قمة المناخ تدعو إلى إجراءات «عاجلة» لوقف الاحتباس الحراري

دول «الشمال» لم تفِ بالتزاماتها المالية تجاه «الجنوب»

جانب من الجلسة الافتتاحية لقمة المناخ في كاتوفيتسه أمس (رويترز)
جانب من الجلسة الافتتاحية لقمة المناخ في كاتوفيتسه أمس (رويترز)
TT

قمة المناخ تدعو إلى إجراءات «عاجلة» لوقف الاحتباس الحراري

جانب من الجلسة الافتتاحية لقمة المناخ في كاتوفيتسه أمس (رويترز)
جانب من الجلسة الافتتاحية لقمة المناخ في كاتوفيتسه أمس (رويترز)

باشر ممثلو نحو مائتي دولة، أمس، اجتماعات مؤتمر الأطراف الرابع والعشرين، الذي يستمر أسبوعين في كاتوفيتسه البولندية، بغية إعطاء زخم لاتفاق باريس، رغم تيارات معاكسة قد تقضي على المساعي الطموحة.
وبعد ساعتين ونصف الساعة من التأخير، بدأت أعمال مؤتمر الأطراف الرابع والعشرين في مدينة كاتوفيتسه المنجمية، على وقع ناقوس الخطر الذي دقّته هيئة المناخ مؤخراً، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وسلّم رئيس مؤتمر الأطراف الثالث والعشرين المنتهية ولايته، رئيس وزراء فيجي، فرنك باينيماراما، رئاسة الدورة الرابعة والعشرين للمؤتمر لخلفه البولندي ميخال كورتيكا. ويسعى ممثلو الدول المشاركة في هذه القمة المناخية إلى التوافق على سبل تطبيق آليات «اتفاق باريس»، المبرم سنة 2015، للحدّ من ارتفاع حرارة الأرض.
والهدف من اتفاق باريس هو احتواء احترار الأرض دون درجتين مئويتين، وإن أمكن 1. 5 درجة مئوية، بالمقارنة مع العصر ما قبل الصناعي. غير أن الحرارة سبق أن ارتفعت بدرجة مئوية واحدة، وإن بقيت الالتزامات الوطنية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة على حالها، فمن المتوقّع أن تزداد الحرارة 3 درجات.
وبيّن خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، في تقريرهم الأخير الصادر في أكتوبر (تشرين الأول)، الفارق الكبير بين ارتفاع الحرارة درجتين أو 5.1 درجة، وذلك في أنحاء العالم أجمع. وللبقاء دون 5.1 درجة مئوية، لا بدّ من أن تنحسر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدّل 50 في المائة تقريباً بحلول 2030، نسبة إلى مستويات عام 2010، وفق هيئة المناخ.
والمؤشّرات واضحة لا لبس فيها، فحرارة الكوكب ترتفع والكوارث تتوالى، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. وقد «أظهرت المعطيات العلمية بوضوح أنه لم يعد أمامنا سوى عقد لاحتواء انبعاثات غازات الدفيئة»، بحسب ما قال يوهان روكشتروم من معهد «بوتسدام» للأبحاث حول التداعيات المناخية (بي آي كاي).
وفي مبادرة نادرة، نشر رؤساء الدورات السابقة من مؤتمر الأطراف بياناً مشتركاً لدى بدء المحادثات في كاتوفيتسه، دعوا فيه الدول إلى «اتخاذ تدابير حاسمة... لمواجهة هذه التهديدات الخطرة». وجاء في البيان: «بات من الصعب تجاهل تداعيات التغير المناخي. ونحن نطالب بتغييرات عميقة في اقتصاداتنا ومجتمعاتنا».
وأكدت منظمة «غرينبيس»، من جهتها، أن «لا مجال للأعذار، فالكوكب يحترق، وحان الوقت لنتحرّك».
ولكن هل الدول مستعدّة فعلاً للتحرّك في مؤتمر الأطراف الرابع والعشرين؟
صحيح أن دول مجموعة العشرين، باستثناء الولايات المتحدة، أعادت التأكيد، السبت، على دعمها اتفاق باريس، لكن «لا يمكن القول إن الرياح جدّ مواتية»، بحسب ما صرّح به ميشال كولومبييه، المدير العلمي لمعهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية، في إشارة إلى الوضع الجيوسياسي. فقد أعاد دونالد ترمب، خلال قمّة مجموعة العشرين، تأكيد رفضه اتفاق باريس، في حين لمح الرئيس البرازيلي الجديد جاير بولسونارو إلى احتمال سحب بلده من هذا الاتفاق.
واعتبر سيني نافو، الناطق باسم المجموعة الأفريقية، أن «الأجواء الفلكية ليست مواتية على ما يبدو»، لكن أياً تكن التطوّرات الجيوسياسية «لا خيار أمام أفريقيا، حيث بات التغيّر المناخي واقعاً نلمسه كلّ يوم. وسنكثّف الجهود لمواجهته»، بحسب ما قال نافو في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقد يعرب رؤساء الدول والحكومات المدعوون لحفل الافتتاح الرسمي للمؤتمر، اليوم، عن نواياهم في هذا الصدد، غير أن قلائل أكدوا حضورهم، وأبرزهم رئيسا وزراء إسبانيا وهولندا، ورئيسا نيجيريا وبوتسوانا. ورغم منصّة التحاور السياسي المعتمدة تحت اسم «تالانوا»، بهدف تعزيز التزامات الدول، يخشى المراقبون أن تنتظر أغلبية البلدان المدعوة لإعادة النظر في تعهداتها لعام 2020 قمّة أخرى ينظّمها الأمين العام للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2019، في نيويورك، لكشف نواياها.
أما بولندا، البلد المضيف للدورة الحالية من مؤتمر المناخ، المتمسّكة جداً بقطاع الفحم المصدر الأبرز لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فيبدو أن أولويتها ليست الدفع لتعزيز التعهدات، بل اعتماد قواعد لتطبيق أحكام اتفاق باريس.
وتتمحور هذه القواعد خصوصاً على «الشفافية»، أي الطريقة التي يمكن فيها محاسبة الدول على أفعالها ونتائجها، والتمويل المقدّم من جانبها، فضلاً عن تقييم المرونة الممنوحة للبلدان الأكثر فقراً. وقال مؤخّراً رئيس مؤتمر الأطراف البولندي ميخال كورتيكا: «لا باريس من دون كاتوفيتسه». ودليل الاستخدام هذا «أساسي لإعطاء زخم» لاتفاق باريس، بحسب ما أكدت الأمم المتحدة. غير أن النقاشات قد تكون جدّ محمومة بشأن هذه المسائل الحسّاسة، فضلاً عن مسألة التمويل المقدّم من بلدان الشمال إلى الجنوب.
ففي عام 2009، تعهدت البلدان الغنية بمساعدة مالية تصل إلى مائة مليار دولار في السنة بحلول 2020، ليتسنى لتلك الدول الأكثر فقراً تمويل بنى تحتية لمصادر الطاقة النظيفة، والتكيّف مع تداعيات التغيّر المناخي.
وبحسب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، بلغت التمويلات العامة لأغراض مناخية من بلدان الشمال إلى الجنوب 7.56 مليار دولار سنة 2017، في مقابل 5.48 مليارا سنة 2016 (+17 في المائة)، ومن المتوقّع أن تصل إلى 67 ملياراً سنة 2020، بحسب التقديرات المستندة إلى الالتزامات المعلنة.
وتطالب البلدان النامية، من جهتها، بوضع «خريطة طريق» واضحة بشأن هذه المساعدة المالية. وقال جيبرو جيمبر إنداليو، رئيس مجموعة البلدان الأقل نمواً: «لا يمكن تطبيق اتفاق باريس من دون توفير تمويل للبلدان النامية كي تتخذ التدابير اللازمة... وكلما طال انتظار البلدان الفقيرة، ازدادت الكلفة».



توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
TT

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)

قال دبلوماسيون أميركيون وروس، يوم الاثنين، إن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعملون على إعداد بيان بشأن سوريا في الأيام المقبلة، وذلك بعد اجتماع مغلق بشأن سيطرة قوات المعارضة على العاصمة دمشق والإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحفيين بعد اجتماع المجلس المؤلف من 15 عضوا "أعتقد أن المجلس كان متحدا إلى حد ما بشأن الحاجة إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها، وضمان حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين". وأكد نائب السفير الأميركي روبرت وود أن أغلب الأعضاء تحدثوا عن هذه القضايا، وقال للصحفيين إن المجلس سيعمل على إصدار بيان. وتتولى الولايات المتحدة رئاسة المجلس في ديسمبر (كانون الأول). وقال وود "إنها لحظة لا تصدق بالنسبة للشعب السوري. والآن نركز حقا على محاولة معرفة إلى أين يتجه الوضع. هل يمكن أن تكون هناك سلطة حاكمة في سوريا تحترم حقوق وكرامة الشعب السوري؟"

وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك للصحفيين خارج المجلس إن بعثته وكل السفارات السورية في الخارج تلقت تعليمات بمواصلة القيام بعملها والحفاظ على مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية. وقال "نحن الآن ننتظر الحكومة الجديدة ولكن في الوقت نفسه نواصل العمل مع الحكومة الحالية والقيادة الحالية"، مضيفا أن وزير الخارجية السوري بسام صباغ - المعين من قبل الأسد - لا يزال في دمشق. وقال للصحفيين خارج المجلس "نحن مع الشعب السوري. وسنواصل الدفاع عن الشعب السوري والعمل من أجله. لذلك سنواصل عملنا حتى إشعار آخر". وأضاف "السوريون يتطلعون إلى إقامة دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون والديمقراطية، وسوف نتكاتف في سبيل إعادة بناء بلدنا، وإعادة بناء ما دمر، وبناء المستقبل، مستقبل سوريا الأفضل".

وتحدث نيبينزيا وود عن مدى عدم توقع الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع في سوريا. وقال نيبينزيا "لقد فوجئ الجميع، بما في ذلك أعضاء المجلس. لذلك يتعين علينا أن ننتظر ونرى ونراقب ... ونقيم كيف سيتطور الوضع". ووفرت روسيا الحماية الدبلوماسية لحليفها الأسد خلال الحرب، واستخدمت حق النقض أكثر من 12 مرة في مجلس الأمن، وفي العديد من المناسبات بدعم من الصين. واجتمع المجلس عدة مرات شهريا طوال الحرب لمناقشة الوضع السياسي والإنساني في سوريا والأسلحة الكيميائية.

وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونغ بعد اجتماع المجلس "الوضع يحتاج إلى الاستقرار ويجب أن تكون هناك عملية سياسية شاملة، كما يجب ألا يكون هناك عودة للقوى الإرهابية". وبدأت هيئة تحرير الشام الهجوم الذي أطاح بالأسد. وكانت تُعرف سابقا باسم جبهة النصرة التي كانت الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا حتى قطعت صلتها به في عام 2016. وتخضع الجماعة لعقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقال دبلوماسيون إنه لم تحدث أي نقاشات بشأن رفع هيئة تحرير الشام من قائمة العقوبات.