تركيا تحذر اليونان وقبرص من «السلوك المتهور» في شرق المتوسط

دافعت عن اعتقالات الأكاديميين في مواجهة الانتقادات الأوروبية

TT

تركيا تحذر اليونان وقبرص من «السلوك المتهور» في شرق المتوسط

حذرت تركيا كلاً من اليونان وقبرص مما سمته «السلوك المتهور»، بشأن مصادر النفط والغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، كما دافعت عن موجة الاعتقالات الأخيرة بحق أكاديميين اتهمتهم بالتآمر للإطاحة بنظام الحكم، رافضة تدخل أوروبا في هذا الشأن.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن «السلوك المتهور لليونان وإدارة قبرص (اليونانية) في شرق البحر المتوسط بات يشكل مصدر خطر وتهديد عليهما بالدرجة الأولى»، وأضاف في كلمة أمام أعضاء المجموعة البرلمانية لحزبه الحاكم (العدالة والتنمية) بالبرلمان التركي أمس (الثلاثاء): «لن نساوم على مبادئنا إطلاقاً في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، ولا في أي منطقة أخرى (...) ولن نعطي فرصة للساعين إلى الهيمنة السياسية والاقتصادية على مناطق لا حقوق لهم فيها بالبحر المتوسط».
وتابع: «هؤلاء الذين يرتجفون من أزمات تدفق اللاجئين، فجأة يستأسدون عندما يتعلق الأمر بالنفط والغاز والمصالح السياسية»، مؤكداً عزم تركيا على «استخدام حقوقها المنبثقة عن القانون الدولي بالكامل، والتصدي لكل من يحاول عرقلة ذلك».
وفي 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، كانت سفينة تنقيب تابعة لشركة «إكسون موبيل» الأميركية للطاقة قد وصلت إلى جنوب جزيرة قبرص للتنقيب عن النفط والغاز لصالح قبرص. وحذرت وزارة الخارجية التركية الشركة، في بيان، من القيام بأي عمليات تنقيب عن الهيدروكربون «النفط والغاز» قبالة شواطئ جزيرة قبرص، قائلة: «إن هذا لن يساهم في استقرار المنطقة». وقال البيان إن تركيا ستطلق أنشطة التنقيب عن النفط والغاز، في إطار الترخيص الذي منحته «جمهورية شمال قبرص التركية» التي لا يعترف بها سوى تركيا، لشركة النفط التركية، علاوة على أنشطتها في الجرف القاري التركي.
وشدد على أن جميع الموارد الطبيعية بأنحاء جزيرة قبرص تابعة لكلا الطرفين (التركي واليوناني)، وأن ملكيتها لا تتبع الشطر اليوناني فقط، وقال: «نعيد التأكيد على تحذيرنا للشركات المشاركة بأنشطة البحث والاستخراج الأحادية التي يقوم بها القبارصة اليونانيون».
وفي مطلع مارس (آذار) الماضي، كانت سفن حربية تركية قد اعترضت سفينة تنقيب إيطالية تابعة لشركة «إيني» للطاقة، بعدما دخلت بتوكيل من قبرص إلى المنطقة الاقتصادية التركية الخاصة. ومنذ 1974، تعاني الجزيرة القبرصية من الانقسام بين شطرين: تركي في الشمال، ويوناني في الجنوب. وفي 2004، رفضَ القبارصة اليونانيون خطة قدمتها الأمم المتحدة لتوحيد شطري الجزيرة.
وفي السياق ذاته، أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، فاتح دونماز، أن بلاده ستبدأ حفر آبار في مياه البحر المتوسط الضحلة للتنقيب عن النفط والغاز، بعد أن بدأت بأعمال حفر أول بئر في المياه العميقة، جنوب البلاد.
ويعتقد أن منطقة شرق المتوسط غنية بالغاز الطبيعي، وتسببت محاولات الاستفادة من هذه الموارد في إحياء التوترات بين تركيا واليونان، التي يربطها اتفاق دفاعي مع حكومة قبرص المعترف بها دولياً.
على صعيد آخر، دافع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن الاعتقالات الأخيرة لأكاديميين في بلاده، بتهمة التآمر من أجل الإطاحة بالنظام، قائلاً إن الأوروبيين يريدون تعليم تركيا دائماً ما هي «دولة القانون». وبرر جاويش أوغلو، في مقابلة مع صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» الألمانية الصادرة أمس، نهج القضاء في بلاده في ما يتعلق بحالات اعتقال ألمان في تركيا.
وبحسب بيانات الخارجية الألمانية، يقبع في السجون التركية نحو 6 ألمان لأسباب سياسية. وقال جاويش أوغلو: «لا أعرف هؤلاء الأفراد، ولا أسماءهم (...) تركيا لن تستفيد شيئاً من حبسهم»، لافتاً إلى أن الأمر هنا يتعلق بقرارات القضاء التركي.
وبشأن ما إذا كانت تركيا لا تزال تسعى إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، قال جاويش أوغلو: «نعم، هذا هدفنا. إذا كان الاتحاد الأوروبي لا يريد ذلك، فيتعين عليه أن يقول لنا هذا».
كان المفوض الأوروبي لشؤون توسعة الاتحاد وسياسة الجوار يوهانس هان، وممثلة الشؤون الخارجية للاتحاد فيدريكا موغيريني، قد زارا أنقرة الأسبوع الماضي، وهي أول زيارة يقوم بها ساسة بارزون في المفوضية الأوروبية لتركيا منذ نحو عام ونصف العام، في إطار الحوار الأوروبي - التركي.
ووصف جاويش أوغلو الاجتماع رفيع المستوى بأنه «الأفضل والأكثر إثماراً مع ممثلين من الاتحاد الأوروبي خلال الأعوام الأربعة أو الخمسة الماضية»، وقال: «انتقد بعضنا بعضاً، لكن هذا أمر سليم، فنحن لا نلتقي لتبادل المجاملات».
وفي سياق متصل، أعلن الفرع التركي لصندوق «المجتمع المفتوح»، التابع للملياردير الأميركي جورج سوروس، إيقاف أنشطته، على خلفية اتهام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لسوروس بدعم احتجاجات جيزي بارك، عام 2013.
وقالت صحيفة «حريت» التركية، أمس، إن مجلس إدارة الصندوق «اتخذ القرار عقب اقتناعه بعدم جدوى الاستمرار في العمل بتركيا، وكذلك استحالة تنفيذ الخطط الموضوعة».
وأشار مجلس الإدارة إلى أن: «استمرار التكهنات والاتهامات غير المثبتة حول طبيعة عمل الصندوق، التي نشرت في وسائل الإعلام، جعلت من عمل الصندوق مستحيلاً».
واتهم إردوغان الملياردير الأميركي جورج سوروس، في أغسطس عام 2013، بالوقوف وراء موجة الاحتجاجات الواسعة التي اندلعت في مايو (أيار) من العام نفسه في إسطنبول، وعمت بعض المدن الأخرى في تركيا، قائلاً إن «هذه الأحداث جرت بتمويل من شخص واحد، وهو اليهودي مجري الأصل المشهور جورج سوروس»، وأضاف: «سوروس شخص يملك الكثير من المال، وينفقه على تفريق الشعوب وتحطيم الحكومات».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».