باسيل ينفي قرب {الانهيار المالي}

TT

باسيل ينفي قرب {الانهيار المالي}

يواصل جبران باسيل وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، مساعيه للتوصل إلى تفاهم بين القوى السياسية حول تسوية مقترحة تثمر تشكيلاً للحكومة، في وقت أكد وزير المال علي حسن خليل أن «هناك إمكانية للخروج من الأزمة والدخول في مشروع يحقق الالتزامات التي التزمناها عندما تقررت مؤتمرات الدعم للبنان»، نافياً أن «نكون أمام انهيار مالي».
وشدد وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال النائب سيزار أبي خليل، على أن «(التيار الوطني الحر) يشكل اليوم صلة وصل بين جميع المكونات السياسية اللبنانية، ويتجلى ذلك في مسعى الوزير باسيل الذي يقرب وجهات النظر بين كل الأطراف، ويضع الأمور في نصابها ويرسي المعايير التي فرضتها الانتخابات النيابية الحاصلة، وفق قانون نسبي وعادل، وستشكل هذه المعايير قواعد أساسية للسنوات المقبلة».
وأضاف أبي خليل: «إن مسعى الوزير باسيل قائم ومستمر ويتعاطى بإيجابية مع الجميع كما يقابله الجميع بإيجابية، ونحن متأكدون أنه سيثمر نجاحاً لتشكيل حكومة تعكس طموحات اللبنانيين، وتكمل مشروع بناء الدولة الذي بدأه الرئيس العماد ميشال عون».
وأشار إلى أن «الحكومة الحالية قد أعادت الانتظام المالي وأنجزت موازنتين، وأعدت قانوناً انتخابياً أسس لحياة سياسية جديدة تسمح بتمثيل كل الأطراف اللبنانية بعدالة وتزيل المحادل الانتخابية، وقامت بتعيينات إدارية وعسكرية وقضائية ودبلوماسية لم تشهدها الدولة اللبنانية منذ وقت».
في المقابل، أقر وزير المال بأن الأزمة السياسية التي أدت إلى تأخير تشكيل الحكومة راكمت الكثير من المشكلات على الصعيد الاجتماعي وحياة الناس ومصالحهم والاستقرار الاقتصادي والمالي. وقال الوزير علي حسن خليل: «صحيح أننا لسنا إلى انهيار على هذا الصعيد، لكننا نمر بمرحلة دقيقة وحساسة. الوضع الاقتصادي متراجع ومتدهور، والوضع المالي في منطقة تستوجب الكثير من الدقة في التعاطي معها. وهي مرحلة تتطلب سرعة القيام بمجموعة من الإجراءات والإصلاحات والقرارات التي تضعنا على سكة الإصلاح وعلى المسار التصحيحي الحقيقي للوضع المالي»، مشدداً على أن الوطن يمر بأزمة لم نعهدها في السنوات القليلة الماضية: «ولكن في الوقت عينه ما زالت لدينا القدرة على المواجهة إذا خلصت النوايا السياسية وتوحدت الإرادات، واستطعنا أن ننجز قيام حكومة تضع الحلول على الطاولة من أجل حلها».
وأضاف: «لسنا أمام انهيار مالي. هناك استقرار للنقد اللبناني ولليرة اللبنانية، لكن هناك اختلافات بنيوية تتعلق بسياسة الدولة، ونظرتنا إلى هذه الدولة أنها بحاجة إلى مجموعة إصلاحات إدارية في البنية الاقتصادية والتوجهات والممارسة، وتحمل المؤسسات لأدوارها الرقابية ومكافحة الفساد ومنع التوظيف العشوائي وكل ما يراكم الاستدانات والأعباء على الدولة. نحن بحاجة إلى هذه الإصلاحات واتخاذ بعض الإجراءات الجريئة التي تعيد التوازن إلى وضعنا الاقتصادي والمالي، فالمركب عندما يغرق لن يستثني أحداً منا، والموضوع المالي والاقتصادي لا دين له ولا منطقة، ولا يمكن لأحد أن يتهرب من مسؤولياته ونتائجه»، متابعاً: «نحن نعرف بكل صراحة وصدق أننا لسنا أمام أزمة مستجدة، بل أمام أزمة أتت نتيجة تراكمات وممارسات خلال العقود الماضية، تجاوزت كل القواعد التي كان يجب أن تحدد هوية لبنان الاقتصادية وهوية لبنان على مستوى التعاطي».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.