الرئيس الأفغاني يعلن «خريطة طريق» للسلام في أفغانستان

الرئيس الأفغاني يلقي أمس خطابه حول خطة السلام في أفغانستان (أ.ب)
الرئيس الأفغاني يلقي أمس خطابه حول خطة السلام في أفغانستان (أ.ب)
TT

الرئيس الأفغاني يعلن «خريطة طريق» للسلام في أفغانستان

الرئيس الأفغاني يلقي أمس خطابه حول خطة السلام في أفغانستان (أ.ب)
الرئيس الأفغاني يلقي أمس خطابه حول خطة السلام في أفغانستان (أ.ب)

في سباق مع الزمن وعمليات «طالبان» المتواصلة في كثير من الولايات الأفغانية، أعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني خريطة طريق وخطة سلام ومصالحة وطنية، مع الجماعات المسلحة المعارضة لحكومته، في مسعى منه لتفادي مواصلة القتال، مع تسريبات بقرب توصل «طالبان» والإدارة الأميركية إلى حل سلمي من وراء ظهر حكومة كابل.
وقال غني إن هناك عدة شروط للتوصل لاتفاق سلام، تشمل احترام الدستور وبنوده بشأن المرأة، وضمان عمل القوات الأمنية وفقاً للقانون. وبالإضافة لذلك، حذر الرئيس من استمرار العلاقة بين «طالبان» وتنظيم القاعدة، عندما قال: «لن يتم السماح لأي جماعات مسلحة لها روابط مع الشبكات الإرهابية الانتقالية، بالانضمام للعملية السياسية».
وقال الرئيس غني أمام مؤتمر للأمم المتحدة في جنيف، أمس الأربعاء، بحضور عدد من وزراء الخارجية، ودبلوماسيين بارزين من أنحاء العالم، إنه شكل فريق تفاوض من 12 عضواً.
وأضاف: «يسعدني اليوم إعلان أننا وبعد عدة أشهر من المشاورات المكثفة مع مواطنينا في مختلف أنحاء البلاد، وضعنا خريطة طريق لمفاوضات السلام». وتابع: «شكلنا الأجهزة والآليات اللازمة للسعي إلى التوصل لاتفاقية سلام. سنمضي الآن إلى الفصل المقبل في عملية السلام». وقال غني إن رئيس هيئة الأركان العامة سيقود فريق التفاوض، وسيكون هناك مجلس استشاري يضم تسع لجان متنوعة، وممثلة للمجتمع لتقديم المدخلات للمفاوضات. ويضم الفريق في عضويته مسؤول مكتب الرئيس سلام رحيمي، وعضوية عدد من النساء والأشخاص الذين وصفهم بأن لهم القدرة على مواجهة التحديات والحوار من أجل السلام، وإيجاد إجماع شعبي للحوار والسلام مع القوى المسلحة المعارضة للحكومة، على أن يتولى مجلس المصالحة الوطنية الأعلى التفاوض، بناء على توصية الفريق الرئاسي.
وقال: «جهودنا لتحقيق السلام غير مشروطة، سلامنا مشروط بقبول مجتمعنا». وكان المتحدثون باسم «طالبان» قد أشاروا مؤخراً إلى أنهم لا صلة لهم بشبكة القاعدة الإرهابية. ومع ذلك، رفضت حركة طالبان حتى الآن إجراء مباحثات مباشرة مع الحكومة.
وقال غني إن تطبيق عملية السلام سوف يستغرق خمسة أعوام على الأقل، لحين عودة 4 ملايين أفغاني نزحوا للخارج وداخلياً. وشدد غني على أن العام الأول من عملية السلام يجب أن يتضمن خطوات لبناء الثقة بين الأعداء السابقين. وقال إن تحقيق مثل هذه الشروط يقتضي سيادة واستقلال أفغانستان بالكامل، وألا يلجأ أحد إلى تقديم تضحيات من أجل هدوء قصير المدى؛ لأن مثل هذا الهدوء لا يلبث أن يعيد المشكلة من جديد.
وأشار الرئيس أشرف غني إلى أن مشاوراته مع الجماعات المختلفة والشخصيات البارزة في أفغانستان، أظهرت حرصاً على بقاء وأهمية الدستور الأفغاني المعتمد منذ عام 2004م، والتأكيد على الشراكة مع المجتمع الدولي، وأن الحكومة الأفغانية يجب أن تقود عملية السلام في أفغانستان.
وأكد أن عملية السلام تتكون من خمس مراحل، وهي الحوار الأفغاني، الذي تتبعه نقاشات مع باكستان والولايات المتحدة، ثم مشاركة القوى الإقليمية والدول العربية والإسلامية، ومن ثم مشاركة دول حلف الأطلسي وغيرها، لتأكيد عملية السلام.
وقال عبد الله عبد الله، الرئيس التنفيذي لأفغانستان، إن نهج الخمس مراحل سيبدأ بحوار داخلي في أفغانستان، تليه مناقشات مع باكستان والولايات المتحدة، ثم القوى الإقليمية، ثم العالم العربي والإسلامي، وأخيراً دول حلف شمال الأطلسي، والدول غير الأعضاء في الحلف.
وتابع غني: «الانتخابات الرئاسية المقررة في الربيع حاسمة لإنجاح مفاوضات السلام. الشعب الأفغاني يحتاج لحكومة منتخبة بتفويض للتصديق على اتفاقية السلام وتنفيذها، وقيادة عملية المصالحة المجتمعية». وقال: «التنفيذ سيستغرق خمس سنوات على الأقل، لدمج ستة ملايين لاجئ ونازح داخلياً». وتابع بأن إجراءات بناء الثقة يتعين أن تتخذ في وقت مبكر خلال العام الأول، وأن عرض السلام غير مشروط؛ لكن السلام نفسه مشروط بتقبل المجتمع الأفغاني. ومن المستبعد قبول حركة طالبان بخطة أشرف غني للسلام في أفغانستان، خاصة بعد التقدم على الأرض الذي أحرزته قوات الحركة في كثير من الولايات، وإصرارها على أن أي حوار يجب أن يكون بينها وبين الإدارة الأميركية، دون مشاركة من حكومة الرئيس أشرف غني. كما أن الخطة التي أعلنها الرئيس تتضمن القبول بالدستور الحالي، وهو ما ترفضه «طالبان» جملة وتفصيلاً، إضافة إلى طول مدتها الزمنية وكونها من عدة مراحل يمكن إطالة مدتها، كما ذكر أشرف غني، بناء على ما تواجهه أفغانستان من ظروف.
وكانت لجنة الانتخابات الأفغانية المستقلة، قد أعلنت موعد الانتخابات الرئاسية في أفغانستان؛ حيث حددته بيوم العشرين من أبريل (نيسان) القادم، على أن تجرى الانتخابات لعدد من مجالس الولايات وولاية غزني، التي لم تجر فيها انتخابات برلمانية الشهر الماضي، في 21 من سبتمبر (أيلول) القادم.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الحكومة الأفغانية وحركة طالبان إلى إجراء «محادثات سلام مباشرة». وفي خطاب تلاه نائب الأمين العام للأمم المتحدة لدى افتتاح اجتماع وزاري حول أفغانستان في جنيف، أكد غوتيريش أن «التوصل إلى حل سياسي أمر ملح اليوم أكثر من أي وقت مضى». وأضاف: «في هذه اللحظة التي نتحدث فيها، تتوافر لنا على الأرجح فرصة نادرة لبدء محادثات سلام مباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان. يتعين علينا ألا نضيعها».
من جهتها، أكدت وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني في جنيف أن أفغانستان تمر «بلحظة حرجة في تاريخها». وأضافت: «نعتقد أن الوقت حان لبدء محادثات فعلية».
أما وزير الخارجية السويسري إيناسيو كاسيس فأكد أن سويسرا «مستعدة لاستضافة أي جولة مفاوضات».
وأعرب غوتيريش في خطابه عن ارتياحه «لجهود السلام الأخيرة، بما فيها العرض الذي طرحته الحكومة لإجراء محادثات من دون شروط مسبقة». وقال: «نعرب عن ارتياحنا أيضا للمبادرات التي اتخذتها مختلف الدول الأعضاء من أجل السلام».
وتؤكد الدبلوماسية الأميركية أنها لا تريد إجراء محادثات مباشرة مع طالبان، رافضة أن تحل محل الحكومة الأفغانية. وقال الموفد الأميركي للسلام في أفغانستان زلماي خليل زاد، في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق سلام في الأشهر الخمسة المقبلة، داعيا «الطرفين إلى تنظيم نفسيهما لاغتنام فرصة وضع أفغانستان على طريق تسوية سياسية وطريق المصالحة». وتؤكد هذه التعليقات وجود شعور متزايد في البيت الأبيض ولدى الدبلوماسيين الأميركيين بضرورة التوصل سريعا إلى اتفاق. وتواجه الولايات المتحدة منافسة روسية. فقد استضافت موسكو هذا الشهر محادثات دولية حول أفغانستان شاركت فيها حركة طالبان.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».