شكاوى مارك هيوز المتكررة تكشف نفاقه

بعد نحو 20 عاماً على انطلاق المسيرة التدريبية لمارك هيوز، يبدو أننا قد وصلنا أخيراً إلى الذروة. فبعد هزيمة ساوثهامبتون الثلاثاء الماضي أمام ليستر سيتي في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة بركلات الترجيح، استغل هيوز المقابلة الإعلامية التي أجراها بعد المباراة لكي يشتكي من أحد القرارات التحكيمية التي لم تصب في مصلحة فريقه. ولم تكن الشكوى في حد ذاتها أمرا غريبا، لأنه لا يكاد يمر أسبوع واحد دون أن نسمع هيوز يلقي باللوم على التحكيم ويتهمه بأنه السبب في أوجه القصور التي يعاني منها فريقه!
وقبل وقت طويل من خروج الرئيس الأميركي دونالد ترمب علينا لكي يشكو بصورة مضحكة في بعض الأحيان ومثيرة للاشمئزاز في أحيان أخرى من الأضرار التي تلحق به من وسائل الإعلام التي يصفها بالوهمية، كان هيوز يقوم بشيء مماثل لكن مع حكام المباريات. لقد تحدثنا في هذا الموضوع عدة مرات من قبل، لكن حتى في ضوء المعايير التي يستند إليها هيوز في توجيه الانتقادات للحكام، فإن تصريحاته يوم الثلاثاء الماضي كانت استثنائية وغريبة في حقيقة الأمر. وقبل أسبوعين من الآن، لم يتوقف هيوز عن الشكوى بسبب الهدف الذي أحرزه لاعب فريقه تشارلي أوستن في مرمى واتفورد والذي ألغي بداعي التسلل. وزعم هيوز أن الدوري الإنجليزي الممتاز قد دخل «العصور المظلمة»، وطالب بالاعتماد على تقنية حكم الفيديو المساعد من أجل ضمان اتخاذ القرارات بشكل صحيح.
وبعد أسبوعين، ومن دون أي قدر من الوعي بالذات، وقف هيوز أمام الكاميرات بعد إحدى المباريات التي شهدت الاعتماد على تقنية حكم الفيديو المساعد لكي يشتكي من عدم قدرة هذه التكنولوجيا على مساعد الحكام على اتخاذ القرارات الصحيحة! ومن الصعب في حقيقة الأمر تفهم هذا النفاق وهذا الإحباط من جانب هيوز، الذي يقدم فريقه مستويات سيئة للغاية تجعل مستقبله مع الفريق غامضا ومعرضا للإقالة في أي وقت من الأوقات. ومع ذلك، فإن آخر تصريحين لهيوز – مثل الكثير من تصريحاته السابقة بعد نهاية كل مباراة – لم يكونا منطقيين على الإطلاق.
ففي مباراة واتفورد، ألغي هدف أوستن لأن مايا يوشيدا كان يقف في موقف تسلل عندما سدد أوستن الكرة في شباك حارس واتفورد، بن فوستر. وقد أظهرت الإعادة التلفزيونية أن يوشيدا كان متسللا بما لا يدع مجالا للشك، رغم أنه يمكن الاختلاف بشأن ما إذا كان مشتركا في اللعبة أم لا. وبالتالي، لو كانت تقنية حكم الفيديو المساعد مستخدمة في تلك المباراة، فإن حكم اللقاء كان سيعود إليها وكانت التقنية ستؤيد قراره بإلغاء الهدف.
ويجب الإشارة إلى أن قراءة المواقف المختلفة للتسلل تختلف من حكم لآخر، لأن قانون التسلل نفسه يترك مساحة لا نهاية لها للتفسيرات المختلفة. وعلى خلاف ما يعتقد هيوز، فإن الاعتماد على تقنية حكم الفيديو المساعد في تلك المباراة لم يكن بالضرورة ليسمح باحتساب الهدف الذي كان سيمنح نقاط المباراة الثلاثة لساوثهامبتون، لكن الشيء المؤكد هو أن تطبيق تقنية حكم الفيديو المساعد في تلك المباراة كان سيحتسب ركلة جزاء لنادي واتفورد بسبب التدخل الواضح من قبل ريان بيرتراند على ناثانيل تشالوبا، وهو التدخل الذي لم يحتسب حكم المباراة أي خطأ بشأنه. لكن الشيء الغريب هو أن أوستن وهيوز لم يقولا أي شيء عن ركلة الجزاء التي لم تحتسب لواتفورد.
وفي المباراة التي خسرها ساوثهامبتون يوم الثلاثاء أمام ليستر سيتي، ألغى حكم اللقاء هدفا لساوثهامبتون بسبب لمسة يد على ناثان ريدموند. وبعد الاحتجاجات من جانب لاعبي ليستر سيتي على هذا الهدف، لجأ حكم المباراة إلى تقنية الفيديو المساعد وقرر في نهاية المطاف إلغاء الهدف الذي أحرزه ستيفن ديفيس. وكان من الممكن أن يكون إحباط هيوز مفهوما ومبررا لو لم يدل بتصريحاته الأخيرة بشأن ضرورة الاعتماد على تقنية حكم الفيديو المساعد من أجل مساعدة الحكام على اتخاذ القرارات الصحيحة. وكما هو الحال مع قانون التسلل، فإن لمسات اليد هي الأخرى تترك الباب مفتوحا للتأويل والتفسيرات وما إذا كانت متعمدة أم لا وما إذا كانت الكرة قد غيرت اتجاها أم لا، وأشياء أخرى من هذا القبيل. وفي هذه الحالة، فإن التكنولوجيا التي كان يطالب بها هيوز لم تصب في مصلحة فريقه أيضا.
وهنا يكمن التناقض، حيث اشتكى هيوز في البداية بسبب قرارات الحكام وطالب بالاعتماد على تقنية حكم الفيديو المساعد، وعندما تم الاعتماد على هذه التقنية عاد ليشتكي من تطبيقها، وهو ما منحنا انطباعا بأن هيوز لا يقبل أي قرار تحكيمي لا يصب في مصلحة فريقه!
وكان هيوز قال إنه لا يشعر بقلق من تكهنات تحيط بمستقبله ويعتقد أن فريقه بات على وشك أحداث تحول على صعيد نتائجه. وينصب تركيز ساوثهامبتون، الذي يحتل المركز 18 وحقق انتصارا وحيدا في الدوري هذا الموسم، على المواجهة المقبلة أمام ضيفه مانشستر يونايتد اليوم بعد أن فاز بمباراة واحدة فقط في الدوري هذا الموسم ولم يفز بأي مباراة على ملعبه في سانت ماري. وحقق ساوثهامبتون فوزه الوحيد على كريستال بالاس في الأول من سبتمبر (أيلول) الماضي. ومنذ ذلك الوقت تعادل في أربع مباريات وخسر خمس مرات، منها الهزيمة 3 - 2 أمام فولهام متذيل الترتيب الأمر الذي زاد الضغوط على المدرب الويلزي.