شاشة الناقد

في كنف كل جبل

«ذا هوبيت: خراب سموغ» إلى قلب الجبل
«ذا هوبيت: خراب سموغ» إلى قلب الجبل
TT

شاشة الناقد

«ذا هوبيت: خراب سموغ» إلى قلب الجبل
«ذا هوبيت: خراب سموغ» إلى قلب الجبل

الفيلم: The Hobbit: The Desolation of Smaug
إخراج: بيتر جاكسون
تقييم الناقد:(*3)(من خمسة)
ينطلق الجزء الثاني من الثلاثية الجديدة للمخرج بيتر جاكسون، التي تقع أحداثها زمنيا قبل ثلاثية «سيد الخواتم»، من حيث انتهى الجزء الأول «ذا هوبيت: الرحلة غير المتوقعة» (2012). الساحر غاندالف (إيان مكيلين) لا يزال يقود ثلاثة عشر قزما من شعب «هوبيت» إلى حيث يأمل ليساعد ثورين (رتشارد أرميتاج) على استعادة مملكته في بطن الجبل الحديدي. مع ثورين مفتاح الباب، لكنه لا يعرف أين الثقب. ولا حتى ما هو الباب حقا... أي جزء من جدار الجبل الشامخ هو. لكن المشاكل التي تسبق الوصول متعددة: الوحوش المفترسة (المسمـاة «أوركس») التي لاحقت هذا الفريق المتعـب (والمتعـب أيضا) ما زالت في أعقابه. بيلبو (مارتن فريمان) الذي كان وجد الخاتم المسحور يمر بأزمة حادة إذ تتجاذبه رغبتان: لبس الخاتم وخلع الخاتم. ثم هناك غاندالف الذي سينفصل عن المجموعة ويذهب وحيدا صوب جبل ثان. لا أدري تماما ماذا يريد أن يفعل هناك. أدركت الغاية حينها ونسيتها بعد لحظات، لكن فشله في مواجهة السحر الأسود ليس من بين تلك الغايات بالتأكيد.
وإذا كان كل ذلك غير كاف، فها هم الأقزام يصلون إلى حيث يعيش شعب آخر تحت قيادة الملك ثراندويل (لي بايس) في جبل ثالث فيعودون في زنزانات لا يستطيع أن يخرج منها أحد... لكن هذا المستحيل يستمر نحو خمس دقائق قبل أن يصل بالبو وينقذهم. يلي ذلك جزء مثير من المعارك بين الأورك ورجال ثراندويل بقيادة المحاربين ليغولاس (أورلاندو بلوم) والمرأة تورييل (إيفانجالين ليلي) اللذين يبليان بلاء حسنا. لديهما مخزون لا ينفد من النبال، وسرعة استخدام أي منها كراجمات الصواريخ اليوم. كل ذلك بينما يتسلل الهوبيتس هاربين ليصلوا إلى قرية يدخلونها متسللين. هذه القرية تقع فوق سطح بحيرة (وليس في جبل ولو أن الجبل الحديدي الذي يقصده الهوبيت ليس بعيدا) ويحكمها شرير (ستيفن فراي). يجدون في شخصية بارد (لوك إيفانز) مساعدا لهم ولو أن نصفهم لا يثق به.
الجزء الأخير يقع في داخل الجبل الحديدي (نعم، يجد الهوبيتس ثقب المفتاح ويفتحون الباب ويدلفون إلى داخل الجبل الذي تضيئه أطنان الذهب). سموغ، الذي في العنوان، هو اسم التنين الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة ويستطيع تقليد صوت دارث فادر في «ستار وورز». وهو يرفض أن يتخلـى عن قطعة ذهب واحدة وينطلق ليقتل الهوبيت. قبل ذلك بلحظات، راهنت نفسي على أن لا أحد من الهوبيتس الثلاثة عشر سوف يموت في مواجهته مع التنين، وانتهى الفيلم فعلا بفشل التنين (بكل حجمه وقوته والنيران التي يلفظها في إصابة أي منهم بأذى).
إذا ما كانت الأحداث كاريكاتيرية في أكثر من موقع، فإن ذلك لا يعني أنها ليست موضبة جيدا بأسلوب عرض متسارع ومثير، وأن المشاهد لن يقضي وقتا طيـبا. في الحقيقة، هذا الجزء أفضل من الجزء السابق وأكثر أحداثا. في بعض فصوله، ننتقل بين أربعة أو خمسة أحداث منفصلة تقع في الوقت ذاته وبفضل توليف جيـد من جابيز أولسن، لا يضيع المشاهد مطلقا بين ما يدور.



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز