجليزية: «هذا هو بيتر إدوارد كاسيغ المواطن الأميركي». وبيتر كاسيغ جندي أميركي سابق قاتل في العراق، لكنّه ترك الجيش وقرّر تكريس حياته للعمل التطوّعي، فعمل في مستشفيات وعيادات في لبنان وتركيا تستقبل السوريين الذين فروا من بلادهم، بالإضافة إلى عمله في مناطق منكوبة في سوريا. ويقول أصدقاء كاسيغ إنّه اعتنق الإسلام واتّخذ لنفسه اسم عبد الرحمن. وخطف في أكتوبر (تشرين الأول) 2013 بينما كان في مهمّة لنقل مساعدات إنسانية إلى سوريا. ومنذ عام 2014، يوجّه التحالف ضربات تستهدف مواقع تنظيم داعش في العراق وسوريا، حيث تقلّصت مساحة سيطرة التنظيم المتطرف إلى مناطق محدودة في البادية السورية؛ أبرزها في ريف حمص الشرقي وعلى الضفاف الشرقية لنهر الفرات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم