السعودية تخفض عجز «الأونروا» وتمنحها 50 مليون دولار

توقيع مذكرة التفاهم بين «أونروا» والسعودية في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
توقيع مذكرة التفاهم بين «أونروا» والسعودية في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية تخفض عجز «الأونروا» وتمنحها 50 مليون دولار

توقيع مذكرة التفاهم بين «أونروا» والسعودية في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
توقيع مذكرة التفاهم بين «أونروا» والسعودية في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)

أكد بيير كرينبول المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الدور الكبير والريادي للمملكة العربية السعودية على صعيد المجال الإنساني، ودورها في دعم منظمات الأمم المتحدة الإغاثية.
وأشار كرينبول إلى أن السعودية واستمرار منحها للإنسانية والإغاثة، جعلها تصبح شريكاً يسهم في وضع سياسات وآليات العمل الإنساني. وأكد أن المساهمة الكبيرة من السعودية مقارنة بالمساهمات الأخرى، أدت إلى تخفيض العجز لدى الوكالة من 446 مليونا مطلع يناير (كانون الثاني) هذا العام إلى 21 مليون دولار.
أتت تصريحات كرينبول بعد توقيعه مع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» مذكرة تسلم المنحة المالية المقدمة من السعودية لوكالة «الأونروا» في الرياض بقيمة 50 مليون دولار. ووقعّ الدكتور عبد الله الربيعة المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية المذكرة مع المفوض العام.
وقال الدكتور الربيعة في كلمة له، إن المنحة تأتي إنفاذا لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتقديم منحة مالية إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، التي تهدف إلى رفع معاناة أكثر من 3 ملايين مواطن فلسطيني في مجالات: التعليم والصحة والإغاثة والحماية بقطاع غزة والضفة الغربية، واللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان والأردن.
وأشار إلى أن السعودية خلال أسبوع تقدم منحتين ضخمتين: 500 مليون دولار مناصفة مع دولة الإمارات لسد فجوة الغذاء في اليمن الأسبوع الماضي واليوم 50 مليون دولار للشعب الفلسطيني، مضيفاً: «سمعت من بيير أن المملكة ثاني أكبر مانح لوكالة (الأونروا)».
وأضاف الربيعة أن المبادرة تؤكد الدور الريادي للسعودية في دعم الشعب الفلسطيني، وحرص من القيادة السعودية على الوقوف مع كل ما يخدم ويدعم القضية الفلسطينية ويرفع المعاناة عن كاهل الشعب الفلسطيني، لا سيما أن الرياض سبق أن قدمت مساعدات إلى دولة فلسطين بمبالغ تتجاوز إلى 6 مليارات دولار، منها نحو 250 مليون دولار خصصت لـ«الأونروا».
وأكد الربيعة أن السعودية قدمت أكثر من 86 مليار دولار في 79 دولة، وخلال ثلاث سنوات وصل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إلى 42 دولة بمبالغ تعدت ملياري دولار، ومشروعاته تجاوزت 482 مشروعا.
وأشار إلى أن بلاده تقدم المساعدات للدول ولا تنظر للإعلام سواء كان معادياً أو مسيساً، وأنها حريصة على رفع معاناة الشعوب في الدول المجاورة والصديقة، وتهتم بالمحتاج أينما كان وهذه رسالتها للعالم، وأعظم رسالة لوسائل الإعلام هي مصداقيتها لأنها من أكبر المانحين على مستوى العالم.
وقال المفوض العام لـ«الأونروا» إن توقيع الاتفاقية تؤكد وفاء المملكة بتعهدها والتزامها السخي بهذا الدعم، الذي سبق أن تعهدت به في القمة العربية هذا العام وأعلنها الملك سلمان، وأشار بيير إلى أن الدعم رسالة تقدير إلى الفلسطينيين اللاجئين الذين يعيشون في كرب ومعاناة على عدة جبهات بشكل ملحوظ هذا العام، والذي تعاني فيه المنظمة أزمة مالية.
وأكد كرينبول الدور الكبير والريادي للمملكة وقال: «عمل المملكة في المجال الإنساني ضخم جدا وأكبر دليل هو إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وكذلك وجود الصندوق السعودي للتنمية، والمملكة لا تعمل فقط مع وكالة (الأونروا) بل مع كل منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وتعمل في 79 دولة وكذلك تدعم المملكة كل الدول المحتاجة وتعدى دورها بصفتها مانحا، وأكبر دليل استضافة المملكة منتدى الرياض الدولي الإنساني الأول في بداية هذا العام». وأضاف: «الأونروا واضحة جداً وتعمل مباشرة دون الرجوع لوسيط لتصل هذه المساعدات مباشرة للشعب الفلسطيني ولدينا المسؤولية لضمان وصول المساعدات ونعمل على تخفيف التكاليف الداخلية لضمان الاستفادة المثلى منها لصالح الشعب الفلسطيني».
وزاد: «يحتوي القطاع التعليمي في فلسطين على أكثر من 711 مدرسة وأكثر من 22 ألف معلم ومعلمة وكان هنالك خوف من إيقاف عملية التعليم في هذا العام ولكن بمساهمة المملكة العربية السعودية الكبيرة استطعنا دعم استمرارية العملية التعليمية»، مبيناً أن «المملكة دائما تعمل بصمت ولكن علينا بصفتنا وكالة وكمسؤولين أن نوضح هذا الدعم وأن نعمل على ضمان وصول هذه المساعدات لمستحقيها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.