انتحارية شارع بورقيبة أتقنت صنع المتفجرات في منزل أهلها

أنشأت حسابات على «فيسبوك» حرّضت فيها ضد الأمن التونسي

أقرباء لمنى قبلة الانتحارية التي فجّرت نفسها في شارع الحبيب بورقيبة خلال لقاء مع وكالة الصحافة الفرنسية بولاية المهدية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
أقرباء لمنى قبلة الانتحارية التي فجّرت نفسها في شارع الحبيب بورقيبة خلال لقاء مع وكالة الصحافة الفرنسية بولاية المهدية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

انتحارية شارع بورقيبة أتقنت صنع المتفجرات في منزل أهلها

أقرباء لمنى قبلة الانتحارية التي فجّرت نفسها في شارع الحبيب بورقيبة خلال لقاء مع وكالة الصحافة الفرنسية بولاية المهدية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
أقرباء لمنى قبلة الانتحارية التي فجّرت نفسها في شارع الحبيب بورقيبة خلال لقاء مع وكالة الصحافة الفرنسية بولاية المهدية الشهر الماضي (أ.ف.ب)

أكد سفيان السليطي، المتحدث باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس، أن منى قبلة (30 سنة)، الانتحارية التي فجّرت نفسها في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة التونسية الشهر الماضي، أنشأت حسابات على موقع «فيسبوك» بهوية ذكر، وكانت تحرّض على استهداف أعوان الأمن التونسي. وأشار إلى أنها كانت تنشط ضمن خلية إرهابية تحت لواء تنظيم داعش، وذلك بعد أن تخصصت في صنع المتفجرات.
وكشف السليطي عن إلقاء القبض على أربعة أشخاص بشبهة التورط في عملية التفجير التي نفّذتها الانتحارية يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وسط العاصمة التونسية، مشيراً إلى أن أحد المتهمين الموقوفين في القضية شقيق إرهابي «داعشي» فجّر نفسه بمحافظة الأنبار العراقية قبل فترة زمنية وجيزة.
وذكر المتحدث القضائي التونسي أن منى قبلة، التي لم يكن لديها سجل لدى أجهزة الأمن، كانت تتابع المواقع المختصة في صناعة المتفجرات، وتمكنت خلال الفترة التي قضتها منعزلة في منزل عائلتها من إتقان صناعة العبوات الناسفة التقليدية الصنع، مثل تلك التي استعملتها في هجومها بشارع الحبيب بورقيبة، والذي أدى إلى إصابة 15 من أعوان الأمن و5 مدنيين بجروح متفاوتة الخطورة. ونفى أن تكون الشابة الانتحارية التي تتحدّر من ولاية (محافظة) المهدية بوسط شرقي تونس، تحمل إجازة في اللغة الإنجليزية، بعكس ما ذُكر سابقاً، لكنه أكد أنها انقطعت عن الدراسة الجامعية في السنة أولى إنجليزية ولم تواصل تعليمها.
كانت أجهزة الأمن التونسية المختصة في مكافحة الإرهاب قد كشفت معطيات حول المخططات الإرهابية للشابة بُعيد تفجيرها نفسها قبل شهر بالتمام، إذ عثرت في هاتفها الجوال على قائمة تضم أشخاصاً لهم علاقة بجرائم إرهابية ويتحصنون في الجبال الغربية للبلاد وكانوا يخططون للقيام بأعمال إرهابية. وأشارت معلومات الأجهزة الأمنية إلى أن عملية شارع الحبيب بورقيبة كشفت عن وجود خلية إرهابية «خطيرة جداً» كانت تخطط لتنفيذ «عمليات نوعية تستهدف أمن تونس واستقرارها».
وأسفرت نتائج التحركات الأمنية العاجلة التي أُجريت إثر الهجوم الانتحاري، عن القبض على عنصر إرهابي في جهة رواد (بولاية أريانة، القريبة من العاصمة)، وهو من بين العناصر المصنّفة «خطيرة»، وكان بدوره يجري تجارب حول صناعة المتفجرات تمهيداً لتنفيذ «عمليات إرهابية نوعية» داخل تونس. كما تم حجز مواد أولية لصناعة المتفجرات بمنزله. وكان هذا المتهم يتواصل مع نفس الشبكة الإرهابية المختصة في صناعة المتفجرات الموالية لـ«داعش» والتي كانت تنتمي إليها انتحارية شارع بورقيبة.
ونفى السليطي مزاعم عن تعرّض قبلة لاعتداء جنسي دفعها إلى تنفيذ عمليتها الانتحارية التي كانت «رد فعل» على انتهاك حرمتها الجسدية، حسب ما تردد سابقاً. وأوضح أن تقرير الطبيب الشرعي أثبت أنها كانت عذراء، ولم تكن تحت تأثير أي مادة مخدرة عند تنفيذها الهجوم الانتحاري.
على صعيد متصل، أكد هشام الفراتي، وزير الداخلية التونسي، خلال مناقشة ميزانية وزارته أمام أعضاء البرلمان، نية الوزارة مراجعة القرار المتعلّق بالاستشارة قبل الترخيص بالمرور المعروف باسم «س17». وقال إن إجراء منع سفر المشتبه بهم تم حصر اعتماده على مستوى البوابات الحدودية فقط.
وكان «مرصد الحقوق والحريات بتونس» (مرصد حقوقي مستقل)، قد ذكر في تقرير أن نحو 100 ألف تونسي مُنعوا من السفر خلال السنة الماضية تطبيقاً لهذا «القرار التعسفي» المخالف للدستور والمعاهدات الدولية في مجال حقوق الإنسان، حسب رأيه. ومعروف أن هذا الإجراء كان أيضاً موضع انتقادات حادة من منظمات حقوقية تونسية ودولية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.