الجزائر: بوتفليقة يدافع بقوة عن «إنجازات» سنوات حكمه

في خطاب ناري لم يتضمن أية إشارة إلى مصيره في الحكم

TT

الجزائر: بوتفليقة يدافع بقوة عن «إنجازات» سنوات حكمه

هاجم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بحدة أشخاصاً، أو جهات سياسية دون ذكرهم بالاسم، ودافع بقوة عما سماه «إنجازات تحققت»، خلال سنوات حكمه التي فاقت 19 سنة. فيما يعتقد على نطاق واسع بأن بوتفليقة سيترشح لولاية خامسة، رغم حالته الصحية السيئة، وأن الإعلان عن ذلك «مسألة وقت لا غير».
وخاطب بوتفليقة الجزائريين، أمس، عن طريق رسالة طويلة، تلاها الأمين العام برئاسة الجمهورية العقبي حبة، على أعضاء الحكومة والولاة (المحافظين) الـ48 المجتمعين بالعاصمة لمدة ثلاثة أيام، قصد بحث مشكلات التنمية المحلية.
ومما جاء في الخطاب أن «المغامرين الذين يسوقون لثقافة النسيان والنكران والجحود، لا يمكن أن يكونوا أبداً سواعد بناء وتشييد، فهم يخفون وراء ظهورهم معاول الهدم، التي يسعون لاستخدامها من أجل الزج بالبلاد نحو المجهول».
وقال بوتفليقة مستخدماً ألفاظاً نارية في رسالته إن «دوائر وخلايا تتربص باستقرار البلاد وتتكالب عليها، قصد تثبيط همتها، والنيل من عزيمة أبنائها. فما نلاحظه من مناورات سياسية مع اقتراب كل محطة حاسمة من مسيرة الشعب الجزائري، إلا دليل واضح يفضح هذه النيات المبيتة، التي سرعان ما تختفي بعد أن يخيب الشعب الأبي سعيها». ويقصد الرئيس بـ«المحطة الحاسمة» انتخابات الرئاسة المرتقبة بعد 5 أشهر. لكن بالمقابل أبقى بوتفليقة الغموض حول من يوجه له (أو لهم) هذه الاتهامات الخطيرة.
وتحمل الرسالة، على ما يبدو، غضباً شديداً من الرئيس إزاء خصوم قد يكونون في الداخل، وربما في الخارج، ممن ينتقدون سياساته مع اقتراب نهاية ولايته الرابعة (2014 - 2019). علماً أن صحفاً فرنسية تناولت حصيلة حكم الرئيس في المدة الأخيرة، ضمن مقالات انتقدته بشدة. وقد يكون ذلك هو ما أثار استياءه، إذ يعرف عنه حساسيته إزاء ما يكتب عنه، خصوصاً إن كان في فرنسا.
وذكر بوتفليقة في إيحاء إلى رئاسية 2019، أن البعض «يختزل رهانات الحاضر والمستقبل في تغير وتعاقب الوجوه والأشخاص، وهم يروجون لهذا التوجه لحاجة في نفس يعقوب، لكن أنتم (الولاة) من تعملون في الميدان وتغالبون التحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، يومياً، أكثر الناس دراية بأن الرهان يتجاوز ذلك بكثير. إن المسألة تتعلق بصون وحماية الإنجازات التي حققها الشعب خلال العقدين المنصرمين، وحفظها وتثمينها خدمة له، والارتقاء إلى مستوى أعلى من العمل التنموي والسياسي». ولم يتضمن خطاب الرئيس، أية إشارة إلى مصيره في الحكم.
وأضاف بوتفليقة موضحاً أن العقدين المنصرمين من حياة الجزائر «لم يكونا هينين. فقد كان للكثير منكم (الولاة) شرف مرافقتي في هذه المسيرة في مختلف مستويات المسؤولية، وأبليتم البلاء الحسن، وقمتم بتضحيات وإنجازات عظام. لقد سعينا بصدق وإخلاص إلى إخراج أبناء هذه الأمة من فتنة التناحر وكابوس الهمجية، الذي استحكم فيها، (سنوات الاقتتال مع الإرهاب) مستلهمين عزمنا من قيم نوفمبر (ثورة التحرير) الخالدة، وشيم التسامح والأخوة والوئام. وعملنا على العودة بالبلاد من جديد إلى جادة التنمية، بإعادة بناء ما أمعنت في تهديمه قوى الشر والدمار، وتحقيق إنجازات عمومية كبرى في مدة لا مكان فيها للتواني.. مدة شققنا فيها الطرق وربطنا القرى والمداشر والمدن بمختلف الشبكات، وشيدنا أقطاباً صناعية ومدناً جديدة، ومرافق عمومية شاهدة على جهود هذا الشعب، وقدرته على تجاوز أعتى الأزمات والمحن».
وبحسب الرئيس فإن «ما تم إنجازه على الصعيدين الأمني والتنموي، بفضل التضحيات الجسام التي قدمها هؤلاء وأولئك، بات محلاً لإعجاب الشعوب الشقيقة والصديقة، يرون فيه مثالاً لتنمية اجتماعية شاملة، أعادت الاعتبار للإنسان بوضعه في قلب المقاربة التنموية». مبرزاً أن «سياسة المصالحة الوطنية والعيش معاً بسلام، عنوان رئيسي لمقاربة استراتيجية دولية لمحاربة الراديكالية والتطرف في العالم، واستراتيجية ولدت من رحم معاناة هذا الشعب الأبي، الذي أعطى بالأمس درساً للعالم في التضحية والانعتاق، وصار اليوم بفضل تضحياته وتبصر أبنائه ورشدهم، مرجعاً في إخماد الفتنة ورأب الفرقة والقضاء على منطق الكراهية».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.