روسيا تلمح إلى تعديلات في إيصال المساعدات لسوريا

TT

روسيا تلمح إلى تعديلات في إيصال المساعدات لسوريا

لمحت روسيا إلى أنها تريد إدخال تعديلات جوهرية على قرارات مجلس الأمن الخاصة بإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود والجبهات، إلى المحتاجين في سوريا، رغم إعلان الأمم المتحدة أن هناك حاجة إلى تمديد العمل بقرار مجلس الأمن رقم 2165، الذي تنتهي صلاحيته في 10 يناير (كانون الثاني) 2019.
ويتوقع أن يؤدي هذا التوجه الروسي إلى صدام دبلوماسي جديد مع نظرائهم الأميركيين والأوروبيين، وغيرهم في مجلس الأمن، الذين يرغبون في تمديد التفويض الممنوح للأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الإنسانية، من أجل إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، دون الحصول على إذن مسبق من السلطات السورية أو معارضيها.
وقدمت مديرة المناصرة والعمليات لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية، رينا غيلاني، إحاطة استهلتها بالإشارة إلى التقارير عن استخدام غاز الكلور في قصف مدفعي استهدف غرب مدينة حلب، مذكرة بأن «أي استخدام مؤكد للأسلحة الكيماوية أمر يستحق التنديد، وهو انتهاك واضح للقانون الدولي». وتحدثت عن الأوضاع الإنسانية التي لا تزال متردية في مخيم الركبان، وفي محافظات دير الزور والقامشلي والحسكة. وقالت إنه «رغم الظروف الصعبة للغاية، فإن الأمم المتحدة وشركاءها ملتزمون بالوصول إلى كل المحتاجين، أينما كانوا»، موضحة أن هناك الآن «نحو 4.3 مليون إنسان من المحتاجين الذين يعيشون خارج سيطرة الحكومة. وهذا يصل إلى أكثر من ثلث الناس الذين يحتاجون إلى مساعدات في سوريا». وأشارت إلى أن «بين هؤلاء نحو ثلاثة ملايين لا يمكن الوصول إليهم إلا من خلال عمليات عابرة للحدود»، ولذلك فإن «تجديد العمل بقرار مجلس الأمن سيتيح الاستمرار في إنقاذ أرواح بشرية».
وقال المندوب الكويتي الدائم لدى الأمم المتحدة، منصور العتيبي، إن الإحصاءات الصادرة عن الأمم المتحدة تشير إلى أن «هناك 13 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بينهم أكثر من 5 ملايين من الأطفال، فضلاً عن وجود أكثر من 5 ملايين و600 ألف لاجئ مُسجل في الدول المجاورة، منهم مليونان و500 ألف طفل. كما يعيش أكثر من مليون شخص في مناطق يصعب الوصول إليها». وأضاف: «تبقى آلية المساعدات الإنسانية عبر الحدود شريان حياة لا غنى عنه، لملايين من الأشخاص في جميع أنحاء سوريا»، كاشفاً أن «حاملي القلم (السويد والكويت) يعتزمان العمل على تجديد القرار الخاص بوصول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المساعدات عبر الحدود».
وحض نائب المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة جوناثان كوهين، كلاً من موسكو ودمشق على «تعزيز توصيل المساعدات الإنسانية لـ13 مليون سوري يحتاجون إليها». وقال إنه «مع استمرار القيود المفروضة على توصيل المساعدات إلى المحتاجين عبر سوريا، قدمت الأمم المتحدة وشركاؤها مساعدات لإنقاذ نحو 750 ألف شخص شهرياً، في عمليات عبر الحدود»، موضحاً أنه «لا يوجد حالياً أي بديل موثوق به للوصول إلى هؤلاء الناس»، معلناً «دعم إعادة تفويض آلية تقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود التابعة للأمم المتحدة، طبقاً للقرار 2165 (...) لمدة 12 شهراً إضافية». وأوضح أن الدعم الذي تقدمه السلطات السورية لا يصل إلى الجميع بالتساوي، معتبراً أن النظام يحاول «معاقبة» المناطق التي كان ولاؤها ضعيفاً له أثناء الحرب.
لكنّ نظيره الروسي ديمتري بوليانسكي أكّد أن «هناك أدلة تثبت أن قسماً من المساعدات الإنسانية تتم سرقته، وتحت سيطرة جبهة النصرة الإرهابية، وتابعيها في إدلب»، مضيفاً أن «هذه المجموعات تتولى تالياً بيع هذه المساعدات على طول خط الجبهة». وكذلك اعتبر أن «الوضع الميداني تغيّر بشكل كبير (...) مما يستدعي إعادة النظر في الآلية العابرة للحدود».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.