خصائص جامعة ما بين إيران والميليشيات الإرهابية

طهران تدعم جماعات متطرفة سواء عبر توفير التدريب والأسلحة أو بالآيديولوجيا

القوات الايرانية تطلق صواريخ من موقع غير معروف وسط أدلة جديدة على تورّط طهران في دعم مسلحين في مختلف بلدان منطقة الشرق الأوسط (إ.ب.أ)
القوات الايرانية تطلق صواريخ من موقع غير معروف وسط أدلة جديدة على تورّط طهران في دعم مسلحين في مختلف بلدان منطقة الشرق الأوسط (إ.ب.أ)
TT

خصائص جامعة ما بين إيران والميليشيات الإرهابية

القوات الايرانية تطلق صواريخ من موقع غير معروف وسط أدلة جديدة على تورّط طهران في دعم مسلحين في مختلف بلدان منطقة الشرق الأوسط (إ.ب.أ)
القوات الايرانية تطلق صواريخ من موقع غير معروف وسط أدلة جديدة على تورّط طهران في دعم مسلحين في مختلف بلدان منطقة الشرق الأوسط (إ.ب.أ)

ألقى الملك سلمان بن عبد العزيز أمام مجلس الشورى الاثنين 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، خطاباً تضمن حرص المملكة على مواصلتها «جهودها لمعالجة أزمات المنطقة وقضاياها»، واستنكاراً «لدأب النظام الإيراني على التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ورعاية الإرهاب وإثارة الفوضى والخراب في الكثير من دول المنطقة وضرورة أن على المجتمع الدولي العمل على وضع حد لبرنامجه النووي ووقف نشاطاته التي تهدد الأمن والاستقرار».
ويتسق هذا الرأي مع التوجه الدولي نحو ضرورة التصدّي لجمهورية إيران، التي استمرّت في دعمها للإرهاب، وإثارة الاضطراب في منطقة الشرق الأوسط، منذ أن تشكل قالبها الخميني في عام 1979. وقد كثّفت في الآونة الأخيرة بالأخص مع زيادة الأزمات السياسية في المنطقة من أسلوبها في حرب الوكالات من خلال دعم جماعات وميليشيات متطرفة سواء عبر توفير التدريب والأسلحة أو من خلال الدعم الآيديولوجي، ما يعد أذرعاً لها مثل ما حدث في عدة دول أبرزها سوريا واليمن.
وأكد الممثل الأميركي الخاص لإيران براين هوك أن إيران أكبر دولة راعية للإرهاب الدولي، وقال إن السلطات الأميركية تراقب السفن الإيرانية عن كثب وستطبق عقوباتها بالكامل، كما أكد الممثل الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، أثناء مشاركته في مؤتمر «قمة الدفاع» السادس على أهمية مغادرة القوات الإيرانية من سوريا، واصفاً إيران بأنها أحد أهم مسببات صعود تنظيم داعش في سوريا عام 2013. وموضحاً أن العمل العسكري المباشر ليس كافياً لمواجهة إيران التي من الممكن أن تنشئ كيانا إرهابيا جديداً «إذا لم نتوصل إلى جذور المشكلة»، لا سيما في المناطق التي تعاني من تأجج الصراعات فيها. وقد أكّد من جهته على أهمية إقامة شراكة في المنطقة لدحر إيران «ولا شريك أفضل لدينا من السعودية».
وسعت إيران بشكلٍ عام على دعم من تتسق معهم آيديولوجياتهم علناً على اعتبارهم حلفاء لها من خلال مطالبة المجتمع الدولي بإبقاء الرئيس بشار الأسد أو من خلال تصدير آيديولوجياتها من خلال دعم وسائط أخرى تتكفل بذلك، مثل حزب الله الذي لم يتوانَ عن إبداء ضرورة بقاء بشار الأسد في سوريا، والتورط في الصراعات داخل سوريا من أجل الدفاع عنه.
من جهة أخرى أوضح «حزب الله»، دعمه للحوثيين في اليمن وتحريضه على قتال القوات الحكومية اليمنية، وهو الأمر الذي يتسق مع توجهات إيران في المنطقة وفي كل من البلدين. وقد كشفت وزارة الخارجية الأميركية في تقرير لها أن إيران أنفقت ما يزيد عن 18 مليار دولار من أجل دعم الإرهاب، في كل من العراق وسوريا واليمن، وأن تمويل الميليشيات المتطرفة يتم عبر فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
قولبت إيران علاقاتها الدولية والإقليمية بناء على آيديولوجية تصدير الثورة الإيرانية ونشر التطرف مما ينعكس بشكلٍ جليّ على نسق تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال القمة الثلاثية بينه وبين نظرائه الرئيس الروسي والتركي في سبتمبر 2018 بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تدعمان الجماعات الإرهابية في سوريا، وضرورة محاربة الإرهابيين في إدلب دون المساس بالمدنيين.
وتجعلها توظّف حرب الوكالات وتدعم الميليشيات والمنظمات المتطرفة ضد كل من لديه علاقات مع الدول الغربية، ليس فقط لوجيستياً وإنما آيديولوجياً واستراتيجياً، وقد تجلى التوظيف اللوجيستي من خلال التكثيف في حركة الملاحة الجوية ما بين إيران واليمن، وصنعاء وبيروت والمساعدات المادية الشهرية المقدمة للحوثيين من إيران متمثلة بالوقود. وقد قدمت لجنة خبراء تقريراً سرياً لمجلس الأمن في منظمة الأمم المتحدة يغطي الفترة من يناير (كانون الثاني) حتى يوليو (تموز) 2018، إذ يوضح فيه استمرارية تزويد إيران الحوثيين بصواريخ باليستية وطائرات بلا طيار مما لديها خصائص مماثلة لتلك المصنعة في إيران، في فترة ما بعد حظر الأسلحة في عام 2015، وذلك بعد أن قام فريق خبراء بفحص حطام صواريخ وعثر على كتابات تشير إلى أصلها الإيراني.
كما ظهرت تسجيلات مرئية تثبت تدريب «حزب الله» لميليشيا الحوثي على أساليب وطرق تهريب المقاتلين في اليمن، فيما اشترط الحوثيون في عدّة مفاوضات إخراج جرحى منتمين للنظام الإيراني ولتنظيم حزب الله. ورغم أن حركة الحوثيين بدأت في عام 1991 على يد حسين بدر الدين الحوثي بمنحى مختلف عن التوجه الإيراني بالأخص مع انتمائه للمذهب الزيدي، إلا أن الكثير من السمات تبدو متشابهة مع إيران والميليشيات التابعة لها مثل حزب الله. فالكثير من شعارات الحوثي تتقاطع مع الشعارات المستخدمة مراراً من قبل إيران وتنظيم حزب الله على شاكلة شعار الحوثي: «الله أكبر، الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام». وقد تكرر النطق بها في المدارس وكذلك خلال صلاة الجمعة في المساجد في منطقة صعدة، ويتجلى وجود تقارب بشكل كبير مع شعارات حزب الله مثل الهتافات المتكررة لمناصريهم «حرباً حرباً حتى النصر... زحفاً زحفاً نحو القدس» و«الموت لإسرائيل... الموت لأميركا»» وإن كانت أشبه بمحاولات لاستلهام الدعم الشعبوي وجزءاً من حملاتها الدعائية التي تأتي على نسق المانشيتات الإيرانية، وإن خفتت هذه العبارات الموجهة نحو الولايات المتحدة فترة التقارب الإيراني الأميركي في نهاية عهد أوباما وقت المفاوضات النووية.
وعلى نسق تصريح السفير السعودي في واشنطن الأمير خالد بن سلمان حين أكّد أن بلاده لن تسمح للحوثي أن يصبح «حزب الله» آخر، محذراً من أن ذلك يعد من مساعي إيران، إضافة إلى تصريح الأمير خالد بن سلمان بأن عملية سابقة لقوات التحالف كشفت عن دور «حزب الله» في تقديم التدريب المباشر للحوثيين. وذلك أشبه بتدرب قادة حزب الله على يد الحرس الثوري الإيراني في مطلع الثمانينات، وقد شرع أعضاء ينتمون لحزب الله بتدريب الحوثيين عسكرياً. وقد ظهر الارتباط ما بين حزب الله والحوثيين، حين التقى حسن نصر الله بوفد يرأسه الناطق باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام فيما وصفه «بمباحثات لآخر تطورات الحرب في اليمن»، مما يؤكد توظيف التنظيمات المختلفة من أجل تحقيق استراتيجيات إيران، ليس فقط في الاستراتيجيات العسكرية وإنما كذلك تدريب الحوثيين على الأساليب الإعلامية المتبعة من قبل حزب الله، لتظهر ملامح أشبه بالتوجه الإيراني والاستناد إلى الحملات الدعائية المعتمة للحقيقة والخاضعة للمركزية في نقل المعلومات والتحكم في وسائل المعلومات ونقلها التي لا تتم إلا عبر الحوثيين، والسعي إلى «شيطنة» قوات التحالف، والزعم بأنها تقتل المدنيين، فيما تسعى إلى إخفاء تجنيدها للأطفال وتمركزها في مناطق تعج بالمدنيين من أجل تحويلهم إلى ترسانات بشرية، وكذلك تغيير الحوثيين للمناهج التعليمية من أجل غرس البروباغندا الحوثية وجعل المناهج مفعمة بملامح طائفية، حيث تمت طباعة أكثر من 11 ألف كتيب يحوي فكر حسين بدر الدين الحوثي ومانشيتات الجماعة ليتم توزيعها على المدارس التي تقع تحت براثن الحوثيين، الأمر الذي يؤجج بلا شك من الفتن الطائفية ويسعى لبناء جيل جديد نشأ عليها. مثل هذا الاستغلال للصراعات والحروب الأهلية لم يتوقف هنا، فالتوجه البراغماتي المسبغ على إيران أثبته دعمها لتنظيمات إرهابية تمثل النقيض من توجهاتها الدينية، على نسق تنظيم «القاعدة» حين آوت عدداً من القيادات البارزة للتنظيم، مثل سليمان أبو غيث المتحدث باسم القاعدة ليلة هجمات 11 سبتمبر صهر بن لادن، وسيف العدل المسؤول العسكري للقاعدة، وحمزة بن لادن نجل مؤسس التنظيم الإرهابي. وقد كشفت الوثائق التي عثرت عليها السلطات الأميركية في أبوت آباد معقل بن لادن في باكستان قبل مقتله عام 2011 عن متانة العلاقة ما بين إيران والقاعدة، وقد أظهرت إحدى الوثائق رسالة من إيران تؤكد استعدادها لتوفير كل ما تحتاجه «القاعدة»، ويتضمن ذلك عرض بالتدريب العسكري في مخيمات «حزب الله» وتوفير الأموال والأسلحة مقابل التهجم على مصالح الولايات المتحدة في السعودية بشكل خاص ومنطقة الخليج بشكلٍ عام.
فيما أظهرت رسالة سابقة لأيمن الظواهري زعيم «القاعدة» الحالي للقيادي أبي مصعب الزرقاوي ضرورة تحييد الشيعة عن الصراع في العراق وعدم التهجم عليهم من أجل كسب إيران. ورغم أن العلاقة بين إيران وتنظيم القاعدة يصعب استيعابها ولا يزال يشكك بها لا سيما مع وجود اختلاف آيديولوجي شاسع بين التنظيم المتطرف السني والآخر الداعم للميليشيات الشيعية، إلا أن مثل تلك الأدلة تشي باهتمام إيران بزيادة إضرام التوتر والصراعات في المنطقة، وهو ما يفسره تقرير لخبراء في الأمم المتحدة يوضح أن زعماء تنظيم القاعدة في إيران أصبحوا أكثر نفوذاً وهم يعملون مع الظواهري من أجل التأثير على الأحداث في سوريا. إضافة إلى الإشارة إلى استمرار إيواء أعضاء تنظيم القاعدة في إيران وتأمين الإقامة لهم وتسهيل مرورهم عبر إيران الأمر الذي أدّى إلى تمكينهم وتقوية قدراتهم.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».