الملك محمد السادس يوجه خطابا إلى الأمة غدا بمناسبة عيد الجلوس الخامس عشر

الاحتفال الرسمي ينظم في الرباط.. وسياسيون يعدون سنوات حكمه «نضالا وعملا في كل الجبهات»

الملك محمد السادس
الملك محمد السادس
TT

الملك محمد السادس يوجه خطابا إلى الأمة غدا بمناسبة عيد الجلوس الخامس عشر

الملك محمد السادس
الملك محمد السادس

يوجه العاهل المغربي الملك محمد السادس، غدا (الأربعاء)، خطابا إلى الأمة بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لتوليه مقاليد الحكم في 30 يوليو (تموز) 1999، حيث جرت العادة أن يحدد فيه الخطوط الكبرى للسياسات العامة للبلاد، بالإضافة إلى عرض حصيلة مركزة بشأن أبرز الإنجازات المحققة في غضون السنة الماضية في أهم القطاعات.
ويرأس الملك محمد السادس بالقصر الملكي في الرباط، صباح غد أيضا، حفل استقبال رسميا يحضره أعضاء الحكومة، وقيادات مجلسي البرلمان، وكبار رجالات الدولة، مدنيين وعسكريين، وزعماء الأحزاب السياسية، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في الرباط، وضيوف الملك الأجانب، وممثلو الطائفة اليهودية في المغرب, وممثلو المجتمع المدني والجالية المغربية المقيمة في الخارج.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن العاهل المغربي سيقوم، بعد تلقيه التهاني من كبار المسؤولين المغاربة وضيوفه الأجانب، بتوشيح مجموعة من الشخصيات البارزة في عالم السياسة والثقافة والفن والإعلام، إلى جانب مغاربة تألقوا خارج بلدهم، بأوسمة ملكية رفيعة. وتجدر الإشارة إلى أن جميع المغاربة الذين يحضرون الحفل يرتدون اللباس الرسمي المتمثل في الجلباب والسلهام الأبيضين، والبلغة المغربية (حذاء تقليدي)، بينما يرتدي الضيوف الأجانب بدلات سوداء. ويتخلل الحفل عزف مقطوعات موسيقية خاصة بالبلاط المغربي، ومختارات من الموسيقى الأندلسية.
ويعد الاحتفال بعيد الجلوس هذا العام في الرباط من المرات القليلة التي احتفل فيها الملك محمد السادس بالذكرى السنوية لتوليه عرش البلاد في عاصمة ملكه، فباستثناء مرتين في الرباط، وأخرى في فاس (2008)، ومرة في الدار البيضاء (2013)، حرص العاهل المغربي في غالب الأحيان على إقامة الاحتفال بالمناسبة وتوزيعه بين مدينتي طنجة وتطوان (شمال البلاد)، مخصصا لطنجة حفل الاستقبال الرسمي، بينما تستقبل مدينة تطوان حفل الولاء، الذي يجدد فيه الولاة والعمال (المحافظون) ورؤساء المناطق والبلديات والمنتخبون، ولاءهم لعاهل البلاد، هذا إلى جانب ترؤسه حفل تخرج أفواج الضباط من مختلف المدارس العسكرية والأمنية المغربية.
ويأتي الاحتفال بعيد الجلوس هذا العام في ختام زيارات ميدانية قام بها الملك محمد السادس للمنطقتين الشرقية والشمالية، وأيضا لمنطقة الأطلس (أزيلال)، ومنطقة الغرب، ومنطقة الدار البيضاء، وهي زيارات يهدف من خلالها عاهل المغرب كعادته لإطلاق مشاريع تنموية، ومتابعة أخرى سبق له أن أعطى إشارة انطلاقتها في وقت سابق.
ومنذ ارتقائه سدة الحكم في بلاده حرص الملك محمد السادس على نفض غبار التهميش والجمود الذي طال مشاريع التنمية في المنطقتين الشرقية والشمالية، وباقي مناطق البلاد، بحيث وضع الاهتمام بالمناطق التي لم تأخذ نصيبها من التنمية ضمن أجندة أولوياته.
يذكر أن الملك محمد السادس زار المنطقتين الشرقية والشمالية عشرات المرات منذ عام 1999، مثلما تعددت زياراته لمختلف مناطق البلاد، بهدف متابعته عن كثب لمسار ووتيرة إنجاز المشاريع المبرمجة ضمن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تروم إخراج مناطق كثيرة من بؤر الفقر والهشاشة والتخلف. وحرص العاهل المغربي على جعل نفسه قريبا من شعبه، هذا إلى جانب رغبته في كسب رهان القضاء على أي هوة يلمسها أي قادم من أوروبا بين الضفة الشمالية للمتوسط وشمال المغرب.
واقترن الاحتفال بعيد الجلوس بإجراءات عفو يصدرها العاهل المغربي، ويستفيد منها سجناء ومعتقلون على خلفية قضايا محددة، ويتوقع أن يجري الإعلان عشية الاحتفالات عن عفو ملكي يطال عددا كبيرا من سجناء الحق العام.
في غضون ذلك، أجمع سياسيون وقادة الأحزاب السياسية المغربية الممثلة في البرلمان، غالبية ومعارضة، في تصريحات مقتضبة أدلوا بها لـ«الشرق الأوسط»، على عد السنوات الـ15 الماضية من حكم الملك محمد السادس بأنها سنوات النضال والعمل في كل الجبهات. وقال عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إن من مميزات الملك محمد السادس أنه يعمل بوتيرة كبيرة جدا، مشيرا إلى قدرته على اتخاذ قرارات حاسمة في الاتجاه الصحيح الذي ينفع البلاد ويجنبها الوقوع في الكثير من الأزمات التي تعاني منها بلدان كثيرة.
من جهته، قال صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية، ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار المعارض، إن المغرب في السنوات الـ15 الأخيرة قطع مع مرحلة مهمة من تاريخه، وفتح صفحة جديدة، قوامها المصالحة مع الماضي، ومع كل مكوناته السياسية والاجتماعية والثقافية، ومنح المرأة المكانة التي تستحق.
بدوره, وصف محند العنصر، وزير التعمير وإعداد التراب الوطني، والأمين العام للحركة الشعبية، أسلوب العاهل المغربي في الحكم بأنه يعتمد على «التسريع والنجاعة»، أي سرعة الإيقاع في اتخاذ القرارات وتنفيذ الأوراش التنموية. وأضاف العنصر أن عمل الملك محمد السادس يتسم أيضا بالحضور المكثف والقوي في الميدان والاهتمام بأدق التفاصيل المرتبطة بالمشاريع التنموية، مشيرا إلى أن هذا الحضور والاهتمام بالمشاكل اليومية للسكان، خارج نطاق أي بروتوكول، يعد عاملا أساسيا لقرب الملك محمد السادس من المواطنين، مما يقوي لديهم أواصر الارتباط بملكهم.
من جهته، شدد محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وزير السكنى وسياسة المدينة، على القول إن المغرب منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش خطى خطوات جبارة على طريق إرساء أسس الدولة الديمقراطية العصرية، وبناء صرح المجتمع الديمقراطي الحداثي.
اما إدريس لشكر، الأمين العام للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، فقال إن المغرب استطاع بقيادة الملك محمد السادس أن يصبح من أكثر البلدان استقرارا في المنطقة وجلبا للاستثمار واحتراما لمعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وفي سياق ذلك، قال مصطفى باكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، إن مقاربة الملك محمد السادس توخت على مدار 15 سنة الاعتماد على ثنائية القرب والمصالحة، حيث اتسمت منذ البداية بالحس الاستباقي في الطرح، والقوة في التصدي للملفات الشائكة.
ويحرص متتبعون لمسار حكم الملك محمد السادس على وصف عاهل المغرب بأنه «ملك الاستقرار»، نظرا لكونه توقع المطالب الشعبية التي حركت الشارع المغربي، إبان ما يسمى «الربيع العربي»، ولم يتفاجأ بها، مشيرين إلى أنه تجاوزها بإجراء تعديل دستوري، باعتباره قاعدة أي إصلاح، والأول في محتواه ومقاصده في العالم العربي، ذلك أن الدستور الجديد فوض صلاحيات تنفيذية واسعة لرئيس الحكومة، وفق معادلة جديدة، لتقاسم السلطة وتوازنها بين المؤسسة الملكية والهيئات المنتخبة، كما حدد آليات المراقبة والتحكيم لكي لا يحدث شطط، الأمر الذي رسخ استقرار البلاد، وثبت التحالف بين مختلف القوى الحية فيها والمؤسسة الملكية، في إطار ميثاق بيعة جديد.
ويرى مراقبون أن ملك المغرب كان حكيما بإصغائه إلى نبض الشارع، وأدرك التطلعات العميقة لشعبه، وانتهى إلى قناعة مفادها أن المطالب المرفوعة لا تتعارض مع التوجهات الملكية في التحديث والتنمية، فخطا الخطوة الكبرى، وكان التعديل الدستوري الذي تلته انتخابات تشريعية أوصلت حزب العدالة والتنمية، ذا المرجعية الإسلامية، إلى رئاسة الحكومة. وتميز مسار الملك محمد السادس أيضا منذ توليه الحكم بإعادته توجيه دفة الاقتصاد المغربي عبر إطلاق ترسانة من الإصلاحات الهيكلية والقطاعية الواسعة المدى والعميقة، التي أحدثت طفرة نوعية في بنية النسيج الاقتصادي المغربي، مع الرفع من وتيرة نموه وقدرته على التشغيل وخلق الثروات. فبتوجيه مباشر وإشراف شخصي من العاهل المغربي جرى اعتماد مقاربة مبتكرة في صياغة وتنفيذ السياسات التنموية ترتكز على التعاقد بين الحكومة والقطاع الخاص حول برامج قطاعية محددة المعالم والأهداف، وتتضمن التزامات كل طرف وفق جدول زمني واضح. وتقوم هذه المقاربة المجددة على تحديد واختيار القطاعات الإنتاجية التي يتوفر فيها المغرب على أفضل الفرص والمزايا في سياق التنافسية العالمية، بناء على دراسات دقيقة وعميقة.
في غضون ذلك، تضاعف حجم الاستثمارات المنجزة سنويا في المغرب خلال هذه الفترة بأكثر من ثلاث مرات، إذ انتقل من 82 مليار درهم (9.6 مليار دولار) عام 1999 إلى 260 مليار درهم (30.6 مليار دولار) في 2012. وخلال الفترة نفسها تضاعف حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب أربع مرات ليصل إلى نحو 400 مليار درهم (48 مليار دولار) عام 2012.
وارتفع حجم الناتج الداخلي الإجمالي بنسبة 140 في المائة خلال هذه الفترة، منتقلا من مستوى 345 مليار درهم (40.6 مليار دولار) عام 1999 إلى 828 مليار درهم (98.4 مليار دولار) عام 2012.
من جهة أخرى، قرر المغرب في منتصف العقد الماضي رد الاعتبار للصناعة كرافعة للنمو والتشغيل. وبعد دراسات ومشاورات عميقة مع كل الفاعلين جرى في فبراير (شباط) 2009 التوقيع أمام الملك محمد السادس على «ميثاق الإقلاع الصناعي» من طرف الحكومة وممثلي القطاع الخاص، وذلك لفك ارتباط النمو بالتقلبات المناخية. وفي سنة 2008، أعطى العاهل المغربي انطلاقة مخطط المغرب الأخضر للنهوض بالزراعة وبأوضاع السكان القرويين بشكل عام. ويهدف المخطط إلى تحقيق الأمن الغذائي للمغرب من خلال تنمية مستدامة ومتوازنة للقطاع الفلاحي باعتباره محركا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، إضافة إلى وزنه الاجتماعي والسياسي؛ إذ يعيش 45 في المائة من سكان المغرب في القرى.
وفي مجال السياحة، وبعد تجربة رؤية 2010 للنهوض بالقطاع، التي وضعت أسسا جديدة للاستثمار فيه وتنميته، اعتمد المغرب مخططا جديدا لمواصلة تنمية السياحة في أفق 2020. ويهدف المخطط الجديد إلى مضاعفة عدد السياح ليبلغ 20 مليون سائح في أفق 2020. كما تهدف الخطة الجديدة إلى الرفع من القدرة الإيوائية للسياحة المغربية عبر إنشاء 200 ألف غرفة فندقية، ومضاعفة مساهمة القطاع السياحي في الناتج الداخلي الإجمالي ثلاث مرات، وتحسين مرتبة المغرب ضمن الوجهات السياحية العالمية من المرتبة 27 حاليا إلى المرتبة 20 في سنة 2020.
وتماشيا مع روح العصر حدد المغرب هدفا طموحا في مجال الطاقة، بالوصول إلى استيفاء 42 في المائة من حاجياته من الكهرباء عبر استغلال الطاقات المتجددة كالشمس والرياح والماء (في أفق 2020).



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم