الصدر ينفي صلته بتأخير تشكيل الحكومة... ويصر على مستقلين لـ«الداخلية» و«الدفاع»

البرلمان أرجأ جلسته مع استمرار الخلافات حول الحقيبتين الأمنيتين

مقتدى الصدر (رويترز)
مقتدى الصدر (رويترز)
TT

الصدر ينفي صلته بتأخير تشكيل الحكومة... ويصر على مستقلين لـ«الداخلية» و«الدفاع»

مقتدى الصدر (رويترز)
مقتدى الصدر (رويترز)

نفى زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر أن يكون هو السبب في تأخير استكمال حكومة عادل عبد المهدي، مجدداً رفضه تولي مستشار الأمن الوطني السابق فالح الفياض حقيبة الداخلية، والمرشحين لحقيبة الدفاع.
واقترح الصدر على عبد المهدي توزير قادة عسكريين ممن قاتلوا ضد تنظيم داعش لهاتين الحقيبتين، بعد دخول أزمة الكابينة المنقوصة شهرها الثاني. وخاطب في تغريدة له على موقع «تويتر»، بعد إرجاء الجلسة البرلمانية التي كان من المنتظر أن تصوت أمس على المرشحين للوزارات الثماني المتبقية، الكتلَ السياسية قائلاً: «يا قومي ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى المحاصصة والفساد، ويا قومي ما لي أدعوكم إلى عزة وكرامة الوطن وتدعونني إلى بيع البلاد، ويا قومي ما أردت إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله وبالشعب، ويا قومي إن ماكينة المحاصصة والرافضين لـ(المجرب لا يجرب) صاروا متحدين فيما بينهم لإعادة الوجوه الكالحة والفاسدة»، مبينا أن «هذا ما لم (ترتضيه) المرجعية؛ بل ورفضه الشعب رفضاً قاطعاً».
وأضاف الصدر: «يا قومي لست سببا في تأخير إتمام تشكيل الحكومة، بل إنني سبب في تأخير مخططاتهم»، داعيا إلى «عدم السماع لهم أو الإصغاء». وأكد الصدر: «لن أرضى بوزير دفاع أو داخلية غير مستقل»، مشيرا إلى أن «ذلك سيحفظ العراق واستقلاله وعزته، ولجعل العراق ذا قرار مستقل ومن داخل الحدود لا خارجها». وتابع الصدر: «أقترح على رئيس مجلس الوزراء الإسراع في طرح كابينته الوزارية المتبقية عدا وزيري (الداخلية والدفاع)، وفتح باب الترشيح لهما من قبل القادة العظماء الذين حرروا الأراضي المغتصبة من أيادي (داعش) الأثيمة، ومن دون تدخل أي كتلة أو حزب أو جهة مطلقا». واختتم تغريدته بالقول إن «جيراننا أصدقاؤنا لا أسيادنا».
وفي هذا السياق، أكد الدكتور قحطان الجبوري، الناطق الرسمي باسم «تحالف سائرون» المدعوم من الصدر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «النهج الذي سار عليه السيد مقتدى الصدر منذ البداية على صعيد منح الحرية لرئيس الوزراء في اختيار كابينته الوزارية والتخلي عن نهج المحاصصة؛ إنما يمثل طوق نجاة للعملية السياسية التي بدأت تتعثر ثانية نتيجة لتمسك الكتل والأحزاب بالنهج ذاته الذي سارت عليه طوال الفترات السابقة، والذي أدى إلى كل ما نعانيه من كوارث وأزمات». وأضاف الجبوري أن «دعوة الصدر لرئيس الوزراء باختيار وزيري الدفاع والداخلية بحرية كاملة وممن قاتل الإرهاب؛ إنما هي الحل الأمثل للإشكالية التي نعانيها الآن بسبب عدم الوصول إلى توافق بشأن المرشحين لهاتين الحقيبتين المهمتين»، مبينا أن «الكتل السياسية إذا ما أرادت الارتفاع إلى مستوى التحديات والانسجام مع توجيهات المرجعية الدينية، فإن عليها العمل على إثبات ذلك من خلال تغليب مصلحة الوطن والمواطن على مصالحها الحزبية والمكوناتية والطائفية الضيقة التي بدأ العراقيون من كل الأطياف والمكونات يرفضونها رفضا تاما».
وفي أول رد فعل سني على دعوة الصدر بشأن اختيار وزير مستقل للدفاع من خارج المحاصصة، أعلن عضو البرلمان العراقي عن «كتلة المحور الوطني» محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما أعلنه السيد مقتدى الصدر أمر مفرح بالنسبة لنا، وهو منسجم مع ما طالبنا به بشأن استيزار شخصيات مهنية مستقلة لوزارتي الدفاع والداخلية من الفرسان الذين شهدت لهم ساحات المعارك المهنية وهم يقدمون الوطن على أي انتماء حزبي أو طائفي». وأضاف الكربولي أن «محاربة نهج المحاصصة يجب أن يكون بالأفعال لا بالأقوال، وهو ما يتطلب من الجميع ترك المجال لعبد المهدي لاختيار وزيري الدفاع والداخلية دون تدخل أو إملاءات، وهذا ما نأمله خلال الأيام القليلة المقبلة».
في السياق نفسه، دعا قيس الخزعلي، زعيم «عصائب أهل الحق»، إلى اتباع قاعدة «لا فرض ولا رفض» على صعيد وزيري الدفاع والداخلية. وقال الخزعلي في تغريدة له هو الآخر إنه «من أجل تجاوز عقبة إكمال تشكيل الحكومة وحتى لا يتحول الموضوع إلى صراع إرادات مما قد يزيد الموضوع تعقيدا، ما المانع أن نتفق على قاعدة (لا فرض ولا رفض)، ونترك المجال لرئيس الوزراء حتى يتحمل هو المسؤولية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».