الحلقة الثانية: الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى: من الحياد الى مواجهة بريطانيا

حملة عسكرية مبكرة لحماية حقول النفط في الخليج.. ولندن أبلغت برلين بإعلان الحرب بخطاب من «التشريفات»

صورة تظهر نيقولا الثاني إمبراطور روسيا ودوق فنلندا وملك بولندا مرتديا زي أميرال بريطاني في مستهل الحرب العالمية الأولى حيث أمر القوات الروسية بدخول الحرب في 30 يوليو 1914 (أ.ف.ب)  , ممتلكات الأمير فرانز فرديناند تعرض في المتحف الحربي في فيينا (أ.ف.ب)
صورة تظهر نيقولا الثاني إمبراطور روسيا ودوق فنلندا وملك بولندا مرتديا زي أميرال بريطاني في مستهل الحرب العالمية الأولى حيث أمر القوات الروسية بدخول الحرب في 30 يوليو 1914 (أ.ف.ب) , ممتلكات الأمير فرانز فرديناند تعرض في المتحف الحربي في فيينا (أ.ف.ب)
TT

الحلقة الثانية: الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى: من الحياد الى مواجهة بريطانيا

صورة تظهر نيقولا الثاني إمبراطور روسيا ودوق فنلندا وملك بولندا مرتديا زي أميرال بريطاني في مستهل الحرب العالمية الأولى حيث أمر القوات الروسية بدخول الحرب في 30 يوليو 1914 (أ.ف.ب)  , ممتلكات الأمير فرانز فرديناند تعرض في المتحف الحربي في فيينا (أ.ف.ب)
صورة تظهر نيقولا الثاني إمبراطور روسيا ودوق فنلندا وملك بولندا مرتديا زي أميرال بريطاني في مستهل الحرب العالمية الأولى حيث أمر القوات الروسية بدخول الحرب في 30 يوليو 1914 (أ.ف.ب) , ممتلكات الأمير فرانز فرديناند تعرض في المتحف الحربي في فيينا (أ.ف.ب)

قبل قرن من الزمن، أعلنت الإمبراطورية النمساوية - المجرية الحرب على صربيا، لتنطلق سلسلة أحداث أدخلت العالم في الحرب العالمية الأولى وحددت ملامح القرن العشرين. ويصادف يوم غد الذكرى المئوية لاعلان روسيا انضمامها للحرب.
جاء إعلان الحرب على صربيا بعد شهر من اغتيال ولي عهد النمسا والمجر الأمير فرانز فرديناند في ولاية سراييفو في 28 يونيو (حزيران) 1914، لتمتد وتتسع كنار شرسة حصدت الملايين من الأرواح وغيرت خريطة العالم وتوازن القوى فيها. وجاء إعلان السلام بتوقيع معاهدة فرساي في 28 يونيو 1919، بعد خمس سنوات تماما من انطلاق الشرارة الأولى. ومع التطورات السياسية الخطيرة التي يشهدها العالم اليوم لا بد من العودة إلى الوراء والنظر في تفاصيل الحرب التي انعكست على ما نعيشه اليوم.
و«الشرق الأوسط» ترصد من خلال حلقات تنشر عبر الأيام المقبلة مجريات تلك الأحداث وتداعياتها في إعادة رسم خرائط قارات عدة.

* الدولة العثمانية
* أعلنت الدولة العثمانية في بداية الحرب العالمية الأولى يوم 3 أغسطس (آب) 1914 حيادها، وهو ما صرّح به الصدر الأعظم للسفير البريطاني على الرغم من وجود بعثة عسكرية لإعادة تنظيم قواتها المسلحة على مستوى مشابه للنسق الألماني، وأنيطت المهمة بالجنرال ليمان فون ساندرز عام 1913. وكانت نصيحة الإمبراطور (القيصر) فيلهلم (غليوم) الثاني له: «اجعله من أجلي جيشا قويا يطيع أوامري».
ولقد نتج عن ذلك معاهدة سريّة للتعاون العسكري بين الدولة العثمانية وألمانيا، وكان أنور باشا، وزير الحربية، من أوثق الزعماء الأتراك علاقة بألمانيا، وزادته انتصاراته في بدايات الحرب ثقة، ما شجّعه على إعلان الحرب على روسيا في أكتوبر (تشرين الأول) 1914. وفي المقابل أعلنت بريطانيا وفرنسا وروسيا دخولها الحرب في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 1914. وعندها أعلن العثمانيون النفير العام، وحشد في جميع أنحاء السلطنة ما يقارب ثلاثة ملايين متطوع قتل منهم خلال القتال نحو 300 ألف وقضى نحو نصف مليون جندي بأسباب مختلفة كالأمراض والإصابات وسوء التغذية ونقص العتاد ورداءة الألبسة وقلة ملاءمتها لجبهات الحرب الشمالية.
أما في منطقة الخليج، فقد أبرق المقيم السياسي الميجر ستيوارت نوكس يوم 20 أغسطس 1914 إلى اللورد هاردينغ، نائب الملك في الهند، يبلغه فيها بأن الوقت حان لإرسال حملة عسكرية للحفاظ على حقول النفط في مسجد سليمان ومستودعات تخزينه في عبادان بمنطقة شط العرب حسب الخطط المرسومة لذلك. وبالفعل أصدر نائب الملك أوامره يوم 6 يونيو (حزيران) بتعبئة قوة مشكّلة من الفرقة السادسة (مقرها في مدينة بونا الهندية) المكونة من الألوية 16 و17 و18، وكانت تشكّل الجزء الذي أطلق عليه الرمز «إيه» قوامها خمسة آلاف جندي، غادرت كراتشي (في باكستان اليوم) في طريقها إلى الخليج بتاريخ 16 أكتوبر (تشرين الأول) بقيادة البريغادير ديلامين ونقلتها أربع سفن مصحوبة بحراسة. ووصلت القوة إلى البحرين يوم 23 أكتوبر.
وفي مستهل شهر نوفمبر انتشرت الشائعات في البصرة وتأزّمت الأمور بين العثمانيين الأتراك والبريطانيين، ما دعا لمغادرة البريطانيين البصرة.
السفير البريطاني في الآستانة (إسطنبول) كان قد تقدم يوم 31 أكتوبر بطلب استرجاع جوازات السفر له ولعائلته وطاقم الوزارة، وجرى قطع العلاقات الدبلوماسية.
وكما سبقت الإشارة أعلنت بريطانيا الحرب على الدولة العثمانية يوم 5 نوفمبر، وتم إنزال للقوات البريطانية قرب الفاو في الساعة السادسة صباحا. وخاض البريطانيون ثلاث معارك صغيرة ضد العثمانيين وهم في طريقهم إلى البصرة هي السنية وسيحان وكوت الزين أيام 7 و15 و18 نوفمبر على التوالي.
في 13 نوفمبر وصلت تعزيزات بريطانية جديدة بقيادة الجنرال باريت كانت عبارة عن لواء مدفعية وفوج مشاة نورفولك وراجبوت ومهراتا وسريتي خيالة وفيلقي بغال وفيلق مواصلات مكون من 1200 جمل ومستشفى ميداني وسرية هندسة. وأدت المواجهات إلى انسحاب القوات العثمانية من البصرة يومي 21 و22 نوفمبر مخلفا فراغا أمنيا فيها شهد سرقة مخازن الجمارك وبعض الأسواق، وعمّت الفوضى، فسلّمت المدينة للقوات البريطانية التي دخلتها فعليا يوم 23 نوفمبر فعملت على ضبط الأمن وبدأت المدينة عهدا جديدا.
السير بيرسي كوكس كان قد تأهب للعب دور جديد حينما اقتربت نيران الحرب من الاندلاع، وذلك عبر الاتصال لاستمالة الشخصيات الحاكمة في شمال الخليج، وبمحاذاة جبهة جديدة تنوي بريطانيا فتحها والاستحواذ على مواردها وأسواقها، بالإضافة إلى استراتيجية مواقعها. وحقا جرى إبلاغ الشيخ مبارك الصباح عن إعلان الحرب، كما أبلغت القنصل البريطاني عن نشاط معادٍ لبريطانيا يقوم به بعض الكويتيين في البصرة، ووعدته بإعفاء جميع ممتلكاته من بساتين النخيل في البصرة من دفع مستحقات رسومها. يومذاك كان اللؤلؤ - غوصا وتجارة - عماد الحياة الاقتصادية وقوامها في الكويت، آنذاك. وكانت الهند تشكل لها منفذا وسوقا، لا سيما، في عاصمتها الاقتصادية بومباي (مومباي اليوم)، التي كانت من أكبر أسواق اللؤلؤ وأهمها في العالم. وحين بدأت أجراس الإنذار تقرع في أوروبا منذرة بقرب اندلاع حرب عالمية ستؤدي إلى إغلاق أسواق اللؤلؤ فيها، توجّس الشيخ جاسم آل إبراهيم، أحد كبار تجار اللؤلؤ الكويتيين، في أغسطس عام 1914، قرب حدوث أزمة اقتصادية عارمة ستعصف بالكويت، فأرسل برقية تحذيرية طلب فيها التوقف عن عمليات بيع اللؤلؤ وشرائه إلى أن تستقر الأمور.
المقيم السياسي في بوشهر (ساحل إيران) الكولونيل نوكس أبلغ الشيخ مبارك الصباح يوم 25 نوفمبر باحتلال البصرة - الذي حصل يوم 23 منه - كما سبق -. وفي مستهل عام 1915 بدأت جمعية سانت جون لرعاية جرحى الجيش البريطاني العمل، فتبرّع بها الشيخ بمبلغ 50 ألف روبية حولها على وكيله في بومباي محمد بن سالم السديراوي. وفي فبراير 1915 زار اللورد هاردينغ (نائب الملك في الهند) الكويت، غير أن الشيخ خزعل شيخ المحمّرة الحضور، وذلك بسبب عصيان قام به بعض القبائل من بني كعب وبادية ربيعة وبني لام وبني طرف تدعمها ثلة من متطوّعي الجيش العثماني ومجتهدي رجال الدين. وارتأى الشيخ مبارك الذي كان يزور المحمّرة مساعدة الشيخ خزعل فكتب لابنه الشيخ جابر طالبا إرسال قوة من الكويتيين لهذا الغرض. غير أن الكويتيين امتنعوا عن تنفيذ الأمر استجابة لدعوة الشيخ محمد أمين الشنقيطي وحافظ وهبة المدرّسين في المدرسة المباركية للوقوف ضد البريطانيين ومساندة العثمانيين. ومن ثم لما رجع الشيخ مبارك إلى الكويت تتبّع آثار مثيري العصيان ففرّوا للالتحاق بأرهاط المجاهدين الذين شاركوا مع العثمانيين في القتال ضد البريطانيين في معركة الشعيبة يوم 10 أبريل (نيسان) 1915.
كان الوضع العام في البصرة قبل الحرب العالمية الأولى قليل الاستقرار، تشوبه مشكلات معقّدة جمّة، وخلافات مستمرة مع النظام العثماني الجديد الذي أطاح بالسلطان عبد الحميد الثاني وعزله عام 1909، وبدأت الخلافات بإغلاق الصحف والاعتقالات ثم النفي، ومن ثم ساءت الأمور وتراجع الأمن وكثرت السرقات والاغتيالات العشائرية. وكان من أبرزها مقتل فريديريك القائد العسكري لحامية البصرة وكذلك متصرف لواء المنتفك بديع نوري الحصري - شقيق المفكّر العروبي ساطع الحصري -.
وتطوّر الأمر إلى اتهام البريطانيين بإثارة القلاقل والمشكلات، فأغلق البريد الهندي واعتقل مترجم القنصلية البريطانية واتهم أفراد من مسيحيي البصرة ويهودها بالتجسّس. وفي الوقت نفسه ارتفعت أسعار السلع وضعفت القوة الشرائية وتناقصت فرص العمل. وعلى المستوى العسكري غدت البصرة مفتوحة من دون تحصينات أو وسائل دفاع وهذه إن وجدت فقد كانت ضعيفة. وبالتالي، تخوّف سكان البصرة من تعرضهم لهجمات من العشائر القاطنة على تخومها، والانقضاض على المدينة نهبا وسلبا.
انتشرت الشائعات بعد اندلاع الحرب في أوروبا في أغسطس 1914 عن قرب إرسال حملة بريطانية لاحتلال البصرة، فقرّر أعيان الولاية ومعظمهم من وجهاء الزبير ذوي الأصول النجدية بالإمام (لاحقا الملك) عبد العزيز آل سعود تزعمهم عبد الوهاب المنديل وعبد العزيز المكينزي وعبد الكريم الدخيل وأحمد الإبراهيم الراشد، ثم انضم إليهم طالب النقيب، لكن اتصالاتهم مع البريطانيين لم تصل إلى نتيجة. وغادر وفد البصريين الزبير عن طريق الكويت يوم 5 نوفمبر متوجها إلى نجد، ووصل إلى بريدة يوم 18 منه وكان الإمام فيها. وهناك أقاموا بضيافته وتعهد من جانبه ببذل كل ما يستطيع بذله من جهد لحماية الأرواح والأموال إذا ما تعرضت البصرة لسوء، وعزم على شد الرحال إليها لنجدتها. غير أن أخبار احتلال البريطانيين للمدينة الذي جرى خلال يومي 21-22 نوفمبر غيّر كل الترتيبات وعاد الوفد أدراجه وسلّم النقيب نفسه للبريطانيين فنفي إلى الهند.
مع هذا لم تنته علاقة عبد العزيز آل سعود بتلك المنطقة بعد ذلك، بل كان دائم الاتصال لمعرفة ما يجري من أحداث، ويقدّم يد العون والتطمينات قدر الإمكان.

* بريطانيا
* في تمام الحادية عشرة من مساء الاثنين 4 أغسطس 1914 توقفت عربة تنقل أحد موظفي تشريفات وزارة الخارجية البريطانية أمام مبنى السفارة الإمبراطورية الألمانية في شارع كارلتون هاوس تراس بحي سانت جيمس الراقي في وسط لندن، القريب من قصر بكنغهام الملكي، وكان الأمير ليجنوفسكي يقيم في الطابق الأعلى من المبنى منذ تعيينه في أكتوبر (تشرين الأول) 1912 سفيرا لدى بريطانيا.
الموظف سلّم السفير طردا كبيرا مختوما بالشمع الأحمر يحتوي على رسالة من وزير الخارجية البريطاني السير إدوار غراي، فيما يلي نصها:
«وزارة الخارجية 4 أغسطس 1914»

* صاحب السعادة
* نتيجة للاتصال الذي أجراه في برلين سفير صاحب الجلالة (أي السفير البريطاني) استرجاع جوازات السفير، يشرّفني أن أبلغ سعادتكم بأنه حسب شروط الإبلاغ Terms of Notifications الذي قدّم إلى الحكومة الألمانية اليوم، فإن حكومة صاحب الجلالة اعتمدت أن حالة الحرب وقعت بين البلدين اعتبارا من الساعة الحادية عشرة مساءً (منتصف الليل بتوقيت برلين). ولي الشرف أن أرفق لكم جوازات السفر العائدة لسعادتكم وعائلة سعادتكم وطاقم السفارة».
من أشهر مقولات هارولد ويلسون، رئيس الوزراء البريطاني السابق، «أن أسبوعا في السياسة وقت طويل»، لكن الحقيقة أن «يوما في السياسة وقت طويل أيضا». وفيما يخص السفير الألماني المشار إليه والمعني بمغادرة لندن فورا كان قد تناول وجبة الإفطار في صباح يوم 2 يوليو (تموز) ملبيا دعوة رئيس الوزراء هربرت آسكويث بمكتبه في الدار الرقم 10 داونينغ ستريت.
تلك كانت أشهر الجنون التي سبقت الإعلان النهائي للحرب يوم 4 أغسطس، وكانت بوادرها قد خيمت لأمد غير قصير على أجواء السياسة في أوروبا وكانت مرشحة للانفجار، إلا أن ما عجّل بتفجيرها اغتيال ولي عهد النمسا الأرشيدوق فرانز فرديناند يوم 28 يونيو 1914، مع الإشارة إلى أن حدة ذلك التوتر ما كانت قد وصل إلى بريطانيا. أما السبب فكان اتفاق كل الأطراف المؤثرة في الحلبة السياسية، عموما، ممثلة بحكومة آسكويث الليبرالية (آسكويث من حزب الأحرار) والرأي العام والصحافة على التهدئة، يقابل ذلك بعض الأصوات التي تفضل نسبة ما من التدخل محدودة وكان في طليعتها غراي وزير الخارجية ووينستون تشرتشل (كان يومذاك من الأحرار) وزير الأسطول.
وفي نهاية المطاف استقر رأي الحكومة الليبرالية أنه ما لم تدخل بريطانيا الحرب فإن حزب الأحرار الحاكم سيخسر الانتخابات المقبلة، وكان هذا رأي رئيس الوزراء آسكويث، يدفعه الوزيران غراي وتشرتشل اللذان هددا بالاستقالة، في حال رفض دخول الحرب، يوم 2 أغسطس. ويذكر هنا أن وزير الداخلية ريجينالد ماكينا قد صرّح بأن وضع بلجيكا هو ما يقرّر الموقف لأنه سبق لبريطانيا ضمان حياد بلجيكا في «معاهدة لندن» الموقعة عام 1839، وكان هذا الغطاء القانوني يعطي بريطانيا الحق في التدخل. وكان مفهوما أنه في حال غزو بلجيكا فإن الرأي العام البريطاني سيقف داعما حكومته في نصرة الضعيف. كذلك كان مفهوما أن بريطانيا لا تستطيع الوقوف مكتوفة الأيدي في حال هزيمة فرنسا أمام ألمانيا وسيطرة الألمان على أوروبا وجميع موانئ بحر الشمال، وباختصار سقوط أوروبا كلها تحت سيادة دولة واحدة.. كما حدث إبان الحروب النابوليونية.
وبالفعل، يوم 4 أغسطس غزت ألمانيا بلجيكا، ثم فرنسا، وكانت فرنسا قد أعلنت التعبئة العامة وحشدت نحو 800 ألف جندي فعلي و2.8 مليون من جنود الاحتياط. وكانت ألمانيا قد أعلنت التعبئة العامة يوم 31 يوليو (تموز)، وهو ما فعلته أيضا روسيا من منطلق التحسّب والحذر.
في الواقع ما كانت بريطانيا، لا شعبا ولا حكومة، مهتمة جدبا بما يحدث بين صربيا والنمسا. وكانت تلك أمور، بنظر البريطانيين، شبه عادية سياسيا في منطقة البلقان وتخومها. كذلك كان الشعور الشعبي العام في بريطانيا غير معادٍ لألمانيا، التي تعود أصول العائلة المالكة البريطانية إليها.
وكانت تسعة من الأسماء البريطانية اللامعة في المجال الأكاديمي قد كتبت في صحيفة «التايمز» يوم 28 يوليو «نحن نعد ألمانيا دولة رائدة في مجالات الفنون والعلوم، ونحن طالما تعلمنا ونتعلم من أساتذتها. وإن الحرب ضدها من أجل روسيا وصربيا خطيئة بحق الحضارة. أما إذا تحتّم علينا أداء الواجب فإننا لا نجد أنفسنا سعداء لأدائه عبر المشاركة بحرب (.....) إننا في هذه الحالة نجد أنفسنا جاهزين للاعتراض على دفعنا لمحاربة دولة نتشارك معها بالكثير من المثال والقيم».
وحقا عبر عدد كبير من الصحف عن مشاعر مماثلة، وأنحت تلك الصحف باللائمة «على بلغراد وبطرسبورغ (أي سلطات كل من صربيا وروسيا)» وفق مجلة «الإيكونوميست» يوم 30 يوليو، التي عدت «أن التحرشات إنما بدأتها صربيا وأن استمرارها من عمل روسيا وما حالة التعبئة التي أعلنتها إلا سبب مشابه».
أما رئيس تحرير «الديلي نيوز» فكتب يوم 29 يوليو «إن أفضل ما يمكننا فعله لخدمة العلم أن نعلن على الملأ أنه ليس لبريطانيا أن تقدّم ولو ضحية واحدة من رعاياها من أجل خدمة المشروع الروسي الهادف لنشر الهيمنة السلافية في أوروبا»، وأضاف في افتتاحية للصحيفة بعنوان «لماذا يجب رفض الحرب؟» «أين في هذا العالم الفسيح اصطدمت مصالحنا بألمانيا؟ ليس في أي مكان. بينما مع روسيا فإن هناك أماكن كثيرة مهيأة للصدام بيننا مثل جنوب شرقي أوروبا وجنوب آسيا».
أضف إلى ما سبق أن غالبية أعضاء البرلمان، وخاصة من كتلة نواب حزب الأحرار الحاكم، كانت تحبذ بقاء بريطانيا على الحياد. وكتب السفير البريطاني لدى فرنسا يوم 27 يوليو تقريرا قال فيه «إنه لأمر غير قابل للتصديق أن تعمد روسيا إلى تدمير أوروبا في حرب طاحنة لكي تنصّب نفسها حامية للصرب». ومثله تساءلت شخصيات سياسية وفكرية مهمة كثيرة عن «الحكمة من تدمير السلام الأوروبي من أجل إنقاذ صربيا الضئيلة القدرة» على حد تعبيرهم.
كان قوام القوات المسلحة البريطانية عام 1914 سبع فرق عسكرية فقط، وهو حجم يعد صغيرا نسبيا بالمقارنة مع حجم جيوش ألمانيا وفرنسا وروسيا، غير أن بريطانيا كانت تتمتع آنذاك بميزانية طائلة ولديها أسطول ضخم. ولقد وصف شاهد عيان من طاقم البارجة «كريسنت» عن تجمّع للأسطول البريطاني، يوم 26 يوليو، برعاية الملك جورج الخامس، فقال إن «البحرية الملكية تجمّعت قرب الميناء الرئيس لها وهو بورتسموث، بجنوب إنجلترا، قبالة جزيرة وايت في مياه مضيق السولنت The Solent، بين ميناء بورتسموث وميناء كاوز في الجزيرة اللذين تفصل بينهما مسافة تبلغ نحو 15 كلم. وجمع هذا التجمع للقطع البحرية كل أنواع السفن من بوارج وطرادات ومدمرات وفرقاطات وقوارب طوبيد وغواصات وبواخر نقل وإسناد وإنزال حتى إنه ما كان بمقدور المرء أن يرى مياه البحر من كثرة عددها».
من جهة أخرى، كان ونستون تشرتشل، وزير الأسطول (أو البحرية) - الذي صار لاحقا رئيسا للحكومة بعدما ترك حزب الأحرار وانضم لحزب المحافظين - يظن خطأ بأن الحرب - التي كان من المتحمّسين لخوضها «ستكون قصيرة منخفضة الكلفة، يمكن خوضها وتحقيق النصر فيها بقوة الأسطول». وهذا هو الرأي الذي ساد لاحقا داخل مجلس الوزراء البريطاني وهو أنه لن تكون ثمة حاجة إلى إرسال جيوش برية إلى أوروبا. ولكن الإمبراطور الألماني فيليلهم الثاني علّق على هذا التوهّم بذكاء وسخرية «ليس لبوارج الدريدنوت عجلات» Dreadnoughts have no wheels.
في أي حال بمجرد إعلان بريطانيا الحرب شاع بين الناس أن الحرب ستنتهي خلال فترة قصيرة. وكان هذا توقع كثيرين على امتداد القارة الأوروبية، وبالأخص في شرقها، غير أن أحد المفكرين السلاف البارزين قال «الآن ستصلون إلى الله شاكرين إذا انتهت هذه الحرب بعد ثلاث سنوات». وفيما يخصّ فرنسا، التي فقدت قواتها لاحقا نصف مليون جندي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من القتال وتراءى أمامها الانهيار الذي تعرضت لها عام 1870، فإنها كانت تأمل بأن تقف بريطانيا إلى جانبها فتدعمها وتقاتل معها، وبالفعل صار لبريطانيا قوة عسكرية كبيرة بحلول عام 1916 ما خفف الضغط كثيرا عن الفرنسيين. وكانت بريطانيا قد أرسلت قوة استكشافية إلى فرنسا تضم أربع فرق عسكرية بقيادة الجنرال دوغلاس هيغ لأخذ مواقعها في القطاع الشمالي من الجبهة التي تقاتل فيها القوات الفرنسية.
* مؤرخ وباحث كويتي

* فيينا تحيي ذكرى إعلان الحرب على صربيا
* فيينا - لندن: «الشرق الأوسط»
* في الثامن والعشرين من يوليو (تموز) 1914، أعلنت النمسا - المجر الحرب على صربيا وتحملت بذلك مسؤولية الشرارة الأولى للنزاع العالمي. لكن في عاصمة الإمبراطورية فيينا التي كانت واحدة من المنارات الثقافية في أوروبا مطلع القرن العشرين، سادت أجواء احتفالية. وبدأ الإمبراطور فرانز يوزف في إعلانه بالألمانية الذي ترجم بعد ذلك إلى المجرية والتشيكية ليعلق في جميع أنحاء هذه الأرض الشاسعة الموحدة منذ 1867، بالقول «إلى شعوبي».
أعلن النبأ في فيينا في الساعة 19.00. وانتزعت الحشود التي تجمعت لساعات أمام إدارات تحرير الصحف الأعداد الخاصة التي صدرت، بينما ساد الفرح شوارع المدينة التي كانت واحدة من كبريات مدن أوروبا بسكانها البالغ عددهم مليوني نسمة.
وسمعت هتافات فرح وأناشيد تمجد بالحكم الملكي وألقيت قبعات في الهواء. ومن نوافذ بيوتهم كان سكان يلوحون برايات. أما إجراءات تبديل الحرس أمام هوفبورغ أكبر قصور فيينا، فقد سادت خلالها احتفالات شعبية رافقتها موسيقى الفرقة العسكرية.
وتوالت التجمعات الوطنية التي شجعتها الدعاية الإعلامية منذ الثالث والعشرين من يوليو يوم وجهت النمسا - المجر إنذارها إلى صربيا.
ويقول مدير المتحف العسكري في فيينا كريستيان أورتنر لوكالة الصحافة الفرنسية إن الأجواء «كانت أقل فرحا» في القرى والأرياف.
وأضاف أن «الطبقات الوسطى والبرجوازية كانت وطنية جدا وتدعم الحرب لكن الفرح كان أقل في المناطق الريفية». وتابع: «في الريف كانوا يفكرون بالخيول والأبناء الذين سيرحلون والكارثة التي أعلنت للزراعة».
كل هذا، لم يظهر منه شيء في الصور التي نشرتها الصحف التي ركزت على صور جنود يضحكون ونساء يبدين إعجابهن بهم..
فالحرب كانت مقررة قبل الإنذار الذي يطالب بلغراد بالسماح للسلطات النمساوية بالتحقيق في صربيا في الاعتداء الذي أودى بحياة ابن شقيق فرانز يوزف وولي العهد الأرشيدوق فرانز فرديناند.
وهذا الاعتداء أقنع النمسا - المجر بأنه يجب القضاء على صربيا المستقلة التي يشتبه بأنها تغذي الاضطرابات القومية للشعوب السلافية في الإمبراطورية، وخصوصا في البوسنة التي ضمتها النمسا في 1908.
وكان من أسباب هذه الحرب قضية القوميات المتنوعة في إمبراطورية النمسا - المجر. وستؤدي هزيمة الإمبراطورية بعد أربع سنوات إلى تفككها إلى دول عدة بموجب المعاهدات التي وقعت في نهاية الحرب. وعاد الجنود والضباط إلى فيينا بين 1918 و1920 يملؤهم شعور بالهزيمة والمرارة.
وبالنسبة للضباط الذين ينتمون إلى الطبقة الأرستقراطية، تحول الأمر إلى دمارهم، إذ إن ممتلكاتهم وراء حدود أخرى جديدة.
وكل هؤلاء المنهكين أصبحوا فرائس سهلة للتشدد في اليمين أو اليسار في أوضاع اقتصادية كارثية. وفي الذكرى المئوية للنزاع، نظمت النمسا سلسلة نشاطات تاريخية وفنية ودشنت معرضا جديدا دائما في متحف الجيش في فيينا. وفي 28 يونيو (حزيران) أحيا نحو مائة من أحفاد عائلة هابسبورغ ذكرى اعتداء سراييفو في القصر الذي دفن فيه فرانز فرديناند وزوجته.



مقتل 4 من أسرة واحدة في قصف أوكراني على بيلغورود الروسية

دخان القصف في منطقة بيلغورود  (أ.ب)
دخان القصف في منطقة بيلغورود (أ.ب)
TT

مقتل 4 من أسرة واحدة في قصف أوكراني على بيلغورود الروسية

دخان القصف في منطقة بيلغورود  (أ.ب)
دخان القصف في منطقة بيلغورود (أ.ب)

قال حاكم منطقة بيلغورود الروسية فياتشيسلاف جلادكوف، اليوم الاثنين، إن أربعة أشخاص قتلوا في قصف أوكراني لقرية نيكولسكوي الواقعة في المنطقة المتاخمة لأوكرانيا.

وأضاف على تطبيق التراسل «تلغرام» أن وحدات الدفاع الجوي في بيلغورود أسقطت ثمانية أجسام محمولة جواً في وقت متأخر من المساء، ولم تقع إصابات، لكن الحطام المتساقط ألحق أضراراً بأسطح مواقع صناعية ومنازل.

وفي سرده للوفيات الناجمة عن القصف، قال غلادكوف إن الضحايا وهم زوجان وجدة وصبي يبلغ من العمر 17 عاماً لقوا حتفهم عندما تعرض منزلهم لقصف مباشر. وقال إن فتاة نجت وهي الآن في العناية المركزة.

وتكررت الهجمات على بيلغورود منذ عام 2022، لكنها تصاعدت في الأشهر القليلة الماضية، ولقي 25 شخصاً حتفهم في هجوم واحد أواخر ديسمبر (كانون الأول).


برلين ووارسو تعتزمان زيادة إنتاج الذخائر لدعم أوكرانيا

وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (يسار) ونظيره البولندي فلاديسلاف كوسينياك كاميش خلال مؤتمر صحافي مشترك في وارسو بولندا 18 مارس 2024 (د.ب.أ)
وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (يسار) ونظيره البولندي فلاديسلاف كوسينياك كاميش خلال مؤتمر صحافي مشترك في وارسو بولندا 18 مارس 2024 (د.ب.أ)
TT

برلين ووارسو تعتزمان زيادة إنتاج الذخائر لدعم أوكرانيا

وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (يسار) ونظيره البولندي فلاديسلاف كوسينياك كاميش خلال مؤتمر صحافي مشترك في وارسو بولندا 18 مارس 2024 (د.ب.أ)
وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (يسار) ونظيره البولندي فلاديسلاف كوسينياك كاميش خلال مؤتمر صحافي مشترك في وارسو بولندا 18 مارس 2024 (د.ب.أ)

أعلن وزير الدفاع الألماني، اليوم (الاثنين)، في وارسو أن ألمانيا وبولندا تريدان العمل معاً لزيادة إنتاج الذخائر لدعم أوكرانيا، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وصرح بوريس بيستوريوس للصحافيين خلال مؤتمر مشترك مع نظيره البولندي: «تحدثنا للتو عن زيادة الإنتاج في بولندا وألمانيا ودول أخرى. نود العمل مع أوساط صناعة الذخائر لتحقيق ذلك» من دون مزيد من التفاصيل.

منذ أشهر تواجه القوات الأوكرانية نقصاً في الذخائر في محاولتها صد القوات الروسية التي غزت البلاد في فبراير (شباط) 2022.

وأرسلت الدول الداعمة لكييف ملايين القذائف لأوكرانيا لكن المخزون بدأ ينفد.

وشدد الوزير الألماني أيضاً على ضرورة تدريب الجنود الأوكرانيين من جانب الشركاء الغربيين.

وقال إن «مجال التدريب سيصبح محورياً أكثر فأكثر بما في ذلك بالنسبة لأوكرانيا. نود القيام بكل شيء... لنمتلك القدرات اللازمة لضمان حد أقصى من التدريب. إنها مراكز لوجيستية نريد تقريبها من أوكرانيا».

من جانبه، أشار الوزير البولندي فلاديسلاف كوسينياك كاميش إلى أن البلدين سيعيدان تفعيل «تحالف القدرات المدرعة لدعم أوكرانيا» في 26 مارس (آذار).

وقال: «هذا أحد أهم التحالفات التي شكلت... وقد وقّعه شركاء مثل المملكة المتحدة (بريطانيا) والسويد وإيطاليا»، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

منذ بدء الحرب في أوكرانيا زود الغربيون كييف بمئات الدبابات، وتولوا تدريب طواقم أوكرانية، وقاموا بصيانة المعدات.

وأعلن الوزير البولندي أيضاً عن لقاء بين وزراء دفاع بولندا وألمانيا وفرنسا في مايو (أيار).


بوتين يخاطب الروس في «الساحة الحمراء» بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي فاز للتو بولاية رئاسية جديدة يظهر على شاشة خلال حضوره احتفالاً وسط موسكو يوم 18 مارس 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي فاز للتو بولاية رئاسية جديدة يظهر على شاشة خلال حضوره احتفالاً وسط موسكو يوم 18 مارس 2024 (رويترز)
TT

بوتين يخاطب الروس في «الساحة الحمراء» بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي فاز للتو بولاية رئاسية جديدة يظهر على شاشة خلال حضوره احتفالاً وسط موسكو يوم 18 مارس 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي فاز للتو بولاية رئاسية جديدة يظهر على شاشة خلال حضوره احتفالاً وسط موسكو يوم 18 مارس 2024 (رويترز)

شكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الاثنين)، أنصاره خلال احتفال موسيقي أقيم في الساحة الحمراء عقب فوزه في الانتخابات، واقفاً إلى جانب المرشحين الثلاثة الذين خاضوا الانتخابات ضده، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال بوتين متوجّهاً إلى الحشود خلال الاحتفال الذي أقيم بمناسبة ذكرى مرور عشر سنوات على ضم روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا: «يداً بيد سنمضي قدماً وهذا سيجعلنا أقوى... تحيا روسيا!».

ورحّب بوتين، الاثنين، خلال الاحتفال، بـ«استعادة» الأراضي الأوكرانية التي ضمتها موسكو. وحصل بوتين الموجود في السلطة منذ نحو ربع قرن، على 87.28 في المائة من الأصوات بعد فرز نتائج كل مراكز الاقتراع في روسيا، بزيادة 10 نقاط عن عام 2018، وهي نتيجة عدّها الكرملين «استثنائية» بينما وصفتها المعارضة في المنفى بأنها «لا تمت إلى الواقع بصلة». وتحدّث بوتين بفخر عن خط سكك الحديد الذي يربط تلك المناطق بجنوب روسيا، قائلاً إن الأراضي الأوكرانية التي استولى عليها الجيش الروسي «أعلنت رغبتها في العودة إلى كنف عائلتها الأصلية». وقال: «تبين أن استعادتها أصعب مما كان متوقعاً (...) لكننا نجحنا في ذلك وهو حدث عظيم في تاريخ دولتنا». وأضاف: «يداً بيد سنمضي قدماً وهذا سيجعلنا أقوى... تحيا روسيا!». وضمّت روسيا شبه جزيرة القرم في مارس (آذار) 2014 بعد تدخل لقواتها الخاصة. وفي سبتمبر (أيلول) 2022، أعلنت موسكو ضم 4 مناطق أخرى في أوكرانيا تحتلها جزئياً هي دونيتسك ولوغانسك في الشرق وخيرسون وزابوريجيا في الجنوب.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حضوره الحشد في «الساحة الحمراء» بموسكو اليوم الاثنين 18 مارس 2024 (رويترز)

«داعمون لبوتين»

وبين الحشود التي شاركت في هذا الاحتفال الوطني، عبر روس كثر عن دعمهم لفلاديمير بوتين، بعد أكثر من عامين على الهجوم العسكري في أوكرانيا والعقوبات الثقيلة التي فرضها الغرب رداً على ذلك، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». وقالت الخبيرة الاقتصادية إيلينا (64 عاماً) وهي من سكان موسكو للوكالة: «جميع المواطنين الذين يحترمون بلادنا صوتوا لصالح بوتين». من جهته، قال العامل في المجال الاجتماعي إيفان تريغوبوف (30 عاماً) إنه «تحت قيادته (بوتين)، ستصبح البلاد أقوى». وصرّحت فيكتوريا (23 عاماً) التي ولدت عندما كان بوتين في السلطة أصلاً: «فلاديمير بوتين هو أساس بلدنا. أنا أثق به». وجعل الكرملين من الانتخابات الرئاسية اقتراعاً مصمماً خصيصاً لإظهار «ثقة» الروس برئيسهم: كان خصومه الثلاثة الذين تمت الموافقة على ترشيحاتهم في الانتخابات، مؤيدين جميعهم لخطّه، سواء بالنسبة إلى الهجوم على أوكرانيا أو قمع المعارضة.

غير أن المعارضة تمكنت رغم كل ذلك من إثبات وجودها في الانتخابات بعدما حضر أنصار المعارض أليكسي نافالني الذي توفي في مجمع سجون في القطب الشمالي في ظروف غامضة الشهر الماضي بأعداد كبيرة في الوقت نفسه ظهر الأحد للتصويت ضد الرئيس الروسي. وهذا ما فعلته أرملته يوليا نافالنايا التي صوّتت كاتبة اسم «نافالني» على بطاقة الاقتراع في السفارة الروسية في برلين. ورأى فريق المعارض الذي يتهم الكرملين بقتله، أن النتيجة التي حقّقها بوتين «لا تمت إلى الواقع بصلة».

صورة من الاحتفال الذي حضره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في «الساحة الحمراء» بموسكو اليوم الاثنين 18 مارس 2024 (رويترز)

«مهنئون ومنددون»

وهنأ شركاء روسيا فلاديمير بوتين على إعادة انتخابه. وأكد الرئيس الصيني شي جينبينغ أن فوز الرئيس فلاديمير بوتين بولاية رئاسية جديدة «يظهر الدعم الكامل من الشعب الروسي» له، بينما رأى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن بوتين حقق «انتصاراً متيناً». وهنأ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بوتين، ودعا إلى تعزيز العلاقة «الخاصة بين البلدين»، كما أثنى قادة فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا وبوليفيا على إعادة انتخاب بوتين. في المقابل، ندّدت واشنطن وبرلين ولندن وباريس وممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بانتخابات بلا معارضة جرت في ظل حملة قمع شديدة لأي أصوات مخالفة. وأعلن الرئيس بوتين فوزه منذ مساء الأحد، مؤكداً أن روسيا «تعززت» بانتصاره ولن تسمح بأن «يرهبها» خصومها. أما على الجبهة، فاتّسم الأسبوع بكامله بعمليات قصف مميتة وتوغلات نفّذها مقاتلون أتوا من أوكرانيا ليظهروا لروسيا أن أراضيها ليست آمنة. وفي منطقة بيلغورود الحدودية مع أوكرانيا، أسفرت هذه الهجمات عن مقتل 15 شخصاً على الأقل منذ 12 مارس، بحسب السلطات المحلية.


أوكرانيا تراهن على المسيّرات لتغطية نقص قذائف المدفعية

طيار يتدرب على استخدام طائرة مسيّرة في ساحة تدريب بمنطقة كييف 29 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
طيار يتدرب على استخدام طائرة مسيّرة في ساحة تدريب بمنطقة كييف 29 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تراهن على المسيّرات لتغطية نقص قذائف المدفعية

طيار يتدرب على استخدام طائرة مسيّرة في ساحة تدريب بمنطقة كييف 29 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
طيار يتدرب على استخدام طائرة مسيّرة في ساحة تدريب بمنطقة كييف 29 فبراير الماضي (أ.ف.ب)

تراهن أوكرانيا على الاستخدام المكثف للمسيّرات الحربية صغيرة الحجم للتعويض عن ندرة قذائف المدفعية، وتقويض القدرات القتالية الروسية، لكن خبراء يرون أنها لن تكون قادرة على تغيير ميزان القوى، رغم أنها باتت ضرورية لكلا الطرفين.

تملأ هذه المسيرات الحربية الصغيرة، خصوصاً تلك التي يمكن اقتناؤها في المتاجر، ساحات القتال، بالإضافة إلى تلك التقليدية الشبيهة بالطائرات التي تُستخدم في تنفيذ هجمات على بُعد مئات الكيلومترات.

تتيح هذه الأجهزة الحديثة لمسيّرها عن بُعد تلقي صور من ساحة المعركة مباشرة، كما تتيح تحديد مواقع العدو، أو قصفها بذخائر متفجرة في دائرة تتسع لعدة كيلومترات.

استعمال مكثف

وتوضح الباحثة في مركز الأبحاث الأوروبي للعلاقات الخارجية أولريكي فرنك: «نشاهد حالياً في أوكرانيا استعمالاً مكثفاً للمسيّرات، حيث تملأ عشرات أو حتى مئات الآلاف منها ساحات القتال»، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» في تقرير لها.

وخصصت كييف 1.15 مليار يورو للتزود بمسيّرات ضمن ميزانيتها لعام 2024، كما أعلن الرئيس زيلينسكي أن بلاده سوف تنتج «مليون» مسيّرة هذا العام، علما بأنه تم تأسس، في فبراير (شباط)، شعبة متخصصة في هذه الأسلحة داخل القوات المسلحة الأوكرانية.

من جهتهم، يعمل حلفاء أوكرانيا على تعزيز مخزونها من المسيّرات، إذ يرتقب أن تزودها بريطانيا بأكثر من 10 آلاف وحدة، حوالي ألف منها من طراز المسيّرات الانتحارية، فيما تستعد فرنسا لطلب نحو ألفي وحدة من هذا الطراز، وسيكون جزء منها موجها لأوكرانيا. ويقدر مسؤولون أوكرانيون احتياجهم لما بين 100 ألف إلى 200 ألف مسيّرة شهرياً.

ويرى الخبيران مايكل كوفمان وفرانتس ستافان كادي في مقال بمجلة «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية» أن «بإمكان أوكرانيا تقليص حاجياتها من ذخائر المدفعية عن طريق زيادة مهمة في إنتاجها من المسيّرات الهجومية».

يكتسي ذلك أهمية أكبر في ظل عجز البلاد عن الحصول على حاجياتها الشهرية من قذائف المدفعية، المقدرة ما بين 75 ألفاً و90 ألفاً، اللازمة فقط لخوض حرب دفاعية، علماً بأنها تحتاج أكثر من ضعف هذا العتاد إذا أرادت تنفيذ هجمات كبيرة، وفق الخبيرين.

ويضيف الباحث في مركز الأبحاث الأميركي أتلانتك كاونسيل ميكولا بيليسكوف موضحاً أن المسيّرات «تستطيع الاضطلاع بعدد من وظائف المدفعية والصواريخ، مقابل سعر أقل بكثير».

ويبلغ ثمن مسيّرة تجارية صغيرة بضع مئات من اليورو، بينما يعادل عدة آلاف بالنسبة للصواريخ المضادة للدبابات أو القذائف أو المسيرات الانتحارية.

ليست الخيار الأمثل

عملياً استطاعت المسيّرات إلحاق ما بين 65 إلى 85 في المائة من الخسائر التي تكبدتها المواقع العسكرية الروسية، بحسب مصدر عسكري فرنسي. لكن أولريكي فرنك تشير إلى أن الأوكرانيين «يستعملون المسيرات فقط لأنهم يستطيعون صناعتها أو شراءها، لكنها ليست الخيار الأمثل». فهذه الآليات الموجهة عن بُعد لا تتوفر سوى على قدرة شحن ضعيفة، لا تتعدى بضع مئات غرامات من المتفجرات، أو في أحسن الأحوال بضع كيلوغرامات بالنسبة للمسيّرات التجارية الأكبر حجماً.

ووفق دراسة للباحثة في مركز الأبحاث الأميركي «سي إن آي إس» ستاسي بتيجون، فإن «المسيّرات الصغيرة حتى لو كانت بعدد كبير لا يمكنها أن تعادل قوة ضربات المدفعية».

وزيادة على ذلك، فإن ثلث الضربات التي تنفذها هذه المسيّرات فقط يمكنه بلوغ الأهداف، كما أفاد تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» في سبتمبر (أيلول)، بسبب التشويش ووسائل الصد الإلكترونية.

وبشكل عام، لم يعد بإمكان أوكرانيا الاعتماد على تفوقها في هذا الميدان. فبينما كانت تتوفر في عام 2022 على ما يعادل تسع مسيرات مقابل واحدة فقط لروسيا، «فإنها تكاد تكون نفدت» في مارس (آذار) 2023.

وتوضح ستاسي بتيجون في هذا الصدد «إذا كانت وزارة الدفاع الروسية استغرقت وقتاً قبل تدارك تأخرها في هذا الميدان، فإن القوات الروسية أدركت بسرعة أهمية المسيّرات الحوامة التجارية، وظهرت مجموعات من المتطوعين لتزويد الجنود المرابطين في الصفوف الأمامية بها، وتقديم التدريبات الأساسية لهم».

وخلال صدها الهجوم الأوكراني المضاد اعتمدت موسكو بشكل كبير على المسيّرات الانتحارية. وإذا كانت المسيّرات ضرورية اليوم في العمليات البرية، فإنها لا تستطيع أن تقدم أكثر من ذلك، كما تتابع الباحثة، عادّة أن استعمالها المكثف من كلا المعسكرين «يجعل من الصعب تركيز القوى، والمباغتة وتنفيذ العمليات الهجومية».


كييف تشيد تحصينات دفاعية استعداداً لحرب طويلة الأمد

أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة والمعدات الطبية القتالية في كييف (أ.ف.ب)
أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة والمعدات الطبية القتالية في كييف (أ.ف.ب)
TT

كييف تشيد تحصينات دفاعية استعداداً لحرب طويلة الأمد

أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة والمعدات الطبية القتالية في كييف (أ.ف.ب)
أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة والمعدات الطبية القتالية في كييف (أ.ف.ب)

بدأت أوكرانيا بدورها في تشييد تحصينات على طول خط الجبهة مع روسيا التي سبقتها في هذه الخطوة منذ عام، في إشارة إلى أنها تستعد لحرب طويلة المدى، فيما يبدو وكأنها فقدت في الوقت الراهن الإمساك بزمام المبادرة عملانياً.

وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 11 مارس (آذار) عن «ألفي كيلومتر من الأشغال لتعزيز التحصينات القائمة وإنشاء تحصينات جديدة». وكانت وزارة الدفاع البريطانية قد كشفت عن هذه المعلومات قبل يوم من ذلك، حيث أفادت بوجود خنادق مضادة للدبابات، وخنادق للمشاة، وحقول الألغام، والمواقع الدفاعية المحصنة. وأوضحت الوزارة على موقع التواصل الاجتماعي «إكس» أن «إنشاء مواقع دفاعية رئيسية يدل على صراع استنزاف، ويعني أن أي محاولة لاختراقها ستصاحبها على الأرجح خسائر فادحة».

وسيكون المشروع بمثابة رد على «خط سوروفيكين» الروسي الذي تم إنشاؤه عام 2023 في شرق أوكرانيا، والذي يتضمن ثلاث طبقات دفاعية في العمق، تهدف إلى إنهاك قوات العدو وزيادة صعوبة السيطرة على منطقة ما بعد اختراق عسكري. ومن المحتمل أن يكون الرد الأوكراني أقل تفصيلاً وأقل عمقاً، ولكنه يستجيب بشكل عاجل لنقص الذخيرة لديها.

يرى إيفان كليشتش من «المركز الدولي للدفاع والأمن» في إستونيا أن «المسؤولين الأوكرانيين يقولون بالفعل إن الوقت هو العامل الرئيسي الذي يمنعهم من بناء شيء مثل خط سوروفيكين»، لكن هذا الحلّ «ضروري؛ لأن ندرة الذخيرة وانخفاض الروح المعنوية (للجنود) وضعا أوكرانيا في موقف دفاعي بوضوح».

رسم لجنديين أوكراني وروسي يمارسان لعبة شد الحبل أمام نصب تذكاري في إيزيوم بمنطقة خاركيف (أ.ب)

خسائر العدو

انتهى الهجوم المضاد الأوكراني في الخريف، الذي تم الاستعداد له بشكل واسع وصولاً إلى واشنطن، بالفشل مع خسائر فادحة ومكاسب إقليمية ضعيفة. وأثبتت هذه الحرب، ربما أكثر من غيرها، أن الدفاع أفضل من الهجوم. والهدف من كلا المعسكرين هو إلحاق أكبر قدر من الخسائر بالخصم مع مرور الوقت.

يريد زيلينسكي «تعظيم عدد القتلى والجرحى في الجانب الروسي»، حسبما لخص سيث جونز، نائب رئيس مركز الأبحاث الأميركي، مذكراً بأن «هذا النوع من التحصينات كان فعّالاً» في الماضي. وفي روسيا، قلّل مراقبون من عواقب الإعلان الأوكراني، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية» في تقرير لها.

وفي تقدير الخبير المستقل ألكسندر كرامشيخين، تثبت هذه الخطوط (الدفاعية) أن «أوكرانيا أدركت أن هجومها فشل، وأن نجاحها المحتمل يعتمد على جودتها»، خاصة على حصة الميزانية التي تم تحويلها بسبب الفساد المستوطن في أوكرانيا.

ويتساءل فاسيلي كاشين، من المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، في إشارة إلى المدينة المحصنة، «هل لديهم ما يكفي من القوات لبنائها ومن ثم الدفاع عنها؟ لقد اخترق الجيش الروسي بالفعل التحصينات الأوكرانية الأكثر صلابة في أفدييفكا». الجبهة الشرقية التي سقطت في أيدي الروس منتصف فبراير (شباط).

أفق 2025 - 2026

في كل الأحوال، لم تغير كييف نموذجها العسكري ولا هدفها السياسي: تحرير إقليم دونباس (شرق)، فضلاً عن شبه جزيرة القرم، التي استولت عليها روسيا في عام 2014. ولكن يتعين عليها أن تأخذ في الاعتبار حقائق الصراع.

وأكد محللون من «معهد غينس للاستخبارات البريطاني» الخاص أن «الأوكرانيين اعتمدوا على التحصينات منذ صيف 2022... لكن الفرق الحقيقي اليوم هو أنهم لن يركزوا بعد الآن فقط على القرب المباشر من خط المواجهة»، إلا أنهم سيعززون أيضاً مواقعهم الخلفية؛ لتقليل «احتمال أن يستغل الخصم النجاحات التكتيكية».

وفي كييف، هناك أمل في أن تتراجع قدرة روسيا على مواصلة المجهود الحربي لفترة طويلة. أما في موسكو، فإنهم يحلمون بتخفيض المساعدات المالية والعسكرية الغربية لكييف بشكل أكبر. لكن المؤشرات تؤكد عكس ذلك. ويرى فاسيلي كاشين أن «ميزان القوى يتغير وأوكرانيا تهدف إلى إطالة أمد الصراع حتى عام 2025 على الأقل».

وحتى لو بدت الجبهة هادئة، فإن الحرب «تجد نفسها أقل في طريق مسدودة منها في مرحلة (إعادة الشحن)، حيث يحاول الطرفان المتحاربان تجهيز نفسيهما بالوسائل اللازمة لتحقيق القرار بحلول 2025 - 2026»، على ما جاء في تقرير «معهد العلاقات الدولية» الفرنسي صدر هذا الأسبوع.

ولا يستطيع أي من الطرفين الفوز في الحرب اليوم. لكن لم يستسلم أحد، بحسب سيث جونز، الذي يشدد على أنه «من الممكن» أن تصبح هذه التحصينات «حدوداً فعليّة»، إلا أن «هذا لا يعني بالضرورة أن هذه هي بداية المفاوضات»، على حد تعبيره، وأنه «سوف يمر عام أو عامان آخران قبل أن يكون الجانبان على استعداد للتحدث».


قتيلان بقصف أوكراني طال مدينة روسية حدودية

أضرار طالت روضة أطفال جراء الهجمات الصاروخية على منطقة بيلغورود الروسية الحدودية معه أوكرانيا (أ.ف.ب)
أضرار طالت روضة أطفال جراء الهجمات الصاروخية على منطقة بيلغورود الروسية الحدودية معه أوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

قتيلان بقصف أوكراني طال مدينة روسية حدودية

أضرار طالت روضة أطفال جراء الهجمات الصاروخية على منطقة بيلغورود الروسية الحدودية معه أوكرانيا (أ.ف.ب)
أضرار طالت روضة أطفال جراء الهجمات الصاروخية على منطقة بيلغورود الروسية الحدودية معه أوكرانيا (أ.ف.ب)

قُتل شخصان، الاثنين، في منطقة بيلغورود الروسية، ما يرفع حصيلة القصف الأوكراني خلال أسبوع إلى 13، بعد أن كثّفت كييف ضرباتها على المناطق الحدودية رداً على الهجمات التي تشنها روسيا منذ عامين.

وقال حاكم المنطقة فياتشيسلاف غلادكوف على تطبيق «تلغرام»: «قتل شخصان بضربة مباشرة على منزل، هما شاب يبلغ 17 عاماً ورجل. توفيا متأثرين بجراحهما قبل وصول فرق الإسعاف»، مشيراً إلى أن القصف استهدف قرية نيكولسكوي، وأدى أيضاً إلى إصابة 4 آخرين.

وفي وقت سابق، أوردت وزارة الصحة المحلية مقتل 11 شخصاً في ضربات أوكرانية نُفذت بين 12 و17 مارس (آذار) الحالي.

وفي حين تبدو روسيا في موقع قوة ميدانياً بالنزاع، أظهرت الضربات الأوكرانية أنها ما زالت تواجه صعوبات في الحد من استهدافات كييف لأراضيها. وأكد فلاديمير بوتين الذي أعيد انتخابه الأحد، رئيساً لولاية جديدة بفوزه بأكثر من 87 في المائة من الأصوات، أن بلاده ستتخذ إجراءات للحد من الهجمات.

وكانت روسيا قد حاولت السيطرة على منطقة خاركيف ومركزها، المدينة التي تحمل الاسم نفسه، لكن قواتها اضطرت إلى الانسحاب في سبتمبر (أيلول) 2022، بعد هجوم مضاد أوكراني.

ورداً على سؤال بعد إعلان فوزه، قال بوتين مساء الأحد: «نظراً للأحداث المأساوية التي تجري اليوم، سنضطر في وقت ما (...) إلى إنشاء ما يشبه (منطقة صحية) في الأراضي التابعة لنظام كييف». وأوضح أن «الأمر يتعلق بإنشاء منطقة أمنية لن يتمكن العدو إلا بصعوبة من تجاوزها بالوسائل المتاحة له»، دون مزيد من التفاصيل.

في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان الاثنين، أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية أسقطت مروحية أوكرانية و143 طائرة مسيّرة أوكرانية ضمن نطاق العملية العسكرية الروسية. وقال البيان: «أسقطت أنظمة الدفاع الجوي الروسية مروحية من طراز (مي - 8) تابعة للقوات الجوية الأوكرانية، بالإضافة إلى 143 طائرة مسيّرة أوكرانية»، بحسب ما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. وأكد البيان أن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت 22 قذيفة صاروخية أطلقت من راجمات «فامبير» و«جراد»، و3 صواريخ من طراز «أوراجان» وصاروخ من طراز «هيمارس».


بوتين يحذر في «خطاب النصر» من حرب عالمية

بوتين خلال لقائه صحافيين في مقر حملته الانتخابية بموسكو الاثنين (أ.ف.ب)
بوتين خلال لقائه صحافيين في مقر حملته الانتخابية بموسكو الاثنين (أ.ف.ب)
TT

بوتين يحذر في «خطاب النصر» من حرب عالمية

بوتين خلال لقائه صحافيين في مقر حملته الانتخابية بموسكو الاثنين (أ.ف.ب)
بوتين خلال لقائه صحافيين في مقر حملته الانتخابية بموسكو الاثنين (أ.ف.ب)

أظهرت نتائج الانتخابات الروسية «فوزاً قياسياً» للرئيس فلاديمير بوتين، بما يشكل سابقة في تاريخ الانتخابات في هذا البلد، رأى فيه الكرملين تفويضاً شعبياً واسعاً لمواصلة نهجه وسياساته على الصعيدين الداخلي والخارجي. وبينما سارع الحلفاء والأصدقاء إلى تهنئة بوتين، كان الغرب ينتقد الانتخابات.

خاض بوتين المنافسة في انتخابات لم تشهد تنافساً جدياً، أمام 3 مرشحين غير بارزين، لم يقدم أي منهم خطاباً انتخابياً يعارض سياسياً ولو جزئياً.

لكن النتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية فاقت تلك الأرقام، وحملت دلالات مثيرة جداً، إذ تكاد تتطابق انتخابات مألوفة في جمهوريات صغيرة تغيب فيها المنافسة الانتخابية مثل بلدان آسيا الوسطى ومناطق أخرى في العالم.

اللجنة الانتخابية الروسية في مؤتمر صحافي الاثنين (إ.ب.أ)

فقد أعلنت اللجنة الانتخابية عن فوز «قياسي» لبوتين في الانتخابات. وقالت رئيستها إيلا بامفيلوفا إن بوتين نال «نحو 76 مليون» صوت، ما يمثل 87.29 في المائة بعد فرز 99.76 في المائة من الأصوات.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف: «نتيجة مثالية بشكل استثنائي للرئيس الحالي بوتين... وأبلغ تأكيد على دعم شعب بلادنا لرئيسه، والتفافه حول مساره». ويعكس ذلك زيادة بنسبة 10 نقاط عن النتيجة التي حقّقها بوتين في 2018. وستعلن النتائج الرسمية، الخميس المقبل.

وقالت بامفيلوفا إن التصويت في الانتخابات الرئاسية سجل أعلى نسبة في تاريخ البلاد بلغت أكثر من 77 في المائة، وشارك في العملية الانتخابية أكثر قليلاً من 87.1 مليون مواطن.

ورأت بامفيلوفا أن أحد العوامل الرئيسية وراء ارتفاع نسبة الإقبال على التصويت هو ضغط الغرب وسياسته المناهضة لروسيا، حيث «يرفض الشعب الروسي مثل هذه الضغوط والإملاءات الخارجية، وأظهرت الانتخابات وحدة الشعب الروسي».

وكان هذا الموضوع أساسياً في «خطاب النصر» الذي ألقاه بوتين ليلة الأحد - الاثنين في مقره الانتخابي، حيث أكد «أنه لن يكون من الممكن أبداً قمع إرادة الروس من الخارج».

ورأى أن نتيجة الانتخابات توفر «شروطاً لمزيد من المضي قدماً حتى تصبح روسيا أقوى وأقوى وأكثر فاعلية».

وأعرب عن شكره للمواطنين الروس الذين حضروا إلى مراكز الاقتراع، وأدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية مركّزاً بالدرجة الأولى على الإشادة بـ«جنودنا الذين لا يدخرون جهداً في سبيل الدفاع عن الوطن».

بوتين خلال لقائه صحافيين في مقر حملته الانتخابية بموسكو الاثنين (أ.ب)

ومع إشادته بتماسك الجبهة الداخلية في مواجهة الضغوط الغربية، وجَّه بوتين رسالة تحذيرية قاسية لمعارضيه، وقال إنه «لا توجد عقوبة الإعدام في روسيا، لكن سيجري التعامل مع الخونة كما لو كانوا في ساحة المعركة».

وتطرق إلى نسب التصويت العالية وفقاً للمعطيات الروسية في المناطق الأوكرانية التي ضمتها موسكو، العام الماضي، وقال إن «نتائج الانتخابات في المناطق الروسية الجديدة وشبه جزيرة القرم تشير إلى أن الحكومة الروسية تتحرك في المسار الصحيح، وأن الناس ممتنون».

وتوعد بوتين الأوكرانيين بمواصلة «مفرمة اللحم»، وقال مخاطباً أنصاره في المقر الانتخابي: «إذا كانوا (الأوكرانيون) يحبون ذلك بهذه الطريقة، فمن حيث المبدأ يناسبنا؛ لهذا السبب يهاجمون من دون تفكير، إنها مثل مفرمة اللحم بالنسبة إليهم، وذلك يناسبنا... دعهم يحاولون».

في الوقت نفسه، قال إن «روسيا تؤيد مفاوضات السلام، ولكن فقط إذا لم يكن ذلك بسبب نفاد ذخيرة العدو».

وزاد أن بلاده «منفتحة للنظر في أي قضايا مطروحة، ولا نستبعد إنشاء مناطق عازلة لضمان أمن بلادنا». وشكلت هذه العبارة إشارة مهمة إلى توسيع أهداف العمليات الروسية.

وعلق بوتين على فكرة وقف إطلاق النار المؤقت خلال الألعاب الأولمبية 2024 في باريس، مشيراً إلى أن موسكو «مستعدة للنظر في أي قضايا، لكنها ستنطلق من مصالحها والوضع في العملية العسكرية الخاصة».

وفي الوقت نفسه، وجَّه الرئيس الروسي رسالة نارية جديدة إلى الغرب، ورأى أن احتمال نشوب صراع واسع النطاق مع الغرب قائم، وأوضح: «كل شيء ممكن في العالم الحديث». وزاد أنه «في حالة نشوب صراع واسع النطاق بين روسيا وحلف (الناتو)، سيكون العالم على مسافة خطوة واحدة من حرب عالمية ثالثة»، ورأى أنه «قد لا يرغب أي طرف في ذلك».

مراقبون وصحافيون يتابعون النتائج الأولية للانتخابات بموسكو الاثنين (إ.ب.أ)

الحلفاء يشيدون

سارع أصدقاء وحلفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتهنئته على فوزه في الانتخابات، لكن القادة الغربيين نددوا بما وصفوها انتخابات غير شرعية. ورأى الرئيس الصيني، شي جينبينغ، أن فوز بوتين في الانتخابات الرئاسية «يظهر بشكل كامل دعم الشعب الروسي» له، وفق الإعلام الرسمي في بكين. وقال في رسالة تهنئة إلى بوتين: «في الأعوام الأخيرة، توحّد الشعب الروسي لتجاوز التحديات... أعتقد أنه بقيادتكم، ستكون روسيا قادرة على تحقيق إنجازات أكبر في التنمية الوطنية والإعمار». وهنّأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي نظيره الروسي على «فوزه الحاسم، وإعادة انتخابه رئيساً لروسيا الاتحادية». وأكد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أنه يتطلع لتطوير العلاقة «الخاصة» مع بوتين. ورأى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن «شقيقنا الأكبر انتصر، وهو أمر يحمل بشرى للعالم». وقال الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل إن النتيجة الرسمية تعد «مؤشراً صادقاً على أن الشعب الروسي يدعم إدارة (بوتين) للبلاد». وأكد زعيم صرب البوسنة ميلوراد دوديك أن «الشعب الصربي رحّب بسعادة بانتصار الرئيس بوتين؛ إذ إنه يرى فيه رجل دولة عظيماً وصديقاً يمكنهم على الدوام الاعتماد عليه، وسيحمي شعبنا».

الغرب ينتقد في المقابل، رأى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بوتين يسعى إلى «أن يحكم إلى الأبد». وكتب زيلينسكي في رسالة على الشبكات الاجتماعية: «من الواضح للجميع أن هذا الشخص، كما حصل غالباً في التاريخ، مهووس بالسلطة، ويبذل كل ما بوسعه للحكم إلى الأبد»، مؤكداً أن الانتخابات الروسية لا تتمتع «بأي شرعية». وتابع أن بوتين مستعد «لكل الشرور من أجل المحافظة على سلطته الشخصية. لا يمكن أن يسلم أي أحد في العالم من ذلك». ورأى مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن «هذه الانتخابات ارتكزت على القمع والترهيب»، ولم تكن «حرة أو نزيهة». وقالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إن إعادة انتخاب بوتين جرت في عملية اقتراع «من دون خيار» آخر بعد قمع كل أشكال المعارضة. ورأت وزارة الخارجية الفرنسية أن «الظروف لانتخابات حرة، تعددية، وديمقراطية» كانت غائبة «مرة جديدة»، وحيّت «شجاعة كثير من المواطنين الروس الذين عبّروا سلمياً عن معارضتهم هذا المسّ بحقوقهم السياسية الأساسية».

ورفض وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، نتائج الانتخاب، مؤكداً أنها تظهر مدى «القمع». وقال وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، إن الانتخابات «لم تكن حرّة ولا نزيهة». ووصف وزير الخارجية التشيكي، يان ليبافسكي، الانتخابات بأنها «مسرحية هزلية».

وأكدت رئيسة مولدافيا مايا ساندو أنه «لا يمكننا الحديث عن انتخابات حرة ونزيهة عندما يُستبعد المعارضون الحقيقيون من السباق، يُرسَل البعض إلى السجن، ويُطرد آخرون من البلاد، بينما العمليات الانتقامية كبيرة جداً، حتى أن بعض الأشخاص يخشون التحدث، عندما لا يبقى أي شيء من حرية الصحافة».


ماكرون يدفع باتجاه انخراط غربي أكثر في حرب أوكرانيا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث للصحافة بمناسبة «قمة فيمار» في برلين الجمعة (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث للصحافة بمناسبة «قمة فيمار» في برلين الجمعة (رويترز)
TT

ماكرون يدفع باتجاه انخراط غربي أكثر في حرب أوكرانيا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث للصحافة بمناسبة «قمة فيمار» في برلين الجمعة (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث للصحافة بمناسبة «قمة فيمار» في برلين الجمعة (رويترز)

خطا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطوة إضافية باتجاه مزيد من انخراط الغربيين في الحرب الأوكرانية؛ فبعد أن كرر في الأيام الأخيرة أنه «لا يتعين استبعاد نشر قوات أرضية» غربية في أوكرانيا، وتأكيده أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يجب ألا يربح الحرب»؛ لأن ذلك سيشكل «تهديداً وجودياً» لفرنسا ولأمن أوروبا، ذهب أبعد من ذلك، السبت، في الحديث الصحافي لجريدة «لو باريزيان» خلال رحلة العودة، مساء الجمعة، من برلين إلى باريس بعد مشاركته في قمة «مثلث فيمار» التي تضم فرنسا وألمانيا وبولندا، والتي خُصصت لتعزيز الدعم لأوكرانيا.

الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني ورئيس الوزراء البولندي خلال «قمة فيمار» في برلين الجمعة (أ.ف.ب)

بداية، سعى ماكرون إلى الحط من أهمية روسيا عسكرياً واقتصادياً بقوله: «نحن لا نواجه قوّة عظمى. روسيا قوّة متوسّطة تمتلك أسلحة نوويّة، لكنّ ناتجها المحلّي الإجمالي أقلّ كثيراً من الناتج المحلّي الإجمالي للأوروبيين، وأقلّ من الناتج المحلّي الإجمالي لألمانيا وفرنسا». والنتيجة المباشرة التي خلص إليها ماكرون هي أنه «يجب علينا ألّا نستسلم للترهيب». ولأن الوضع كما وصفه، ولأن روسيا لم تتوقف عن التهديد بالرد على ما يقدمه الغرب من تسليح لأوكرانيا أو من فرض عقوبات اقتصادية ومالية ونفطية وغازية على وموسكو في حين أن التهديدات بقيت كلاماً فارغاً، فالنتيجة التي يستخلصها ماكرون تذهب باتجاه مزيد من الدعم النوعي الذي لم يكن يأتي على ذكره في السابق. فبعد «عدم استبعاد» إرسال قوات إلى أوكرانيا، حان الوقت لخطوة إضافية عبَّر عنها كالتالي: «ربّما في مرحلة ما - أنا لا أريد ذلك ولن آخذ زمام المبادرة - يجب أن تكون هناك عمليّات على الأرض، أياً يكُن شكلها، لمواجهة القوّات الروسيّة». وأضاف: «قوّة فرنسا تتمثّل في أنّنا نستطيع فعل ذلك».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع له في مقر حملته الانتخابية الاثنين (إ.ب.أ)

وقد دأب ماكرون على التذكير بأمرين: الأول، أن الدعم المقدم لأوكرانيا لا يجعل من الغربيين «أطرافاً مشاركة مباشرة في الحرب»، والثاني، تحميل مسؤولية التصعيد للرئيس بوتين. غير أن الأخير الذي فاز بولاية خامسة ستبقيه في السلطة حتى عام 2030، سارع في الرد مباشرة على الرئيس الفرنسي. فقد قال في مؤتمر صحافي، مساء الأحد، عقب الإعلان عن فوزه في الانتخابات الرئاسية، إن نشر قوات غربية في أوكرانيا قد يقود العالم إلى شفا حرب عالمية ثالثة، لكنه أضاف أنه «لا يعتقد أن أحداً له مصلحة في ذلك». ورغم أن ماكرون لم يتحدث مباشرة عن الحلف الأطلسي، فإن نشر أية قوات غربية في أوكرانيا، ستنظر إليها روسيا على أنها قوات أطلسية؛ إذ إن بريطانيا وكل دول الاتحاد الأوروبي (باستثناء مالطا والنمسا وقبرص وآيرلندا) أعضاء في حلف «الناتو» الذي انضمت إليه مؤخراً فنلندا والسويد.

خبراء وليس قوات

ومنذ اندلاع الحرب في شهر فبراير (شباط) 2022، حرص الطرفان الأطلسي والروسي على تجنب الاحتكاكات المباشرة لتفادي مواجهة بينهما؛ فروسيا حافظت على أن تبقى ضرباتها داخل أوكرانيا، وألا تطول أي عضو في الحلف، والغربيون تجنبوا توفير أية ذريعة لموسكو تمكنها من اتهامهم بالمشاركة في الحرب. لكن نشر قوات غربية ميدانياً سيغير الوضع من النقيض إلى النقيض مهما تكن التبريرات، علماً بأن المحللين العسكريين الغربيين يؤكدون وجود «خبراء» يساعدون القوات الأوكرانية على صعيد جمع المعلومات الاستخباراتية، وتعيين الأهداف، واستخدام الصواريخ بعيدة المدى. وقد اعترف المستشار الألماني أولاف شولتس بذلك مؤخراً لدى تبرير رفضه تزويد كييف بصواريخ «طوروس» الألمانية بعيدة المدى. ولم يتردد بوتين بالقول إن جنوداً من الأطلسي موجودون في أوكرانيا، وإنه جرى سماع اللغتين الفرنسية والإنجليزية في ساحة المعركة.

الموقف البريطاني

حتى وقت قريب، كانت بريطانيا تعد الجهة الأوروبية الأكثر انخراطاً في توفير المساعدات العسكرية والاقتصادية متعددة الأشكال لأوكرانيا؛ فقد كانت الأولى التي زودت كييف بصواريخ بعيدة المدى من طراز «شادو»، وأول من دعا لتزويدها بدبابات ثقيلة وبطائرات قتالية. بيد أن لندن كانت من بين العواصم الغربية التي سارعت إلى رفض دعوة ماكرون القاضية بعدم استبعاد إرسال قوات أرضية. وجدد وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، في مقابلة مع صحيفة «تسودويتشه تسايتونغ» الألمانية، صدرت السبت، معارضة بلاده إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا بما في ذلك لأغراض تدريبية. وقال الوزير البريطاني إن «مهمات التدريب يجري تنفيذها بشكل أفضل خارج البلاد» مضيفاً أنه يتعين على بريطانيا أن تتجنب توفير أهداف واضحة للرئيس الروسي. لكن كاميرون، رغم ذلك، اعترف بوجود عناصر بريطانية في أوكرانيا، وأن لندن أرسلت عدداً محدوداً من الأفراد «لدعم القوات المسلحة الأوكرانية، لا سيما في مجال التدريب الطبي»، مشدداً على استبعاد «انتشارها على نطاق واسع».

«لا وجود لخلافات استراتيجية»

مع كل تصريح للرئيس الفرنسي ورغم المعارضة التي تلقاها دعواته في الداخل والخارج، يتبين أنه يريد أن يكون الزعيم الغربي الأكثر التزاماً بدعم أوكرانيا، والذهاب في ذلك إلى أبعد الحدود. وليس من المستبعد، وفق مراقبين، أن يسعى ماكرون للاستفادة من الغياب الأميركي في الوقت الحالي وحتى نهاية العام بسبب الانتخابات الرئاسية، ومن التردد الألماني رغم أن دعم برلين المالي والعسكري يزيد بأضعاف على ما قدمته فرنسا.

المستشار الألماني أولاف شولتس يتحدث للصحافة بمناسبة «قمة فيمار» في برلين الجمعة (رويترز)

وحرص ماكرون، في الحديث الصحافي المشار إليه، على نفي وجود أي «اختلافات استراتيجية» بين باريس وبرلين، وبينه وبين المستشار الألماني قائلاً: «لم يكن هناك يوماً أيّ خلاف بيني وبين المستشار على الإطلاق. لدينا توافق كبير جداً في وجهات النظر حول الأهداف والوضع، لكن طريقة ترجمتها هي التي تختلف»، مسلّطاً الضوء على ما سماها «الثقافات الاستراتيجيّة» في البلدين. وشرح ذلك بقوله إن «ألمانيا لديها ثقافة استراتيجيّة من الحذر الشديد وعدم التدخّل، وهي تبقى على مسافة من السلاح النووي. وهذا نموذج مختلف تماماً عن نموذج فرنسا المجهّزة بالسلاح النووي، والتي حافظت على جيش محترف وعزّزته».

اللافت لدى الرئيس الفرنسي أنه يقول شيئاً بينما يقول وزراؤه شيئاً آخر؛ فوزيرا الخارجية والدفاع، ستيفان سيغورنيه وسيباستيان لوكورنو، حرصا أكثر على طمأنة الفرنسيين وشركاء فرنسا في الخارج، وأشارا إلى أن كلام ماكرون عن «عدم استبعاد» نشر قوات أرضية في أوكرانيا لم يكن يشير إلى قوات قتالية، بل إلى قوات تقوم بأعمال رديفة مثل إزالة الألغام، وتقديم الاستشارات، وتدريب الجنود الأوكرانيين على الأراضي الأوكرانية. وقال لوكورنو إنه «كلما زادت حاجة أوكرانيا للتجنيد وزيادة عدد جيشها زادت الحاجة إلى التدريب المكثف».

«لا للموت من أجل أوكرانيا»

والمشكلة أن تصريحات ماكرون تشي بعكس ذلك لأنه يقول، بصريح العبارة، إنه «يجب أن تكون هناك عمليّات على الأرض، أياً يكُن شكلها». وتبيّن استطلاعات الرأي أن أكثرية الفرنسيين «ترفض الموت من أجل أوكرانيا»، بينما شركاء باريس غير متحمسين. ويبقى السؤال: هل يمكن لأطراف أوروبية أن تقبل نشر قواتها من غير موافقة أميركية؟ السؤال مطروح، والجواب في الأيام المقبلة.


بوتين... من أروقة الـ«كي جي بي» إلى الكرملين (صور)

بوتين مع صديقة في مرحلة الشباب (إكس)
بوتين مع صديقة في مرحلة الشباب (إكس)
TT

بوتين... من أروقة الـ«كي جي بي» إلى الكرملين (صور)

بوتين مع صديقة في مرحلة الشباب (إكس)
بوتين مع صديقة في مرحلة الشباب (إكس)

فاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولاية رئاسية خامسة في الانتخابات التي اختُتمت، أمس (الأحد)، بعد حصوله على نحو 87.29 في المائة من نسبة أصوات المقترعين.

فمن هو «القيصر»؟ وكيف شقّ طريقة من أروقة الـ«كي جي بي» إلى الكرملين؟

بوتين الشاب

وُلد فلاديمير بوتين في مدينة لينينغراد السوفياتية في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1952 وكان الطفل الوحيد الباقي على قيد الحياة لوالديه. كان لديه شقيقان ماتا قبل ولادته - فقد شقيقه فيكتور حياته عندما فرضت القوات النازية حصاراً على لينينغراد خلال الحرب العالمية الثانية.

بوتين مع والدته عام 1958 (إكس)

قضى بوتين طفولته في لينينغراد (سانت بطرسبرغ اليوم)، حيث شملت اهتماماته الشبابية التدريب على السامبو (فنون قتالية تجمع بين الجودو والمصارعة تم تطويرها من قبل الجيش الأحمر السوفياتي) ثم الجودو.

بوتين يصارع رفيقه في مرحلة الشباب (إكس)

بعد المدرسة، درس بوتين القانون في جامعة لينينغراد، وتخرج فيها عام 1975، وانضم على الفور إلى جهاز الاستخبارات السوفياتي (كي جي بي). أُرسل في أول مهمة رسمية إلى مدينة دريسدن في ألمانيا الشرقية عام 1985، بعد إكمال عام من الدراسة في أكاديمية الـ«كي جي بي» في موسكو.

ووفقاً لموقع الكرملين، كان بوتين يرغب في العمل لدى الاستخبارات السوفياتية حتى قبل أن ينهي دراسته المدرسية. في أكتوبر عام 2015، قال بوتين: «قبل خمسين عاماً، علمتني شوارع لينينغراد قاعدة مفادها أنه إذا كان لا بد من معركة، فعليك أن تسدد الضربة الأولى».

خلال تلك الفترة، في عام 1983، تزوج من مضيفة طيران تدعى ليودميلا التي أنجبت له ابنتين، ماريا وكاترينا. انفصل بوتين عن ليودميلا عام 2013.

بوتين يوم زواجه بليودميلا عام 1983 (إكس)

حياة «القيصر» السياسية

تم استدعاؤه من دريسدن إلى لينينغراد في عام 1990، عندما كان الاتحاد السوفياتي على وشك الانهيار.

خلال الفترة التي قضاها في الـ«كي جي بي»، عمل بوتين ضابطاً مسؤولاً عن عدد من الملفات وحصل على رتبة مقدم.

بوتين بالزي العسكر السوفياتي (إكس)

وفي 1990 - 1991، انتقل إلى الاحتياط بجهاز المخابرات وعاد إلى جامعة ولاية لينينغراد مساعداً لنائب رئيس الجامعة. وأصبح مستشاراً لأحد أساتذته السابقين في القانون، أناتولي سوبتشاك، الذي ترك الجامعة ليصبح رئيساً لمجلس مدينة لينينغراد. عمل بوتين مع سوبتشاك خلال الحملة الانتخابية الناجحة لسوبتشاك الذي أصبح أول عمدة منتخب ديمقراطياً لما يعرف الآن باسم سانت بطرسبرغ. وفي يونيو (حزيران) 1991، أصبح بوتين نائباً لرئيس بلدية سانت بطرسبرغ، وعُيّن مسؤولاً عن لجنة العلاقات الخارجية بالمدينة. استقال رسمياً من الـ«كي جي بي» في أغسطس (آب) 1991.

في عام 1996، بعد أن خسر سوبتشاك الانتخابات المحلية، انتقل بوتين إلى موسكو للعمل في الكرملين في الإدارة التي كانت تدير الممتلكات الرئاسية. وفي مارس (آذار) 1997، تمت ترقية بوتين إلى منصب نائب رئيس موظفي الكرملين. وتولى عدداً من المسؤوليات الأخرى داخل الكرملين قبل تعيينه رئيساً لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي الـ(كي جي بي سابقاً) في يوليو (تموز) 1998. وبعد عام، في أغسطس 1999، تم تعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء ثم رئيساً لوزراء روسيا في عهد الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين، الذي أشار أيضاً إلى أن بوتين هو خليفته المفضل كرئيس للدولة.

بوتين برفقة يلتسين عام 1999 (إكس)

5 ولايات رئاسية

في 31 ديسمبر (كانون الأول) 1999، أصبح بوتين رئيساً بالنيابة لروسيا بعد استقالة يلتسين. تم انتخابه رسمياً لمنصب الرئيس في مارس 2000. خدم بوتين فترتين رئيساً لروسيا من عام 2000 إلى عام 2004 ومن عام 2004 إلى عام 2008، قبل أن يتنحى - تماشياً مع الحظر الدستوري الروسي على ثلاث فترات رئاسية متتالية - لتولي منصب رئيس الوزراء. وفي مارس 2012، أُعيد انتخاب بوتين ليتولى فترة ولاية أخرى رئيساً لروسيا حتى عام 2018، وذلك بفضل التعديل الدستوري الذي أقرّه الرئيس آنذاك ديمتري ميدفيديف في ديسمبر 2008 لتمديد الولاية الرئاسية من أربع إلى ست سنوات.

بوتين وميدفيديف جنباً إلى جنب (أرشيفية - رويترز)

انتُخب بوتين في مارس عام 2024 لولاية رئاسية خامسة بعد حصوله على 88 في المائة من نسبة أصوات المقترعين الروس.

في عام 2020 عُدّل الدستور مرة أخرى لتمديد فترة الولاية الرئاسية مرتين. بالتالي، بات يمكن لبوتين حالياً أن يحصل على فترتين رئاسيتين على الأقل، أي حتى 2036. وإذا حصل هذا فعلاً يتخطى بوتين الرقم القياسي الذي حققه جوزيف ستالين بحكمه البلاد 29 عاماً.

شخصية بوتين

وفق تقرير نشرته مؤسسة «بروكينغز»، استفاد بوتين من كونه عميلاً في الاستخبارات السوفياتية، ليبقي طموحاته الخاصة طي الكتمان. مثل معظم الأشخاص الطموحين، استغل الفرص التي أتيحت له. أولى بوتين اهتماماً وثيقاً بالأفراد الذين قد يعزّزون مسيرته المهنية. درسهم، وعزّز علاقاته الشخصية والمهنية معهم، وقدم لهم المعروف، وتلاعب بهم. سمح للناس بالتقليل من شأنه حتى عندما كان يناور في مناصب مؤثرة ليراكم بهدوء قوة حقيقية.

فلاديمير بوتين يدلي بتصريحات للصحافيين بعد فوزه بالانتخابات أمس (أ.ف.ب)

يتسم حكم الرئيس بوتين بالقومية الروسية المحافظة، وبه أصداء قوية لحكم القياصرة الديكتاتوري، كما يحظى بتأييد الكنيسة الأرثوذوكسية، وفق ما ذكرته شبكة «بي بي سي». بعيد توليه الرئاسة، عكف بوتين على تهميش الشخصيات الليبرالية، وعادة ما كان يستبدلهم بحلفاء أقوياء له، أو محايدين لا يخالفونه الرأي. على سبيل المثال، انتهى المطاف بشخصيات كانت مقربة من الرئيس السابق يلتسين، مثل رجلي الأعمال الثريين بوريس بيريزوفسكي وفلاديمير غوسينسكي، بالعيش في المنفى خارج البلاد.


نافالني والصين و«حرب شاملة» مع الناتو.... أبرز تصريحات بوتين في خطاب النصر

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي بموسكو بمناسبة فوزه في انتخابات الرئاسة (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي بموسكو بمناسبة فوزه في انتخابات الرئاسة (أ.ف.ب)
TT

نافالني والصين و«حرب شاملة» مع الناتو.... أبرز تصريحات بوتين في خطاب النصر

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي بموسكو بمناسبة فوزه في انتخابات الرئاسة (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي بموسكو بمناسبة فوزه في انتخابات الرئاسة (أ.ف.ب)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه لا يمكن استبعاد صراع واسع النطاق مع حلف شمال الأطلسي «ناتو»، وذلك خلال مؤتمر صحافي في موسكو بمناسبة فوزه في انتخابات رئاسية شابتها ادعاءات بالتلاعب.

ونقلت وكالة «تاس» الحكومية الروسية عن بوتين قوله، مساء الأحد، إنه في حال نشوب صراع واسع النطاق مع حلف «الناتو»، فإن العالم سيكون على بُعد خطوة واحدة فقط من حرب عالمية ثالثة. وتابع: «أعتقد أنه من غير المرجح أن يرغب أي شخص في هذا».

وذكر بوتين أن عدداً من جنود الدول الأعضاء بـ«الناتو» منتشرون بالفعل في أوكرانيا. وقال: «نعلم ذلك بالفعل»، مضيفاً أنه جرى سماع اللغتين الفرنسية والإنجليزية بالفعل في ساحة المعركة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي بموسكو بمناسبة فوزه في انتخابات الرئاسة (أ.ب)

وأكد بوتين: «هذا ليس بالأمر الجيد، خصوصاً بالنسبة لهم؛ لأنهم يموتون هناك بأعداد كبيرة»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

ورأى بوتين أن قواته تتمتع بأفضلية على القوات الأوكرانية على الجبهة في أوكرانيا، ووعد مرة أخرى بـ«تحقيق» أهداف موسكو.

وأضاف: «بشكل عام، المبادرة تعود بالكامل إلى القوات المسلحة الروسية، وفي بعض المناطق يقوم رجالنا بسحق العدو».

وتواجه أوكرانيا الغزو الروسي بمساعدة غربية منذ أكثر من عامين.

وقالت لجنة الانتخابات الروسية إن بوتين حقق نتيجة قياسية بلغت أقل بقليل من 88 في المائة من الأصوات، بعد فرز ما يقرب من ربع الأصوات. وفي الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2018، فاز بنسبة 76.7 في المائة من الأصوات.

«زيلينسكي ليس خياراً»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا ستحتاج للتفكير في الطرف الذي يمكنها إجراء محادثات معه بشأن إمكانية إحلال السلام في أوكرانيا، مشيراً إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «ليس خياراً».

الصين وروسيا

ووصف الرئيس الروسي العلاقات بين روسيا والصين بأنها «عامل استقرار»، بينما تتيح العلاقات الشخصية الجيدة بين رئيسي البلدين تطوير العلاقات بشكل أكبر.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي بموسكو بمناسبة فوزه في انتخابات الرئاسة (أ.ف.ب)

وقال الرئيس الروسي، للصحافيين: «تبلورت علاقاتنا على مدى العقدين الماضيين، إنها قوية للغاية ونحن نكمل بعضنا البعض. أنا واثق من أنه سيجري الحفاظ على هذه العلاقات بفضل علاقتنا الشخصية الجيدة مع رئيس جمهورية الصين الشعبية»، وفق ما ذكرته وكالة «تاس» الروسية للأنباء.

وأضاف بوتين: «لكن أهم شيء هو أن مصالحنا القومية تتوافق، وهذا يخلق بيئة مواتية لحسم مهامنا المشتركة وفي مجال العلاقات الدولية، حيث تعد العلاقات بين روسيا والصين عامل استقرار».

وقال بوتين إن روسيا والصين لديهما «عدد من نقاط التقارب في الاقتصاد والسياسة الخارجية».

وتابع: «الصين تتطور بسرعة وبثقة كبيرة. والأمر المهم للغاية هو أن هيكل الاقتصاد الصيني يتغير نحو الابتكار، ونحن نحاول أن نفعل الشيء نفسه في الداخل. ونحن نواجه تماماً المهام نفسها في روسيا».

وأعرب بوتين عن أمله في أن يواصل البلدان تعزيز تعاونهما، و«تعزيز العلاقات وتحقيق نجاحات مشتركة لصالح شعبيْ روسيا والصين».

إطلاق سراح نافالني

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للمرة الأولى، أنه كان من المقرر إطلاق سراح المعارض للكرملين، المتوفى أليكسي نافالني، في صفقة تبادل للسجناء.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي بموسكو بمناسبة فوزه في انتخابات الرئاسة (أ.ب)

وأشار بوتين إلى أنه سبق أن أعطى موافقته على مبادلة نافالني بسجناء روس لدى الغرب. ونقل عن بوتين قوله: «أما بالنسبة لنافالني، فهو لم يعد على قيد الحياة، هذا أمر مُحزن».

وتابع بوتين عن وفاة الناشط قائلاً: «للأسف، حدث ما حدث، ولكن يحدث ذلك، لا يوجد شيء يمكنك القيام به حيال ذلك، هذه هي الحياة».

ووفق السلطات الروسية، تُوفي نافالني، في 16 فبراير (شباط) الماضي، في معسكر اعتقال بمنطقة يامال، على بُعد 1900 كيلومتر شمال شرقي موسكو، عن عمر يناهز (47 عاماً). ولم يجرِ توضيح ظروف وفاته، وكان قد نجا في عام 2020 من هجوم تسمم.

وتعتقد أرملته، يوليا نافالنايا، أن زوجها قُتل داخل المعسكر. ووصف ليونيد فولكوف، المقرَّب منذ مدة طويلة من نافالني، بيان بوتين الذي جاء بعد شهر من وفاة معارض الكرملين، بأنه «يبعث على السخرية».

وقال فولكوف إن بوتين، الذي نطق اسم نافالني للمرة الأولى منذ وفاته، قتل في الواقع خصمه، واصفاً بوتين بأنه «حشرة ماصة للدماء» ستنفجر قريباً.

وبدا أن تصريحات بوتين تتوافق مع تصريح أدلت بها المديرة السياسية لمؤسسة نافالني لمكافحة الفساد، ماريا بيفتشيخ، بعد نحو أسبوع من وفاته.

وقالت بيفتشيخ إنه جرى التوصل إلى اتفاق لمبادلة نافالني مع روسي مُدان بالقتل في ألمانيا، وأن الناشط تُوفي قبل أيام فقط من الموعد المقرر لإجراء عملية التبادل.