برلين... الوجه الفني التوّاق للحرية ومحو قمع الماضي

فن الشارع فيها تعبير عن التمرد... وممارسة لحق سياسي

«الفن البديل» تلحظه هنا في كل مكان عندما تتجول في الشارع وتنقل نظرك بين الأبنية والجدران وحتى القطارات
«الفن البديل» تلحظه هنا في كل مكان عندما تتجول في الشارع وتنقل نظرك بين الأبنية والجدران وحتى القطارات
TT

برلين... الوجه الفني التوّاق للحرية ومحو قمع الماضي

«الفن البديل» تلحظه هنا في كل مكان عندما تتجول في الشارع وتنقل نظرك بين الأبنية والجدران وحتى القطارات
«الفن البديل» تلحظه هنا في كل مكان عندما تتجول في الشارع وتنقل نظرك بين الأبنية والجدران وحتى القطارات

قد تبدو برلين، بجدرانها المليئة بالخربشات العشوائية، للوهلة الأولى «متسخة»، لكنها في الواقع رسومات فنية حوّلت العاصمة الألمانية إلى أشهر مدينة لـ«الفن البديل» أو «فن الشارع» في أوروبا. تختلف هذه المدينة كثيراً عن غيرها من المدن الألمانية. فرغم أنها عاصمة أكبر اقتصاد في أوروبا، هي فقيرة. ورغم أنها عاشت منقسمة أيام الشيوعية، فهي تعد اليوم أكبر مثال للتعايش لاجتذابها ما يزيد على الـ120 جنسية، بينما يعد النشاط السياسي هنا سمة يعيشها السكان يومياً، وإحدى وسائل التعبير عنه هو «الفن البديل».
لا تعاني برلين نقصاً في المتاحف التقليدية، من متحف DDR جمهورية ألمانيا الديمقراطية (الشيوعية) إلى المتحف اليهودي وجزيرة المتاحف... لكن من أراد أن يفهم هذه المدينة المعقدة حقاً، فعليه أن يجول أيضاً في «قلبها النابض» وفي شوارعها الخلفية أحياناً.
«الفن البديل» تلحظه هنا في كل مكان. عندما تتجول في الشارع، وتنقل نظرك بين الأبنية والجدران وحتى القطارات... في منطقتي ميتا وكرويتزبيرغ تجد معارض متخصصة بهذا الفن، قد يكون أشهرها «كوتنهاوس تاشيليس» في شارع أورانينبيرغر في منطقة ميتا. هذا المبنى الضخم الذي استخدمه النازيون مقراً لهم أيام الحرب العالمية الثانية، وبدأ الشيوعيون في هدمه بعد الحرب، يعد اليوم من أكبر وأشهر معارض «فن الشارع» في برلين. يعيش فيه أيضاً فنانون حولوا غرفه إلى ورش للرسم والإبداع.
جدران المبنى من الخارج مليئة بأكملها برسوم الغرافيتي. حتى الدرج الذي يأخذك إلى غرف مختلفة من المبنى يضج بألوان وأشكال ورسائل على اختلافها. الفنانون المقيمون في ورشه استقروا فيه بعد سقوط حائط برلين عام 1989.
المبنى الواقع على ما كان حدود برلين الشرقية والغربية بالقرب من الحائط الفاصل، تحول مهجوراً بعد فترة قصيرة من الحرب العالمية الثانية. ورغم أنه تعرض لضرر قليل أثناء الحرب، فقد قرر الشيوعيون هدمه بعد نصائح مهندسين في السبعينات. وبالفعل دُمّر جزء منه عام 1980، وكان من المقرر أن يدمَّر الجزء الباقي عام 1990. لكن قبل شهرين من التاريخ المقرر لتدميره سقط جدار برلين، وانتقل فنانون من أنحاء المدينة للعيش فيه. وتبين لاحقاً أن المبنى في حالة جيدة، وسُجّل على أنه مبنى تاريخي.
لكن حتى معارض مثل «كونتهاوس تاشيليس» ليست أكثر ما يلخص «الفن البديل» في برلين. بل جولة على الأقدام في الشارع ومراقبة الرسومات على الجدران والأبنية، وبخاصة في المنطقة الممتدة من ألكسندر بلازا حتى كرويتزبيرغ.
في السنوات الأخيرة، نجح عدد من فناني الشارع في ترك بصماتهم في أنحاء برلين. واحد من أشهر هؤلاء مجموعة من 6 شبان يخفون هويتهم، وينشرون توقيعهم 1UP في كل مكان: على أعلى الأبنية، على الجدران وأيضاً على القطارات. التوقيع يعني «وان يونايتد باور» ترجمتها «قوة واحدة موحدة» وتحمل معاني سياسية وإشارات إلى مواجهة العنصرية. ويستعملون رذاذ الطلاء في أعمالهم. وينشر هؤلاء الشبان على «يوتيوب» تفاصيل «عملياتهم» من دون إظهار وجوههم ولا أصواتهم الحقيقية. فالرسم على الحيطان مخالف للقانون، وقد يعرّضهم لغرامات باهظة وحتى السجن. والمثير في عمل هذه المجموعة، مدى استعدادهم لخرق القانون لإيصال فنهم. فهم إلى جانب خرقهم القانون بالرسم في أماكن عامة، يخاطرون بالصعود إلى أعلى الأبنية مستخدمين الخلع والكسر للوصول عبر بيوت مجهورة. وأشهر ما يقومون به، وربما أكثر ما يعرّضهم للخطر، هو الرسم على القطارات. ينتظرون القطار في محطة ما وينتظرون وصوله وفتح الأبواب قبل أن يسندوا باباً بعصا ريثما ينتهون من رسمهم. فالقطار لا يمكنه المغادرة ما دام أحد الأبواب مفتوحاً، لكن هذا أيضاً يعني أن لديهم 3 دقائق لإنهاء عملهم قبل وصول الشرطة.
مجموعة أخرى من الشبان شبيهة بـ1UP، تضم أيضاً 6 شبان يخفون هويتهم. هؤلاء يعرفون بـ«أوبر فريش» يأخذون مخاطر أكبر عبر التدلي على الأبنية، مستخدمين حبالاً تؤمّن لهم الحد الأدنى من السلامة. هم أيضاً لديهم توقيع واحد ينشرونه على الأبنية، وبخاصة في منطقة كرويتزبيرغ، باللونين الأزرق والأحمر، وهو عبارة عن رموز مستوحاة من فن الغرافيتي في ساو باولو بالبرازيل التي تعرف بـ«بيشاسو». الفنانون الذين يستخدمونها هناك يقولون: إنها تعبير عن عدم المساواة المنتشر في البرازيل.
تعمل مجموعة «أوبر فريش» في الليل ويختارون الأبنية العالية للرسم عليها. من «أعمالهم» تعليق دراجات هوائية على أماكن مرتفعة جداً في العاصمة. يعرفون أيضاً بـ«أولاد برلين» وهو اسم فيلم وثائقي أنتج عنهم. وقد ظهروا على ساحة «فن الشارع» في العاصمة الألمانية قبل نحو عقد من الزمن، ويثيرون جدلاً كبيراً بسبب المخاطر التي يأخذونها لنشر رسومهم.
ولعل من أشهر وأقدم أعمال «فن الشارع» في برلين هي جدارية رجل الفضاء في كرويتزبيرغ للفنان البرتغالي فيكتور آش عام 2007. وعلى خلاف فن الغرافيتي الآخر، فإن آش لم يطلِ جداريته هذه سراً، بل كان عملاً منسقاً مع البلدية.
ومثل معظم الأعمال الفنية في برلين، لا يخفي الرسالة السياسية وراءه. فقد اختار آش موقعاً بالقرب من المكان الذي كان حائط برلين يقسم المدينة. واختار رسم رجل فضاء مخفية معالم وجهه وجنسيته، ليعبر عن التسابق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي قبل سقوطه، الذي تمثل أيضاً بالسباق إلى الفضاء. لاقت جداريته هذه شهرة عالمية وطبع «رجل الفضاء» على قمصان وقبعات وبات المبنى الذي طلي عليه، واحداً من نقاط جذب السياح.
لكن مع هذا، ليست كل أعمال «فناني الشارع» مدفوعة بأهداف سياسية. بعضهم يعمل بدافع جمالي ولنشر التفاؤل مثل «إل بوشو»، واحد من أشهر فناني الغرافيتي في برلين. هو فنان إسباني واسمه يعني بالإسبانية «الحمار الصغير». هو أيضاً يخفي هويته، لكن يعرَف عنه أنه كان يعيش في مدينة فرانكفورت، وهو نشر أعماله في السابق في عدد من الصحف المعروفة مثل «فرانكفورتر ألمانية».
وعلى خلاف المجموعتين السابقتين، فإن إل بوشو لا يستخدم رذاذ الطلاء، بل يرسم لوحاته مسبقاً على ورق ثم يعلقها ليلاً على حيطان المدينة. هو يعرف بفنان الغرافيتي الرومانسي. رسوماته تحمل معاني الحب والجمال بألوانها الحية والمتفائلة. لكن هذا أيضاً يعني أن الكثير من أعماله تمزق ولا تبقى طويلاً على الجدران.
واحدة من أشهر الرسومات التي تتكرر مع إل باشو هو رسم لـ«لوسي الصغيرة» مع قطتها. الرسمة والفكرة تتغير كل مرة، لكن الموضوع واحد: فتاة صغيرة تبدو لطيفة للوهلة الأولى قبل أن ينتبه الناظر إليها بأن لوسي تحمل معها قطتها دائماً وهي تحاول في كل رسمة أن تتخلص منها بطرق شريرة. استوحى إل باشو قصص لوسي من مسلسل تشيكي في السبعينات.
فنان آخر له حضور قوي في فن الشارع ببرلين، لكن يثير الكثير من الحيرة، هو «مستر 6» لأن عمله واحد: رسم الرقم 6. يقال: إنه رسم ما يقارب المليون رقم 6 في أنحاء برلين. لا أحد يعرف حقيقة أو معنى ما يريد قوله. كل ما يعرف عنه أنه يجول المدينة على دراجته الهوائية ويقضي 6 ساعات يومياً وهو ينشر الرقم 6 أينما استطاع. بعضهم يقول: إنه ربما يكون مجنوناً… آخرون يقولون: إنه كان تلميذاً سيئاً في المدرسة، وإن الرقم 6 قد يكون إشارة إلى علامة 6، وهي أدنى العلامات التي يمكن للطالب في ألمانيا أن يحصل عليها.
أحياناً يتحول فن الشارع في برلين إلى تفاعلي بين الفنانين والمشاهدين أو حتى بين الفنانين أنفسهم. أحد أبرز الأمثلة على ذلك، فنان عرف بـ«صديق ليندا السابق». لقبه هذا استمده من رسومات بدأ ينشرها في أنحاء برلين يدعو فيها ليندا صديقته التي تركته إلى العودة إليه، وفي كل رسمة يبدو أنه يزداد ألماً على فراقها ويأساً من استعادتها. جذبت رسوماته اهتمام فنانين آخرين بدأوا يناشدون ليندا بدورهم العودة إلى صديقها. منهم من صار يكتب لها أن تنساه لأنه يبدو مريضاً بهوسه بها. بعد أشهر اعتذر «صديق ليندا السابق» واعترف بأن لا وجود لليندا، وأنه كان فقط يجري اختباراً على مدى تفاعل فن الشارع.
رغم أن البعض يشتكي من الانتشار العشوائي للرسومات، وبخاصة على الأبنية، فإن هذه الظاهرة لا يبدو أنها ستتوقف. فبلدية برلين لا تملك الموارد الكافية لملاحقة هؤلاء «المخربين» بنظرها، كما أن غياب كاميرات المراقبة على الطرقات يجعل من الصعب جداً ملاحقتهم. ورغم أن نقاش تركيب كاميرات في الشوارع يظهر كل فترة، فإنه معارضيه دائماً يكونون هو الغلبة. برلين ما زالت مدينة متأثرة بماضيها إلى حد بعيد. وسكان أحيائها الشرقية لم ينسوا المخابرات الشيوعية المعروفة بـ«ستازي» التي كانت تستمع لكل أحاديثهم وتراقب كل تحركاتهم.
الحرية، يقولون لك هنا في برلين، ثمينة جداً. وفن الشارع الذي يعبر عنها، يأخذه سكانها بالكثير من الجدية.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
TT

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد»، إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست»، يحتوي متحف بريطاني يعرض حيثيات أشهر الجرائم الأكثر إثارة للرعب على بعض من أكثر القطع الأثرية إزعاجاً والتي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء وتشعرك بأحلك اللحظات في التاريخ.

ويعتبر «متحف الجريمة» (المتحف الأسود سابقاً) عبارة عن مجموعة من التذكارات المناطة بالجرائم المحفوظة في (نيو سكوتلاند يارد)، المقر الرئيسي لشرطة العاصمة في لندن، بإنجلترا.

مقتنيات استحوذ عليها المتحف من المزادات والتبرعات (متحف الجريمة)

وكان المتحف معروفاً باسم «المتحف الأسود» حتى أوائل القرن الحادي والعشرين، وقد ظهر المتحف إلى حيز الوجود في سكوتلاند يارد في عام 1874. نتيجة لحفظ ممتلكات السجناء التي تم جمعها بعد إقرار قانون المصادرة لعام 1870 وكان المقصود منه مساعدة عناصر الشرطة في دراستهم للجريمة والمجرمين. كما كان المتحف في البداية غير رسمي، لكنه أصبح متحفاً رسمياً خاصاً بحلول عام 1875. لم يكن مفتوحاً أمام الزوار والعموم، واقتصر استخدامه كأداة تعليمية لمجندي الشرطة، ولم يكن متاحاً الوصول إليه إلا من قبل المشاركين في المسائل القانونية وأفراد العائلة المالكة وغيرهم من كبار الشخصيات، حسب موقع المتحف.

جانب من القاعة التي تعرض فيها أدوات القتل الحقيقية (متحف الجريمة)

ويعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة معروضة، كل منها في درجة حرارة ثابتة تبلغ 17 درجة مئوية. وتشمل هذه المجموعات التاريخية والمصنوعات اليدوية الحديثة، بما في ذلك مجموعة كبيرة من الأسلحة (بعضها علني، وبعضها مخفي، وجميعها استخدمت في جرائم القتل أو الاعتداءات الخطيرة في لندن)، وبنادق على شكل مظلات والعديد من السيوف والعصي.

مبنى سكوتلاند يارد في لندن (متحف الجريمة)

يحتوي المتحف أيضاً على مجموعة مختارة من المشانق بما في ذلك تلك المستخدمة لتنفيذ آخر عملية إعدام على الإطلاق في المملكة المتحدة، وأقنعة الموت المصنوعة للمجرمين الذين تم إعدامهم في سجن «نيوغيت» وتم الحصول عليها في عام 1902 عند إغلاق السجن.

وهناك أيضاً معروضات من الحالات الشهيرة التي تتضمن متعلقات تشارلي بيس ورسائل يُزعم أن جاك السفاح كتبها، رغم أن رسالة من الجحيم سيئة السمعة ليست جزءاً من المجموعة. وفي الداخل، يمكن للزوار رؤية الحمام الذي استخدمه القاتل المأجور جون تشايلدز لتمزيق أوصال ضحاياه، وجمجمة القاتل والمغتصب «لويس ليفيفر»، والحبل الذي استخدم لشنق المجرمين. وقال جويل غريغز مدير المتحف لـ«الشرق الأوسط» إن المتحف هو بمثابة واقع وجزء من التاريخ، مضيفاً: «لا أعتقد أنه يمكنك التغاضي عن الأمر والتظاهر بأن مثل هذه الأشياء لا تحدث. هناك أشخاص سيئون للغاية».

وقال جويل إنه لا يريد الاستخفاف بالرعب، وقال إنهم حاولوا تقديم المعروضات بطريقة لطيفة، وأضاف: «عندما أنظر إلى مجلات الجريمة في المحلات التجارية، فإنها تبدو مثل مجلات المسلسلات ومجلات المشاهير، لذلك يُنظر إليها على أنها نوع من الترفيه بطريقة مماثلة».

وتُعرض البراميل الحمضية الأسيدية المستخدمة من قبل جون جورج هاي، والمعروف باسم قاتل الحمامات الحمضية، في كهف خافت الإضاءة. وهو قاتل إنجليزي أدين بقتل 6 أشخاص، رغم أنه ادعى أنه قتل 9. وفي مكان آخر، يمكن للزوار مشاهدة رسائل حب كان قد أرسلها القاتل الأميركي ريتشارد راميريز إلى مؤلفة بريطانية تدعى ريكي توماس، وكان يعرف راميريز باسم «المطارد الليلي»، لسكان كاليفورنيا بين عامي 1984 و1985 وأدين بـ13 جريمة قتل وسلسلة من اقتحام المنازل والتشويه والاغتصاب. وكشفت ريكي، التي كتبت عدداً من الكتب الأكثر مبيعاً عن القتلة المحترفين، أنها اتصلت بالقاتل في مرحلة صعبة من حياتها وشعرت بجاذبية جسدية قوية ناحيته. ووصفت رسالتها الأولى إلى راميريز بأنها «لحظة جنون». وقالت في حديثها إلى صحيفة «سوسكس بريس» المحلية: «كان رجلاً جيد المظهر، لكنني لم أشعر قط بأنني واحدة من معجباته». وقررت المؤلفة التبرع بالرسائل للمتحف عام 2017 لإعطاء فكرة عن عقلية الوحش.

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يعرض متحف الجريمة أيضاً السراويل البيضاء التي كانت ترتديها القاتلة روز ويست، والتي تم شراؤها بمبلغ 2500 جنيه إسترليني في المزاد. وحصل على تلك السراويل ضابط سجن سابق كان يعمل في برونزفيلد، حيث سجنت ويست لمدة 4 سنوات حتى عام 2008. وقامت روزماري ويست وزوجها فريد بتعذيب وقتل ما لا يقل عن 10 فتيات بريطانيات بين عامي 1967 و1987 في غلوسترشير. واتهم فريد بارتكاب 12 جريمة قتل، لكنه انتحر في السجن عام 1995 عن عمر 53 عاماً قبل محاكمته. وقد أدينت روز بارتكاب 10 جرائم قتل في نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 وهي تقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة.

يعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة (متحف الجريمة)

تم التبرع بمعظم القطع الأثرية للمتحف، وقام أيضاً جويل بشراء الكثير منها في مزادات علنية.

في مكان آخر في المتحف المخيف يمكن للزوار رؤية السرير الحقيقي للموت بالحقنة القاتلة والقراءة عن الضحايا والمشتبه بهم الذين لهم صلة بجاك السفاح بين عامي 1878 إلى 1898.

الأسلحة التي استخدمت في الجريمة (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يضم المتحف قفازات الملاكمة التي تحمل توقيع رونالد وريجينالد كراي، والمعروفين أيضاً باسم «التوأم كراي». كان روني وريجي المخيفان يديران الجريمة المنظمة في منطقة إيست إند في لندن خلال الخمسينات والستينات قبل أن يسجن كل منهما على حدة في عام 1969 ثم انتقل كلاهما إلى سجن باركهرست شديد الحراسة في أوائل السبعينات. وتوفي روني في نهاية المطاف في برودمور عام 1995، عن عمر 62 عاماً. في أغسطس (آب) 2000. تم تشخيص ريجي بسرطان المثانة غير القابل للجراحة، وتوفي عن 66 عاماً بعد وقت قصير من الإفراج عنه من السجن لأسباب إنسانية.