إيران تدير شبكات للتضليل الإعلامي في أنحاء العالم

يزورها أكثر من نصف مليون شخص في الشهر... ويتم الترويج لها بحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي

مقر موقع «السودان اليوم» بالخرطوم حسب ما هو مسجل في عنوان وهمي على «فيسبوك» (رويترز) - شعاران من موقع «نايل نت» ووكالة أنباء اليمن (رويترز)
مقر موقع «السودان اليوم» بالخرطوم حسب ما هو مسجل في عنوان وهمي على «فيسبوك» (رويترز) - شعاران من موقع «نايل نت» ووكالة أنباء اليمن (رويترز)
TT

إيران تدير شبكات للتضليل الإعلامي في أنحاء العالم

مقر موقع «السودان اليوم» بالخرطوم حسب ما هو مسجل في عنوان وهمي على «فيسبوك» (رويترز) - شعاران من موقع «نايل نت» ووكالة أنباء اليمن (رويترز)
مقر موقع «السودان اليوم» بالخرطوم حسب ما هو مسجل في عنوان وهمي على «فيسبوك» (رويترز) - شعاران من موقع «نايل نت» ووكالة أنباء اليمن (رويترز)

أكد تقرير لوكالة «رويترز» أمس، أن إيران تقوم بإدارة عشرات من المواقع على شبكة الإنترنت، يزورها أكثر من نصف مليون شخص شهرياً، في حملة تديرها أجهزتها، للتضليل الإعلامي.
وحسب «رويترز»، فإن أكثر من 70 موقعاً على الإنترنت، تم كشفها، تعمل على نشر الدعاية الإيرانية، في 15 دولة، يتم الترويج لها بحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي يتجاوز عدد متابعيها المليون.
ومن المواقع التي تم كشفها موقع «نايل نت أونلاين» الذي يقع مقره في قلب ميدان التحرير بالقاهرة، لكنه في الواقع يدار من طهران. وحسب تقرير «رويترز»، فإنه حتى عهد قريب كان عدد متابعي صفحة موقع «نايل نت أونلاين» على «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» يتجاوز 115 ألفاً، غير أن أرقام هواتف الموقع لا تعمل. وأظهرت خريطة على «فيسبوك» لمقر الموقع، تشير إلى أنه يقع في منتصف الشارع، وليس في داخل أي مبنى. يقول الناس في منطقة ميدان التحرير بمن فيهم صاحب كشك لبيع الصحف ورجل شرطة إنهم لم يسمعوا بهذا الموقع من قبل. والسبب في ذلك أن موقع «نايل نت أونلاين» جزء من حملة للتأثير في الرأي العام المصري تدار من مقرها طهران.
وتقول «رويترز» إن أكثر من 70 موقعاً حول العالم، ترتبط بإيران بإحدى طريقتين. فبعضها ينشر أخباراً ومقاطع فيديو ورسوماً كرتونية تزودها بها مؤسسة اسمها الاتحاد الدولي للإعلام الافتراضي (آي يو في إم) تقول على موقعها إن مقرها الرئيسي في طهران. وبعض المواقع يشترك في تفاصيل التسجيل نفسها مع «آي يو في إم» مثل العناوين وأرقام الهواتف. ويشترك 21 موقعاً في العناوين وأرقام الهواتف معاً. وارتدت رسائل أرسلت بالبريد الإلكتروني إلى مؤسسة «آي يو في إم» بما يفيد بعدم وصولها إلى العناوين المستهدفة كما أن أرقام الهواتف التي ذكرتها على موقعها لم تكن تعمل. وتفيد وثائق منشورة على الموقع الرئيسي للمؤسسة بأن من أهدافها «التصدي للغطرسة... والحكومات الغربية وأنشطة الواجهة للحركة الصهيونية».
وتقول «رويترز» إن أمر هذه المواقع افتضح في شهر أغسطس (آب) عندما كشفت عنها شركات منها «فيسبوك» و«تويتر» و«ألفابت» (الشركة الأم لشركة «غوغل»)، بعد أن توصلت إليها شركة «فاير آي». وقد أغلقت شركات التواصل الاجتماعي مئات الحسابات التي روجت لهذه المواقع أو نشرت رسائل إيرانية موجهة. وقالت «فيسبوك» الشهر الماضي، إنها أغلقت 82 صفحة ومجموعة وحساباً ترتبط بالحملة الإيرانية. وكانت تلك الصفحات والحسابات قد اجتذبت أكثر من مليون متابع في الولايات المتحدة وبريطانيا. غير أن المواقع التي كشفتها «رويترز» لها مجال أوسع. فقد نشرت محتواها بـ16 لغة مختلفة من الأذربيجانية إلى الأردية، مستهدفة مستخدمي الإنترنت في الدول الأقل تطوراً، ووصولها إلى قراء في مجتمعات تخضع لرقابة محكمة.
ومن هذه المواقع الإيرانية: -
موقع إخباري اسمه «فجر غربي آخر»، يقول إنه يركز على «الحقيقة غير المعلنة». وقد خدع وزير الدفاع الباكستاني فأطلق تهديداً نووياً لإسرائيل. و10 مواقع تستهدف القراء في اليمن. ومنفذ إعلامي يقدم أخباراً يومية ورسوماً كرتونية ساخرة في السودان. وموقع اسمه «ريلني نوفوستي» أي «الأخبار الحقيقية» موجه للقراء الروس. ويتيح هذا الموقع تطبيقاً يمكن تنزيله على الهواتف الجوالة.
وليست كل الأخبار على المواقع زائفة. فثمة أخبار حقيقية منشورة مع رسوم كرتونية مسروقة جنباً إلى جنب مع خطب للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، كما تتم الاستعانة بمقالات تنشر في مواقع للحكومة الإيرانية، تضخم العداء للدول التي تعارض طهران.
ويستخدم أكثر من 50 موقعاً شركتين أميركيتين لخدمات الإنترنت؛ هما «كلاودفلير» و«أونلاين إن آي سي»، وهما من الشركات التي تزود أصحاب المواقع بأدوات لحماية أنفسهم من الرسائل غير المرغوبة والمتسللين.
وفي كثير من الأحيان تخفي الخدمات التي تقدمها هذه الشركات فعلياً هوية من يملك المواقع أو الأماكن التي تستضيفها. وامتنعت الشركتان عن إخطار «رويترز» بمن يتولى إدارة المواقع. وقال إيريك غولدمان المدير المشارك بمعهد قوانين التكنولوجيا المتطورة بجامعة سانتا كلارا، إن شركات استضافة المواقع أو خدمات الإنترنت لا تتحمل بمقتضى القانون الأميركي بصفة عامة المسؤولية عن المحتوى الذي تنشره هذه المواقع.
ومع ذلك، فمنذ عام 2014 منعت العقوبات الأميركية المفروضة على إيران «تصدير أو إعادة تصدير، سواء بطريق مباشرة أو غير مباشرة، خدمات الاستضافة على الإنترنت المخصصة للأغراض التجارية أو خدمات تسجيل أسماء نطاقات الإنترنت».
وقال دوغلاس كريمر المستشار القانوني العام لشركة «كلاودفلير» إن الخدمات التي تقدمها الشركة لا تشمل خدمات الاستضافة على الإنترنت. وقال لـ«رويترز»: «لقد درسنا نظم العقوبات المختلفة ونحن واثقون في أننا لا نخالفها». وقال متحدث باسم شركة «أونلاين إن آي سي» إن أياً من المواقع لم يكشف عن صلة بإيران في تفاصيل التسجيل الخاصة به، وإن الشركة ملتزمة تمام الالتزام بالعقوبات الأميركية وقرارات الحظر التجاري. وامتنع مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية عن التعليق على ما إذا كان يعتزم إجراء تحقيق، أم لا.
ومن أكثر زبائن الاتحاد شعبية موقع اسمه «السودان اليوم». توضح بيانات شركة «سيميلار ويب» أن نحو 150 ألف زائر يترددون عليه كل شهر. ويقول الموقع لمتابعيه على «فيسبوك» وعددهم 57 ألفاً إنه يعمل بلا تحيز سياسي.
ومن متابعيه على «تويتر» البالغ عددهم 18 ألفاً السفارة الإيطالية في السودان. وقد ورد ذكر لمحتواه في تقرير لوزارة الكهرباء المصرية. وتبين تفاصيل تسجيل الموقع المحفوظة التي قدمتها شركتا «هو إز إيه بي آي إنك» و«دومين تولز إل إل سي» أن عنوان مكتب موقع السودان اليوم المسجل في 2016 يغطي حياً كاملاً في شمال الخرطوم. كما أن رقم الهاتف المسجل في تلك السجلات لا يعمل.
ولم تستطع «رويترز» تتبع أعضاء فريق العاملين الواردة أسماؤهم على صفحة «السودان اليوم» على «فيسبوك». وقال فندق كورينثيا ذو الخمس نجوم في وسط الخرطوم، حيث يقول الموقع إنه استضاف حفلاً لإحياء ذكرى تأسيسه، لـ«رويترز»، إنه لم يتم تنظيم مثل هذا الحفل في الفندق. كما أن أحد العناوين المذكورة على حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي عبارة عن بيت مهدم.
ولا تزال حسابات مرتبطة بالمواقع الإيرانية تعمل على الإنترنت خصوصاً بلغات أخرى غير اللغة الإنجليزية. وفي 29 - 30 نوفمبر (تشرين الثاني) على سبيل المثال كان لموقع «إيه دبليو دي نيوك» 5 حسابات عاملة على «تويتر» باللغات الفرنسية والبرتغالية والإيطالية. ولا تزال 16 موقعاً من المواقع الإلكترونية الإيرانية تنشر تحديثات يومية على «فيسبوك» أو «تويتر» أو «إنستغرام» أو «يوتيوب»، ومنها «السودان اليوم»، و«نايل نت أونلاين». وتجاوز مجموع المتابعين لحسابات شبكات التواصل الاجتماعي 700 ألف متابع.



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».